تجربتي مع الجزيرة.. وأخريات

اثنين, 2017-07-03 06:55

قدر الله وما شاء فعل، أن تربطني علاقات عمل وتعاون مع العديد من المؤسسات التابعة لشبكة الجزيرة، بصفتي باحثا وصحفيا مستقلا، فقد كنت ضيفا على مهرجان الجزيرة للأفلام التسجيلية سنة 2009، وضيفا محاضرا في منتدى الجزيرة للصحافة الالكترونية في يناير 2011، وضيفا أكثر من مرة على شاشتي الجزيرة الإخبارية، والجزيرة مباشر، فضلا عن التعامل مع موقع الجزيرة نت ككاتب مستقل ، ومركز الجزيرة للدراسات الذي أنجزت له العديد من التقارير والدراسات، وأصدرت عن طريقه كتابين هما: "القاعدة وحلفاؤها في أزواد" و"التنافس بين القاعدة وتنظيم الدولة في الساحل والصحراء"، كما جمعني تعامل مع مركز الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير حين كنت رئيسا لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الخصوصية في موريتانيا، وتوصلت معه لاتفاق نفذ بموجبه دورة تكوينية في مجال إدارة غرفة الأخبار لصالح القنوات التلفزيونية الموريتانية الخاصة، تم إنجازها بأمانة وعلى الوجه المطلوب، كما نفذ دورة تدريبية أخرى لصالح نقابة الصحفيين الموريتانيين حين كنت أمينها العام.
والحق أقول إنني خلال تعاملي مع شبكة الجزيرة والمؤسسات التابعة لها، لم يُطلب مني ـ لا تلميحا ولا تصريحا ـ أن أكتب أو أتحدث بغير قناعتي، ولم يسألني سائل عن مضمون ما أنوي قوله أو تدوينه، ولم يحاول كائن من كان أن يفرض علي أفكارا أو عبارات أو مصطلحات، أو يحذرني من أخرى، بل كانت ملاحظاتهم ـ إن وجدت ـ تتعلق بأمور لها صلة بالشكل والقالب، كحجم المقال أو الدراسة، وطول أو قصر العناوين والفقرات، أو اقتراح إعادة ترتيب بعضها، لاعتبارات بحثية صرفة، أما المضمون ـ سواء تعلق الأمر بالمقابلات التلفزيونية أو المقالات أو الدراسات أو المحاضرات أو الكتب ـ فقد كنت المسؤول عنه كلا لا جزءا، ومن ألفه إلى يائه، دون قطمير من توجيه، أو نقير من تدخل، أو فتيل من اشتراط.
وشاء القدر أن تربطني مناسبات عمل مشابهة بجهات إعلامية وبحثية عربية أخرى ـ دون تعميم وإن كثرت الحالات ـ كنت كل حين أصطدم بأجنداتها التحريرية وغايتها البحثية، حين يشترط الشارطون سوابقهم ولواحقهم، ويملون إراداتهم، ويصدرون أوامرهم.
فيجري ـ في الغالب الأعم ـ ترتيب مقابلة تلفزيونية حول موضوع معين، كثيرا ما تكون له صلة بالجماعات "الجهادية"، أو النزاعات في منطقة الساحل والصحراء، وقبل الشروع فيها يتصل "المنتج"، محددا سواء سبيل الحديث، ومقترحا أن أُشَرق حينا، أو أُغَرب أحيانا أخرى، حسب اتجاه بوصلة الأجندة التحريرية للمؤسسة، وموصيا بضرورة تحامي الكلمة الفلانية أوعدم النبس بالعبارة العلانية، أو إطراء هذه الجهة، أو نقد تلك.. وفي النهاية تلغى المقابلة، فأنا "مع الأسف" لا أصلح للسَّوق كما يشاءون.
وذات الإشكال حصل أكثر من مرة مع عدد من مراكز الدراسات والبحوث في العالم العربي، التي تطلب في بعض الأحيان دراسات حددت هي مسبقا نتائجها، وتريد صياغتها في قوالب بحثية مقبولة، وتعزيزها بمعلومات ليست بالضرورة صحيحة ولا واقعية، مع الحرص على تغييب كل المعطيات والمعلومات والآراء التي لا تخدم النتيجة الحتمية المحددة سلفا للدراسة، فتكون النتيجة في النهاية، أن تلغى الدراسة، ويتوقف المشروع قبل الشروع..

محمد محمود أبو المعالي