
عندما أعلنت الولايات المتحدة أنها سوف تتدخل مع إسرائيل فى مهاجمة إيران لازالة المنشأت النووية الإيرانية هددت إيران بأنها ستهاجم القواعد الأمريكية فى المنطقة.
فلما قامت الطائرات الأمريكية العملاقة بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية قامت إيران بمهاجمة القوات الأمريكية فى قطر بالذات. ونددت قطر بالضربة الإيرانية ووصفت هذه الضربة بأنها أعتداء على سيادة قطر وتضامن مجلس التعاون الخليجى مع قطر بل وساندت أمريكا قطر مؤكدة أن العدوان الإيرانى على قطر يعتبر اعتداءا على أراضى دولة مستقلة ذات سيادة وأن هذا العدوان يعتبر انتهاكاً للقانون الدولى ولميثاق الأمم المتحدة وتأكدت هذه المعانى فى بيان وزارة الخارجية القطرية.
فماهو التكييف القانونى لعمل إيران ضد القواعد الأمريكية فى الخليج؟
المؤكد أن العمل الإيرانى مشروع تماماً وفق القانون الدولى بالنظر إلى الاعتبارات القانونية الآتية:
أولاً: أن القواعد الأمريكية ملك للولايات المتحدة ولا تستطيع الدولة المضيفة التحكم أو المساس بأمر من أمور القاعدة فالعدوان المزعوم يعتبر دفاعاً شرعياً من إيران على الهجوم الأمريكى .
ثانياً: واشنطن تتعامل مع دول الخليج على أنها ليست متساوية معها فى السيادة وبذلك فإن معاهدة اقامة القاعدة الأمريكية فى دول الخليج تعتبر معاهدة اذعان كما أن هذه القاعدة تستخدمها الولايات المتحدة للعدوان على الدول المجاورة.
وكان يجب على الأمم المتحدة أن توضح هذا الاساس القانونى الذى يدين العدوان على إيران من جانب إسرائيل والولايات المتحدة بينما يمنح إيران الحق فى الدفاع الشرعى عن النفس خصوصاً وأن إيران توقعت هذه الضربة وأنذرت الحكومة الأمريكية والعمل الإيرانى لايعد انتهاكا لسيادة قطر مما يترتب على ذلك أنه لاعلاقة بين إيران وبين قطر فى هذا الشأن.
ثالثاً: أن القواعد الأمريكية تديرها وزارة الدفاع الأمريكية وتقوم بحمايتها فى الداخل والخارج لذلك فإن عمليات القواعد الأمريكية يعتبر عدوانا على الدول المجاورة لا تتحمل مسؤوليته الدولة المضيفة للقاعدة لان هذه القاعدة تقام على أرض عربية وتدفع الولايات المتحدة ايجار لهذه الأرض التى تقيم عليها المنشآت العسكرية للقاعدة. فهجوم إيران على القواعد الأمريكية له اطار ثنائى فقط هو الاطار الايرانى الأمريكى ولايمكن أن يعد صراعا بين إيران والدولة المضيفة للقاعدة. فبيان الخارجية القطرية مدفوع من جانب واشنطن وفى اطار صراعها مع إيران ولذلك فالعلاقات القطرية الايرانية لا تمس.
ومعلوم أن إيران وقفت إلى جانب قطر عندما حاصرتها الدول الأربعة بما فيها مصر ولذلك فإن إيران احتراما منها لهذه العلاقات الحميمة أخطرت قطر قبل الضربة بعدة ساعات خوفا من أثر الضربة على الشعب القطرى وأبلغ الرئيس الإيرانى أمير قطر بأسفه وأن الضربة الإيرانية ليست موجهه للحكومة القطرية وانما للقاعدة الأمريكية فى قطر .
ولذلك لا نتوقع أن تؤثر هذه الضربة على العلاقات القطرية الإيرانية. وعلى كل حال يبدو أن قطر قبلت هذا المفهوم وقامت بدور الوساطة بين إيران وأمريكا لوقف اطلاق النار الذى رعته الوساطة القطرية. ولاشك أن وقف اطلاق النار يعتبر انتصارا لقطر وإيران وأمريكا لأن اتساع نطاق المواجهة ليس فى مصلحة واشنطن ولايمكن أن يتحول الاطار الثونائى إلى إطار إقليمى ثم عالمى ولهذا السبب ازدادت الضغوط على ترامب ولكن الرئيس ترامب ضغط على إسرائيل لوقف اطلاق النار وامتدح قطر وإيران تشجيعا لإيران على قبول وقف اطلاق النار .
والغريب أن الدول العربية أدانت الهجوم الإيرانى على القاعدة الأمريكية فى قطر وأعلنت تضامنها مع قطر ضد إيران وهى تعكس الروح العامة العربية المعادية لإيران لسبب واحد وهو السطوة الأمريكية والأسرائيلية على معظم العواصم العربية ولو اتيح للدول العربية حرية التعبير عن موقفها لقالت مثل ماقلنا وهى أن الضربة الإيرانية موجهة لأمريكا وليست لقطر للاسباب التى ذكرها وأهمها أن أمريكا تسيطر تماما على القاعدة ولا تسمح للدولة المضيفة بأى تدخل بين القاعدة وبين واشنطن.
ولذلك فان إعلان وزارة الدفاع القطرية أنها تصدت للهجوم مجاملة لأمريكا ولا يقوم هذا الموقف على أى قانون.
والخلاصة أن الضربة الإيرانية للقاعدة الأمريكية فى قطر يجب أن تقرأ فى إطار الصراع الإيرانى الأمريكى ولذلك فإن الشعب القطرى والشعوب العربية قاطبة يجب أن تفهم هذا السياق ولا تظن أن إيران تعتدى على قطر ولو كانت اتفاقية القاعدة تعطى الحكومة القطرية بعض الصلاحيات لقولنا أن إيران تعادى قطر فالنقطة المفصلية فى التحليل هى أن القاعدة تملكها الولايات المتحدة ولا سلطان لقطر عليها ولذلك فإن قطر ليست مسؤولة عن ضرب القاعدة الأمريكية وعدد من الدول المجاورة مثل العراق واليمن وسوريا .
والقواعد الأمريكية فى دول العالم تحتفظ أمريكا بإدارتها وتوجيهها وأحياناً حمايتها فما معنى أن تدفع قطر 11 مليار دولار ثمن اصلاح القاعدة . يدخل هذا المبلغ ضمن افتأد أمريكا على دول الخليج زنحن نذكر أن ترامب فى جواته الخليجية فى مايو 2025 حصل طواعية من دول الخليج الثلاثة التى زارها وهى السعودية وقطر والامارات حصل منها على مبالغ طائلة وأوهمها أن هذه المبالغ ثمن الحماية الأمريكية لهذه الدول ضد إيران علما بأن إيران لها علاقات طيبة مع كل دول الخليج ولكن واشنطن تريد أن تجبى أموال الخليج تحت ستار الحماية وقد برعت واشنطن فى هذه التجارة منذ عقود حيث صورت صدام حسين بأنه يهدد دول الخليج بل يهدد العالم كله. وكان من عادة أمريكا أن تحصل ثمن الحماية ولذلك فإن أمريكا ستخسر كثيرا هذه الاتاوات إذا تصالح مع إيران ولو بشروطها لأن إيران العدو المزيف فى نظر واشنطن سوف تصبح دولة عادية للولايات المتحدة ودولة جارة لدول الخليج لهذا السبب كان صدام حسين سدا منيعاً لدول الخليج ضد القوة الإيرانية ولكن أمريكا خسرت الكثير بالقضاء على صدام حسين.
السفير د. عبدالله الأشعل كاتب ودبلوماسي مصري