الفشل وتراكم هزائم الصهيونية وعقدة الزوال

خميس, 2025-06-26 00:39

من يرصد الحالة الصهيونية خلال المئة عام وربع الماضية يجد أن الخط البياني للصهيونية منذ مؤتمر بازل عام 1897م في المؤتمر الصهيوني الأول ومنها بدأ نجم الصهيونية يتصاعد ليرسم زعماءها خارطة طريق تقوم على ايجاد وطن لليهود وبعد 20 عام جاء وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين 1917م فاستمرت الهجرة الصهيونية حتى نهاية الانتداب البريطاني وسيطر الكيان المحتل على نصف اراضي فلسطين التاريخية بعد سلسلة من المجازر والتهجير القسري وذلك في عام 1947م أي بعد ثلاثة عقود من الوعد المشؤوم، ومنذ قرار التقسيم ورغم حالة النضال العربية المقاومة للاحتلال إلا أن الحالة العربية لم تكن مؤهلة للتحرير نظرا لاعتبارات عدة منها سيطرة الاحتلال الاوروبي على كامل الاراضي العربية من المحيط الى الخليج، ومع بدء العرب مرحلة التحرر وقيام الدولة الوطنية الخارجة من رحم الاستعمار بدأوا يشكلون وحدة موقف عربي إلا أن بعض العواصف السياسية التي ضربت الجغرافيا العربية والاختلافات والتشرذم حالا دون تحقيق الحلم العربي والاسلامي بتحرير فلسطين، ونشبت حرب 1967م واحتلال أراض عربية جديدة فتوسع الكيان الغاصب مجددا مما شكل حالة تصاعد للكيان الصهيوني وصولا الى عام 1987م وفي حالة حالة عربية رسمية غير مستقرة بدأت حركة المقاومة الفلسطينية تعتمد على نفسها من الداخل مع انتفاضة الحجارة واستمرت في سلسلة حلقات لمجابهة العدو ومنذ ذلك التاريخ لم يحقق الكيان الغاصب أية نتائج في الداخل رغم توقيع عدة اتفاقات مع دول الطوق العربي. نعم كان الاحتلال يحقق نجاحات مع النظام الرسمي العربي بالتطبيع، لكنه واجه هواجس وضربات في الداخل الفلسطيني أثمرت انتفاضات متلاحقة فاندلعت انتفاضة الاقصى عام 2000م وفي نفس العام كان الانسحاب الصهيوني من جنوب لبنان تحت ضربات المقاومة لحزب الله في استنزاف مستمر للعدو، ولم تتوقف ضربات الداخل بفعل انتفاضة الاقصى التي استمرت 5 سنوات انتهت بانسحاب صهيوني من قطاع غزة التي أصبحت شوكة مؤرقة ومنها بدأ تشكيل قواعد المقاومة من جديد ولم يفلح الاحتلال في كبح جماح تلك البؤرة المضيئة التي غيرت معادلة الصراع، ورغم الاجتياحات الصهيونية التي تكررت كل بضع سنين إلا أن الكيان الصهيوني لم يستطع تحقيق نصر حاسم وواضح على المقاومة في كل المحاولات السابقة منها حرب تموز 2006م واجتياح غزة أعوام 2008/ 2009م و2012م و2014م و2018م و2021م في سيف القدس وآخرها طوفان الاقصى التي يسوق الصهاينة أنها قلصت قدرات المقاومة، ولكن في الحقيقة أن الكيان المجرم لم يتمكن من تحقيق أيا” من أهداف العدوان ورغم مكابدة سكان القطاع الجوع والحصار والموت لكنهم ينشئون جيلا مقاوما استلم الراوية اليوم من القادة الشهداء السنوار وأبو محمد الضيف كما استلم اسلافهم الراية قبل ذلك من الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي ويحيى عياش وغيرهم من الابطال الذين خلدتهم الذاكرة العربية والفلسطينية .

اليوم يحاول الصهيوني أن يحقق شيء من أوهام النصر في غزة وفي لبنان وفي اليمن وأخيرا في ايران؟! رغم مساندة القوى الدولية يخرج من فشل ليدخل في فشل آخر مسلسل من التخبطات لم تشهدها الحالة الصهيونية من قبل؟! كل تلك الهزائم والفشل وما زال أسراه في أيدي أبطال المقاومة حتى اليوم رغم التدمير الشامل للقطاع ورغم ارتقاء قادة الصف الأول لفصائل المقاومة ومع ذلك فإن العدو مازاا يعيش في حالة رعب من المستقبل بنشوء جيل التحرير القادم، ويحاول الصهيوني أن يوهم نفسه ويتقمص وهم النصر بتصريحات واهمة في محاولة لرفع معنويات الداخل الصهيوني للتخلص من حالة الانهيار التي يعيشها الكيان الصهيوني ومستوطنيه الذين تقطعت بهم السبل وهم يحاولون الهروب جراء صواريخ المقاومة من عدة جبهات ومع الشعور بعدم الامان في هذا الموطن الذي وعدهم حكماء صهيون انها أرض الميعاد لكنها ستضرب موعدا مع الزوال الذي بدأ يقترب كثيرا ولا شك هو وعد الله حق وسيتحقق على يد أولئك المؤمنين الصادقين الصابرين الملبين لأوامر الله بالجهاد في سبيله، وقد قال سبحانه تعالى: “وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” فالحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الاحزاب وحده .

التخبط الصهيوني هو مؤشر على الهزيمة والفشل ورغم التصريحات الملتبسة وجدنا أن المجتمع الصهيوني وقياداته وإعلامه يتحدثون بكل وضوح أن الحالة الصهيونية الراهنة هي الاسواء سواء بطوفان الاقصى أو بوحدة الساحات التي تحققت وهي مستمرة بعون الله وآخرها الفشل الذريع في مواجهة جمهورية ايران الاسلامية والذل الذي طوق الكيان طوال 12 يوما كل ذلك يشيء بأن الكيان الصهيوني يسير في العد التنازلي نحو الزوال وما ذلك على الله بعزيز ، وليس بعيدا ان يعيد التاريخ الصهيوني نفسه حينما زالت دولتهم الاولى بعد 77 عام وكذلك زالت الدولة الثانية بعد 77 عام، فهناك نبواءآت تصدق عليى الحالة الراهنة والفشل الذريع الذي تعيشه الصهيونية والظلم والعدوان والفساد الذي يقودهم الى الزوال بإذن الله، وهو ما يشكل مشهد التراجع الصهيوني المستمر في حلقات متلاحقة ليقترب الوعد الإلهي الذي وعد الله به عباده المؤمنين الصادقين بزوال الكيان الصهيوني. قال تعالى: “فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا” صدق الله العظيم . الله أكبر ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

 

خميس القطيطي كاتب عُماني

[email protected]