أزمة رجولة.. وقلة كرامة! وكأننا أمة لقيطة لا اصل ولا فصل لنا!

خميس, 2025-05-22 13:12

نَشَرت عدة محطات إخبارية عالمية خبراً مثيراً للاهتمام قبل فترة، بأن الصين تخطط لإضافة مادة الرجولة الى مناهجها الدراسية، بدءاً من رياض الأطفال حتى الدراسة الجامعية! أتت هذه الخطة في أعقاب تحذير كبار العلماء والمستشارين السياسيين في الصين من ان الأمة الصينية تعاني أزمة رجولة وطنية.
نحن العرب الوحيدون في العالم الذين تَحلُبُنا أمريكا، وتُهينُنا الصهيونية! وتذلّنا إسرائيل!

بين يدي أحدث التقارير البحثية عن حالة العالم العربي، طرحها مركز Chatham House البريطاني قبل ستة أشهر! والمعروف بالمعهد الملكي للشؤون الدولية، تحت عنوان: الانكسارات العربية وأزمة الحوكمة!
لا يتفاءل التقرير لا من الحاضر ولا من المستقبل! بل يقدم رؤية صادمة بأن العالم العربي سَيطيل طريقه نحو المستقبل، وأنه ما زال يعيش مشكلة كبرى في تشخيص أزماته! ولن يكون بمقدور العرب تنمية مجتمعاتهم إلا إذا اقتدت بنماذج سياسية واقتصادية بعيدة عن الفساد بشتى أشكاله.
سآخذ بعضاً من الفقرات المهمة التي وردت في التقرير :

– الأمة العربية مصابة بشلل نصفي! نصفها يسبح على بطنه من الجوع.
– ⁠العقل العربي في اجازة مرضية.
– ⁠لا يوجد غير السلطوية في العالم العربي.
– ⁠رغم ثروة المنطقة، لكن شعوبها تحولت الى عالة.
– ⁠حجم اليأس في نفوس الشعوب العربية لم يكن بهذا الشكل حتى في أكثر عصورهم حلكة.
– ⁠كل السيناريوهات القائمة حالياً في المنطقة العربية ليست من صُنع العرب! لا النص من كتابتهم! ولا الإخراج وليد رؤيتهم وبصيرتهم! فقط يجلسون منتظرين جهة تُقرر مستقبلهم!
– ⁠العرب من أكثر الأمم واقلّهم خبرة في التفاوض على قضاياهم المصيرية.
– ⁠العرب يعيشون واقعاً مراً بالنسبة للتقدم العلمي والبحثي والتقني! وكأنهم خارج العصر!
– ⁠الهجرة نحو الغرب باتت الملاذ بسبب الفقر وانعدام فرص العمل وغياب العدالة الاجتماعية.
لا أريد أن أحوّل مقال اليوم الى محاضرة في اللغة! لكن مقالي هذا هو مرثيّة لأمة غسل الله منها يديه! كما قال عنها يوماً نزار قباني!
فقد توقف كثيرون من قادة الرأي العربي عن سؤال البحث عن العرب، وخرجوا بنتيجة أنه لا يوجد دليل على وجودهم اليوم! فهم بالأمس كانوا نائمون! ومنذ مئات السنين نائمون! والى اليوم نائمون! وأصبحوا شعوباً مسلوبة الإرادة، تم تفريغها من انتمائها العربي ومحيطها الفكري! وأصبحت تركن الى الذل والهوان والتبعية! وهذا ما نراه من جمعهم بالعصا الأمريكية وسوقهم كالخراف نحو إسرائيل!
الذي يحدث في المنطقة العربية عميق جدا، وأكثر من ان يوصف! نعيش حروباً لا تنتهي، وقتلاً ودماراً وانتظاراً للموت لا يمكن ترقب مصدره! والقول ان الإقليم يتغير لا يعطي المشهد حقه!
فالعالم العربي ينكشف اليوم برمته على زمن المتحولات التي قد تطول مستقبله وشكل تموضعه السياسي!
فمنذ سنوات والعواصم العربية تتساقط! بدءاً من بغداد وصنعاء وطرابلس! وليس انتهاء بدمشق!
وليس المهم كيف تسقط وبيد من! لكن الأهم هو الطريقة التي تسقط بها تلك العواصم ضمن استراتيجية ومشروع صهيوني – أمريكي! وبدعم أوروبي، وتمويل عربي!
الأحداث الدولية تتسارع! والاجتماعات بين أجهزة الاستخبارات العالمية متواصلة! ومحور النقاش نحن العرب، فالجميع يتنافسون حول مصيرنا، ونحن الوحيدون الذين لم نُدعَ الى تلك الاجتماعات.
ماذا فعلنا منذ عام 1948 سوى خلق الهزائم! وفي كل مرة كنّا نتعرض فيها للهزيمة كان العالم يتدخّل لإنقاذنا.
تهاوت القومية العربية، وأصبحت الهوية العربية محل صراع وسخرية بين المكونات الأخرى المنادية بالهوية الجغرافية والثقافية والفكرية بعيداً عن الهوية العربية!
إن ديدن إسرائيل وأمريكا هو تحقير الشعوب العربية! وابتزاز قادتها بوعود حماية عروشهم!
وهذا ما قاله وزير الأمن القومي الإسرائيلي (ايتمار بن غفير) في مقابلة تلفزيونية على القناة العاشرة الإسرائيلية قبل ثلاثة أشهر: إننا نتخصص في الانتصارات، والعرب يتخصصون في الجنازات، وجيوشهم تحمل أطناناً من أوسمة علقتها على صدورها، ولم تخض حرباً وتنتصر فيها!
يقتلون بعضهم بعضاً في السلاح، ويقاتلون إسرائيل باللطم والدعاء! فهم كدواب موسى لا يصلحون إلا للركوب! ومكانهم الإسطبل!
وسوريا يجب ان تكون تابعة لنا من دون قدرات عسكرية! وما يسري عليها يسري تلقائياً على الأردن ولبنان، والأردن لا حق له بالوجود لأنه كيان مُصطنع! ومنطقة شرق نهر النيل هي أراضٍ يهودية.
سنبقى عرايا امام مرآة التاريخ! فلم يبق لنا من خريطة الكرامة إلا ما خُطّ على جسد حنظلة التي رسمها ناجي العلي في كاريكاتيراته عام 1969 بجريدة القبس الكويتية لاستعادة الكرامة والتخلص من الذُل.
الأمة التي لا تكتب قصّتها بنفسها ستكون مجرد كومبارس في روايات وأفلام الآخرين! والإنسان لا يرث الكرامة ولا الرجولة بل يصنعها بنفسه! فهناك الكثير من الحيوانات لها كرامتها! وهناك قصص عن قطط وكلاب أُهينت من قبل أصحابها فأضربت عن الطعام أنفة وكبرياء.
“بس ناقصنا شويّة كرامة” عِبارة لخّص بها الشاعر والأديب العربي السوري (محمد الماغوط ) والممثل دريد لحام حال العرب وأحوالهم وذلهم وهوانهم المُهين في وقت مبكر في سبعينات القرن الماضي في المسرحية الرائعة ( كاسك يا وطن! ).

المهندس سليم البطاينه كاتب اردني