
يوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 انطلقت في مدينة شرم الشيخ المصرية بمشاركة أكثر من 31 من قادة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، محاولة غربية جديدة مخفية وراء السعي للسلام، لوضع اللمسات على فصل آخر من مسلسل المحاولات المتعثرة التي تنفذها الحركة الصهيونية العالمية وحلفائها في الغرب منذ اتفاقية سايكس بيكو لسنة 1916 لشطب فلسطين من الخريطة العربية وإقامة الكيان الصهيوني وترسيخ وتوسيع عملية شرذمة المنطقة العربية في نطاق ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد.
معاهدة سايكس بيكو السرية وقعت بين بريطانيا وفرنسا، بهدف تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية في منطقة الهلال الخصيب إلى مناطق نفوذ. أدت الاتفاقية إلى رسم حدود جديدة في غرب آسيا، وتقسيم المنطقة إلى مناطق خاضعة للسيطرة البريطانية والفرنسية والشروع في تنفيذ مخطط إقامة دولة إسرائيل، مع وضع مناطق أخرى تحت ما سمي الإدارة الدولية.
يوم 2 نوفمبر 1917 أصدرت الحكومة البريطانية بيانا رسميا صاغه وزير الخارجية آرثر بلفور في رسالة إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد. يعلن البيان تأييد بريطانيا لإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين، مع وعد ببذل قصارى الجهد لتسهيل ذلك. وقد أثار هذا الوعد، الذي يوصف أحيانا بـ"وعد من لا يملك لمن لا يستحق"، جدلا واسعا حتى في الغرب.
مسار مشروع ترامب للسلام في غزة حصر عمليا بعد أسبوعين من انطلاقته في تحقيق الأهداف التي فشلت حكومة تل أبيب في تحقيقها رغم 24 شهرا من القتال بجيش مزود بأحدث الأسلحة ضد المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس.
فشل الجيش الإسرائيلي المعزز بمئات إن لم يكن آلاف المتعاقدين من شركات الأمن والمتطوعين من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى في تحقيق الأهداف التي أعلنها نتنياهو، ونجح فقط في قتل حوالي 70 ألف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وفشلت عمليات تجويع 20.3 مليون فلسطيني في إجبارهم على التخلي عن المقاومة بل ساعدت في تجنيد أكثر من 32 ألف من الشباب إضافي ليدعموا المقاومة، ولم ينجح كل المركب العسكري الإستخباري الإسرائيلي المدعوم من واشنطن ولندن وبرلين وغيرهم في قهر المقاومة رغم النجاح في تصفية قيادات فلسطينية، ولم تنجح مشاريع تهجير سكان غزة إلى سيناء أو غيرها وتحويل الساحل الجنوبي لفلسطين إلى ريفيرا الشرق الأوسط.
مع اقتراب سنة 2025 من نهايتها، يمكن ترخيص الأهداف الجديدة للمشاريع الأمريكية "السلمية" كما يلي:
1- نزع سلاح المقاومة مما يمكن تل أبيب من احتلال كل غزة.
2- تدمير الإنفاق التي تعد أحد أهم خطوط الدفاع والتي فشلت إسرائيل وكل من دعمها في النيل سوى ما يصل في الأقصى إلى 20 في المئة منها حسب تقديرات مستقلة.
3- تكوين جيش من العملاء وتسليحهم تحت غطاء ضمان الأمن في القطاع بعد نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، واستخدامهم لنشر الفوضى وتصفية كل من يرفض الاحتلال والوصاية الأجنبية لعل ذلك يساعد في تهجير السكان.
4- تقسيم القطاع تحت غطاء إعادة الاعمار في المناطق التي لا توجد تحت سيطرة حماس، وفتح الباب على مصراعيه لبناء مستوطنات صهيونية.
5- إدخال قوات مسلحة لدول ترغب وترشحها إسرائيل إلى القطاع لتسيطر عليه بعد أن فشل الجيش الإسرائيلي في تنفيذ ذلك، مثلما جاءت واشنطن بقوات من الناتو لدعم احتلالها لأفغانستان.
6- ربط تقديم الطعام والدواء لسكان غزة بحجم رضوخ سكانه لإدارة يسييرها سياسيون متهمون بارتكاب جرائم حرب وأنصار الاستعمار في صورته الجديدة.
7- جر مجلس الأمن الدولي إلى مباركة قوات تدخل في غزة تساند تل أبيب في مخططاتها وتقاتل كل من يعترض، في مسلسل يشابه التدخل في ليبيا في 19 مارس 2011.
8- مواصلة تضليل الرأي العام الدولي وخاصة في الغرب بأن الولايات المتحدة هي وسيط في الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الذي يدافع عن وطنه في حين أنها هي الخصم.
عامان من الفشل
يوم السبت 25 أكتوبر أكد رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة خليل الحية، خلال مقابلة صحفية، أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها على مدى سنتين من الحرب.
وأشار الحية إلى أن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن الحرب انتهت وكل يوم نسمع تصريحات أمريكية بأن الحرب انتهت ولكن الواقع مخالف"، مؤكدا أن حركته "لن تعطي الاحتلال ذريعة لاستئناف الحرب".
وفيما يتعلق بالإدارة المحلية، أكد الحية أن "لا تحفظ لدينا على أي شخصية وطنية مقيمة في غزة لإدارة القطاع"، معربا عن التوافق مع كل الفصائل على أن "مهمة الهيئة الأممية إعادة الاعمار في القطاع".
وأعرب عن رغبة الحركة في "الذهاب للانتخابات كمقدمة لإعادة توحيد الصف الوطني"، مشيرا إلى أنه أخبر المبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر خلال اللقاء معهما أن "حماس دعاة استقرار"، وأن "الرئيس ترامب قادر على لجم الاحتلال الإسرائيلي".
وتطرق الحية إلى ما وصفه بـ"استهداف الدوحة والفشل الذريع وغير المسبوق في تاريخ إسرائيل"، مؤكدا أن ذلك شكل "انتكاسة للاحتلال".
وأوضح أن "سلاحنا مرتبط بوجود الاحتلال والعدوان وإذا انتهى الاحتلال فسيؤول هذا السلاح إلى الدولة"، مشيرا إلى أن "السلاح لا يزال موضع نقاش مع الفصائل والوسطاء والاتفاق لا يزال في بدايته".
وأعرب عن قبول "القوات الأممية كقوات فصل ومراقبة للحدود ومتابعة لوقف إطلاق النار في غزة".
مسيرات أمريكية
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية يوم 25 أكتوبر 2025 أن طائرات مسيرة أمريكية بدأت مؤخرا التحليق فوق قطاع غزة دون الكشف عن مسارات تحليقها.
وأفاد مسؤولون عسكريون أمريكيون وإسرائيليون أن هذه المهمات تأتي في إطار جهود أوسع تهدف إلى التأكد من التزام كل من إسرائيل وحركة "حماس" باتفاق وقف إطلاق النار.
وأشار المسؤولون إلى أن عمليات الطيران تتم بموافقة إسرائيل، لكنهم رفضوا الدخول في تفاصيل تشغيلية، موضحين أنهم غير قادرين على مشاركة مسارات تحليق الطائرات المسيرة.
وأضافوا أن هذه المهام الاستطلاعية تدعم "مركز التنسيق المدني-العسكري" الذي أنشأته القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) مؤخرا في جنوب إسرائيل، ويعمل جزئيا على مراقبة تنفيذ اتفاق الهدنة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتفاق واجه توترات متزايدة في الآونة الأخيرة بسبب موجة عنف جديدة في غزة، فضلا عن الخلافات المستمرة حول تبادل جثث القتلى الإسرائيليين والفلسطينيين.
ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن الجيش الأمريكي سبق أن استخدم طائرات مسيرة فوق غزة سابقا للمساعدة في تحديد مواقع الأسرى.
وفي سياق متصل، لم تُجب وزارة الخارجية الأمريكية — التي تشرف على جهود مراقبة الهدنة — فورا على استفسارات مفصلة بشأن هذه الطائرات، كما امتنع الجيش الإسرائيلي عن التعليق على الأمر.
هدف تل أبيب
في القدس المحتلة أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن المهمة الاستراتيجية الحالية للجيش الإسرائيلي هي تفكيك قدرات "حماس" العسكرية والسيطرة على الأنفاق في غزة التي لا يزال نحو 60 في المئة منها قائما.
وقال كاتس يوم السبت 25 أكتوبر، في تصريح نقلته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية: "إن المهمة الاستراتيجية العليا لتحقيق النصر العظيم الذي حققه مقاتلو جيش الدفاع الإسرائيلي الأبطال ضد مقاتلي حماس في غزة هي نزع سلاح غزة من خلال التدمير الكامل للأنفاق الإرهابية، التي لا يزال 60 في المئة منها قائما، إلى جانب نزع سلاح حماس.. لقد وجهت الجيش لوضع مسألة تدمير الأنفاق في صدارة أولوياته حاليا في المنطقة الصفراء الخاضعة لسيطرتنا، إلى جانب حماية الجنود والمستوطنات".
وأضاف: "المهمة القيمية العاجلة والأهم طبعا هي إعادة جميع الرهائن القتلى إلى الوطن وسنفعل كل ما يلزم لتحقيق هذه المهمة المقدسة والهامة".
وتابع وزير الدفاع الإسرائيلي: "يأتي ذلك بالتزامن مع المباحثات التي نجريها مع ممثلي الولايات المتحدة، بدءا من نائب الرئيس ووزيري الخارجية والحرب، مرورا بمبعوثي الرئيس الأمريكي إلى قادة القيادة المركزية الأمريكية، بشأن أهمية وحساسية القضية، والحاجة لأن يطبقوا خطة الرئيس ترامب وأن يجدوا طريقة لمعالجة جوهرية لتفكيك وتدمير كافة أنفاق الإرهاب في بقية الأراضي الخاضعة لمسؤوليتهم، إلى جانب نزع سلاح حماس".
وتشترط إسرائيل على الولايات المتحدة عدم البدء في عمليات إعادة إعمار غزة قبل أن تظهر حركة "حماس" استعدادها لتسليم أسلحتها، حسبما أفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان" يوم الثلاثاء الماضي نقلا عن مصادر رسمية.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد زعمت في تقرير لها أن "حماس" تشارك سرا في تشكيل حكومة التكنوقراط المستقبلية في غزة، انتهاكا لبنود خطة السلام الأمريكية، حيث اختارت الحركة نصف أعضاء الحكومة المقبلة، وذلك بعلم من الوسطاء.
وبشأن موضوع السلاح، قال عضو المكتب السياسي في حماس محمد نزال لوكالة "رويترز" قبل أيام إن الحركة تعتزم الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية في غزة خلال فترة انتقالية، مضيفا أنه لا يستطيع الجزم بنزع سلاح الحركة.
وذكر نزال أن الحركة مستعدة لوقف إطلاق نار يصل إلى خمس سنوات من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، مع تقديم ضمانات لما سيحدث بعد ذلك ومنح "الأفق والأمل للشعب الفلسطيني" لإقامة دولة مستقلة.
تهديدات ترامب
في الوقت الذي تقوم فيه القوات الأمريكية بالتجسس على قطاع غزة صعد البيت الأبيض من تهديداته للمقاومة الفلسطينية حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه إذا لم تبدأ حركة "حماس" خلال الـ 48 ساعة القادمة بإعادة جثث الأسرى الإسرائيليين، فسيتم اتخاذ إجراءات ضد الحركة من قبل الدول الأخرى المشاركة في الاتفاق.
وكتب على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال": "سيتعين على حماس أن تبدأ في أقرب وقت ممكن بإعادة جثث الرهائن المتوفين، ويشمل هذا الأمريكيين الاثنين، وإلا فإن الدول الأخرى المشاركة في معاهدة السلام العظيمة هذه ستتخذ إجراءات".
وأضاف: "بعض الجثث يصعب الوصول إليها، لكن يمكن إعادة البعض الآخر الآن، ولسبب ما لا تتم إعادتهم"، مشيرا إلى أنه "ربما يتعلق الأمر بنزع سلاحهم، ولكن عندما قلت: سيُعامل كلا الجانبين بإنصاف، فإن هذا لا ينطبق إلا إذا امتثلا لالتزاماتهما. سنرى ما الذي سيفعلونه خلال الـ 48 ساعة القادمة."
وتشير إسرائيل إلى أنه تبقى جثث 13 من أسراها في غزة، فيما تقدر الأجهزة الأمنية أن "حماس" على علم بمواقع 10 من الجثث على الأقل، وذلك ما نقلته إلى نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، خلال زيارته.
وفي سياق متصل، تحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، عقب انتهاء زيارته التي كانت تتويجا للجسر الجوي الأمريكي لتل أبيب لتزويدها بالسلاح والذي أقل كذلك ترامب ومسؤولين رفيعي المستوى في إدارته خلال الأسبوعين الأخيرين.
وبحسب مكتب نتنياهو، فإن الطرفين "بحثا نتائج زيارة وزير الخارجية (الأمريكي)، وكذلك الشراكة العميقة والمستمرة بين إسرائيل والولايات المتحدة. وقد أكدا التزامهما المشترك بمواصلة التعاون الوثيق لتعزيز المصالح والقيم المشتركة بين الطرفين، وفي مقدمتها إعادة جثث القتلى وكذلك نزع سلاح حماس وتأمين غزة".
التقسيم جزء من المؤامرة
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية يوم السبت 25 أكتوبر أن المرحلة الثانية من خطة إدارة قطاع غزة تشمل تقسيمه تمهيدا لإعادة الإعمار.
وبحسب التقارير، يعمل الأمريكيون على تمهيد الطريق لتقسيم القطاع إلى قسمين:
• المنطقة الغربية، الواقعة خلف ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، ستبقى تحت حكم حركة حماس، من دون إعادة إعمار، مع الإبقاء على مساعدات إنسانية محدودة فقط.
• المنطقة الشرقية، الممتدة خلف الخط ذاته، ستكون تحت سيطرة أمنية إسرائيلية بمشاركة قوات من دول أجنبية من بينها إندونيسيا وستشهد عمليات إعادة إعمار واسعة، مع السماح لسكان غزة بالانتقال إليها من المناطق التي تسيطر عليها حماس.
ووفق المصادر ذاتها، سيتم تقسيم ما يسمى بـ"دولة شرق قطاع غزة" إلى خمس مناطق مختلفة، على أن تبدأ مشاريع الإعمار بمبادرة تجريبية في مدينة رفح جنوب القطاع.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق عن مصادر، أن الدول العربية تعارض تقسيم قطاع غزة إلى مناطق منفصلة في إطار خطة السلام بسبب خطر بقاء جزء من القطاع تحت السيطرة الإسرائيلية الدائمة.
في الوقت نفسه، أكد مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، لم يكشف عن هويته، أن تقسيم القطاع إلى مناطق هو فكرة أولية، وسيتم تقديم مقترحات جديدة في الأيام المقبلة.
قوات لدعم الاحتلال
يوم الأحد 26 أكتوبر صرح نتنياهو إن إسرائيل ستحدد القوات الأجنبية التي ستسمح لها بدخول قطاع غزة ضمن القوة الدولية المقرر تشكيلها للمساعدة في إنهاء الحرب بموجب خطة الرئيس ترامب.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت دول عربية أو غيرها مستعدة لإرسال قوات إلى القطاع. وفي وقت تستبعد فيه إدارة ترامب إرسال جنود أمريكيين إلى غزة، فإنها تجري محادثات مع إندونيسيا والإمارات ومصر وقطر وتركيا وأذربيجان للمشاركة في القوة.
وقال نتنياهو خلال اجتماع لمجلس الوزراء "نتحكم في أمننا، وأوضحنا أن إسرائيل ستحدد القوات غير المقبولة بالنسبة لنا فيما يتعلق بالقوة الدولية، وهذه هي الطريقة التي نتصرف بها وسنستمر في التصرف بها".
وأضاف "هذا، بالطبع، مقبول من الولايات المتحدة، وفقا لما عبر عنه كبار ممثليها في الأيام القليلة الماضية". ولا تزال إسرائيل تسيطر على جميع المنافذ المؤدية لغزة.
وقد ألمح نتنياهو قبل أيام إلى معارضته لأي دور لقوات الأمن التركية في غزة. وفي سياق تعزيز وقف إطلاق النار المتقطع، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال زيارة لإسرائيل يوم الجمعة 24 أكتوبر إن القوة الدولية يجب أن تتألف من قوات "دول ترحب بها إسرائيل". ولم يعلق روبيو على دور تركيا.
وأضاف روبيو أن مستقبل الحكم في غزة لا يزال بحاجة إلى نقاش بين إسرائيل والدول الشريكة لكنه لا يمكن أن يشمل حماس.
وقال روبيو لاحقا إن مسؤولين أمريكيين يتلقون آراء بشأن قرار محتمل للأمم المتحدة أو اتفاق دولي لتفويض القوة متعددة الجنسيات في غزة، وسيبحثون هذه المسألة في قطر، أحد الوسطاء الرئيسيين لإنهاء الحرب على غزة.
ويمثل عدم تعهد حماس بإلقاء سلاحها أحد التحديات الرئيسية منذ سريان المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المكون من 20 نقطة. وتشن حماس منذ ذلك الحين حملة عنيفة ضد عصابات مسلحة عميلة أنشأتها المخابرات الإسرائيلية.
جيش لحد آخر
يوم الأحد 26 أكتوبر 2025 أشار تقرير تحليلي لصحيفة "تلغراف" إلى التحولات التي طرأت على موازين القوى بين العصابات المسلحة في غزة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" حيز التنفيذ.
ولفت تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن "حماس" جعلت من سحق العصابات المسلحة — التي عززت نفوذها خلال الحرب بدعم إسرائيلي أولوية قصوى بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وذكر التقرير أن الحركة شنت هجوما عنيفا على مجموعة دغمش (التي لم تتلق دعما إسرائيليا) قرب مدينة غزة خلال الأسبوع الأول من الهدنة، انتهى بعملية إعدام لأفراد العصابة.
ومنذ ذلك الحين، تصاعدت اشتباكات أقل ظهورا إعلاميا لكنها لا تقل عنفا ضد عصابات أخرى في جنوب القطاع، من بينها مجموعة أبو شباب التابعة لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بينما تدخلت طائرة حربية إسرائيلية لضرب عناصر "القسام" خلال تلك الاشتباكات. ومع فقدان هذه الميليشيات للغطاء الجوي الإسرائيلي، وجدت نفسها عرضة لهجمات "حماس"، التي تمتلك ذخيرة شبه غير محدودة، وتستخدم أسلحة متنوعة بينها قذائف RPG وطائرات مسيرة صغيرة.
وأظهرت حسابات مرتبطة بـ"حماس" على منصات التواصل الاجتماعي سلسلة من المنشورات التي توثق تصفية العملاء الخونة، غالبا ما تصاحبها صور وفيديوهات. وتشير تحليلات هذه المنشورات إلى أن الحركة استولت خلال عملياتها على معدات عسكرية جديدة، من بينها مركبات وأسلحة وصلت في الأصل عبر قنوات إسرائيلية.
مصير محتوم
في تل أبيب أقرت باحثة إسرائيلية إن ظاهرة "عصابة أبو شباب" في قطاع غزة هي "ظاهرة مؤقتة" ولن تتمكن من الصمود أمام سيطرة حركة "حماس" على الأرض.
وأكدت الدكتورة دينا ليسنانسكي، الباحثة الأولى في شؤون المنظمات الإسلامية بمركز "ديان" في جامعة تل أبيب أن إسرائيل حاولت منذ هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، تجنيد عصابات إجرامية لزعزعة الاستقرار في غزة، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل بعد أن أعدمت حركة "حماس" عناصر شاركوا في الترويج لهذه الخطوة.
وأشارت في حديث خاص لصحيفة "معاريف" العبرية، إلى أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة أعاد إحياء فرصة تل أبيب للتعاون مع عصابات محلية، بينها "عصابة أبو شباب"، التي تصور نفسها كقوة مناهضة لحماس. لكن الباحثة الإسرائيلية تؤكد أن وجود هذه الميليشيا "محدود زمنيا" ولن يكون لها تأثير طويل الأمد.
صحيفة معارف ذكرت أن عصابة "أبو شباب" معروفة بنشاطها في تهريب المخدرات، وتحاول إسرائيل توظيفها لضرب استقرار حماس. ورغم رفض "وزارة الدفاع الإسرائيلية" الإدلاء بأي تصريحات حول تعاونها مع العصابة، تؤكد ليسنانسكي أن "هذه المحاولات مصيرها الفشل، لأن حماس تمسك بزمام الأمور في القطاع".
يذكر أن حماس نجحت في السابق في تصفية عناصر تعاونت مع جهات خارجية، مما يضعف احتمالات نجاح أي تحالفات مماثلة في المستقبل.
تفكك اتفاق وقف إطلاق النار
نشرت مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية تقريرا وضعه الكاتب ألكسندر لانغلوا يتناول تفكك اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وخطة "السلام" التي أعلنها الرئيس ترامب.
يرى التقرير أنّ خطة ترامب ليست سوى وهم سياسي، إذ لا يمكنها معالجة جذور الصراع أو ضبط "إسرائيل"، لأن واشنطن ترفض مواجهة المعرقل الحقيقي وهو نتنياهو. لا يحتاج المرء إلى البحث بعيداً عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمعرفة أسباب التصدعات المتزايدة في وقف إطلاق النار في غزة. فلم يمضِ سوى أسبوعين على التوقيع "التاريخي" المزعوم لخطة "السلام" المؤلفة من 20 بنداً من ابتكار الرئيس ترامب في شرم الشيخ بمصر، حتى بدأت المراحل الأولى من الاتفاقية تنهار.
وبينما أسفر هذا الجهد عن إطلاق سراح المعتقلين والرهائن من كلا الجانبين في الصراع المستمر منذ عامين بين "إسرائيل" و"حماس"، يعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلا كلل لإفشال الاتفاقية، تماماً كما فعل مع اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة في غزة. وكما في الماضي، يهدف هذا الجهد إلى استمرار القتال في القطاع، بهدف تمديد السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية حتى إشعار آخر، وضمان بقاء حكومة نتنياهو في السلطة.
ومن الواضح أن أي وقف لإطلاق النار أو اتفاق "سلام" أوسع نطاقاً لصراع بهذا الحجم، إضافة إلى طول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سيواجه بالضرورة انتكاسات عديدةً، حيث إن لدى كل من حماس والحكومة الإسرائيلية مصالح تتشكل من خلال تنافسهما، ويدفع كل طرف تلك المصالح لتعزيز قوته ونفوذه النسبي في الصراع. فعلى سبيل المثال، كما تعمل "حماس" علناً لاستعادة السيطرة على أجزاء من غزة انسحبت منها القوات الإسرائيلية بعد التوقيع على الاتفاق، تواصل "إِسْرائيل" قصف مواقع في غزة بزعم أنّها تابعة لحركة "حماس".
كان يمكن ويجب إدانة جميع انتهاكات وقف إطلاق النار بشكل فوري وسهولة، وأن يلتزم الضامنون للاتفاقية بمحاسبة الأطراف، ويقال إنهم يحاولون القيام بذلك، على الأقل إلى حد ما. ومع ذلك، يبقى السؤال كما كان لعقود، كيف ستتعامل واشنطن مع سياسة حافة الهاوية التي تتبعها "إسرائيل" حتى الآن، بينما فريق ترامب يفشل في ذلك.
دفاع مستميت
منذ هجوم "حماس" في 7 أكتوبر 2023، دافعت الولايات المتحدة بقوة عن "إسرائيل"، وما تزال تفعل ذلك. وبالرغم من هذا، دفع ترامب بقوة بخطته المكونة من 20 نقطة على كل من "إسرائيل" و"حماس"، متفوقاً بِوضوح على نتنياهو، الذي كان يتفاخر بالتأثير في السياسة الأمريكية. وفي هذا السياق أثبت ترامب برغبته العلنية والنرجسية في تحقيق "انتصارات" سياسية سريعة أنّها أكثر أهميةً من العلاقات الدبلوماسية الأمريكية الإسرائيلية. ومصالح ترامب تأتي أولاً، وينبغي ألا يراهن أحد ضد صاحب اللعبة.
مع ذلك يبقى ترامب أحد أكثر الرؤساء تأييداً لـ "إسرائيل" على الاطلاق، إن لم يكن أكثرهم، وهو يتزعم قاعدة سياسية تؤيد "إسرائيل" بقوة. وهذا العامل وحده لا يبشر بخير لصفقة "السلام" التي يسعى إليها. وببساطة لكي تنجح الخطة، سيتعين على إدارة ترامب أن تخرج من منطقة الراحة الخاصة بها، من خلال التصرف كشريك أكبر فعلي في علاقتها مع تل أبيب.
وهذه الحقيقة هي السبب في أن وقف إطلاق النار الحالي معرض لخطر الانهيار. في حين أنّه يبدو صحيحاً أن ترامب وفريقه ملتزمان بتنفيذ خطة الاتفاق. كذلك أرسل ترامب مسؤولين رفيعي المستوى من ضمنهم نائب الرئيس جي دي فانس إلى "إسرائيل" في محاولة واضحة لإبقاء الإسرائيليين ضمن حدود الاتفاق، فإن مثل هذه الدفعة قد تتطلب مظاهر عدائيةً وعلنيةً متزايدة لإحباط وكبح نتنياهو وحكومته.
والسؤال الملح الآن، هل فريق ترامب مستعد لتجاوز خطوط معينة لم يتجاوزها أي رئيس جمهوري في الماضي عندما يتعلق الأمر بـ"إسرائيل"؟ وهل يستطيع، أو هو مستعد، للمخاطرة بنفور قاعدته الانتخابية منه، ومن ضمنهم كبار الممولين الذين يؤيدون "إسرائيل" مثل مريم أديلسون.
هذا لا يعني أن فريق ترامب ينظر إلى غزة أو الفلسطينيين ودولة فلسطين المستقبلية من خلال عدسة إنسانية في المقام الأول. وعوضاً عن ذلك، تلتزم الإدارة بالحفاظ على مصداقيتها الدبلوماسية، بعد أن أنفقت رأس مال سياسياً هائلا في جميع أنحاء العالم لحشد الدعم لخطة ترامب.
ومع ذلك، يبدو أنّ انهيار وقف إطلاق النار مرجح بالفعل. إلى جانب القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع، فقد انتهكت "إسرائيل" متطلبات وقف إطلاق النار المتعلقة بالمساعدات الإنسانية. وهي تُواصل إبقاء معظم المعابر إلى غزة مغلقةً، وتقيد عمليات الإجلاء الطبي. كما زرعت عوامل تخريبية، من خلال دعم عصابات مناهضة لحركة "حماس" داخل غزة لمحاربتها.
وهذا العنصر الأخير مهم لفهم الوضع. فقد لعبت هذه الميليشيات بالفعل دوراً في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ونهبت قوافل الإغاثة لتجويع الفلسطينيين المنكوبين بشكل صارخ بهدف الضغط على "حماس" خلال مفاوضات وقف إطلاق النار. وبالنسبة لحركة "حماس"، سيكون من الجنون التخلي عن السلاح في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لنصف أراضي غزة ووجود عصابات مصممة على استبدالها كقوة وحيدة في الأراضي المحتلة. وما يشكل خطراً مماثلاً على خطة ترامب، أنّ الاشتباكات المستمرة وفشل نزع سلاح "حماس" قد يدفع الدول التي أبدت اهتماماً بإرسال قوات إلى القطاع لتشكيل "قوة الاستقرار الدولية المؤقتة"، كما ورد بشكل مبهم في الخطة، إلى إعادة النظر في ذلك، وهي ديناميكية متغيرة يقال إنها بدأت بالفعل.
سيساهم تسلسل هذه الأحداث في ترسيخ حالة الحرب الدائمة لـ "إسرائيل" في القطاع، ما يمنح نتنياهو مزيداً من الوقت للبقاء في السلطة في ظل الأزمة السياسية المستمرة في الداخل الإسرائيلي، وتهدد ائتلافه الحكومي من جهة، وحريته الشخصية من دخول السجن في ظل تهم الفساد التي تلاحقه في المحاكم.
بينما تعد خطة ترامب حلما بعيد المنال لاستمرار الاحتلال والوضع الراهن لما قبل العامين الماضيين، وهي غير مؤهلة لمعالجة تعقيدات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإنهُ لا يمكنها السماح بعودة القتال تحت أي ظرف من الظروف. كما يجب الاعتراف بأن المفسد والمعرقل الحقيقي في هذا المشهد هو نتنياهو وحكومته، والتصرف بناءً على هذا يمكن أن يساعد على منع أسوأ النتائج الممكنة، والعودة إلى الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي تدعمها الولايات المتحدة ضد الفلسطينيين في غزة.
لهذه الأسباب فشلت إسرائيل
كذلك نشرت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية منتصف شهر أكتوبر 2025 تحليلا للباحث البريطاني الدكتور عظيم إبراهيم ذكر فيه إن إسرائيل مصممة، بعد ما يفوق عامين من القصف بلا هوادة والدمار الواسع التي ألحقته بقطاع غزة، على "المضي قدما في إنجاز النصر" حتى بعد توقيعها اتفاق وقف إطلاق النار.
لكن الباحث، الحائز على وسام الإمبراطورية البريطانية، يفيد بأن الحقائق على الأرض تروي قصة مختلفة تماما: فمن ركام غزة خرج نحو 15 ألف مقاتل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، معظمهم مسلحون بالكامل، و”يعملون على استعادة سيطرتهم على القطاع”.
ويؤكد في مقاله بالمجلة الأمريكية أن حركة حماس لم تهزم رغم الدمار الهائل الذي أصاب القطاع، مشيرا إلى أن كل الخبراء "الموثوق بهم” في مجال مكافحة الإرهاب حذروا منذ البداية من أن القضاء على حماس عسكريا أمر مستحيل، "لأنها ليست مجرد شبكة مقاتلين أو أنفاق، بل حركة سياسية وأيديولوجية متجذرة في المجتمع الفلسطيني".
ووفقا للكاتب، فإن إسرائيل لن تتمكن من "محو فكرة" من الوجود وستفشل كما فشلت الولايات المتحدة في القضاء على تنظيمي الفيت كونغ وطالبان.
وأضاف إبراهيم -الذي يعمل مديرا أول في معهد "نيو لاينز" للدراسات الإستراتيجية والسياسات في واشنطن العاصمة- أن ما تسميه إسرائيل "نصرا كاملا" لا يعدو أن يكون محض سراب.
صحيح أن القيادة المركزية لحماس تعرضت للتفكيك جزئيا، إلا أن الحركة -برأيه- لا تزال قادرة على العمل من خلال خلايا صغيرة ومليشيات محلية.
وفي المقابل، دمرت الحملة الإسرائيلية البنية التحتية المدنية في غزة، وقتلت عشرات الآلاف وشردت أكثر من مليون إنسان، وحولت أحياء كاملة إلى أنقاض. لكن الكاتب، مع ذلك، يؤكد أن الظروف الجوهرية التي أفرزت حماس منذ البداية والمتمثلة في "اليأس والتهميش وغياب الدولة"، لا تزال قائمة، بل ازدادت سوءا.
وفي تقديره، أن من المهم تذكر كيف تولت حماس السلطة في مطلع الألفية الجديدة، حين أصبحت السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح "مرادفا للمحسوبية والعجز".
وعزا إبراهيم ذلك الصعود إلى فقدان الفلسطينيين الثقة في قدرة السلطة الفلسطينية على تحقيق أي إنجاز أو حتى تلبية أبسط احتياجاتهم. وحينها، استغلت حماس هذا الإحباط الشعبي وقدمت نفسها "بديلا نظيفا ومنضبطا"، يجمع بين المقاومة والخدمات الاجتماعية.
واعتبر أن فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، لم يكن ذلك تأييدا لفكرها الإسلامي "المتشدد" بقدر ما كان تصويتا احتجاجيا ضد جمود حركة فتح.
حماس استغلت إحباط الفلسطينيين من السلطة وقدمت نفسها "بديلا نظيفا ومنضبطا"، يجمع بين المقاومة والخدمات الاجتماعية.
بيد أنه يستدرك زاعما أن حركة حماس سارت على نهج الأنظمة السلطوية التقليدية، حيث “عززت قبضتها بالقوة، وأقصت الفصائل المنافسة من غزة، وألغت الانتخابات المستقبلية، وأقامت كيانا أمنيا مسلحا أشبه بدولة صغيرة”.
ويحمل إبراهيم سياسات الحكومة الإسرائيلية جزءا كبيرا من المسؤولية، إذ اعتمدت سياسة “الفصل” بين غزة والضفة الغربية لإضعاف القيادة الفلسطينية الموحدة، مما سمح لحماس بالترسخ وجمد عملية السلام.
الطريق لهزيمة حماس لا يمر عبر السلاح، بل عبر الأمل بإعادة بناء غزة، وإصلاح المؤسسات الفلسطينية، وإجراء انتخابات حقيقية، وإطلاق عملية سياسية تفضي إلى دولة فلسطينية قابلة للحياة
لكن هذه السياسة -بنظره- ارتدت على إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، الذي فجر حربا مدمرة وأعاد الصراع إلى نقطة الصفر.
وهم لن يتحقق
كتب زهير أندراوس من مدينة الناصرة في فلسطين المحتلة يوم الأحد 19 أكتوبر 2025:
"تبنت إسرائيل مخططا خطرا: سيصبح قطاع غزة إقليما بلا سيادة، تسيطر عليه، جزئيا، قوة متعددة الجنسيات مكلّفة تفكيك (حماس)، ولكن لا يوجد في العالم نموذج كهذا. فالخبرة الدولية في تفكيك المجموعات المقاتلة نجحت فقط في الظروف الاستثنائية: في إطار اتفاق سلامٍ شاملٍ (إيرلندا الشمالية)، أْ وعبر تحفيز المتمردين على تسليم سلاحهم (موزمبيق)، أو تفكك في مقابل دمجٍ سياسي (السلفادور)، أو بعد اتفاق استسلامٍ تام (ألمانيا)"، هذا ما أكده البروفيسور يغيل ليفي في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبرية.
وأضاف: "هذه الشروط غير موجودة في غزة: لا يوجد اتفاق شامل؛ لا توجد مؤسسة دولة مستقرة، ولا يوجد حافز حقيقي لدى (حماس) على التخلي عن سلاحها. إن نموذج ترامب ليس له أي أساس واقعي".
وتابع: "خلال الأشهر القادمة، سيعود مئات الآلاف من الغزيين إلى بيوتهم المدمرة، مرهقين وشغوفين بالهدوء، لكن كثيرين منهم متلهفون أيضا للانتقام. سيلتقون قوة متعددة الجنسيات مكلفة بنزع سلاح (حماس) ومنع تسليح مجموعات محلية. من غير المؤكد أنّهم سيطيعون سلطة لم يختاروها، حين لا يكون واضحا من سيحمي أمنهم. والسلطة الفلسطينية، السيد شبه الشرعي الوحيد، معزولة عن العملية إلى أن تجتاز سلسلة اختبارات يفرضها عليها الائتلاف الأمريكي".
ولفت إلى أنه "في هذه الأثناء، سيضطر الفلسطينيون في غزة إلى الاكتفاء بلجنة من التكنوقراط تابعة لمفوض أعلى أجنبي (ربما توني بلير)، وسيتكدسون في قطاع غزة، وفي المدى الطويل، سيبقى جزء من القطاع تحت السيطرة الإسرائيلية في إطار المنطقة العازلة".
عمر نجيب









