هل يعيد التاريخ تكرار تجربة تصفية حرب الفيتنام في الشرق الأوسط.... التخبط بين البحث عن تسوية والبروز بمظهر المنتصر

أربعاء, 2024-11-13 06:47

دخلت الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان شهرها الرابع عشر دون ظهور أي مؤشرات جدية عن قرب وضع نهاية ولو مؤقتة لها سواء عن طريق التفاوض أو الحسم العسكري. كثيرة هي بالونات الاختبار التي أطلقت والتي تتحدث عن أطراف الوساطات ومشاريع التسوية المؤقتة أو المرحلية وهي في غالبها خاصة بالنسبة لتل أبيب والمعسكر المساند ماضيا وحاضرا محاولة لكسب الوقت وإيهام الرأي العام بالرغبة في التسوية على أمل التمكن من تحقيق بعض الأهداف التي تم الإعلان عنها عسكريا وسياسيا في أعقاب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 وتجنب التعرض لنكسة سياسية واضحة كالتي لحقت بواشنطن عند انسحابها من أفغانستان في 15 أغسطس 2021. 

بعض المحللين يضعون مقارنة بين الصراع الدائر في منطقةالشرق الأوسط المركز منذ أكتوبر 2023 في مرحلته الانتقالية الحالية مع قرب نهاية سنة 2024 بأبعاده المتسعة في اليمن وسوريا وإيران والمواقف الروسية والصينية، بالمراحل الأخيرة للحرب الفيتنامية خلال الثلث الأول من عقد السبعينات من القرن العشرين.

أالحقت حرب الولايات المتحدة ضد الفيتنام خسائر ضخمة بهذا البلد في جنوب شرق آسيا بلغت مليونا قتيل وثلاثة ملايين جريح وما يناهز 12 مليون لاجئ وتدمير مدن وقرى وبنى تحتية بشكل شبه كامل، وقد قدر في ذلك الوقت أن هذه الخسائر ستجبر هانوي والثوار الفيتناميين على الرضوخ ولكن ذلك لم يتحقق وتابع الفيتناميون القتال وبعد أكثر من ثلاث سنوات مما وصف بالمفاوضات والوساطات تم في 27 يناير 1973 التوقيع على اتفاقية باريس لإنهاء الحرب، وتبعت ذلك مناورات عديدة لإجهاض التسوية ولكن دون جدوى، وفي 29 من شهر أبريل عام 1975 دخل الثوار مدينة سايغون وانتهت الملحمة. 

في إسرائيل والغرب ولدى بعض أنصارهم في مناطق أخرى توضع سيناريوهات مختلفة لما هو قادم. السيناريو المرجح حالياهو اتفاق مرحلي في غزة ولبنان يأملون ألا يفسر على أنه هزيمة يتيح لتل ابيب وحلفائها استعادة ما تم استنزافه من التوازن العسكري والسياسي والاقتصادي في إنتظار أوضاع أكثر ملاءمة.

غير أن حتى هذا التصور يظهر فاشلا من بدايته،

لم تنجح إسرائيل في هزيمة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية وكما لم تتم تصفية حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والجيش العربي السوري، ولم تقمع وتحجم طهران أو تبدل قياداتها ولم يفتح الباب لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، وتعثر انطلاق تنفيذ مخطط توسيع إسرائيل شرقا وغربا وجنوبا وشمالا في شرق أوسط جديد يتخذ من مشروع المحافظين الجدد أساسا.

ولكن ما هي المعطيات الثابتة في الشهر الرابع عشر من حرب غزة ولبنان.

في غزة ورغم الحجم الضخم لتضحيات الفلسطينيين لم تكسب إسرائيل المعركة عسكريا حيث تتكبد بإعترافها المزيد من الخسائر يوميا وتعود قواتها للقتال في مناطق كانت قد تصورت أنها طهرتها من المقاومة الفلسطينية في وقت ثبت فيه أن مدينة أنفاق غزة أكثر منعة من أي تنظيم دفاعي حتى يومنا هذا. تل أبيب فشلت في استعادة ما تبقى من أسراها لدي حماس ولم تنجح في القضاء عليها لا عسكريا ولا سياسيا، وفي حين يواجه الجيش الإسرائيلي مشاكل ونقصا في المجندين الجدد ويرفض 18 في المئة من قوات الاحتياط في إسرائيل الالتحاق بجبهة القتال، تعرف حماس اقبالا غير مسبوق للإنضمام إلى صفوفها ليس من غزة والضفة الغربية وحدهما بل من كل المنطقة العربية الإسلامية. في لبنان يرغب عشرات الآلاف من العرب والمسلمين الانضمام إلى الحرب.

حكومة تل أبيب تحاول معاكسة تيار مسيرة الحرب، تماما كما فعلت حكومة سايغون سنة 1975 واشرف غني في كابل منتصف أغسطس 2021.

 

صفر مكاسب

 

يوم السبت 9 نوفمبر 2024 أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إطلاق حزب الله صواريخ نحو مستوطنة "إيفن مناحم" من الخط الحدودي، "أي من أماكن يفترض أنّ الجيش أنهى العمل فيها".

وذلك بعد 40 يوما على المواجهة البرية. 

وأضافت الصحيفة أن مستوطني الشمال "لا ينتظرون إعلانات الجيش الإسرائيلي وتصريحات السياسيين بشأن إعادة الأمن إلى المنطقة، بل يريدون رؤية ذلك بأعينهم".

من جانبها ذكرت "القناة الـ12" إنّ "حزب الله يحافظ على قدراته الصاروخية وهي ستبقى بعد نهاية المعركة الحالية"، مضيفة: "يجب التذكير أنّه حتى بعد انتهاء هذه المعركة وعودة سكان الشمال، المؤسسة الأمنية والعسكرية لا تستطيع ضمان عدم إطلاق صواريخ من لبنان".

وأردفت القناة بالقول: "نحن نرى نيرانا لا تتوقف من لبنان، بل وتزيد من ناحية العدد والمدى".

وبينما يزعم مسؤولون في المستويين العسكري والسياسي في تل ابيب، أن الهجمات الجوية الواسعة والعنيفة التي شنتها الطائرات الإسرائيلية بدءاً من سبتمبر 2024، أسفرت عن تدمير نسبة كبيرة من القدرات الصاروخية لحزب الله، خاصة الدقيقة منها، تثبت المقاومة الإسلامية في لبنان كذب الادعاءات الإسرائيلية وتقوم، كل فترة، باستخدام أنواع جديدة من الصواريخ الدقيقة، مستهدفة قواعد عسكرية في شمال فلسطين وصولا إلى "تل أبيب"، وحتى من الحافة الأمامية. 

وكانت غرفة العمليات في المقاومة الإسلامية في لبنان قد أكّدت أنه على الرغم من الإطباق الاستعلامي والنشاط الدائم لسلاح الجو الإسرائيلي، رفعت المقاومة وتيرة عملياتها النوعية، عبر توجيه ضربات مركزة ومدروسة إلى المراكز والمنشآت والقواعد الإسرائيلية الاستراتيجية والأمنية، بعمق وصل إلى 145 كلم داخل فلسطين المحتلة، وباستخدام الصواريخ والمسيرات النوعية. 

جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الأربعاء 6 نوفمبر 2024:

كشفت تقارير إسرائيلية، أن المؤسسة الأمنية والجيش تطرقا إلى فكرة إنهاء العمليات البرية في لبنان مطلع هذا الأسبوع، قبل التراجع عن الفكرة، في ظل المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار. 

وأشار تقرير لهيئة البث الإسرائيلية، أنه في ظل المفاوضات الجارية بقيادة الولايات المتحدة بهدف وقف إطلاق النار، والتي "شهدت تقدما" خلال الأيام الأخيرة، "تقرر تأجيل الإعلان".

وذكر التقرير أنه في نهاية الأسبوع الماضي، أُعيد آلاف الجنود النظاميين والاحتياط إلى منازلهم للحصول على راحة. وفي الوقت الحالي يستعد الجيش الإسرائيلي لتنفيذ "عمليات إضافية" في جنوب لبنان، بهدف "تعميق الإنجازات الميدانية".

وصرح رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، الأربعاء، في ختام تقييم للأوضاع: "يجب الاستمرار في تطوير الخطط لمواصلة القتال في لبنان، بما في ذلك توسيع وتعميق المناورات، وسننفذ هذه الخطط حسب الحاجة".

 

متاهة

 

يوم الأحد 10 نوفمبر 2024 قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بجماعة حزب الله اللبنانية وإن القضاء على أمينها العام حسن نصر الله كان تتويجا لهذا الإنجاز.

وذكر كاتس خلال احتفالية أقيمت في مقر وزارة الخارجية “الآن أصبح من الواجب علينا مواصلة الضغط من أجل جني ثمار هذا النصر”.

وأضاف أن إسرائيل ليست مهتمة بالتدخل في السياسة الداخلية للبنان، لكنه عبر عن آماله في أن يغتنم تحالف دولي هذه الفرصة سياسيا وأن ينضم لبنان إلى دول أخرى في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

في نفس اليوم وبفارق ساعات قليلة اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن بلاده تتعرض لجبهة جديدة في الحرب وهي "الأخبار الكاذبة" التي تتسرب من مكتبه، مشيرا إلى أن "حماس كانت تتلقى المعلومات من غرفة اجتماعات فريق التفاوض الإسرائيلي"، وفق كلمة له، نقلها مراسل الحرة.

وذكر نتنياهو في أحد تعليقاته على قضية التسريبات المتهم فيها ضابط رفيع: "في الأيام الأخيرة، مكتبي يتعرض لهجوم شرس ولا يتوقف... في حين أن الحكومة والكابنيت برئاستي يعملان باستمرار لصد أعدائنا الذين يسعون لتدميرنا، في الوقت الذي أدير فيه الحرب وأصد الهجمات الدولية من جهات عدة، نجد أنفسنا الآن نواجه جبهة أخرى وهي الأخبار الكاذبة التي تنشرها وسائل الإعلام".

وأضف أن "هذه التسريبات تترافق أحيانا مع أكاذيب وافتراءات لا أساس لها".

ورأى أن "هذه التسريبات تزود إيران، وحزب الله، وحماس بمعلومات حيوية، مما يعرض الدولة، ومقاتلينا، وأيضا استعادة مختطفينا للخطر"، وتحدث عن " حملة صيد منظمة تهدف للإضرار بقيادة الدولة وإضعافنا في خضم الحرب".

وأضاف: "عليكم أن تفهموا: حماس تتلقى معلومات من غرفة اجتماعات فريق التفاوض الإسرائيلي!.. حزب الله وإيران يحصلون، أحياناً بشكل مباشر، على تسجيلات لمناقشاتنا بشأن أساليب العمل ضدهم والخلافات بيننا".

وكشفت مصادر إسرائيلية، الأحد، عن فتح تحقيق جديد يتعلق باستخدام غير مشروع لوثائق وتسجيلات أمنية حساسة في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وتتمحور القضية، بحسب مراسل الحرة، بشأن شكوى استثنائية قُدمت إلى رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، تتعلق بحيازة واستخدام تسجيلات فيديو حساسة لضابط في الجيش الإسرائيلي.

ونفى كبير موظفي مكتب رئيس الوزراء، تساحي برافرمان، الاتهامات بشكل قاطع في بيان أصدره، قائلا إن "الادعاء الخطير بأنني أحتفظ بتسجيل لضابط ما أو أنني حاولت ابتزاز أي شخص هو ادعاء كاذب"، واصفا التقرير بأنه "تشهيري" وأن الغرض منه الإضرار بمكتب رئيس الوزراء خلال فترة الحرب.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن التسجيلات المعنية تم جمعها من كاميرات الأمن في مكتب رئيس الوزراء، وأن موظفي المكتب سمحوا لعاملين آخرين بمشاهدتها.

من جهة أخرى، أكد نتنياهو للمرة الأولى، الأحد، أنه أعطى الضوء الأخضر للهجمات على أجهزة اتصالات يحملها عناصر من حزب الله، في سبتمبر الماضي، وفق ما قال المتحدث باسمه، عومير دوستري.

وأوضح المتحدث أن نتنياهو قال خلال مداخلة أمام اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي إنه أعطى موافقته على هذه العملية، التي لم يكن قد تم تبنيها حتى الآن.

وكشف نتنياهو عن أن مسؤولين في المؤسسة الأمنية وعلى المستوى السياسي عارضوا "عملية البيجر"، وكذلك اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

 

مرحلة جديدة

 

جاء في تقرير نشر في العاصمة الروسية موسكو يوم 2 نوفمبر 2024:

أظهرت عمليات "حزب الله" في الساعات الأخيرة وجود نقلة نوعية عبر استخدام مسيرات وصواريخ تطال قواعد عسكرية وأماكن إسرائيلية حساسة، بعد التصدي للتوغلات على الحدود الجنوبية.

وبدأ "حزب الله" مرحلة ميدانية جديدة بعد نجاحه في التصدي للتوغلات العسكرية الإسرائيلية على الحدود الجنوبية، مما اضطر الجيش الإسرائيلي إلى وقف محاولات التقدم نحو أحياء بلدة الخيام والانسحاب من قرى أخرى.

وبحسب المعلومات والتقارير، فإن "حزب الله" سيرفع من أعداد مسيراته وصواريخه، كلما زادت إسرائيل من ضرباتها الجوية التدميرية، في وقت يتردد فيه أن الحزب يتعافى بعد النكسات التي أصابته في الأسابيع الماضية.

وقالت مصادر لبنانية إن "الميدان وحده سيعيد بنيامين نتنياهو إلى التفاوض مع الأمريكيين لتنفيذ القرار الدولي 1701، خصوصا بعد انتهاء الاستحقاق الانتخابي الأمريكي".

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه "منذ ساعات الصباح، أطلق حزب الله عشرات الصواريخ معظمها في اتجاه الجليل الغربي والكريوت وحيفا، بالإضافة إلى أسراب من الطائرات المسيرة".

ودوت صفارات الإنذار في نهاريا وبلدات بالجليل الغربي بعد رصد إطلاق للصواريخ من لبنان.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن "طائرات مقاتلة شاركت في مطاردة مسيرات في منطقة عكا"، فيما ذكرت القناة "13" الإسرائيلية أن "الجيش اعترض مسيرة جنوبي حيفا".

وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن "حزب الله أطلق نحو 115 صاروخا باتجاه إسرائيل"، فيما أكد حزب الله في وقت سابق أنه أطلق عشرات الصواريخ باتجاه عكا وحيفا وصفد، كما ذكر أنه قصف 3 قواعد عسكرية إسرائيلية في محيط تل أبيب وحيفا.

 

بين الصدق والكذب

 

يوم الأحد 10 نوفمبر 2024 صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس هي التي تعرقل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وليس إسرائيل. وأضاف سوليفان على شبكة سي.بي.إس أن الولايات المتحدة ستجري تقييما عن مدى التقدم الذي أحرزته إسرائيل تجاه تحسين الوضع الإنساني في غزة.

وأبلغت إدارة الرئيس جو بايدن إسرائيل في رسالة بتاريخ 13 أكتوبر وقعها وزيرا الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن بأن عليها اتخاذ خطوات في غضون 30 يوما بشأن سلسلة من التدابير، وإلا خاطرت بفرض قيود على المساعدات العسكرية الأمريكية لها.

وذكر سوليفان لبرنامج “فيس ذا نيشن” على شبكة (سي.بي.إس) “سنصدر أحكامنا هذه الأيام بخصوص نوع التقدم الذي أحرزوه. وبعد ذلك، سيصدر الوزيران أوستن وبلينكن والرئيس أحكاما بشأن ما نفعله ردا على ذلك، ولن أستبق الأمر”.

 

مشاركة أوسع في الحرب

 

جاء في تقرير نشر في واشنطن يوم 2 نوفمبر 2024:

بعد نحو أسبوعين من إعلان الولايات المتحدة نشر منظومة "ثاد" المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة ومتوسطة المدى في إسرائيل، عادت وأكدت أنها ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط عبر إرسال قاذفات ومقاتلات وسفن حربية.

وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، الجمعة فاتح نوفمبر، أن وزير الدفاع لويد أوستن قرر إرسال قاذفات قنابل ومقاتلات والمزيد من السفن الحربية، مع استعداد حاملة طائرات إبراهام لينكولن وسفنها للمغادرة.

وذكر المتحدث باسم البنتاغون الميجور جنرال بات رايدر في بيان إن أوستن أمر بنشر عدة طائرات قاذفة من طراز "بي-52 ستراتوفورتريس" وسرب من المقاتلات وطائرات التزود بالوقود ومدمرات بحرية في الشرق الأوسط.

وأضاف أنها ستبدأ في الوصول إلى المنطقة في الأشهر المقبلة، حيث تبدأ حاملة الطائرات "يو أس أس أبراهام لينكولن" في العودة إلى الوطن.

رايدر أشار إلى أن أمر أوستن الأخير يظهر "قدرة الولايات المتحدة على الانتشار في جميع أنحاء العالم في غضون مهلة قصيرة لمواجهة تهديدات الأمن القومي المتطورة".

وأضاف أن أوستن "يواصل توضيح أنه إذا استغلت إيران أو شركاؤها أو وكلاؤها هذه اللحظة لاستهداف مواطنين أمريكيين أو مصالح أمريكية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبنا".

تأتي هذه التحركات العسكرية في الوقت الذي تتصاعد حدة الصراع في الشرق الأوسط بين إسرائيل من جهة وحركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان من جهة ثانية.

كذلك شهدت المنطقة مؤخرا ضربات متبادلة بين إسرائيل وإيران التي هددت، السبت 2 نوفمبر، بالرد على الضربات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل إعلام رسمية في طهران عن الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي قوله، السبت، إن الولايات المتحدة وإسرائيل "ستتلقيان بلا شك ردا ساحقا" على ما تفعلانه ضد إيران.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نقلت عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين، مطلعين على التخطيط العسكري لطهران، القول إن المرشد الأعلى علي خامنئي أمر المجلس الأعلى للأمن القومي يوم الاثنين بالاستعداد لمهاجمة إسرائيل.

واتخذ خامنئي هذا القرار بعد اطلاعه على تقرير مفصل من كبار القادة العسكريين حول حجم الأضرار التي لحقت بقدرات إنتاج الصواريخ الإيرانية وأنظمة الدفاع الجوي حول طهران والبنية التحتية الحيوية للطاقة وميناء رئيسي في جنوبي البلاد، وفق للمسؤولين.

وذكر خامنئي إن نطاق الهجوم الإسرائيلي وعدد الضحايا، حيث قتل ما لا يقل عن أربعة جنود، كبير للغاية بحيث لا يمكن تجاهله، مشددا أن عدم الرد سيعني الاعتراف بالهزيمة، وفقا لهؤلاء المسؤولين.

وتضغط الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، بينما تؤكد أنها ستدافع عن إسرائيل وستستمر في حماية الوجود الأمريكي ووجود الحلفاء في المنطقة، بما في ذلك من هجمات الحوثيين في اليمن ضد السفن في البحر الأحمر.

وجرى نشر قاذفات B-52 طويلة المدى القادرة على حمل أسلحة نووية بشكل متكرر في الشرق الأوسط كتحذيرات موجهة إلى إيران.

وهذه هي المرة الثانية شهر نوفمبر 2024 التي ستستخدم فيها القاذفات الاستراتيجية الأمريكية لتعزيز الدفاعات الأمريكية في المنطقة.

في شهر أكتوبر 2024، استخدمت الولايات المتحدة قاذفات "B-2" الشبحية لضرب أهداف حوثية تحت الأرض في اليمن ولكن دون تأثير يذكر على قدرة اليمن على مواجهة السفن الحليفة لتل ابيب.

ولم يقدم رايدر العدد المحدد للطائرات والسفن التي ستتحرك إلى المنطقة، لكن من المرجح أن تؤدي هذه التحركات إلى تقليل إجمالي عدد الجنود الأمريكيين في الشرق الأوسط، وذلك لأن حاملة الطائرات التي ستغادر تضم ما يصل لنحو 5 آلاف بحار.

لكن إضافة الطائرات القاذفة ستعزز القوة القتالية الأمريكية في المنطقة، حيث وصل عديد القوات هناك مؤخرا إلى نحو 43 ألف عنصر، وفقا لـأسوشيتد برس.

وبحسب مسؤولين أمريكيين فمن المقرر أن تغادر حاملة الطائرات أبراهام لينكولن وثلاث مدمرات بحرية تابعة لها الشرق الأوسط بحلول منتصف شهر نوفمبر 2024، لتعود لمقرها في سان دييغو بكاليفورنيا.

وهذا يعني أن الشرق الأوسط سيكون خاليا من تواجد أية حاملة طائرات أمريكية لفترة من الزمن، حسبما أفاد المسؤولون. 

ويؤكد القادة العسكريون أن وجود مجموعة ضاربة من حاملة الطائرات، مع مجموعة من الطائرات المقاتلة وطائرات الاستطلاع والسفن الحربية المدججة بالسلاح، يعد رادعا كبيرا، وخاصة ضد إيران.

ولتعويض هذه الفجوة، أمر أوستن بنشر مدمرات بحرية أخرى في المنطقة، ستكون قادرة على إطلاق صواريخ باليستية ومن المرجح أن تتحرك إما من منطقة المحيطين الهندي والهادئ أو من أوروبا، وفقا لمسؤول أمريكي.

كذلك من المتوقع أن تنتقل حاملة الطائرات هاري ترومان وثلاث سفن حربية تابعة لها إلى البحر الأبيض المتوسط، لكنها لن تصل قبل مغادرة حاملة الطائرات لينكولن.

وتتواجد حاملة الطائرات لينكولن واثنان من مدمراتها الآن في خليج عمان، بينما تتواجد المدمرات الثلاثة الأخرى مع سفينتين حربيتين في البحر الأحمر.

 

أمر صعب

 

تحدثت مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية، في تقرير لها في 28 أكتوبر 2024، عن “ما ينبغي أن تحذر منه إسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية”، موضحة أن على “تل أبيب أن تكون حذرة فيما تتمنى، بحيث إن آخر ما قد تريده هو أن ينظر إليها في واشنطن باعتبارها عبئا استراتيجيا”. 

وفي التفاصيل، أشارت المجلة إلى تصريحات بنيامين نتنياهو، التي أكد فيها أن "إسرائيل تحمي المصالح الأمريكية من خلال الوقوف في وجه طهران"، مضيفا: "امنحونا الأدوات بشكل أسرع وسننجز المهمة".

وأجرت الصحيفة مقارنةً بين طلب نتنياهو، وطلب رئيس الحكومة البريطانية ونستون تشرشل المساعدة المالية والعسكرية من الولايات المتحدة لمساعدته في محاربة أدولف هتلر، مشيرة إلى أنّه “كان لدى تشرشل بند أكثر أهمية على أجندته، من أجندة نتنياهو، حيث أراد الضغط على فرانكلين روزفلت والشعب الأمريكي الانعزالي للانضمام إلى الحرب في أوروبا بسبب إدراكه أن بريطانيا لا تستطيع هزيمة آلة الحرب الألمانية، إلا إذا قاتل الأمريكيون جنبا إلى جنب معهم".

وأضافت أن "الواقع هو أن التكهنات في واشنطن في السنوات الأخيرة كانت أن نتنياهو، مثل تشرشل في بداية الحرب العالمية الثانية، كان يأمل في خلق الظروف التي من شأنها أن تدفع الأمريكيين إلى التدخل العسكري المباشر إلى جانب إسرائيل في الحرب ضد إيران".

ولكن في أعقاب التدخلات العسكرية الفاشلة منذ فترة طويلة في العراق وأفغانستان، “أصبح من الواضح أنّ الأمريكيين غير مهتمين بالانجرار إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط”، وفق ما أكدت المجلة.

ومن هنا، فإن المخاوف الأمريكية من أن الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية من شأنه أن يشعل رد فعل إيراني هائل، ويجبر الولايات المتحدة على نشر قوات عسكرية للدفاع عن إسرائيل”.

ولمنع حدوث مثل هذا السيناريو، "رفض الرئيس جو بايدن إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة منشآت النفط والنووية الإيرانية"، بحسب المجلة التي رأت أنّه من هذا المنظور، "كان الاتفاق النووي مع طهران يهدف إلى تجميد البرنامج النووي الإيراني، وبالتالي حرمان إسرائيل من ذريعة لشن ضربة عسكرية استباقية ضد إيران".

وأشارت المجلة إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 وسلسلة التحركات العسكرية التي قامت بها إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، أدت إلى خلق مناخ "مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران، مما أدى إلى تغيير الوضع وإجبار الأمريكيين على بحث التدخل المباشر لحماية إسرائيل، وهو السيناريو الذي أراد الأمريكيون تجنبه وكان نتنياهو يأمل أن يتحقق”.

وعلى نحو ما، “تم اتخاذ الخطوة الأولى في هذا الاتجاه بقرار الولايات المتحدة نشر بطارية دفاع جوي صاروخي عالي الارتفاع (ثاد)، بما في ذلك 100 جندي أمريكي، للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل ضد التهديد الصاروخي القوي من إيران وحلفائها الإقليميين، وأبرزهم حزب الله في لبنان”.

وذلك يعني أنّه “على خلفية الهجوم الإسرائيلي على إيران، تقاتل القوات الأمريكية الآن جنباً إلى جنب مع إسرائيل”، حيث “من الممكن أن يؤدي رد الفعل الإيراني المحتمل على مثل هذه الخطوة إلى خلق الظروف التي يمكن للجنود الأمريكيين بموجبها الانخراط بشكل مباشر في حرب مع إيران”، وفق المجلة.

وعلى الرغم من أنّ أعضاء “الكونغرس” الجمهوريين “أشادوا بدعوة نتنياهو للولايات المتحدة إلى الوقوف معاً بشكل مباشر في الصراع مع إيران”، فإنه حتى إدارة دونالد ترامب “ستجد صعوبة في كسب الدعم الشعبي لحرب جديدة في الشرق الأوسط”.

ولفتت إلى أنّ “الحجة القائلة بأن إسرائيل جرت الولايات المتحدة إلى تدخل عسكري (مع كل الخسائر والنفقات التي سوف تترتب على ذلك) من شأنها أن تشعل المشاعر العامة المناهضة لإسرائيل، وليس فقط بين أعضاء اليسار التقدمي”.

علاوة على ذلك، ومع تحول مركز الثقل الاستراتيجي إلى شرق آسيا، وهو ما يعكس وجهات نظر ترامب الجيوسياسية، فإن “البنتاغون ليس لديه مصلحة في الانضمام إلى مناورة عسكرية جديدة في الشرق الأوسط هدفها الأساسي حماية إسرائيل”.

 

ترامب وحرب الشرق الأوسط

 

يسود ترقب كبير بشان ما سيقوم به الرئيس الأمريكي القادم إلى البيت الأبيض يوم 20 يناير 2025 بشأن الحرب في الشرق الوسط وما إذا كانت مواقفه هي تلك التي عبر عنها خلال الحملة الانتخابية الرئاسية أم أنها ستختلف خاصة وأن ترامب ومن مركزه كرجل أعمال قد يختار أمورا غير منتظرة منه.

جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الاثنين 11نوفمبر 2024 :هل يلجأ ترامب للضغط على نتنياهو لوقف إطلاق النار في غزة؟

مع تعهده خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحروب، يثير فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة تساؤلات حول الأدوات التي سيعتمدها للضغط من أجل وقف الحرب في غزة، لا سيما بعد فشل الضغوط التي مارستها إدارة الرئيس جو بايدن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويرى المحلل السياسي نبيل ميخائيل، عضو الحزب الجمهوري، في تصريحات لموقع "الحرة" أنه لا يزال هناك 70 يوما قبل تنصيب ترامب وقد يحدث فيها وقف لإطلاق النار في غزة. 

وتوقع مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك ساليفان الأحد إحراز تقدم في الجهود المبذولة لإنهاء القتال في غزة ولبنان، وتحرير الرهائن المحتجزين لدى حماس في "الأسابيع المقبلة".

وإذا استمرت الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023 إلى ما بعد تنصيب ترامب في 20 يناير القادم، فإنه "لن يتردد في استخدام نفوذه لتعزيز وقف إطلاق النار"، بحسب ميخائيل. 

ويتمتع ترامب بعلاقة وثيقة مع نتنياهو الذي وصف فوز الجمهوريين في الانتخابات بأنه "انتصار كبير".

لكن ميخائيل يقول إن الرئيس المنتخب قد يلجأ إلى إجراءات قوية، مثل التلويح بقطع المعونة العسكرية لإسرائيل كوسيلة ضغط. كما يمكن أن يسعى ترامب لدفع فرنسا للعب دورٍ أكبر في كبح التمدد الإسرائيلي في لبنان، خصوصاً مع تزايد الانتقادات التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإسرائيل بشأن سيادة لبنان.

وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن نتنياهو قد لا تكون لديه نفس القدرة على المناورة مع ترامب الذي من الصعب التنبؤ بأفعاله على عكس التعامل مع بايدن.

ويرى رئيس المجلس الاستشاري في جامعة ميريلاند، الخبير في الشؤون الأمريكية والشرق الأوسط، فرانك مسمار، في حديثه مع موقع "الحرة" أن ترامب، كرجل أعمال وسياسي براغماتي، يعتمد على أدوات اقتصادية لدفع التغيير، بما في ذلك خططه لدمج الاقتصاد كجزء من حلول أزمات الشرق الأوسط.

يوضح مسمار وهو عضو في الحزب الجمهوري، أن ترامب يفضل استخدام استراتيجيات اقتصادية، تبدأ بتقديم حلول لإعادة الإعمار والتنمية بعد وقف الحرب، ولفت إلى أن ترامب يرى أن تحقيق استقرار حقيقي في غزة يتطلب حلا اقتصاديا متينا يدعم الاستقرار السياسي.

وفي أول اتصال بينهما منذ عام 2017، أعرب ترامب، للرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن عزمه العمل على إنهاء الحرب في غزة.

ويؤكد مسمار أن ترامب قبل الضلوع في تطبيق خطة لوقف إطلاق النار في غزة ستكون هناك رؤية متكاملة لديه للأيام التالية للحرب.

وأكد مسمار أن ترامب ينظر إلى لبنان كجزء من معادلة الاستقرار الإقليمي، إذ يرى ضرورة نزع سلاح الفصائل المسلحة هناك وجعل الدولة اللبنانية مسؤولة بالكامل عن حماية الحدود. "إذا أردنا وقفا مستداما لإطلاق النار، يجب أن تملك الدولة وحدها السيادة العسكرية على أراضيها"، بحسب ما قال مسمار.

أما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فيرى مسمار أن التحدي الأساسي يكمن في مسألة "من يمثل فلسطين اليوم".

ويعتقد مسمار أن ترامب قد يسعى لإجراء تغييرات جوهرية على مستوى القيادات في المنطقة. ويوضح: "خلال حملته، في ميشيغان، سئل ترامب عن إنهاء الحروب، وكان جوابه يعكس رؤيته بأن هناك شخصيات في الشرق الأوسط يجب تغييرها لتحقيق السلام وفق المنظور الاقتصادي الذي يؤمن به"، في إشارة إلى أن بعض القيادات الحالية قد لا تتماشى مع السياسات الاقتصادية الجديدة التي ينوي طرحها ترامب كجزء من استراتيجيته للسلام.

ويرى مسمار أن هذه الرؤية بدأت في التبلور مع فوز ترامب بالانتخابات و"الترتيبات بدأت تطهر من خلال الحديث عن غلق مكتب حماس في قطر أي أن هناك ضغطا على حماس، بعد أن تم اغتيال قياداتها وكذلك حزب الله في لبنان".

وقال: "ما بعد حماس، هناك عملية ترتيب اتفاقيات معينة بالنسبة للغد وأنا أتصور أنه يتم عرض أسماء معينة يكون عليها توافق إسرائيلي أميركي عربي، وأنا أرجح محمد دحلان كونه من غزة وليس من لاجئي غزة".

 

رسائل للعالم

 

في المقابل، يرى ميخائيل أن ترامب، على عكس إدارة بايدن التي كانت تتعامل دبلوماسيا بحذر مع نتنياهو، سيعمد إلى توجيه انتقادات علنية، بهدف خلق موجة دولية من الضغط على الحكومة الإسرائيلية، ما يضع نتنياهو أمام تحديات صعبة.

ويشير إلى أن أسلوب ترامب الحازم قد يجبر نتنياهو على تقديم تنازلات، خاصة إذا شعر الأخير بتزايد الضغط العالمي وتغير الأجواء داخل واشنطن.

وترى صحيفة وول ستريت جورنال أنه "إذا كان ترامب يعتقد أن هناك حاجة إلى فرض وقف إطلاق النار في غزة، فسوف يفرضه حتى ولو بالقوة".

وتشير على أنه قد يفعل ذلك سعيا لتحقيق رؤيته بشأن "صفقة كبرى" بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

ويقول السعوديون إن هذا يتطلب مسارا لإنشاء دولة فلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.

ويرى مسمار أن ترامب سيواصل السعي لتوسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" بين إسرائيل ودول عربية أخرى، بما في ذلك السعودية.

ورغم أن مسمار يؤكد أن السعودية تظل صاحبة ثقل ديني وسياسي كبير، بحكم موقعها في العالم الإسلامي، فإن التطبيع بينها وبين إسرائيل ليس ذا أولوية كبيرة وقد يأتي مع الوقت، مستبعدا تنازلات كبيرة تقدمها إدارة ترامب.

ويشير مسمار إلى أن العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا يمكن تجاهلها، فهي شراكة استراتيجية تقوم على أسس سياسية واقتصادية مشتركة، ما يجعل من الصعب على أي من الطرفين تجاهل مطالب الآخر.

 

عمر نجيب

[email protected]