
هل بدأت أطراف حاكمة في الغرب المتحالف حتى الآن مع الولايات المتحدة وإسرائيل تدرك أنها توجد في المعسكر الذي لن يستطيع كسب الصراع الدائر في الشرق الأوسط خاصة في المواجهات العسكرية الدائرة منذ سنة سواء في غزة أو الجبهة اللبنانية الإسرائيلية وأنه عليها حفظا لمصالحها تعديل خياراتها في عالم تتبدل فيه موازين القوى؟.
سؤال أصبح يطرح بصورة متزايدة، بعد الفشل الذي تواجهه تل أبيب بعد سنة من الحرب رغم الدعم الأمريكي البريطاني المطلق في تحقيق أهدافها في غزة أو البحر الأحمر أو جنوب لبنان.
نكسات تحالف الناتو في المعركة الدائرة في وسط شرق أوروبا على الساحة الأوكرانية وتوقع نجاح القوات الروسية في التقدم أكثر نحو الغرب الأوكراني، والفوضى السياسية في العديد من دول الاتحاد الأوروبي مع تفاقم الأزمات الاقتصادية وبروز تحديات مزعزعة في الولايات المتحدة بسبب صراعات الحملة الانتخابية الأمريكية، تدفع نحو التحول الأوروبي بعيدا عن الانجراف الأعمى وراء خيارات الولايات المتحدة السياسية والعسكرية والاقتصادية.
لعل الرئيس الفرنسي ماكرون أبرز من عكس هذا التحول خلال الأيام الأولى من شهر أكتوبر 2024، حيث دعا في حديث لإذاعة "فرانس إنتر" يوم السبت 5 أكتوبر للكف عن تسليح إسرائيل، مؤكدا أن باريس "لم تزودها بالسلاح" خلال حربها على قطاع غزة. وأضاف ماكرون أن "الأولوية اليوم هي العودة إلى حلسياسي والكف عن تسليم الأسلحة لإسرائيل لخوض المعارك في غزة".
في المقابل، أكد الرئيس الفرنسي على حق إسرائيل في "الدفاع عن نفسها في ضوء ما سماه القانون ومبادئ حقوق الإنسان".
كما انتقد ماكرون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب عدم أخذه بعين الاعتبار موقف فرنسا قائلا: "عدم الاستماع إلينا خطأ من حيث المستقبل الأمني لإسرائيل". وفي سياق متصل أعرب عن رفضه "تحويل لبنان إلى غزة أخرى".
وكان ماكرون قد شدد في وقت سابق وفي كلمة أمام مؤتمر دوليللسلام في قصر المؤتمرات في باريس، على أن النظام العالميالحالي غير مكتمل وغير عادل، لأنه تم ترتيبه في نهاية الحربالعالمية الثانية. وردا على ذلك، وصف نتنياهو دعوة ماكرون بـ "العار"، مضيفا أن إسرائيل قادرة على تحقيق الانتصار مع وبدون المساعدات الغربية.
قبل ماكرون علقت بعض الدول الغربية كل أو جزء من مبيعات الأسلحة لإسرائيل، مثل بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وكندا. رغم أن عددا من السياسيين اعتبر هذه الإجراءات غير كافية وتظهر ما سموه المغالطات ومحاولة إرضاء الرأي العام المحلي والدولي المناهض لتل أبيب إلا أنهم اعتبروه توجها في بداية مسار سيقود إلى ما هو أكثر ضررا للجيش الإسرائيلي.
والملاحظ أنه في الغرب وبسبب الجدل حول مبيعات الأسلحة، لا تكشف الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى عن التفاصيل الكاملة لتجارة الأسلحة الخاصة بها.
ومع ذلك، ووفقا لمعهد "ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، فإن واشنطن هي أكبر داعم عسكري لإسرائيل، حيث تقدم ما يقدر بنحو 69 في المائة من أسلحتها من مصادر أجنبية.
وتعتمد إسرائيل بشكل كبير على الموردين الأجانب للعديد من مكونات طائراتها الحربية والمروحيات والسفن الحربية والغواصات.
في الولايات المتحدة ورغم هيمنة اللوبي الصهيوني تسجل تحولات في المشهد إن لم تثمر حتى الآن في إحداث آثار مهمة فإنها مؤشر، بتاريخ 6 أكتوبر 2024 قالت رابطة مكافحة التشهير "إيه دي أل" الأمريكية إن حوادث "معاداة السامية" أي كل ما يعارض سياسة تل أبيب، في الولايات المتحدة زادت ثلاث مرات خلال عام واحد منذ عملية طوفان الأقصى ضد إسرائيل، في السابع من أكتوبر عام 2023. وقالت "إيه دي أل" وهي منظمة صهيونية كبرى، إن أكثر من 10 آلاف حادثة وقعت بين 7 أكتوبر 2023 و24 سبتمبر 2024، مقارنة بـ 3325 حادثة في العام السابق.
يوم 6 أكتوبر ذكرت صحيفة ذي اكينوميك تايمز أن ثلاث سفن حربية هندية - INS Shardul و INS Tir و ICGS Veera - وصلت إلى بندر عباس بإيران يوم الثلاثاء الأول من أكتوبر كجزء من مهمة تدريبية في الخليج العربي، مراقبون اعتبروا الأمر ذو دلالة في وقت تهدد فيه تل أبيب وواشنطن بشن عملية عسكرية ضد أهداف إيرانية.
وتجدر الإشارة أنه خلال شهر مايو 2024 وفي تحد لواشنطن اتخذت الهند خطوة مهمة لتوسيع علاقاتها التجارية في آسيا الوسطى من خلال التوقيع على اتفاقية طويلة الأجل لتشغيل ميناء تشابهار الإستراتيجي في إيران.
وحينها قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل لصحفيين "على كل كيان -أي كان- معني بصفقات تجارية مع إيران أن يكون على دراية بالمخاطر المحتملة التي يعرض نفسه لها والمخاطر المحتملة للعقوبات".
تشكيلة المعادلات السياسية والعسكرية والاقتصادية تتبدل بسرعة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ومعها تتقلب موازين القدرة على البقاء أو مواجهة الفناء.
يوم الاثنين 23 سبتمبر 2024 قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، في تصريحات من غرفة العمليات بوزارة الدفاع، إن إسرائيل "على أعتاب أيام معقدة"، وذلك بعد إطلاقها أكبر هجوم جوي على لبنان منذ 8 أكتوبر 2023.
خسائر فادحة
يسجل المراقبون أنه رغم الهجوم الإسرائيلي بأجهزة الاتصال في لبنان والاغتيالات ضد قادة حزب الله، استمرت قوات الحزب في شن الهجمات بمعدلات متصاعدة ضد إسرائيل ولكن دون الوصول إلى الحرب الشاملة مما يعني أن الحزب وضع قواعد اشتباك جديدة تبقى على أسس حروب الاستنزاف التي يقدر في الوقت الحاضر أنها الأسلوب الأفضل.
قبل حوالي شهرين من بدء التصعيد الإسرائيلي في لبنان جاء في تقرير صادر عن مسؤولين إسرائيليين بارزين إنه إذا غزت تل أبيب لبنان فمن المرجح أن يطلق حزب الله أكبر وابل في التاريخ من الصواريخ مع آلاف الضربات على القواعد العسكرية والبني التحتية.
ونشر التقرير الذي أعده معهد مكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان في هرتسليا والمكون من 130 صفحة، بعد ثلاث سنوات من الدراسة والتي بدأت قبل السابع من أكتوبر 2023 بكثير والتي ساهم فيها أكثر من 100 مسؤول حكومي وخبير في الإرهاب ومسؤولين أمنيين سابقين.
وذكر أنه ورغم أن الجيش الإسرائيلي لن يهزم في الحرب ضد حزب الله، إلا أن الموانئ البحرية الإسرائيلية سوف تصاب بالشلل وسوف تكتظ مستشفياتها بالضحايا عندما يفشل نظام القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ.
وبحسب تقرير معهد مكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان في هرتسليا، فإن حزب الله مستعد جيدا لمثل هذا الصراع.
وقبل صدوره، تم التوقيع على النص من قبل اثنين من جنرالات الجيش الإسرائيلي أهارون زئيفي فركش وإسحاق بريك، ورئيس قسم الاستخبارات السابق في الموساد حاييم تومر، وقائد الجبهة الداخلية السابق في الجبهة الشمالية أوريت أداتو، وآخرين.
وبحسب التحليل، فإنه بمجرد أن يبدأ الجيش الإسرائيلي العمل العسكري ضد حزب الله، سيبدأ الأخير بإطلاق ما بين 2500 إلى 3000 صاروخ على إسرائيل يوميا.
وبفضل مخزونها الذي يصل إلى 150 ألف صاروخ فإن قوات حزب الله ستستمر في قصف إسرائيل لمدة 21 يوما دون توقف.
وفي عام 2006، عندما خاض حزب الله والجيش الإسرائيلي آخر حرب واسعة بينهما، كان لدى المقاومة الإسلامية 15 ألف صاروخ فقط، وكانت تطلق 120 صاروخا فقط يوميا مع مدى لا يتجاوز 20 كيلومترا.
ولم تتمكن صواريخ عام 2006 من الوصول إلى حيفا أكبر مدينة في الشمال، في حين أصبحت الهجمات الآن تمتد إلى مئات الكيلومترات في أقصى الجنوب في النقب.
ورغم أن إسرائيل كانت قادرة في السابق على صد الهجمات الجوية باستخدام أنظمة الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية" و"مقلاع داود"، فإن مثل هذا الهجوم من شأنه أن يربكها وأن يؤدي إلى استنزاف مخزوناتها في غضون أيام.
توقعات
وأكد التقرير "أن توقعات الجمهور وجزء كبير من القيادة بأن سلاح الجو الإسرائيلي وأنظمة الاستخبارات الإسرائيلية الفعالة سوف تنجح في منع معظم الهجمات الصاروخية على إسرائيل".
ويوضح أن "هذا ينطبق أيضا على اعتقاد الجمهور بأن التهديد بالرد الإسرائيلي أو شن هجوم إسرائيلي كبير على أصول لبنانية كبيرة سيجبر حزب الله على وقف إطلاق النار أو يضعف بشكل كبير قدرته على مواصلة مهاجمة الأراضي الإسرائيلية".
ولكن حسب مجلة "الإيكونوميست" وفي تقرير آخر يقدر البعض أن عشرات الآلاف من الإسرائيليين سيقتلون في الحرب.
ويشير تقرير جامعة رايخمان إلى أن حزب الله سيحاول تعطيل القوات الجوية الإسرائيلية من خلال ضرب حظائر تخزين طائرات إف-16 وإف-35 وإف-15، بالإضافة إلى استهداف محطات الطاقة والبنية التحتية للكهرباء ومرافق تحلية المياه.
وفي هذه الأثناء، ستهاجم طائرات بدون طيار انتحارية مصانع الأسلحة والبني التحتية في عمق إسرائيل.
عالم خيالي
يذكر أن شاؤول غولدشتاين رئيس شركة الكهرباء المملوكة للحكومة، صرح إن الضربات القادمة من لبنان قد تدمر شبكة الكهرباء في إسرائيل.
وأضاف "الخلاصة هي أنه بعد 72 ساعة من المستحيل أن نعيش في إسرائيل.. نحن لسنا مستعدين لحرب حقيقية.. نحن نعيش في عالم خيالي".
وبحسب تقرير صادر عن مركز الاتصالات والأبحاث البريطاني الإسرائيلي في عام 2019، فإن الحرس الثوري الإيراني بدأ بعد حرب عام 2006 برنامجا لتطوير دقة صواريخ حزب الله.
وأضاف أن "الصواريخ الموجهة بدقة تشكل تهديدا استراتيجيا أكبر بكثير من الصواريخ غير الموجهة التي نشرها حزب الله في السابق، لأنها قادرة على استهداف البنية التحتية الإسرائيلية الرئيسية بعدد أقل من الصواريخ".
"وبسبب حجم إسرائيل وتركيز سكانها وصناعتها، فإن إلحاق الضرر بعدد صغير من مواقع البنية الأساسية الرئيسية مثل محطات الطاقة والقواعد العسكرية ومطار بن غوريون الدولي قد يخلف عواقب وخيمة، وكلما كانت الصواريخ أكثر دقة، قل عدد الصواريخ المطلوبة لاختراق الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية من أجل إلحاق الضرر بالهدف أو تدميره".
وفي الوقت الذي يتم فيه تدمير إسرائيل من الجو، فإن مقاتلين من "قوة الرضوان" النخبوية التابعة لحزب الله سوف يسعون إلى اقتحام شمال إسرائيل والاستيلاء على الكيبوتسات والمواقع العسكرية، بحسبما جاء في تقرير جامعة رايخمان.
وبالتالي فإن حرب الجيش الإسرائيلي في لبنان سوف تتعطل مع إعادة توزيع القوات للدفاع عن الأراضي الإسرائيلية واستعادتها.
ضربات صاروخية
البروفيسور بواز غانور الخبير في مكافحة الإرهاب ورئيس جامعة رايخمان الذي قاد البحث، ذكر إن "التهديد الذي يشكله حزب الله يفوق بكثير التهديد الذي تشكله حركة حماس".
وأضاف في حديثه لموقع التكنولوجيا الإسرائيلي "سي تيك": "في حرب مع حزب الله فإن الضربات الصاروخية ستستمر دون هوادة وأعداد من الصواريخ لم نشهدها من قبل.. إنهم يملكون ترسانة تتألف من نحو 150 ألف صاروخ وقذيفة جوية، وافتراضنا العملي هو أنهم سيطلقون علينا نحو 3 آلاف صاروخ كل يوم من أيام الحرب، والتي وفقا لتقديراتنا سوف تستمر نحو 21 يوما".
ووفقا للبروفيسور بواز غانو تم تقديم التقرير إلى رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت ووزير الدفاع يوآف غالانت بعد نشره، مشيرا إلى أن نتنياهو رفض مقابلة مؤلفيه.
وصرح الخبير في مكافحة الإرهاب ورئيس جامعة رايخمان: "لا أعرف مدى انزعاج غالانت من الثغرات التي ظهرت في التقرير مقارنة بموقف جيش الدفاع الإسرائيلي، لكنه بالتأكيد أصدر تعليمات لموظفيه بمحاولة فهم من أين جاءت هذه الثغرات".
ومضى قائلا: "لقد اجتمعنا مع رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي لمدة أربع ساعات ونصف الساعة.. عرضنا عليه التفاصيل من وجهة نظره المعارضة التي أفضل عدم الخوض فيها.. كما وصل التقرير إلى رئيس الأركان الإسرائيلي هاليفي لكننا لم نتمكن من اللقاء به بسبب اندلاع الحرب".
وعندما سئل عن الثغرات التي يعتقد أنها موجودة في استراتيجية جيش الدفاع الإسرائيلي لشن حرب شاملة مع حزب الله، قال غانور "إن السيناريو الذي اقترحه كان "أكثر خطورة" من السيناريو الذي اقترحه الجيش الإسرائيلي.
وأفاد لموقع "سي تيك": "لم يكن هناك فرق كبير من حيث عدد الصواريخ التي ستطلق علينا، لكن تقييمنا تضمن عددا أكبر من الضحايا وأضرارا أكبر للاقتصاد".
وأوضح أن "السيناريو الذي وضعه جيش الدفاع الإسرائيلي افترض أن أنظمة الدولة سوف تعرف كيف تحافظ على سير الاقتصاد، وكان حجر الزاوية في هذا الافتراض هو أن السلطات المحلية سوف تأخذ الأمور على عاتقها.. ونحن نعتقد أن الأنظمة الوطنية تفرض المسؤولية على الأنظمة المحلية، وبالتالي تعفي نفسها منها".
وأكد قائلا: "عندما درسنا الأمر مع السلطات المحلية، كان من الواضح أنها تتوقع أن تتولى الأنظمة الوطنية زمام الأمور في حالة وقوع أزمة كبرى.. وقد نشأ وضع يضع فيه كل نظام ثقته في الآخر.. ونحن نعتقد أنه نظرا لحجم الضرر الذي سيحدث، فإن الأنظمة ستجد صعوبة بالغة في تلبية توقعات السلطات المحلية".
وذكر غانور إن حجم التهديد يعني أن إسرائيل أصبحت في وضع مماثل للوضع الذي وجدت نفسها فيه قبل حرب يوم الغفران 1973 في السادس من أكتوبر عندما تعرضت لهجوم مفاجئ من مصر وسوريا.
وتابع "يزعم البعض أن حماس لا تستطيع تنفيذ عملية بهذا الحجم.. كما اعتقدنا في يوم الغفران أن خط التحصينات على طول قناة السويس كان منيعا إلى أن اخترق المصريون الحواجز الرملية بمدافع المياه".
غزة والصمود
جاء في تقرير مطول نشرته صحيفة واشنطن بوست" يوم 5 أكتوبر 2024: حماس راسخة بعد عام على الحرب.. كيف ضمنت بقاءها من باطن غزة؟
تحدثت الصحيفة الأمريكية عن بناء حماس "آلة حربية تحت الأرض لتضمن بقاءها"، مشيرة إلى أن الحركة، "وبعد تعهدها بالاكتفاء الذاتي، حولت متاهة من الأنفاق في قطاع غزة إلى مصانع للأسلحة وتحصينات مجهزة تجهيزا جيدا".
واليوم، وبعد مرور عامٍ على بدء الحرب التي يمثل القضاء على حماس أحد أهدافها الرئيسة، ها هي "أجزاء من الحركة راسخة في مواقعها" في قطاع غزة.
وأضافت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين من حماس قابلتهم، أن رئيس المكتب السياسي للحركة، يحيى السنوار، "لم ينج فحسب بعد مرور عام على الـ7 من أكتوبر، بل إنه يضع أيضا الأساس لإعادة ظهور المجموعة".
في السياق نفسه، أوردت "واشنطن بوست" أن حماس "تركز بلا هوادة على تحقيق الاكتفاء الذاتي"، موضحة أن هذا يشمل "القدرة على إنتاج الأسلحة والمتفجرات الخاصة بها، وتنفيذ عمليات معقدة تشمل الآلاف من المشاركين، مع الحفاظ على السرية التامة".
وأشارت إلى أن حماس "أنفقت سنوات من الجهد في إتقان آلة حرب قادرة على تصنيع ذخائرها الخاصة، وتنفيذ العمليات من دون موافقة خارجية، أو معرفة حتى، ثم السماح لمقاتليها بالاختفاء داخل متاهة معقدة تحت الأرض"، وذلك على الرغم من "إدراكها قدرة إسرائيل على قطع غزة عن العالم".
كما أقر مسؤولون وخبراء بأن حماس ليست "مجرد جماعة بالوكالة"، بحسب ما نقلته الصحيفة، فبعد مرور عام على الحرب، "اكتشف محققو الجيش الإسرائيلي أن عدداً قليلا ومدهشاً من الأسلحة الموجودة في غزة إيراني الصنع"، إذ إن الحركة "كانت تصنع صواريخ جديدةً في مصانع ضخمة تحت الأرض".
و"لم يجد هؤلاء المحققون مصانع ضخمة لتجميع الصواريخ والقذائف على نطاق واسع، ووفقا للصحيفة، وبدلا من ذلك، "وجدوا في الغالب ورش عمل صغيرة، يقوم فيها عمال المعادن باستخدام مخارط بسيطة، في تحويل الأنابيب والمواد الكيميائية الزراعية إلى مكونات للقذائف المتفجرة".
وتابعت الصحيفة بأن "الجيش" الإسرائيلي، وبعد اجتياحه رفح، جنوبي القطاع، "لم يعثر على أي أنفاق تهريب جديدة تؤدي إلى مصر، كما كان يعتقد العديد من الخبراء".
وبناء على ذلك، خلص مسؤولو "جيش" تل أبيب إلى أن "حماس صنعت بنفسها، داخل غزة، ما يصل إلى 80 في المئة من أسلحتها"، وفقا لما ذكرته "واشنطن بوست".
الإنجازات الهندسية
أن الأنفاق "تعد أعظم إنجارات حماس الهندسية، وهي مفتاح بقاها بالنسبة للسنوار"، بحسب ما تابعت الصحيفة.
وعلى الرغم من أن القوات الإسرائيلية "كانت على علم، منذ فترة طويلة، بالتهديد الذي تشكله الأنفاق، فإن حجمها وتعقيدها فاجأ الجميع، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ونظيراتها في الولايات المتحدة".
في هذا الإطار، نقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين تأكيدهم أنّ أنفاق غزة "كانت المفاجأة الأكبر"، إذ إن حجم ومدى وتعقيد "مترو" غزة، كما أصبح يطلق عليه، "تجاوز التقديرات الإسرائيلية إلى حد كبير".
وأعرب مسؤولون في "الجيش" الإسرائيلي، في مقابلات معهم، عن "مدى دهشتهم بعد شق طريقهم عبر مخابئ على عمق 30 قدما تحت شوارع غزة، ليجدوا أنفاقاً تؤدي إلى أخرى أعمق، مدفونة على عمق 120 قدما تحت الأرض".
بالانتقال إلى الولايات المتحدة، اعترفت دانا سترول، التي كانت نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، خلال السنوات الـ3 الأولى من إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، بأن "أحداً لم يستوعب مدى اتساع الأنفاق، أو أن هناك العديد من أنواع الأنفاق المختلفة"، بحسب ما نقلته الصحيفة".
وأضافت سترول أن "محاربة عدو قادر على التحرك أفقياوعموديا، عبر ساحة معركة تقع في منطقة حضرية مكتظة بالسكان، تشكل تحديا عسكريا هائلا".
"واشنطن بوست" أشارت أيضا إلى أن "حماس تواصل القتال"، منذ عام كامل، بحيث "كشفت قدراتها وتكتيكاتها على مدى تلك المدة، مرارا وتكرارا، مفندة التفكير التقليدي الذي كان سائدابشأنها، قبل الـ7 من أكتوبر".
وتثير هذه القدرات والتكتيكات "مخاوف جديدة بشأن قدرة حماس على إعادة بناء نفسها، في قطاع غزة، أو أي مكان آخر"، وفقاً لما أضافته الصحيفة.
جحافل الشباب
تأكيداً للتقييم المشترك بين المسؤولين العسكريين الأمريكيين والإسرائيليين، قالت دانا سترول إن "الفشل في فهم الأبعاد العديدة للأصول الاستراتيجية الأكثر أهميةً لدى حماس كان جزءاً من الفشل الاستخباراتي"، الذي وقع في الـ7 من أكتوبر، وهو "الفشل الذي لم يتم التعامل معه بصورة كاملة بعد".
ولدى حديثها عن هذه الأصول، أكدت المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع الأمريكية في الإدارة الحالية أن "واحدا من أهمها (وهو العامل البشري) متاح للحركة، بحيث لا ينضب منه شيء تقريبا".
وأشارت الصحيفة في هذا الإطار إلى أن الدمار الذي أحدثته "إسرائيل" في حربها على غزة "يحفز على تجنيد الشباب، ويدفع جحافل من الشباب إلى أحضان حماس".
في السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي عربي كبير تأكيده "عدم وجود نقص في المتطوعين الشباب"، فهؤلاء "هم الناس الذين فقدوا عائلاتهم، ولديهم دافع واحد: الانتقام".
إزاء ذلك، أكدت "واشنطن بوست" إلى أن حماس "تتحول إلى مرحلة جديدة من الصراع، يمكنها فيها أن تستفيد بسهولة أكبر من طاقات أعضائها الجدد.
وتطرقت أيضاً إلى الدور الذي يؤديه الإعلام العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، مشيرة إلى أن منشوراته عبر وسائل التواصل الاجتماعي "تروج لتكتيكات التمرد، مثل التفجيرات باستخدام العبوات الناسفة".
وضع صعب ومعقد
بعد عام على الحرب الإسرائيلية على غزة، يقر ضباط من احتياط الجيش الإسرائيلي بالفشل في تحقيق الأهداف المتوخاة من الحرب.
اللواء في احتياط الجيش، غدي شمني، صرح أن الوضع في القطاع "معقد وصعب"، وأن أهداف الحرب "لم تتحقق، فلم يتم إخضاع حماس ولم نتمكن من إعادة الأسرى".
وأكد شمني، وهو قائد فرقة غزة وقائد المنطقة الوسطى سابقا، في مقابلة مع القناة "الـ14" الإسرائيلية، أنّ حماس "تملك الكثير من الأسلحة"، مضيفا أن الحركة "لم تشعر أساساً بالخطر، بل تعرف أنها ستصمد".
وتابع: "في نهاية المطاف، وهذه الحقيقة المرة، نحن لا يمكننا البقاء في كل حي وزقاق في القطاع، وحتماً ليس مع التحديات التي تواجهنا في الشمال" مع حزب الله.
كذلك، شدد اللواء في الاحتياط على أن التخلي عن الأسرى الموجودين في قطاع غزة سيخلّف "انكسارا لا يمكن لإسرائيل أن تعيش معه"، مضيفا: "في كل شهر نبقى هناك، يقتل لنا مزيد من الأشخاص".
بدوره، رأى اللواء في الاحتياط، يوم طوف سميا، أن القرارات التي يتخذها المستوى السياسي الإسرائيلي بشأن الحرب "لن تؤدي إلى نتائج جيدة"، محذرا من التداعيات السلبية للحرب على "الاقتصاد، قدرة البقاء، استمرار التجنيد في الجيش والردع".
وفي مقابلة مع القناة "الـ14" أيضاً، أشار سميا إلى أن مدة الحرب التي تنخرط فيها "إسرائيل" حاليا ستتخطى المدة التي استغرقتها حرب 1948، التي استمرت 19 شهرا، موضحاً أن هذا الأمر "يتعارض مع العقيدة الأمنية الإسرائيلية الأساسية، التي تتحدث عن الحروب القصيرة والاستراحات الطويلة فيما بينها".
في السياق نفسه، اعترف المقدم في الاحتياط، ألون أفيتارو أن حماس، بقيادة يحيى السنوا أو أي أحد آخر، "ستبقى موجودةً في قطاع غزة، حتى مع عملية تكتيكية إسرائيلية، أو عمليات في المستقبل"، وذلك في حديث إلى القناة "الـ12" الإسرائيلية.
تكذيب المزاعم
من أمام الكونغرس الأمريكي ووسط التصفيق الحار، في الـ24 من يوليو 2024، قال نتنياهو إنّ "النصر (على حماس) في الأفق"، لكن التحليلات للعمليات العسكرية التي تنفذها المقاومة منذ الـ7 من أكتوبر 2023، تلقي بظلال ثقيلة من الشك على هذه الادعاءات.
أجرت شبكة "سي أن أن" الأمريكية، بالاشتراك مع "مشروع التهديدات الحرجة CTP" التابع لمعهد "American Enterprise"، ومعهد "دراسات الحرب"، تحليلات أظهرت زيف ادعاءات رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، التي تزعم الاقتراب من تحقيق النصر ضد حركة حماس والمقاومة في قطاع غزة.
ووجدت التحليلات، التي استندت إلى بيانات عسكرية من المقاومة و"الجيش" الإسرائيلي ولقطات ميدانية ومقابلات مع خبراء وشهود عيان، أن نحو نصف الكتائب العسكرية التابعة لحماس، في شمالي قطاع غزة ووسطه، أعاد بناء قدراته القتالية، على الرغم من مرور أكثر من 9 أشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة ضد القطاع، التي مثل القضاء على القدرات العسكرية للمقاومة أحد أهدافها.
ويظهر البحث أن حماس نجحت في استخدام الموارد المتناقضة على الأرض بصورة فعالة، إذ إن عدة وحدات تابعة لها عادت إلى مناطق رئيسة، زعم "الجيش" الإسرائيلي تفكيك المقاومة وإنهاء وجودها فيها بعد معارك ضارية وقصف مكثّف.
بريان كارتر، مدير "ملف الشرق الأوسط" في "CTP" والشخص الذي قاد البحث المشترك، أكد عدم صحة مزاعم تل أبيب، قائلا: "يقول الإسرائيليون إنهم طهروا مكاناً ما، لكنهم لم يفعلوا ذلك بالكامل، ولم يهزموا هؤلاء المقاتلين على الإطلاق".
النهوض من الركام
تضم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، 24 كتيبة منتشرة في مختلف أنحاء قطاع غزة، وركزت التحليلات التي شاركت فيها "سي أن أن" على إعادة بناء 16 كتيبة، في شمالي القطاع ووسطه، حيث استمرت المعارك الأطول التي خاضها الجيش الإسرائيلي.
أما فيما يتعلّق بجنوبي القطاع، فاستبعدت التحليلات الكتائب الموجودة في تلك المنطقة، بسبب "عدم اكتمال البيانات حول وضع الكتائب الـ8 الباقية"، علما بأن البيانات الدقيقة والمشاهد التي تبثها المقاومة تؤكد إستمراراها في خوض المعارك وتنفيذ العمليات النوعية ضد القوات الإسرائيلية.
ومن بين الكتائب الـ16، تمكنت 7 موجودة في شمالي القطاع المدمر من إعادة بناء بعض قدراتها العسكرية، مرة واحدة على الأقل، خلال الأشهر الـ6 الماضية.
وأظهرت الأدلة عودة النشاط العسكري للمقاومة في نقاط اشتعال رئيسة. ففي مخيم جباليا شمالا، أقرت "إسرائيل" بأنها عادت في مايو إلى مواجهة مقاومة شرسة تمارسها 3 كتائب تابعة لحماس، على الرغم من تدمير المنطقة في قصف إسرائيلي دام 3 أشهر تقريبا في الخريف (أي في بدايات الحرب).
وفي حي الزيتون، في مدينة غزة، نفذت "إسرائيل" 4 عمليات توغّل، وفقا للتحليلات.
مصادر ميدانية من شمالي غزة أفادت "سي أن أن" بأن أعضاء من حماس يشرفون على الأسواق المدمرة، ويعيدون استخدام المباني المحترقة وتحويلها إلى مواقع للمقاومين. وأكد أحد الفلسطينيين للشبكة أنّ وجود حماس في المنطقة "أقوى مما يتخيل".
في الـ7 من يناير 2024، أي بعد 3 أشهر على اندلاع الحرب، أعلن "الجيش" الإسرائيلي أنه "قام بتفكيك هيكل قيادة حماس في شمالي قطاع غزة". وبعد أيام فقط، وردت تقارير عن هجمات على دوريات إسرائيلية في الأجزاء الشرقية من مدينة غزة.
كذلك، أظهرت مقاطع فيديو في الأسابيع التي تلت ذلك مقاومين من حماس يخرجون من تحت الأنقاض، ومن المرجح أن يكون ذلك قد تم من خلال شبكة الأنفاق المترامية الأطراف في القطاع.
ولدى تعليقه على هذا الأمر، قال بريان كارتر من "CTP" إن حماس انتعشت بعد أقل من أسبوع على انسحاب "الجيش" الإسرائيلي من شمالي القطاع، في يناير. وكما تابع، انسحب هذا الأمر على مختلف أنحاء القطاع، واستمر.
وأضاف كارتر، في السياق نفسه: "كانت هذه (العودة في الشمال) هي العملية الحاسمة التي اتخذتها كتائب حماس".
وتحدث ضابط إسرائيلي رفيع المستوى إلى "سي أن أن"، التي لم تذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث، ملمحا إلى أن سعي "إسرائيل" لملاحقة حماس في كل مكان في غزة يتطلّب وقتاً طويلا جدا. وقال الضابط: "سندخل كل مكان ترفع فيه حماس رأسها. هل يمكن أن تستمر هذه الحرب إلى الأبد؟ كلا. مجتمعنا غير مهيأ لهذا. والمجتمع الدولي غير مهيأ لهذا أيضاً".
وإزاء ذلك، شبه الضابط النشاط العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة بـ"عداء الماراثون الذي لا يعرف أين يقع الإستاد. يركض ولا يعرف ما إذا كان يسير في الاتجاه الصحيح".
العقيد في الجيش الأمريكي بيتر منصور، الذي ساعد في الإشراف على نشر 30 ألف جندي أمريكي إضافي في العراق في عام 2007 في الاستراتيجية المعروفة بـ"The Surge" (التي تهدف إلى "مكافحة التمرد")، رأى أن "حقيقة أن الإسرائيليين ما زالوا في غزة، يحاولون استئصال عناصر من كتائب حماس، تظهر أن نتنياهو مخطئ.. إن قدرة حماس على إعادة تشكيل قواتها المقاتلة لم تتضاءل".
جر القوات الإسرائيلية
إضافةً إلى ما سبق، قال ضابط إسرائيلي متقاعد رفيع المستوى إن حماس "بدأت عملية التجنيد منذ 3 أو 4 أشهر، وانضم إليها الآلاف". وهنا تجدر الإشارة إلى أن المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، كشف، أن الكتائب "تمكنت من تجنيد آلاف من المقاتلين الجدد خلال الحرب"، مطمئناً إلى أن قدراتها البشرية بخير.
وفي غضون ذلك، لا تزال كتائب القسام تجر القوات الإسرائيلية إلى دورات متكررة من القتال، كما وجدت التحليلات.
وأشارت التحليلات إلى أن عملية إعادة البناء تمت بطريقتين مختلفتين، إذ أعادت بعض وحدات كتائب القسام تنظيم صفوفها، فدمجت خلايا تراجعت من أجل تكوين كتائب قتالية فعالة، في حين أعادت وحدات أخرى نشاطها، فجندت مقاتلين جددا، وصنعت أسلحة جديدة من المواد المتفجرة التي خلّفتها القوات الإسرائيلية وراءها، وهو ما أعلنته المقاومة حين أكدت أن "بضاعة الإسرائيليين ردت إليهم".
وإذ تم "تقليص الفصائل الأصلية بشكل كبير"، بحسب البحث، عمدت حماس إلى "الاعتماد على تكتيكات حرب العصابات، ووضع الأفخاخ وإقامة الكمائن"، عندما تشن القوات الإسرائيلية توغلا في وسط مخيم أو حي، كما تظهر مقاطع الفيديو من ميدان القتال.
وقد انكشفت دورة الانتعاش في مخيم جباليا، الذي تعرض تقريباً للتدمير الكامل، حيث استخدمت "إسرائيل" بعض أثقل الذخائر (والتي حصلت عليها من الولايات المتحدة بصورة أساسية) خلال المرحلة الأولى من الحرب.
وبعد 3 أشهر من القصف العنيف، زعمت "إسرائيل" أن الكتائب الـ3 في جباليا "تفككت". ثم، وبعد أقل من 6 أشهر، قالت إن الوحدات أعادت تشكيل نفسها. وبعد ذلك، قامت القوات الإسرائيلية بتوغل آخر في المخيم، وقال "الجيش" إنّه واجه بعض "أشرس المعارك" منذ بداية الحرب كلها.
وعندما انسحبت القوات الإسرائيلية من جباليا، في 31 مايو، أشار تحليل وضع الكتائب الـ3 إلى أن "الجيش" فشل في تدميرها.
روبرت بيب، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو ومؤلف 4 كتب عن "مكافحة التمرد"، قال إن حماس، "بأفرادها ومقاتليها وقادتها وأنصارها، مندمجة بعمق داخل السكان"، موضحاً أنها "بنت روابط مع السكان، تعود إلى عقود من الزمن".
ورأى بيب أن "إسرائيل تعمل على توليد الغضب السياسي الإضافي، والحزن الإضافي، والعاطفة الإضافية"، التي من شأنها أن "تدفع المزيد من الناس إلى أن يصبحوا مقاتلين"، مضيفاً أن "القوة الاستراتيجية الفعلية لحماس آخذة في النمو، وأنّ قوة حماس تكمن في قدرتها على التجنيد".
عمر نجيب
[email protected] (mailto:[email protected])