لا أحد يبدأ حربا من دون أن يدرك بوضوح في ذهنه ما ينوي أن يحققه.... تل أبيب أمام خيارات محدودة كحل أفضل من أخطار الحرب الطويلة

ثلاثاء, 2024-02-27 12:08

في الصراعات الكبرى تقع بعض الأحداث التي قد لا ينتبه إليها الكثيرون وقد يعتبرها البعض عرضية ولكن يتبين مع مرور الأيام أنها غير ذلك وتكون لها تأثيرات كبيرة. ظهر يوم الأحد 25 فبراير 2024 قام طيار في الجيش الأمريكي بإحراق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأمريكية واشنطن في عملية بث مباشر على منصة Twitch وهو يهتف لن أتواطأ في المجزرة"..

وأكدت المتحدثة باسم القوات الجوية الأمريكية، آن ستيفانيك، مساء الأحد، أن الرجل طيار في الخدمة حاليا، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

وقال الرجل قبل أن يشعل النار في نفسه، وفق الصحيفة، "لن أكون متواطئا بعد الآن في الإبادة الجماعية في غزة. أنا على وشك القيام بعمل احتجاجي شديد"، وردد عبارة "فلسطين حرة".

وذكرت صحيفة واشنطن بوست إن مسؤولين متعددين قالوا إن الفيديو الذي نشره الرجل يظهره وهو يذكر عمله في القوات الجوية الأمريكية، هاتفا "فلسطين حرة" وهو يحترق.

ونقل الرجل إلى مستشفى في المنطقة بعد أن تمكن أفراد من جهاز الخدمة السرية الأمريكية من إخماد النيران.

وصرح متحدث باسم إدارة شرطة العاصمة إن الرجل في حالة حرجة.

وأكد متحدث باسم القوات الجوية أن الواقعة تتعلق بطيار في الخدمة الفعلية. وتحقق الشرطة المحلية والخدمة السرية في الواقعة.

كتب المنظر العسكري الألماني الشهير كارل فون كلاوزفيتز (1831-1810)، "لا أحد يبدأ حربا من دون أن يدرك بوضوح في ذهنه ما ينوي أن يحققه من خلال تلك الحرب، وكيف ينوي إدارتها".

السؤال الذي يطلق بناء على هذه النظرية: هل السنوار لديه رؤية ما لإنهاء الحرب أم أنه سيراهن على قناعة ساسة تل أبيب وواشنطن بقبول تنازلات، كحل أفضل من العديد من الأخطار عبر الحرب الطويلة؟.

كان كلاوزفيتز يعتقد بأن الحرب هي جزء من سلسلة متصلة تشمل التجارة والدبلوماسية وكل التفاعلات الأخرى التي تقع بين الشعوب والحكومات. وقد تحدت هذه النظرية معتقدات الأجيال الأكبر سنا من الجنود والمنظرين العسكريين الذين كانوا ينظرون إلى الحرب بوصفها "حدثا يبدأ ثم ينتهي"، ودفعت بالمقاتلين إلى واقع بديل تحكمه مجموعة مختلفة من القواعد. كانت الحرب بالنسبة لكلاوزفيتز ببساطة وسيلة أخرى للحصول على شيء تريده.

كان النصر وفق كلاوزفيتز مسألة إيجاد وتحييد "مركز ثقل" الخصم، ويعني ذلك غالبا هزيمة الجيش المنافس، لكن تلك الطريقة ليست الأكثر فعالية دوما، حيث يرى بأن "العناصر الأخلاقية هي من أكثر العناصر أهمية في الحرب. فهي تشكل الروح التي تتخلل الحرب ككل، وتؤمن ارتباطا وثيقا بالإرادة التي تحرك وتقود كتلة تامة من القوة". لقد أبان كلاوزفيتز عن كيفيةتشكيل أو تحطيم روح منافسك، وكيفية النصر في حرب بتجنب جيش العدو بالكامل.

من أهم نظريات الحرب الشهيرة عند المفكر الاستراتيجي العسكري كارل فون كلاوزفيتز تلك المسماة "ضباب الحرب" (Fog oF War)، وتتمثل في أن للحروب مفاجآت لا يمكن أن تراها قبل حصولها، لذا تأتي المرونة في تغيير الخطط لمعالجة التغيرات الطارئة وللتقليل من فداحة أخطائها بما في ذلك المستوى السياسي والاستراتيجي العسكري، لأن ضباب الحرب يعكس عدم مطابقة الوقائع لما هو منصوص عليه في الخطة الحربية رغم توفر المعلومة الاستخباراتية والتي قد تكون تضليلية في بعض الوقائع والمعطيات. 

ضباب الحرب حقيقة واقعة في كل نزاع عسكري. الدقة واليقين هدفان بعيدا المنال، لكن العقيدة العسكرية الحديثة تقترح التنازل عن الدقة واليقين في سبيل السرعة وخفة الحركة. تستخدم الجيوش أنظمة وعقيدة القيادة والسيطرة للتخفيف جزئيا من ضباب الحرب. ينطبق المصطلح أيضا على تجربة الجنود والأفراد في المعركة: غالبا ما يتم الاستشهاد بهذا المصطلح في الارتباك الصافي للاتجاه والموقع والمنظور في ساحة المعركة. ينفصل الضباط والجنود، وتصبح الأوامر مشوشة وتتعرض للتغيير مع ضعف الإتصال. الأصوات والرؤية محدودة من منظور الفرد وقد لا يتم تفسيرها بسهولة، مما يؤدي إلى استمرار حالة عدم اليقين، والضباب الإدراكي.

يتناقص ضباب الحرب مع تحسن تكنولوجيا الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع. صرح رئيس أركان جيش الولايات المتحدة السابق الجنرال مارك ميلي في وقت ما من عام 2016 أنه "في ساحة المعركة المستقبلية، إذا بقيت في مكان واحد لمدة تزيد عن ساعتين أو ثلاث، فستموت ... مع طائرات العدو المسيرة وأجهزة الاستشعار التي تبحث باستمرار عن الأهداف، لن يكون هناك حتى وقت للنوم المتواصل لمدة أربع ساعات".

 

الشهر السادس 

 

تدخل حرب غزة خلال أيام شهرها السادس دون أن يتمكن الجيش الإسرائيلي وحلفاؤه من تحقيق الأهداف المعلنة، مما يدفع للتساؤل بشأن اليوم التالي لـ "إسرائيل" بعد الحرب؟.

في هذا الإطار، قال محلّل الشؤون السياسية في "القناة 13" الإسرائيلية، رفيف دروكر، إن "مستقبل إسرائيل ليس ورديا"، مؤكدا أن ما يحدث في غزة يعتبر دليلا على ذلك. ما تعانيه تل ابيب في غزة وانعكاس ذلك على أكثر من صعيد: سياسيا، عسكريا، وعلى مستوى "المجتمع".

اللواء الإسرائيلي المتقاعد في احتياط "الجيش"، إسحاق بريك، ذكر في حديثه مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إنه مع إطالة أمد الحرب "ستتدحرج كرة ‏ثلج نحو الهاوية في مجال الاقتصاد والأمن والمجتمع والعلاقات الدولية، ولن تكون هناك طريق للعودة بعد ذلك".

المحللة الإسرائيلية في الشؤون الداخلية لإسرائيل و"العلاقات مع الفلسطينيين" ضمن مجموعة "الأزمات الدولية"، ميراف زونسزين، أكدت إن "إسرائيل" دخلت حالة شلل تام في هذه الحرب". يعاني النظام الإسرائيلي منذ ما قبل الحرب أزمة سياسية بين تياراته وأحزابه المتعارضة (اليمين واليسار). 

برزت في هذه الحرب الخلافات الداخلية بشكل أوضح في التبابين في المواقف ووجهات النظر بين المسؤولين الإسرائيليين ولاسيما أعضاء "كابينيت" الحرب بشأن استراتيجيات العمل في قطاع غزة وقضية الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.

تتجدد الدعوات في تل أبيب لإجراء انتخابات جديدة تنبثق عنها قيادة سياسية جديدة، وهو ما يعيد "إسرائيل" إلى دوامة تكرار الانتخابات مرات عديدة في فترة زمنية قصيرة نسبيا، كما حصل قبل انتخاب "الكنيست" الحالي وتشكيل هذه الحكومة ذات الأغلبية اليمينية. 

لكن الانتخابات لن تحقق الاستقرار السياسي، لأن المشكلة أعمق من هوية أو توجهات الفئة السياسية التي ستشكل حكومة مدعومة بأغلبية في "الكنيست"، إذ كل جهة ستصطدم بمعارضة الجهة الأخرى، كما بخلافاتها الداخلية بين أعضاء الحزب الواحد بسبب التحديات الكبيرة التي خلقتها المقاومة في أكثر من جبهة.

ويؤكد محللون أن الحرب خلقت أيضاً أزمة "أمان" لدى المستوطنين سواء عند الحدود مع غزة أو مع لبنان، إذ إنه في ظل فشل المستويين السياسي والعسكري في تحقيق أهداف رئيسية فإن الحياة في المستوطنات الحدودية بعد الحرب لن تكون قبل ما قبلها. 

إسرائيل في اليوم التالي للحرب لن تكون إلا قنبلة من العقد والأزمات على اختلاف المستويات والتي ستتفجر لتضع علامة استفهام بشأن مستقبلها وتعاملها مع تبدل موازين القوى العالمية وتراجع القوة الأمريكية والتحديات التي فرضتها حركات المقاومة في المنطقة، من فلسطين إلى لبنان والساحات: العراق، اليمن، سوريا، إيران. 

 

حماس لم تهزم

 

خلال الثلث الأخير من شهر فبراير 2024 أكد مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون أن حركة "حماس" لا تزال نشطة في شمال قطاع غزة، وأن هدف نتنياهو "تدميرها"، لا يزال بعيد المنال، حسبما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، قولهم إن "معظم شبكة أنفاق حماس لا تزال سليمة، وإن إسرائيل لن تكون قادرة على تحقيق هدفها المتمثل بالقضاء على القدرة العسكرية لحركة "حماس".

وأكدت الصحيفة أن "ما لا يقل عن 5000 مقاتل من حماس لا يزالون في شمالي القطاع فوق الأرض وتحتها وأن الحركة لا تزال نشطة هناك، وستكون قادرة على إطلاق الصواريخ على إسرائيل ومهاجمة القوات البرية".

وقال مسؤول في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بموجب البروتوكول العسكري، إن "إسرائيل منخرطة في مهمة شاقة شاملة لكشف القدرات العسكرية لـ"حماس".

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن "إسرائيل خلال هجومها الذي شنته على غزة ردا على هجوم حماس في 7 أكتوبر، سوت أحياء بالأرض، وقتلت آلاف العائلات بأكملها ويتمت الأطفال، وشردت ما يقدر بنحو 1.7 مليون شخص".

وذكرت الصحيفة: "منذ ذلك الحين، أكدت إسرائيل أنها قتلت أكثر من 10 آلاف مسلح تابع لحماس، وأوضح المحللون أنه من الصعب الحصول على رقم دقيق في ظل فوضى الحرب". ويضيف آخرون أن الأرقام الإسرائيلية عن خسائر خصومهم لا يمكن الاعتماد عليها وقد تبين ذلك من مواجهات سابقة خاصة مع حزب الله اللبناني على مدار سنوات.

 

مصادر الأسلحة

 

المقاومة الفلسطينية في غزة صنعت جزء من أسلحتها وحصلت على أخرى من الخارج بطرق مختلفة واستخدمت مئات الأطنانمن محتويات القنابل الإسرائيلية غير المتفجرة لتعزيز قدراتها وكدست رصيدا من المعدات الحربية لتتمكن من مواصلة القتال لأشهر حسب المخابرات الأمريكية وغيرها، ورغم ذلك يتجدد مع دخول المواجهات شهرها السادس السؤال عن كيفية تجديد المقاومة لترسانتها.

جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 23 فبراير 2024:

في خضم الحرب في قطاع غزة، بين الجيش الإسرائيلي، كشفت تقارير إسرائيلية عن "سرقة جنود لأسلحة تابعة للجيش وبيعها لفلسطينيين"، وهو ما يكشف مختصون تحدث معهم موقع "الحرة" أسبابه وتداعياته ومدى إمكانية وصول تلك الأسلحة لأيدي تنظيمات مسلحة.

ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، "كان"، يوم الخميس 22 فبراير، أنه تم "القبض على جنديين إسرائيليين من "لواء ناحال" حاولا بيع سلاح تابع للجيش الإسرائيلي إلى فلسطيني يمكث في البلاد"، خلافا للقانون.

في حديثه لموقع "الحرة"، يكشف العقيد السابق في الجيش الإسرائيلي، موشيه إلعاد، عن "تكرار تلك الحوادث في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة".

وتتم سرقة بعض أسلحة الجيش الإسرائيلي، ويتم بيعها لمنظمات وأشخاص، وهذا يعتبر "مخالفة كبيرة للقانون"، وعقوبتها السجن "لمدة طويلة"، وفق إلعاد.

ويشير إلى أن بعض الجنود يقومون بسرقة أسلحة الجيش الإسرائيلي لتحقيق "مكاسب مالية"، من خلال بيعها في السوق السوداء.

ويتم بيع بعض تلك الأسلحة بأسلحة عالية جدا، ويصل سعر بعض البنادق إلى آلاف الدولارات، حسبما يوضح العقيد السابق في الجيش الإسرائيلي.

مسؤولو الجيش الإسرائيلي منزعجون من "سرقات الذخائر" ويشتبهون في أن الجنود والمدنيين الذين تمكنوا من الوصول إلى الذخيرة خلال حرب غزة، سرقوا قنابل يدوية ورصاص وصواريخ مضادة للدبابات، بعضها كتذكارات والبعض الآخر لبيعها، وفق تقرير لموقع "إسرائيل ناشونال نيوز".

و في منتصف فبراير قبضت الشرطة الإسرائيلية على "مواطن عربي" من سكان القدس الشرقية كان بحوزته صاروخ محمول على الكتف من نوع ماتادور، الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي.

في ديسمبر 2023، قدم المدعي العام الإسرائيلي، لائحة اتهام ضد روي يفراح (35 عاما) من تل أبيب، بعد أن انتحل شخصية جندي وضابط شرطة وسرق سلاحا وذخيرة ومعدات عسكرية وشرطية في الجنوب، وفق تقرير لهيئة "البث الإسرائيلية".

ووفقا للائحة الاتهام، التي تم تقديمها من خلال مكتب المدعي العام لمنطقة تل أبيب، فقد جاء المتهم لمنطقة القتال في الجنوب في 7 أكتوبر، وادعي كونه "خبير متفجرات عسكري، وجندي مقاتل في الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب، وضابط شرطة، وعضو بالشاباك"، في مواقف مختلفة.

وباستخدام هويته المزورة وحقيقة وجوده في منطقة المعركة، سمح له بالحصول على الذخيرة والمعدات العسكرية ومعدات الشرطة، حسبما تشير "هيئة البث الإسرائيلية".

ومنذ اندلاع الحرب وحتى القبض عليه في 17 ديسمبر، سرق كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، بما في ذلك القنابل اليدوية والخراطيش والرصاص وغيرها، بحسب ما ذكرته "كان" وموقع " إسرائيل ناشونال نيوز".

وحاول موقع "الحرة" التواصل مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، لتوضيح "أسباب وتداعيات" تكرار سرقة الجنود للأسلحة، لكنه لم يعلق حتى تاريخ نشر هذه المادة.

ولم ترد نائبة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الضابطة إيلا، على الاتصالات والرسائل للتعليق على ذلك، وكذلك فعلت وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي.

 

اختراق 

 

مع تواصل الحرب في غزة واشتداد القصف المتبادل على خطوط وقف إطلاق النار والحدود اللبنانية الإسرائيلية، أخذت معلومات تتسرب عن تقلص قدرة الغرب في عزل حماس عن مصادر دعمها. مصادر استخبارية غربية أفادت أن هناك مؤشرات مقلقة عن قيام أطراف بإستخدام الطائرات المسيرة التي تستطيع نقل حمولات تصل إلى 70 كلغم ومناطيد وطائرات شراعية "انسيابية" لنقل أسلحة ومعدات من البحر والبر إلى المقاومة الفلسطينية في غزة لتجديد مخزوناتها. وأفادت نفس المصادر أن أجهزة تشويش من أحدث ما هو موجود في الأسواق على أنظمة تحديد المواقع "جي بي اس" التي تستخدمها القوات الإسرائيلية لتوجيه المدفعية والطائرات بمختلف انواعها مسيرة أو مقنبلة موجودة في غزة وتستخدم على نطاق أوسع من السابق لتعطيل الهجمات الإسرائيلية. عدة سفن من الأسطول السادس المرابطة في شرق المتوسط أبلغت البنتاغون برصدها ترددات عالية لموجات التشويش فوق الصوتية على القوات الإسرائيلية وعلى محاولات الرصد والتجسس من داخل قطاع غزة.

يذكر أنه بتاريخ 2 يناير 2024 أكدت مصادر يمنية معادية للحوثيين لـ"اندبندنت عربية" أن مصالحها ضبطت شحنة أجهزة عالية الدقة تستخدم للتشويش على الطائرات المسيرة، في منفذ شحن بري بمحافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان (أقصى شرقي البلاد)، يوم الإثنين الأول من فبراير.

وتمكن منسوبو مصلحة الجمارك من ضبط تسعة أجهزة تشويش صينية الصنع، ووفقاً للبيان، فإن "هذه الشحنة هي الثانية لهذا النوع من التقنية العسكرية المتقدمة التي تتم مصادرتها في جمارك شحن".

وأشار بيان الجمارك إلى أن "الشحنة كانت مخفية بطريقة محترفة داخل صناديق تحوي مكائن لحام". ولم يورد البيان تفاصيل عن الجهة التي قدمت منها الشحنة، لكن المصادر الأمنية الخاصة التي تحدثت لـ"اندبندنت عربية" قالت إن "الشحنة كانتآتية من الإمارات العربية المتحدة، وشحنت مع سائق يعمل في نقل بضائع وأغراض شخصية للمغتربين من الإمارات إلى اليمن".

 

موسكو ودعم صنعاء

 

يوم 22 فبرير 2024 قال مسؤول في الكرملين -خلال بث تلفزيوني- إن موسكو يجب أن تزود الحوثيين اليمنيين بأسلحة روسية لاستخدامها في الهجمات على السفن الأمريكية والبريطانية.

وقدم فلاديمير سولوفيوف، وهو شخصية بارزة في وسائل الإعلام وحليف قوي للرئيس فلاديمير بوتين، هذا الاقتراح خلال حلقة من برنامجه الذي يبث على قناة "روسيا-1".

وذكرت مجلة نيوزويك الأمريكية أن تصريحات سولوفيوف تأتي مع استمرار الاشتباكات في البحر الأحمر بين الحوثيين والقوات الغربية.

وبحسب سولوفيوف، يجب أن تزود موسكو الحوثيين بالأسلحة انتقاما من الدول الغربية التي تواصل مساعدة أوكرانيا في حربها ضد القوات الروسية.

ودعا سولوفيوف إلى تسليح القوات اليمنية لشن هجمات على أهداف أمريكية وبريطانية قائلا "إن هذا هو الوقت المناسب".

وذكر أيضا بحسب ترجمة جيراشينكو "سيحصل الحوثيون على كل شيء. وسيكون لديهم زوارق شبه غاطسة مسيرة، وسيكون لديهم أسلحة قوية، وسيحصلون على كل شيء".

ومن جانبها قالت الخارجية الأمريكية إن سولوفيوف ينشر معلومات مضللة من الكرملين.

ولفتت المجلة إلى أن سولوفيوف تصدر عناوين الأخبار أيضا في أكتوبر 2023 عندما حذر من حرب عالمية جديدة ستجعل الغرب يقف ضد المسلمين في جميع أنحاء العالم.

 

أسلحة الناتو للبيع

 

من المفارقات أنه وكما حدث في حروب تحرير ومقاومة سابقة في أفريقيا وآسيا وغيرها تمكن المقاومون من الحصول على بعض معداتهم من خصومهم.

بتاريخ 12 مارس 2023 فتحت السلطات الأوكرانية تحقيقا بشأن سرقة مخازن أسلحة وذخيرة في الجبهة الشرقية وبالأخص مقاطعة خاركيف، وتسجيلها على أنها "مفقودة" في مناطق القتال، وبيعها لأجانب.

وأفاد مكتب التحقيقات الحكومي في أوكرانيا، بفقدان أكثر من 750 ألف قطعة سلاح في البلاد، حتى أكتوبر 2023. وهذه ليست مجرد أسلحة صغيرة. فمن بين المفقودات 15 قطعة مدفعية، وأكثر من 150 منظومات دفاع جوي محمولة، بما في ذلك صواريخ ستينغر، و250 صاروخا مضادا للدبابات، بما في ذلك JavelinوNLAW.

وعرض خبراء عسكريون وباحثون لموقع "سكاي نيوز عربية"، ما يرونها مؤشرات لتحول أوكرانيا إلى "سوق سوداء" لبيع السلاح، وتأثير هذا على المدد القادم لها من حلفائها في حلف الناتو، خاصة مع معاناة بعض حلفائها من نقص الأسلحة.

قبل ذلك وبتاريخ 9 أكتوبر 2023 وفي نطاق المعارك السياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين في واشنطن لفت دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس الأمريكي السابق، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي X، الانتباه إلى أن الفلسطينيين كانوا يحملون بنادق هجومية أمريكية من طراز M4.

بهذا الشكل علق نجل الرئيس السابق، على شريط فيديو بثته قناة "سكاي نيوز" وظهر فيه فلسطينيون يحتفلون ببدء هجوم حماس ويحملون أسلحة آلية.

وقال ترامب جونيور: "إنها تبدو شبيهة ببنادق M4 الأمريكية أكثر من بنادق كلاشينكوف AK-47 التي اعتدنا رؤيتها في الشرق الأوسط".

وتساءل أيضا عما إذا كانت هذه البنادق الهجومية من بين 70 ألف بندقية "تركتها الولايات المتحدة لحركة طالبان" في أفغانستان.

قبل ذلك، أفادت قنوات أوكرانية على تيلغرام، بأن الولايات المتحدة أرسلت كذلك بنادق M4A1 الآلية، إلى القوات الأوكرانية.

من تلك الزاوية، ينبه الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية سولونوف بلافريف، إلى أن جميع صفقات السلاح التي وصلت إلى كييف وقع اغلبها ضحية لمافيا السلاح وبيعت لجماعات مختلفة.

انحرفت شحنات أسلحة عدة موجهة إلى كييف لتجد طريقها إلى السوق السوداء للسلاح في أوروبا وأفريقيا وآسيا. وأسهمت أزمة أوكرانيا في انتعاش سوق السلاح غير الرسمية أو ما يعرف بالسوق السوداء في ظل ولوج نسبة كبيرة من الأسلحة التي كانت من المفترض أن تصل لدعم القوات الأوكرانية إلى هذا السوق، وهي نسب تتراوح وفق التقديرات المنشورة في الغرب ما بين (50 و70 في المئة) من الأسلحة المرسلة، وهي أسلحة قد تصل في نهاية الأمر إلى دول أخرى أو جماعات مسلحة، بخاصة في ظل خبرة شبكات تهريب السلاح في أوكرانيا وغياب وسائل إنفاذ اتفاقات عدم نقل المعدات، وعدم قدرة الحكومات الغربية على التثبت من وصول الأسلحة إلى وجهتها النهائية داخل الأراضي الأوكرانية.

 

لن تتوقف المقاومة.. 

 

قال الكاتب والمحلل البريطاني ديفيد هيرست في مقال بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) نشر يوم 19 فبراير 2024، إن إسرائيل لن تتمكن أبدا من إنجاز مهمتها في القضاء على حركة حماس خلال الحرب على قطاع غزة، وفي المقابل ستستمر المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الذي لن ينتصر في القتال.

هيرست أضاف، أن "إصرار حكومة الحرب الإسرائيلية على احتلال رفح (في أقصى جنوبي القطاع)، حيث يلجأ 1.4 مليون فلسطيني طردتهم قسرا من شمال ووسط غزة، يخفي شكوكا متزايدة حول ما سيحققونه عندما يصلون إلى المدينة".

وتابع أن "المخابرات العسكرية الإسرائيلية تعتقد أن حماس ستظل قائمة وقادرة على شن عمليات ضد إسرائيل، وأن الدعم الحقيقي لحماس لا يزال مرتفعا بين الفلسطينيين في غزة". وذلك على الرغم من فظائع الاحتلال في غزة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023.

"لنفترض أنه سيأتي وقت تسيطر فيه إسرائيل على قطاع غزة بأكمله، فما الذي ستحققه بخلاف أكثر من 30 ألف قتيل؟"، كما زاد هيرست.

واعتبر أن "الخطأ الأول الذي يرتكبه (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو هو اعتقاده أنه إذا قضى على ما يفترض أنها آخر أربع كتائب لحماس في رفح، فستنتهي اللعبة".

وشدد على أن "حماس ليست جيشا بعدد محدود من المقاتلين، إنها فكرة يمكن أن تنتقل من عائلة إلى أخرى ومن جيل إلى آخر. كانت منظمة التحرير في عهد ياسر عرفات علمانية وحماس إسلامية.. لا يهم الجانب الذي يحمل الشعلة، لكنها تستمر في الاشتعال".

وأردف: "لا الجزائريين ولا حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ولا الجيش الجمهوري الأيرلندي حققوا النصر في ساحة المعركة، فالجميع قاتل للوصول إلى طاولة المفاوضات. لذا، فحتى لو أجبرت إسرائيل حماس على الخروج من غزة، ولا أعتقد أنها تستطيع، فهل ستنتصر؟".

و"قد أعلنت إسرائيل النصر مرات عدة في هذا الصراع المستمر منذ 75 عاما. أعلنت النصر عام 1948 بطرد 700 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم. واعتقدت أنها سحقت ثلاثة جيوش عربية في 1967"، بحسب هيرست.

واستطرد: "وأعلن أرييل شارون النصر بعد 15 عاما عندما أجبر عرفات ومنظمة التحرير على الخروج من بيروت. وبعد خمس سنوات، اندلعت الانتفاضة الأولى (1987). وعندما انهارت مفاوضات السلام، اندلعت الانتفاضة الثانية (2000)".

ومضى قائلا: "وظنت إسرائيل مرة أخرى أنها قادرة على سحق القضية الوطنية الفلسطينية بمحاصرة عرفات في مقره برام الله وتسميمه. هل كان ذلك انتصارا؟".

 

خياران أمام إسرائيل

 

هيرست قال إن "إسرائيل تعتقد اليوم أنها قادرة على سحق حماس بقتل أربعة رجال، بينهم (رئيس الحركة في غزة) يحيى السنوار و(قائد كتائب القسام) محمد ضيف".

وأضاف أن "قائمة القادة الفلسطينيين الذين قتلوا في هذا الصراع طويلة، فما الذي حققته عمليات القتل هذه سوى إطلاق موجة أخرى أقوى من المقاومة".

وتابع أن "التاريخ تغذيه الذاكرة الجماعية، وقد تناقلت شفهيا ذكرى مجازر حرب 1948، مثل الطنطورة وصبرا وشاتيلا في 1982. لم يكن هناك إنترنت، فقط القليل من مقاطع الأفلام، وكانت الكلمات قوية بما يكفي لإلهام الأجيال القادمة للمقاومة".

"أما النكبة أو الكارثة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة خلال الأشهر الأربعة الماضية، فتم توثيقها بشكل أفضل، وستبقى هذه الصور على شبكة الإنترنت إلى الأبد. فلماذا تعتقد إسرائيل أن هذه النكبة ستتبخر من الوعي الشعبي عندما تنتهي من القتال؟"، كما أردف هيرست.

واعتبر أنه "ليس أمام إسرائيل سوى خيارين: إما أن تحذو حذو وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش (اليمينيين المتطرفين) في سعيهما لتحويل الحرب على الأرض إلى حرب دينية أو أن تناقش مع الفلسطينيين كيف يمكنهم تقاسم الأرض على قدم المساواة".

 

لا مخاتير ولا أوهام..

 

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية يوم 25 فبراير تحليلا كتبه ميخائيل ميلشتاين يكشف جزء من حالة التخبط التي تعيشها السلطة الحاكمة في تل أبيب التي تبني تصوراتها للمستقبل على أساس تحقيق الانتصار وهو ما يذكر بتجربة مماثلة عندما احتلت القوات الأمريكية العاصمة الأفغانية كابل في ديسمبر 2021، جاء في المقال:

وثيقة “اليوم التالي” التي عرضها نتنياهو، تعكس وعيا صحيحاحول ضرورة البحث في المسألة، لكنها تنطوي من جهة أخرى على غموض ينبع من عدم الرغبة في اتخاذ القرارات ومن محاولة للمناورة بين الضرورات السياسية. والنتيجة خطوط عامة للسياسة تعبر عن المثال الأعلى المرغوب فيه من ناحية إسرائيل، لكنه يخلو من التفاصيل اللازمة لترجمة عملية أو تصد ثاقب لضرورات الواقع.

"اليوم التالي" ليس على مسافة لمسة، مثلما يمكن أحيانا أخذ الانطباع عنه من الخطاب الإسرائيلي. يحيى السنوار لا يزال حيا، والقتال في غزة يتواصل، وقسم مهم من المنظومة العسكرية لحماس نجا، والمنظمة نفسها ما زال لها سيطرة جماهيرية حتى في الأماكن التي عمل فيها الجيش الإسرائيلي، وعلى رأسها شمال القطاع. أهداف الوثيقة التي نشرت لن تتحقق إلا مع تقويض حكم حماس، وهو هدف لا يمكن حاليا تحديد متى وكيف سيتحقق.

القسم الأول من الوثيقة يغطي مصالح إسرائيل الأمنية في "اليوم التالي"، بما في ذلك الشرط الضروري للسيطرة على التماس بين الفلسطينيين والعالم، مع التشديد على محور فيلادلفيا بين غزة ومصر، الذي شكل وسيلة مركزية لتعاظم قوة حماس.

معظم المشاكل تكمن في القسم الثاني من الوثيقة، الذي يبحث في البعد المدني والسياسي الذي امتنعت عنه إسرائيل حتى قبل 7 أكتوبر. فالغموض كامن في وصف “محافل محلية ذات تجربة إدارية غير مشاركة في الإرهاب” التي يفترض أن تنفذ سيطرة مدنية بدلا من إسرائيل، خصوصا مع عدم ذكر أي دور للسلطة كشريك محتمل. يبدو أن الأمر يفترض إرضاء أعضاء الائتلاف والأسرة الدولية التي تشدد ضغوطها على إسرائيل. تلك التوصيفات الغامضة تعزز الاشتباه في أن أصحاب القرار يدرسون بجدية إمكانية إقامة نظام في غزة يقوم على أساس العشائر التي تعتبر ظاهرا القوة الأكثر تأثيرا اليوم في المجتمع الفلسطيني. فضلا عن عدم تعلم دروس مريرة في الماضي، وعلى رأسها “روابط القرى” التي انهارت قبل نحو 40 سنة، يبدو أن الفكرة هنا لا تنطوي على مراعاة للتغييرات التي طرأت على المجتمع الفلسطيني، وعلى رأسها نمو طبقة وسطى وجيل شاب يصعب عليهم رؤية المخاتير والشيوخ زعماء جذابين.

إضافة إلى ذلك، الأمر سيلزم إسرائيل بالتعاطي مع عشرات العناوين التي قد تصبح ميليشيات مسلحة حسب النموذج الصومالي أو الليبي، وبذلك تمنع قيام نظام جديد ومستقر في غزة.

أي نظام متناثر وغامض سيصعب تحقيق هدف آخر يذكر في الوثيقة: نزع تطرف الساحة الفلسطينية. يدور الحديث عن هدف طموح فشل تحقيقه في الشرق الأوسط، بخاصة التجربة الأمريكية في العراق. لذا، ينبغي أن يتخذ حولها موقف متواضع ونهج واع. لا يمكن أن تنفذه إسرائيل بنفسها، ويجب على الفلسطينيين أن يحققوها، الأمر الذي يتطلب عنوانا واحدا يؤدي مهامه مرة أخرى.

وثيقة المبادئ الإسرائيلية إذن يصعب عليها أن تشكل أساسالخطة عمل قابلة للتنفيذ. سيكون ممكنا الانشغال بجدية في اليوم التالي بعد تصفية قدرات حماس العسكرية والسلطوية في غزة، الهدف الذي يتطلب على ما يبدو سيطرة على كل المنطقة، ويبدو أن استراتيجية المرحلة الثالثة يصعب تنفيذها. بالتوازي مع هذا الفهم الواعي، مطلوب التخلي عن الأوهام حول محافل محلية مميزة أو قوى خارجية مفاجئة تقوم بعمل اللازم في غزة بدلا من إسرائيل.

من بين عموم البدائل السيئة التي تقف أمامها إسرائيل حول “اليوم التالي” في غزة، عليها أن تختار الأقل سوءا. وهذا، كما يبدو، ينطوي على إقامة إدارة محلية على أساس قوى لا تتماثل مع حماس وعلى رأسها فتح، الحزب الحاكم في السلطة، الأمر الذي يستوجب علاقة بالحكم في رام الله. لا يدور الحديث عن صيغة سحرية ستحل مشاكل إسرائيل وواضح أنها لن تتحقق بسرعة، لكن هذه هي الإمكانية ذات الاحتمالية الأعلى لتوفير استقرار نسبي في غزة، لذا من الضروري دراستها بجدية. 

من جانبه اعتبر نتنياهو يوم الأحد 25 فبراير أن العملية العسكرية التي أمر بالتجهيز لتنفيذها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة ستجعل إسرائيل "على بعد أسابيع" من تحقيق "نصر كامل".

وأضاف نتنياهو خلال مقابلة مع قناة "سي بي إس" الأمريكية أن إبرام اتفاق هدنة مع حركة "حماس" لن يؤدي إلا إلى "تأخير" موعد العملية رافضا الكشف عن تفاصيلها، لكنه قال إن حركة "حماس" لا بد من أن "تقبل بحل منطقي".

من جانبه، أكد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان أن إسرائيل ومصر وقطر وأمريكا توصلت إلى تفاهم في شأن "الملامح الأساسية" لصفقة الأسرى من أجل الإعلان عن هدنة مؤقتة ولا بد من إجراء محادثات مع حماس عبر قطر ومصر لأنه في نهاية المطاف سيتعين عليها الموافقة على إطلاق سراح الأسرى".

وحسب موقع "أكسيوس" نقلا عن مصدرين فإن المسؤولين الأمريكيين والقطريين والمصريين قدموا إطارا جديدا أكثر تفصيلا للصفقة وأن الإطار المحدث يقترح أن تقوم حماس بإطلاق سراح ما يقارب 40 أسيرا مقابل وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين لدى تل أبيب.

 

عمر نجيب

[email protected]