نظام الحكم،، الوعي الرمادي،، وتحالفهما على الوعي الحزبي البديل.. د / - إشيب ولد أباتي

جمعة, 2023-05-19 00:13

لماذا  البديل الانتخابي المنتظر، أسوأ  من المعارضة الاسمية السابقة؟

سؤال  أثارته  القراءة لمقال / شيخنا محمد سلطان/، وهو مقال قدم رؤية واعية للخريطة السياسية،  رغم رماديتها، إذ اوضح استيعابه  للوعي السياسي، ولا غرو، فهو من قيادات الناصريين الملتزمين الذين عضوا على المبادئ بالنواجذ في الحين  كان غيره من" الناصريين الرماديين" - على حد تعبير الدكتور عصمت سيف الدولة - في الوصف لذيول الاتحاد الاشتراكي العربي الذين صفقوا للسادات، وحسني مبارك، المعروف بالبقرة الضاحكة، والمقارنة بين الرماديين في مصر، والرماديين " الدخن" في موريتانيا، واردة، نظرا لتبعية ذيول  الناصريين، بعد " التطبيع" الخياني الذي قام به معاوية ، ورفاقه من امثال "ولد بلال"، وهم من  المخلفات،  ل "حزب الشعب"، وقد استعيد دورها  لرعاية مصالح فرنسا بعد انقلابها الذي رأست عليه "اسميا"، معاوية الجاهل، نزيل "قطر للبترول"...

ولعل من الأهمية القصوى، هذه القراءة التي تشكل"جردا" لإظهار نتوءات الوعي السياسي في بلادنا منذ الانقلاب العسكري في ١٩٧٨م. وذلك لتوجيه البوصلة للقوى السياسية الموريتانية التي مارست العمل الحزبي على ضوء مصالح فرنسا، و" وكلائها " في الخارج  من اقطرين المجاورين جنوبا، وشمالا،، وكان من سلبيات ذلك على  وطننا العزيز، أن ساد الوعي " الإمعي"، فحل مكان الوعي العام - في الشارع - الوطني، والقومي، الجوانيين بمبادئهما التطهيرية من رجس  الاستنفاع الشخصي الذي  غلب على العقول المريضة التي نشطت خلال الثمانينات، والتسعينات،  والعشريتين الأول، والثانية  من القرن العشرين،، حيث ساد مبدأ : 

" الحياة: سياسة منافع"، و"الديمقراطية: لعبة سياسية"،  

و غيرهما من  مفاهيم الوعي الهابط، والتفكير الأناني،  ك" ابحث عن الطريق الذي يوصلك الى مصالحك الشخصية..."، على حد تعبير النصحاء، ولم يدر في اذهانهم،  أن علامات الطريق، تؤدي حتما إلى المتاهة إلى ما لانهاية، ليس بالفرد، فحسب،  بل بالمجتمع، والوطن الأعز من الأفراد..!

ولعل النماذج المذكورة،  أظهرت إلى حد كبير، إلى  أي حد، كان غياب الوعي السياسي، هو المعادل الموضوعي المفتقد  لتشكيل الوعي التربوي الذي،  يؤسس  حتما  للحراك الاجتماعي السياسي، وبدلا منه، كانت  الغلبة للتبعية، ليس لفرنسا التي كانت سيدة القوم،  بل كذلك لرومانسية الحنين  في سياسة قادة الحكم العسكري، واقتطافه للنماذجالسابقة، ومسوخها من رموز نظم الحكم السابق،  من اجل إضفاء الشرعية الوطنية  التي،  لا يتمتع بها، أيهما، لا العسكر، ولا  نظام الحكم السابق في الستينات، والسبعينات..

وكمثال على ذلك، كان  ظهور  أي وزير  سابق،  او اسمه العائلي في التعيينات الوزارية، هو  بمثابة استعادة هوية الحكم المستلب، وفات "المتيمون" لدرجة الهيمان بالحكم المدني السابق  ذي الحزب الواحد، أن سياسة نظامه،  اوقعته  في" فخ" فرنسا:

+ - حين  قرر  المشاركة في حرب الصحراء..

+ - وأصر على مأسسة نظام الحكم على التقسيم الإثني..

+ - وابقى على فرنسة التعليم..

+ -  واتخذ  مسافة ابعد  من النظم المعادية لفرنسا في الوطن العربي، وافريقيا..

+ - واهمال التنمية الاجتماعية، واستبدالها، بسياسة الاستجداء، كاستيراد "الاسعافات"، وهي  من الاعلاف  المعدة للأنعام...!

وعلى الرغم من تعدد اسماء قادة  الانقلابات العسكرية، فإن سياستها، كانت استنساخا، لروح التبعية، والتخلف السياسي، والتنمية الاجتماعية، والعجز الفاضح عن مواجهة تبعات  متفرعات التنمية، كالصحة، والتعليم، الأمر الذي ضاعف من غياب الزامية  التعليم الأساسي لناشئة مجتمعنا خلافا  لما حدث في المجتمعات العربية، والافريقية التي تجدد فكرها التربوي، ووعيها السياسي الوطني، والقومي خلال جيلين في حين أن موريتانيا، لم تعرف، إلا أطرا  "وظيفية" مساعدة، وقياسا  بالمقاعد في قسم من أقسام المدارس الابتدائية.. وذلك لتأبيد الوضعي المنحط فكريا، وسياسيا، واجتماعيا،  وانعكس ذلك على مجالات عديدة    كرسالة الاعلام الوطني التي لم تتجدد،  رغم تقدم  وسائل الاتصال، وتعددها...

ولم تؤثر  الثورة في المعلوماتية بعد تسربها لمجتمعنا منذ التسعينات،  على الوعي السياسي بدليل، أن الاحزاب السياسية،  ازدادت، وتزداد جهوية، وقبلية، وشخصانية، بل انضاف اليها" بعبع"  الوعي العرقي، واللوني، والتراتبي، وكلها  تجزيئية، بل تفتيتية، وهي عوامل تضاعف من حيز  التبعية للخارج، والداخل لأنظمة الحكم " العسكمدني" المقاد للوعي القبلي، والمناطقي، بخراطيمه والامعان في الهرولة ، وصلت به الى احياء رموز نظام الإمارة، والتحالفات القبلية الميتة، ليتقوقع الوعي السياسي العام  بالتبعية المزدوجة لنظم المجتمع التقليدية..

 وبذلك تتساوى الأطراف الثلاثة  للمعادلة الغبية:

○ -  الحكم السياسي " العسكمدني" بتحوره إلى المدني مظهريا،  وبالتبعية لفرنسا، وامريكا معا،، 

 

○ - والتسيير السياسي القبلي، والإثني، والعرقي. 

 

● - وتغييب الوعي الحداثي، وتجفيف منابعه، بسياسة عدم الاعتراف بالاحزاب التي، يمكنها  توجيه بوصلة الحراك الاجتماعي السياسي.

 

وكان للمهاترات  نصيبها الأوفر حظا في الاستعانة ب" السدنة" الذين " حرقهم"  المطالع  المتألقة في ظلمة ليل التخلف السياسي،  بوعيها السياسي غير " الرمادي" الذي سيفرضه الوطنيون، والقوميون، كحزبنا، الحركة الشعبية التقدمية، ولو طال الانتظار بالاعتراف به،،،