منطقة الخليج العربي في دوامة الصراع الأمريكي الصيني.... التوازن العسكري والاقتصادي العالمي الجديد يقلص أخطار الهيمنة

أربعاء, 2021-12-29 10:49

تتقلص وبوتيرة متصاعدة قدرة الولايات المتحدة على صياغة وتوجيه والتحكم في الأحداث على الصعيد الدولي ويتباين هذا التقلص من منطقة إلى أخرى وخلال سنة 2021 كان هذا الإنكماش واضحا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وعكس وضعية قوة عظمى مهددة بفقدان مركزها المهيمن، كما عكس التواصل الناجح لعملية إقامة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

أقلية من السياسيين والمحللين نفت هذا التطور ولكنها لم تقدم أدلة مقنعة، فمثلا صرح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن يوم 21 ديسمبر2021، إن "الولايات المتحدة أقوى داخليا وخارجيا على مختلف الجبهات مما كانت عليه قبل 11 شهرا"، مضيفا أن البلاد "ستواصل المنافسة مع التمسك بالقيم والحقوق".

تقرير لإذاعة "فويس أوف أمريكا" أقر إن بايدن تولى منصبه في وقت وصلت فيه مكانة الولايات المتحدة في العالم إلى مستوى منخفض "بشكل قياسي". لكن التقرير عاد ليؤكد أنه بعد ستة أشهر من رئاسة بايدن، انتعشت المكانة الأمريكية العالمية إلى حد كبير.

ونقلت "فويس أوف أمريكا" عن توماس شوارتز، مؤرخ العلاقات الخارجية الأمريكية بجامعة فاندربيلت في تينيسي، إن بايدن دخل الرئاسة بمستوى منخفض للغاية، ونجح في تعديل الكفة.

من جانبه، ذكر مايكل كوغلمان، المساعد البارز لجنوب آسيا في مركز ويلسون للعلماء، ومقره واشنطن العاصمة: "لقد اشتد الإرهاب، وأدى استيلاء طالبان على السلطة إلى فرض عقوبات وضعت أفغانستان في وضع تواجه فيه أزمة إنسانية حادة يمكن أن تؤدي إلى مجاعة جماعية". ثم تابع "أعتقد أن الانسحاب الأمريكي الفوضوي المتسارع للغاية ينظر إليه على أنه سبب لتلك النتائج".

ليزلي فينغاموري، مديرة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين في مؤسسة "تشاتام هاوس" بلندن: قالت "إذا كان مقياس النجاح هو المشاركة العالمية، فإن السنة الأولى للرئيس بايدن في المنصب كانت عملية إصلاحية ناجحة".

صحيفة “التلغراف” بتاريخ 26 ديسمبر توقعت أن عام 2022 سيكون أسوأ وأصعب بالنسبة للرئيس الأمريكي، من عام 2021، الذي تحول إلى كارثة، بدلا من النهضة الموعودة للولايات المتحدة.

وكتب الصحفي كون كافلين في الصحيفة: "كان بايدن يشهد طوال العام التآكل الكارثي لقدرة الغرب على التأثير في الأحداث، مما لا يعد بشيء جيد ما لاستمرار الديمقراطية في عام 2022".

وعبر الصحفي عن اعتقاده بأن بايدن لم يظهر مقاومة كافية للصين في الساحة الدولية، وخاصة فيما يخص الوضع في هونك كونغ وشينغيانغ. كما رأى أن روسيا سوف تستخدم ضعف الولايات المتحدة في عام 2022 لتعزيز مواقعها في أوروبا.

وتناول الصحفي موضوع انسحاب قوات حلف الناتو من أفغانستان وقال إن هذا الانسحاب تحول إلى فضيحة دولية. وأضاف: “الآن بفضل الانسحاب المتهور لا توجد للغرب بعد إمكانية لمتابعة نشاط الجماعات الإسلامية المتطرفة، فيما وقعت ثروات طبيعية لا تقدر بثمن في أفغانستان في أيدي بكين”.

وتوصل كافلين إلى استنتاج مفاده أن الغرب يواجه بسبب أخطاء بايدن، نقصا جديا للزعامة والإرادة السياسية، في حين ازدادت الأوضاع في العالم خطورة.

 

السلاح أداة سياسية واقتصادية

 

شكلت مبيعات الأسلحة الأمريكية لمختلف دول العالم عنصرا وأداة مهمة في سياستها الخارجية ومصدر كسب اقتصادي لمركبها الصناعي العسكري. وقد حرص البيت الأبيض مع تناوب الرؤساء ديمقراطيين أو جمهوريين على الاحتفاظ بالسبق والمرتبة الأولى عالميا في هذه التعاملات. الأمر الأكثر إزعاجا لواشنطن كان دائما تمكن دولة غير غربية من الدخول إلى سوق سلاح كانت حكرا على الولايات المتحدة أو إقدام دولة على بناء قدراتها التصنيعية العسكرية المستقلة. 

نهاية سنة 2020 وفي موجز صحفي مشترك بمقر وزارة الدفاع البنتاغون، أعلن وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية- العسكرية كلارك كوبر، ومديرة وكالة التعاون الدفاع والأمني في وزارة الدفاع هايدي غرانت، أرقام مبيعات سلاح الولايات المتحدة.

ووفقا للأرقام المعلنة، حققت الولايات المتحدة 50.78 مليار دولار من "المبيعات العسكرية الأجنبية" بين الحكومات، و 124.3 مليار دولار من "المبيعات التجارية المباشرة".

وبحسب نفس الأرقام، فإن مبيعات السلاح خلال العام المالي 2020 ارتفعت بنسبة 2.8 بالمئة وحققت 175.08 مليار دولار مقارنة بالعام 2019 الذي حققت فيه 170.09 مليار دولار.

على الرغم من جائحة كورونا وتأثيراتها السلبية التي ضربت الاقتصاديات العالمية الكبرى وساهمت في انخفاض النمو العالمي بنحو 4.4 في المئة، وفقا لصندوق النقد الدولي، فإن حجم الإنفاق العسكري العالمي بلغ عام 2020 نحو تريليونَي دولار، محطما بذلك أرقاما قياسية جديدة لم تتجاوز من حيث القيمة الفعلية منذ عام 1988، عندما كانت الحرب الباردة مستعرة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة.

وحسب التقرير السنوي الأخير للمعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم (SIPRI)، وصلت نفقات التسلح في جميع أنحاء العالم إلى نحو 2.2 في المئة من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي، محققة بذلك زيادة تقدر بـ2.4 في المئة مقارنة بعام 2019.

وأشار المعهد السويدي إلى أن مبيعات الأسلحة حول العالم حققت ارتفاعا بلغ نحو 5.5 في المئة خلال الفترة بين عامَي 2015 و2019، مقارنة مع الفترة ما بين عامي 2010 و2014. وبينما استحوذ الشرق الأوسط على نصف مبيعات هذه الأسلحة، حافظت الولايات المتحدة على صدارة قائمة المصدرين الدوليين.

وحسب معهد ستوكهولم، شهدت صادرات الأسلحة الروسية والصينية تراجعا خلال الفترة بين عامَي 2016 و2020، قابله نمو لدى الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، ضمن قائمة البلدان الخمسة الأكثر تصديرا للسلاح.

وما زالت الولايات المتحدة تحافظ على صدارة قائمة المصدرين، إذ ارتفعت حصتها العالمية من صادرات الأسلحة من 32 في المئة إلى 37 في المئة خلال الفترة نفسها، إذ زودت واشنطن 96 دولة بأسلحة رئيسية في 2016-2020. وأفاد التقرير بأن ما يقرب من نصف الأسلحة الأمريكية ذهبت إلى الشرق الأوسط.

 

صور الأقمار الصناعية

 

يوم الخميس 23 ديسمبر 2021 نشرت شبكة "سي أن أن" الإخبارية الأمريكية، صور أقمار صناعية وتقييمات استخبارية أمريكية أظهرت أن السعودية "بنت منشآت لتصنيع الصواريخ الباليستية بمساعدة الصين". وقالت الشبكة في تقرير مطول إن "وكالات الاستخبارات الأمريكية قيمت أن السعودية تعمل الآن بنشاط على تصنيع صواريخها الباليستية بمساعدة الصين".

ونقلت الشبكة عن ثلاثة مصادر مطلعة على أحدث المعلومات الاستخباراتية القول إن "من المعروف أن السعودية كانت تشتري صواريخ باليستية من الصين في الماضي، لكنها لم تكن قادرة على تصنيعها حتى الآن".

وأضافت أن "صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها تثبت أن المملكة تقوم حاليا بتصنيع الأسلحة في موقع واحد على الأقل".

ووفقا للشبكة، فقد أظهرت الصور التي التقطتها شركة "بلانيت"، وهي شركة تصوير تجارية، بين 26 أكتوبر و9 نوفمبر 2021 حدوث عملية حرق في منشأة بالقرب من بلدة الدوادمي (200 كلم غرب الرياض) بحسب باحثين في معهد ميدلبري للدراسات الدولية.

وأضافت أن "الباحثين أبلغوها أن هذا يعد أول دليل قاطع على أن المنشأة تعمل لإنتاج الصواريخ".

وقال مصدران مطلعان على التقييمات الاستخبارية الأمريكية للشبكة إن مسؤولين أمريكيين في العديد من الوكالات، بما في ذلك مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، اطلعوا في الأشهر الأخيرة على نتائج هذه التقييمات ومعلومات استخبارية سرية تكشف عن عمليات نقل متعددة واسعة النطاق لتكنولوجيا صواريخ باليستية حساسة بين الصين والسعودية.

وكانت "سي أن أن" قد كشفت في يونيو 2019، عن أن واشنطن قد تلقت معلومات استخبارية بأن السعودية قد دفعت بشكل ملحوظ ببرنامجها للصواريخ الباليستية بمساعدة الصين، عبر توسيع البنية التحتية والتكنولوجيا اللازمة لذلك، وأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لم تطلع الكونغرس على معلومات تملكها بهذا الشأن، ما أغضب الديمقراطيين الذين حصلوا على معلومات حول ذلك، بطرق غير رسمية.

ولم ترد الحكومة السعودية والسفارة السعودية في واشنطن على طلب "سي أن أن" للتعليق، وكذلك امتنع مجلس الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA) عن التعليق.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك أي عمليات نقل لتكنولوجيا صواريخ باليستية حساسة بين الصين والسعودية، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية للشبكة في بيان إن البلدين "شريكان استراتيجيان وحافظا على تعاون ودي في جميع المجالات، بما في ذلك مجال التجارة العسكرية".

وأضاف أن "هذا التعاون لا ينتهك أي قانون دولي ولا ينطوي على انتشار أسلحة الدمار الشامل".

وقالت مصادر لشبكة "سي أن أن" إن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تستعد لمعاقبة بعض الجهات المشاركة في عمليات نقل التكنولوجيا الحساسة للسعودية.

شبكة "سي أن أن" قدرت أن إدارة بايدن باتت تواجه الآن أسئلة ملحة بشكل متزايد عما إذا كان التقدم السعودي في مجال الصواريخ الباليستية يمكن أن يغير بشكل كبير ديناميكيات القوة الإقليمية، ويعقد الجهود لتوسيع شروط الاتفاق النووي مع إيران الذي يجري التفاوض حوله في فيينا ليشمل قيودا على تكنولوجيا الصواريخ الخاصة بها، وهو هدف تشترك فيه الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل. وقد يكون أي رد أمريكي معقدا أيضا بسبب الاعتبارات الدبلوماسية مع الصين، حيث تسعى الإدارة الأمريكية الديمقراطية إلى إعادة إشراك بكين عن طريق التفاهم بدل المواجهة بشأن العديد من قضايا السياسة الأخرى ذات الأولوية القصوى، بما في ذلك المناخ والتجارة ووباء كورونا.

وعن ذلك، قال مسؤول كبير في إدارة بايدن للشبكة الإخبارية إن "الأمر كله يتعلق بالمعايرة".

وفيما لا يعرف كثير عن الصواريخ الباليستية التي تصنعها السعودية في موقع واحد على الأقل، وفق ما أوردته الشبكة الأمريكية، فإن جيفري لويس، خبير الأسلحة والأستاذ في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، يعتقد أنه بالنظر إلى أن المنشأة المعنية بنيت بمساعدة صينية، وبما أن السعودية قد اشترت أخيراتكنولوجيا صواريخ باليستية من الصين، فمن المحتمل أن تكون الصواريخ التي يتم إنتاجها هناك ذات تصميم صيني".

 

منشأة اليورانيوم

 

يذكر أنه خلال سنة 2020، أفاد تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بأن السعودية شرعت في تشييد منشأة لاستخراج اليورانيوم في مدينة العلا شمال غربي البلاد بمساعدة صينية، في إطار تعزيز برنامجها النووي ذي الأغراض السلمية، وفقا لمصادر غربية مطلعة.

وأوضحت الصحيفة أن المنشأة الجديدة بنيت بمساعدة كيانين صينيين لم يمكن التعرف إلى هويتهما، ولا توجد معلومات إضافية متعلقة بالمنشأة، وإذا ما كانت قد بدأت عملياتها.

في حين قال خبراء الحد من انتشار الأسلحة النووية، إن "الموقع لا ينتهك الاتفاقات الدولية التي تعد السعودية طرفا فيها".

من جانبها، نفت وزارة الطاقة السعودية بشكل قاطع المعلومات الخاصة بالموقع الجغرافي، وقالت في بيان لها وفقا لـ "وول ستريت جورنال"، إن "المملكة تعاقدت مع الصينيين لاستكشاف اليورانيوم في مناطق معينة"، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية.

وقطع بيان وزارة الطاقة السعودية حينها الطريق على التكهنات بشأن عدم سلمية المنشأة بالتأكيد أن "البرنامج النووي السعودي يتوافق تماما مع جميع القوانين الدولية المتعلقة بالطاقة النووية واستخدامها السلمي".

 

صفقة أف 35

 

منتصف شهر ديسمبر 2021 أبلغ مسؤولون أمريكيون صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الإمارات "هددت" بإلغاء صفقة بقيمة حوالي 23 مليار دولار لشراء مقاتلات "أف-35" الأمريكية وطائرات مسيرة من طراز "ريبر" وذخائر متطورة أخرى.

وذكر المسؤولون إن الحكومة الإماراتية أرسلت خطابا للإدارة الأمريكية يفيد بأنها تعتزم إنهاء الصفقة، لأن المتطلبات الأمنية الأمريكية التي اشترطتها واشنطن لحماية أسلحتها "مرهقة للغاية".

واعتبرت الصحيفة أن هذا "التهديد" قد يكون "هزة كبيرة بين حليفين قدامى تتزايد الخلافات بينهما بسبب الدور الذي تلعبه الصين في الخليج".

قبل عشرة أيام تقريبا من التهديد بإلغاء العقد مع واشنطن ويوم 3 ديسمبر 2021 أعلن الإليزيه عن توقيع الإمارات وفرنسا اتفاقية لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال و12 طائرة مروحية "كاراكال". ووصفت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الصفقة بـ"عقد تاريخي" في عقد تصل قيمته إلى 17 ميار يورو.

وهذه أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة منذ دخولها الخدمة في عام 2004. والصفقة هذه هي أكبر صفقة لشراء الرافال التي تصنعها داسو بخلاف مشتريات الجيش الفرنسي، وتأتي بعد صفقات مع اليونان ومصر وكرواتيا عام 2021.

وسيتم تسليم الطائرات بدءا من عام 2027 وفق برنامج "اف 4" وهو عبارة عن مشروع قيد التطوير قيمته نحو ملياري يورو. ومن المقرر بدء العمل به عام 2024، وتقدمه باريس على أنه "قفزة تكنولوجية وصناعية واستراتيجية".

محللون اعتبروا الصفقة الفرنسية انتقاما موجها لواشنطن بعد قرار أستراليا فسخ عقد ضخم معها لشراء غواصات تقليدية فرنسية بعد أن دخلت في تحالف جديد مع واشنطن ولندن، كما اعتبروه إنذارا لواشنطن من بعض دول الخليج العربي.

وفي الصدد، قال الباحث في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إيليا كرامنيك، لـ”كوميرسانت”: “في الواقع، يمكن أن تحمل رافال مجموعة الأسلحة الغربية الموجهة بالكامل تقريبا. الميزة الوحيدة، ولكن المهمة لطائرة F-35، هي التخفي. ونظرا لأن إيران، العدو الجدي الوحيد للإمارات العربية المتحدة في المنطقة، لديها مجموعة كاملة من أنظمة الدفاع الجوي الحديثة، فقد يكون هذا الاختلاف مهما”.

يضع بعض الخبراء الخلافات التي نشأت الآن بين الإمارات وأمريكا في سياق توجه أوسع يتجلى في تقليص واشنطن التزاماتها المألوفة تجاه شركائها التقليديين في المنطقة.

والنقطة المشتركة بين المحللين في الأشهر الأخيرة هي أن الإمارات ستحاول، على خلفية اتساع الهوة مع أمريكا، تعويض الصفقات الدفاعية من دول أخرى. أحد البدائل، على وجه الخصوص، مقاتلة الجيل الخامس الروسية Su-75 Checkmate، والتي تم عرضها شهر نوفمبر في معرض دبي الجوي. الاهتمام العلني بها، وفقا للخبراء، يمكن على الأقل أن يقنع الاستراتيجيين الأمريكيين بعدم اتخاذ خطوات جذرية في التعاطي مع الإمارات. ومع ذلك، وكما يظهر مثال تركيا، التي فقدت دورها في برنامج مقاتلات F-35 بسبب شراء منظومة S-400 الروسية، فإن محاولة رفع الرهان في الحديث مع الولايات المتحدة قد لا تجدي.

 

التحدي الصيني

 

في واشنطن ورد الرد الغاضب على التطورات في الخليج العربي موجها أساسا نحو الصين.

جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 24 ديسمبر 2021: تكشف تقارير عن نشاط محموم للصين في دول الخليج، كان آخرها تلك المتعلقة بمساعدتها للسعودية في صناعة صواريخ باليسيتية، وقبل ذلك ما كانت تقوم به من بناء منشأة عسكرية في ميناء بالإمارات.

وتظهر التقارير أن الصين تبحث عن موطئ قدم لها في الخليج، وهو ما يعكس حقيقة التنافس والتحديات التي تواجهها الإدارة الأمريكية من الصين على مستوى العالم، وفق تحليل سابق لصحيفة وول ستريت جورنال.

خلال الأسابيع الماضية أوقفت السلطات الإماراتية العمل بمنشأة صينية، بعد ضغط من الولايات المتحدة، وبعد معلومات أن بكين كانت تريد استخدام هذه المنشأة لأغراض عسكرية، وفق تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

وذكر المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش في تصريحات، إن "الإمارات أمرت بوقف العمل في هذه المنشأة بطلب من الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن أبوظبي "لا تعتقد أن المنشأة كانت مخصصة للاستخدامات العسكرية أو الأمنية".

كل هذه الأنشطة تجعل خطط الصين للتوسع في المنطقة واضحة، وتضع واشنطن أمام وجوب التحرك لمواجهتها.

المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، قال في حديث لموقع "الحرة" الأمريكي إن "توقيت كشف معلومات عن تنامي العلاقات العسكرية بين الصين والسعودية والإمارات، قد يعني محاولة صرف الانتباه عن الملف النووي الإيراني وما تسعى له واشنطن من العودة للاتفاق النووي".

ويؤكد أن "السعودية دولة ذات سيادة يمكنها إقامة علاقات متينة ومتوازنة مع جميع القوى المختلفة".

وأشار آل عاتي إلى أنه في الوقت الذي تعرب الولايات المتحدة عن رغبتها "في التخلي أو الرحيل من المنطقة العربية، تستطيع السعودية إقامة علاقات مع الجميع مع الحفاظ على سيادتها، وأنها تستطيع التسلح من أي مكان".

وأوضح أن السعودية تسعى إلى الحفاظ على منطقة الشرق الأوسط خالية من "أسلحة الدمار الشامل"، وأن المملكة "تؤمن بأن السلام هو القوة التي يجب أن تسود في المنطقة، ولكن لا يمكن الحديث عن سلام من دون الحديث عن قوة رادعة."

وأضاف أن "الصين تعمل من أجل مصالحها الاقتصادية، ومن غير المستغرب أن يكون بينها وبين المملكة السعودية اتفاقات أمنية"، مؤكدا "تمسك السعودية بعلاقاتها المميزة والمتوازنة مع الولايات المتحدة".

 

تغير في شكل العلاقة

 

المحلل السياسي، عامر السبايلة، قال لموقع "الحرة" إن "الصين دخلت إلى الشرق الأوسط عبر البوابات الاقتصادية، وهي تسعى لملء الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة في المنطقة، خاصة في المجالات العسكرية".

وأضاف أن الصين تغري دول المنطقة بعمل شراكات "تطوير تكنولوجي".

ويرى السبايلة أن ما تقوم به الصين "يتخطى الخطوط الحمراء لواشنطن"، ويوضح أن "الولايات المتحدة إذا ما أرادت الحفاظ على مكانتها عليها توجيه رسائل واضحة إلى حلفائها في المنطقة، مبنية على إستراتيجية لاحتواء التهديد الصيني".

ويشير السبايلة إلى أن "الاعتقاد بانسحاب الولايات المتحدة من المنطقة لا يمكن أن يتم بالصورة أو الطريقة التي ستعني ترك فراغ سريعا، ولكن ما سيجري تغييرا على طبيعة العلاقة وشكلها". 

المحلل السياسي، علي رجب يؤكد بدوره أن "التعاون العسكري الصيني السعودي موجود منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي، حيث أجرى الأمير بندر بن سلطان حينها زيارة للصين تم خلالها عقد صفقة سرية لتزويد المملكة بصواريخ باليستية لمواجهة خطر الصواريخ الروسية والكورية الشمالية خلال الحرب العراقية الإيرانية".

وأضاف في رد على استفسارات "الحرة" أننا "نشهد حاليا توسعا في التعاون بتطوير الصين لبرنامج الصواريخ الباليستية السعودي، والذي يتزايد في ظل تخلي واشنطن عن حلفائها في المنطقة، واستثمار موسكو وبكين لهذا الفراغ في تصدير السلاح الروسي والصيني إلى دول المنطقة وخاصة السعودية التي تعد أحد أكبر مشتر للسلاح في العالم".

ويرى رجب أنه "سيكون لدى السعودية الرغبة في الاستفادة من تكنولوجيا العسكرية وصناعة الطائرات من دون طيار، وكذلك أنظمة دفاع لمواجهة اختراق وتهديد الجماعات المسلحة جماعة الحوثي في اليمن والميليشيات في العراق، وسيكون البرنامج الأكثر حضورا هو ذلك المتعلق بمواجهة هجمات الطائرات المسيرة".

وأكد أن "الصين تريد التوسع بنفوذها الاقتصادي، والمنطقة غنية بمواد الطاقة التي تحتاجها بكين لاستمرار اقتصادها، ناهيك عما تؤمنه من مسارات هامة ودعم لطريق الحرير الصيني".

ويشير رجب إلى أنه لا يمكن النظر إلى الأحداث الأخيرة بمعزل عن توقيع معاهدة مع إيران لـ 25 عاما، وهو ما يؤكد الأهداف الجيوسياسية للصين التي تأمل في عقد اتفاقات مع دول الخليج لتعظم قدراتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

انسحاب واشنطن من المنطقة "يترك فارغا كبيرا يغري أي دولة لأن تسعى لملء هذا الفراغ، ليس من قبل الصين فقط، حيث توجد روسيا وقد ينضم إليهم بعض دول الاتحاد الأوروبي" وفق رجب. 

وأضاف أن "خيارات واشنطن في مواجهة هذا التوسع الصيني، ظهر في أكثر من موقف وتصريح خلال الفترة الماضية من خلال التلويح بعقوبات اقتصادية أو تحريك ملفات حقوق الإنسان والحريات".

المحلل السياسي، أنيس عكروتي قال في رده على استفسارات "الحرة" إننا "نشهد منذ سنوات قليلة تناميا للحضور الصيني في المنطقة العربية، وبما يجعل منها لاعبا مركزيا يهدد النفوذ الأمريكي التقليدي".

وأضاف أن "الصين كقوة اقتصادية تجارية تسعى عبر مشروع الحزام والطريق إلى السيطرة على موانئ البحر المتوسط".

وأشار عكروتي أنه "الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد أبدت مخاوفها من شراكة عربية صينية متطورة، والتي تمثلت بقيام الصين ببناء منشأة عسكرية سرية قرب ميناء أبوظبي".

ويوضح أن هذا التعاون العسكري سبقه تطور كبير في حجم المبادلات التجارية منها النفطية وغير النفطية خاصة على مستوى الاتصالات والذكاء الصناعي.

يؤكد عكروتي أن "الصين تسعى لتحويل رصيدها التجاري إلى نفوذ سياسي يجعل منها منافسا حقيقيا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهو ما نراه واضحا من تصاعد نفوذها بشكل أكبر منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وهو ما جعل الطريق معبدا أمام الصين لكسب مزيد من النقاط في مواجهة خصمها الرئيسي".

ويرى أن "من أبرز الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة للتصدي للامتداد الصيني، هي محاولة نقل الصراع إلى دول الجوار الصيني، وبذلك التضييق عليها في محيطها القريب".

وأشار إلى أن وثيقة التوجه للأمن القومي الأمريكي، والتي صدرت عن إدارة بايدن في شهر مارس 2021، تنظر إلى الصين على أنها "المنافس الوحيد القادر على الجمع بين ما لديه من قدرات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية، والقوة التكنولوجية لتشكيل تحد مستدام"، وهذا لا يعني أن العلاقة بين البلدين ستذهب نحو مواجهة عسكرية مباشرة، فمن مصلحة الطرفين التفاوض والمراوحة بين التصعيد والتهدئة.

 

عجز أمريكي

 

خلال الربع الأخير من سنة 2021 تناولت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية موضوع العلاقات الخليجية العربية مع واشنطن ونقلت عن شخصيات سياسية في المنطقة قولهم: "هناك نقص في الثقة مع أمريكا ينمو يوما بعد يوم، والاتجاه يشير إلى صعود الصين وتراجع الولايات المتحدة على كل الأصعدة، ليس فقط اقتصاديا، بل أيضا سياسيا وعسكريا واستراتيجيا في السنوات المقبلة، ولا يوجد ما يمكن لأمريكا عمله حيال ذلك".

نظر قادة الخليج إلى واشنطن طوال عقود باعتبارها ضامنة أمنهم، في حين نظرت إليهم الولايات المتحدة باعتبارهم موردين موثوقين للطاقة العالمية، لكن واردات النفط الأمريكية من المنطقة تراجعت على نحو ملحوظ على مدى السنوات العشر الأخيرة، نتيجة طفرة النفط الصخري في أمريكا الشمالية، وفي هذه المرحلة سعت واشنطن لتدمير منظمة الأوبك وإضعاف اقتصاديات دول الخليج، على النقيض من ذلك تزايد الطلب على النفط في آسيا بقوة، وازدهرت العلاقة الصينية الخليجية في ظل تعمق العلاقات الاقتصادية لتصبح اليوم علاقة أوسع بكثير من مجرد النفط.

وفي ظل وجود جيل أكثر شبابا وطَموح من قادة الخليج على رأس السلطة يسعون لتحديث بلدانهم، فإنهم يتطلعون على نحو متزايد إلى الاستفادة من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الصينيين من أجل المدن الذكية، وكذلك الطائرات المسلحة بدون طيار والرعاية الصحية والطاقة المتجددة.

يقول دبلوماسي أمريكي مخضرم للصحيفة البريطانية، إن عامل الصين أصبح بالفعل "نقطة خلاف حقيقية" في العلاقات مع الإمارات.

يبدو ذلك خيارا براغماتيا، إذ توفر الصين تكنولوجيا أرخص وأكثر توافرا بسهولة من الخيارات الغربية، وتكنولوجيا الجيل الخامس لشركة هواوي مثال ممتاز على ذلك، وبكين أيضا مستعدة لبيع معدات لدول الخليج لا تبيعها واشنطن، وبدون شروط سياسية أو تدخل في الشأن الداخلي.

يقول محلل عربي للصحيفة البريطانية: "سيتم إنجاز المزيد والمزيد مع الصين لأسباب واضحة، أولا فالصينيون مستعدون لنقل التكنولوجيا وليس لديهم كونغرس لمضايقتك، وثانيا فالصين هي أكبر أسواقنا، وثالثا للصين نفوذ على إيران. وهي تقريبا حليف إيران، وهي مهمة جدا للسعودية".

 

جبهة أساسية

 

يؤكد السياسيون الغربيون أن الشرق الأوسط يصبح على نحو متزايد جبهة أساسية للصراعات الأمريكية الصينية. وقد لعبت الولايات المتحدة دورا مركزيا في المنطقة لعقود من الزمان، حيث دعمت إنشاء إسرائيل، ونشرت جيشها في الخليج العربي منذ عقود.

لكن بكين ردت على ذلك بتوسيع المزيد من الصفقات التجارية والعسكرية في المنطقة، فيما كانت دبلوماسية اللقاحات ناجحة إلى حد كبير في الشرق الأوسط، والآن يبدو أن الصينيين سيحاولون توسيع وجودهم العسكري هناك.

وافتتحت الصين أول موقع عسكري لها في الخارج في جيبوتي، الدولة العربية الواقعة في شرق إفريقيا في عام 2017 لتسهيل العمليات حول المحيط الهندي وإفريقيا. في كمبوديا في عام 2019، وقعت الصين اتفاقية سرية للسماح لقواتها المسلحة باستخدام قاعدة بحرية. في أماكن أخرى، أنشأت الصين منشآت ميناء تجاري في باكستان وسريلانكا يمكن استخدامها من قبل قواتها البحرية التي تتوسع بسرعة.

في السنوات الأخيرة، عززت الصين علاقاتها الاقتصادية مع دول الخليج العربية مثل السعودية والإمارات بشكل كبير. ففي عام 2019، وقعت الصين والمملكة السعودية نحو 30 اتفاقية تعاون اقتصادي بقيمة نحو 28 مليار دولار. 

والصين هي الشريك التجاري الأكثر أهمية للسعودية بحجم تجارة سنوية يقارب 80 مليار دولار. ووقعت الصين مؤخراً اتفاقية لبناء مشروع للطاقة المتجددة في إطار رؤية ولي العهد السعودي لتحقيق انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2060، وقدم السعوديون طلبا للحصول على ترخيص تداول مباشر في بورصة شنغهاي.

أما الإمارات العربية المتحدة فتعد الآن واحدة من أكبر شركاء الصين التجاريين. ومنحت الإمارات خطط البنية التحتية للاتصالات لشركة هواوي الصينية مؤخرا، والتي حذر كبار المسؤولين الغربيين من أنها ستجعل الإمارات حليفتهم عرضة للتجسس الصيني، فيما نفت بكين هذه المزاعم. 

وأعرب الرئيس بايدن عن قلقه بشأن تنامي الوجود الصيني في البلاد بشكل مباشر مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، حسبما قال مسؤولون، مرة في مايو، ومرة أخرى في أغسطس 2021. في إحدى المحادثات، أخبر بايدن محمد بن زايد، أن الولايات المتحدة تخشى أن يكون لنشاط الصين تأثير ضار على الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين. ورد محمد بن زايد بأنه سمع بايدن "بصوت عال وواضح"، وفقا للمسؤولين.

تقول وول ستريت جورنال، إنه من المحتمل أن تكون المخاوف بشأن التعاون الأمني الناشئ بين الصين والإمارات قد هددت صفقة الأسلحة مع الولايات المتحدة.

في غضون ذلك، أعرب مسؤول إماراتي رفيع المستوى عن أسفه لأن الإمارات عالقة في منتصف المواجهة بين الولايات المتحدة والصين. وقال أنور قرقاش، المستشار الرئاسي الإماراتي، في مؤتمر عقد في 2 أكتوبر في واشنطن: "نحن جميعا قلقون للغاية من حرب باردة تلوح في الأفق. هذه أخبار سيئة لنا جميعا لأن فكرة الاختيار إشكالية في النظام الدولي."

منذ سنوات، ثمة مشتركات صينية عربية خليجية فيما يتعلق بالشراكة التجارية في مجالات الطاقة والتنمية الاقتصادية، شراكات هامة تضع الصين في موقع البديل المحتمل للولايات المتحدة في مجال التعاون الاقتصادي على الأقل.

تعد الصين، ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، التي تزود بدورها بكين بمعظم احتياجاتها من النفط والغاز الطبيعي. وبحسب إحصاءات وزارة التجارة الصينية، بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية 239.4 مليار دولار أمريكي في عام 2020، وبلغت قيمة واردات الدول العربية من الصين 122.9 مليار دولار في عام 2020، بزيادة 2.1 في المئة على أساس سنوي، ضمن آليات متوازنة إلى حد ما في الواردات والصادرات بين الجانبين الصيني والعربي.

وتعد دول الخليج، إلى جانب إيران، مصدرا أساسيا بالنسبة للصين من مصادر الحصول على الطاقة، ومجالا متاحا للاستثمارات الصينية، التي يشهد اقتصادها نموا متصاعدا، يمكنها من وضع أقدامها بثقة في النشاطات الاقتصادية لعموم الدول العربية، والدول الخليجية.

ولا تزال الصين بحاجة إلى إمدادات النفط والغاز من دول الخليج العربية بكميات ضخمة تغطي نحو 60 في المئة من احتياجاتها، في حين ازدادت قدرات الولايات المتحدة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من حاجتها لإمدادات الطاقة.

كما تعتبر مبادرة الحزام والطريق محورا آخر للشراكة العربية الصينية. فالصين تتبنى خطة طموحة ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، التي تبلغ مخصصاتها الإجمالية تريليون دولار.

وتهدف المبادرة إلى إحياء "طريق الحرير" القديم عبر شبكة عالمية من الموانئ والطرق البرية والسكك الحديدية في عشرات الدول المشمولة بالمبادرة على أساس الموقع الجغرافي، الذي يشمل بعض الدول العربية الواقعة في قلب "طريق الحرير" القديم، للربط بين دول آسيا الوسطى وشرق إفريقيا، والمحيط الهندي بالبحر المتوسط.

ومنذ 2014، انضمت 9 دول عربية إلى مبادرة "الحزام والطريق". فيما انضمت 7 دول عربية، منذ 2016، إلى "البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية" (AIIB) كأعضاء مؤسسين. وهذا البنك أسسته بكين كمؤسسة مالية متعددة الأطراف، هدفها توفير التمويل لمشروعات البنية التحتية في منطقة آسيا، ويعتبره البعض منافسا لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذين تهيمن عليهما الولايات المتحدة.

لكن على أي حال، ورغم الجهود الصينية الكبيرة لتعزيز تواجدها وشراكتها مع الخليج العربي، قد لا يبدو واضحا في المدى القريب المنظور، أن النفوذ الصيني في المنطقة سيكون طاغيا على النفوذ الأمريكي.

 

عمر نجيب

[email protected]