برنامج إيران النووي يتأرجح بين خيار حرب وعقد صفقة.... واشنطن والأبعاد الدولية لنهاية عصر احتكار سلاح الدمار الأكبر

أربعاء, 2021-10-27 00:39

مرة أخرى يتجدد الحديث عن تصاعد التوتر وإحتمالات وقوع المواجهة المسلحة بسبب الخلاف حول مشاريع إيران النووية بعد فشل أو تعثر إحياء أو العودة إلى اتفاق فيينا الموقع في 14 يوليو سنة 2015 الذي تطلق عليه تسمية 5+1 مع طهران، الذي انسحبت منه واشنطن حين أعلن ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثامن من مايو 2018 تحت غطاء عذر أن الاتفاق يتضمن ثغرات ولا يمنع إيران من تصنيع سلاح نووي.

واشنطن الأكثر تحمسا ضمن الدول الغربية وبجانبها إسرائيل للحد من قدرات طهران النووية والصاروخية تخشى من أن فشلها في المواجهة مع طهران وتكرار الأخيرة تجربة باكستان والهند وكوريا الشمالية والنجاح في امتلاك السلاح النووي سيقود إلى الإنهيار التام لإتفاقية منع الانتشار النووي وسيجعل دولا في منطقة الشرق الأوسط كمصر وتركيا والسعودية وكذلك في باقي أنحاء المعمور، تتجه إلى تملك ما يسميه البعض أداة الردع الأكثر فعالية في الزمن الحاضر.

في الغرب أكثر من غيره الذي يتغاضى عن إمتلاك تل أبيب أكثر من 300 قنبلة نووية، يحذر مراقبون ومتخصصون من أنه إذا تفاقمت التهديدات الأمنية وترسخت من دول مثل كوريا الشمالية وإيران، فستتجه بعض الدول إلى إنتاج قنابل نووية خاصة بها بعد أن اكتشفت أنها احدى الضمانات لحمايتها من الهجوم الخارجي. ويشار أنه لو كانت بغداد أو طرابلس تملك قنابل نووية لما تجرأت واشنطن أو حلف الناتو على مهاجمتها. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أبقت في العقود الماضية، الدول الطامحة للانضمام إلى النادي النووي بعيدا عن هذا المسار، عبر التهديد بسحب الضمانات الأمنية من أصدقائها مثل تايوان، أو باستخدام العقوبات والقوة العسكرية ضد خصومها مثل العراق وليبيا، فإن القوة الأمريكية تبدو أضعف اليوم عما كانت عليه في الماضي، وأدت تصرفات وتصريحات الرئيس السابق دونالد ترمب إلى زرع الشكوك حول رغبة أمريكا في الدفاع عن حلفائها وفرض النظام والقواعد على خصومها، على الرغم من محاولات الرئيس الجديد بايدن استعادة أسلوب السياسة الأمريكية المتشددة.

وفي حين كانت المظلة النووية الأمريكية على الحلفاء الآسيويين بمثابة وعد استمر على مدى عقود عدة، بأنه في حالة قيام كوريا الشمالية أو الصين بضرب سيول أو طوكيو، فإن واشنطن ستنتقم من بيونغ يانغ أو بكين، غير أن هذا التهديد الذي ينتمي لسنوات مضت، صدر حينما كانت الولايات المتحدة واثقة من أن مدنها بعيدة عن مدى صواريخ كوريا الشمالية، وهو أمر لم يعد قائما الآن، ذلك أن أي ضربة أمريكية على بيونغ يانغ ستعرض مدنا مثل لوس أنجليس أو سان فرانسيسكو، وربما واشنطن العاصمة، ومدينة نيويورك نفسها للخطر.

 

توازنات مختلة

 

جاء في بحث نشره إميل أمين في ذي إندبندنت يوم 23 أكتوبر 2021:

أيهما يجعل العالم أكثر أمنا وأمانا، عالم مليء بالأسلحة النووية لدى كافة الأقطاب الدولية الكبرى، أم عالم مختلة توازناته النووية، بين من يملكون الرؤوس النووية ومن يفتقدونها ؟.

تبدو علامة الاستفهام المتقدمة عبثية أو محيرة، لا سيما وأن الجواب الطبيعي هو أن أسلحة الدمار الشامل عن بكرة أبيها، أدوات للموت لا للحياة، وعليه فانتشارها يعني تهديدا مباشرا لسلام المسكونة وساكنيها.

لكن حال القراءة بمنظور معكوس يمكننا الحصول على نتيجة أكثر إثارة... على سبيل المثال: ماذا لو لم تكن موسكو قد امتلكت أسلحة نووية بعد أن خرجت القنبلة النووية الأمريكية إلى النور؟ هل كانت واشنطن قد تركتها في حال سبيلها أم سعت في طريق إعاقة إمبراطوريتها الحمراء التي كانت ودامت نحو سبعة عقود ؟.

لا يعني ما تقدم أننا نرى في الانتشار النووي حلا، بل تعقيدا أكثر لوضع الكرة الأرضية القلقة في الأصل مناخيا والتي تكاد تنفجر بحكم الطبيعة، إلا أن أحدا لا ينكر كون الرؤوس النووية لدى الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية، قد خلقت مجالا من الردع المتبادل، الأمر الذي منع نشوب حرب عالمية ثالثةفي زمن المواجهات الباردة، وقطع الطريق إلى الشتاء النووي.

غير أن موجة من التسلح النووي المعاصر، تعيد هذه الأيام طرح علامات الاستفهام عن مستقبل الأسلحة النووية، وهل ستحفظ التوازنات، أم أن هناك متغيرات يمكنها أن تجعل من الانتشار النووي، كارثة لا تحد ولا تمد، وتفتح الباب أمام مواجهة يخشى الجميع مآلاتها، بخاصة في عالم سيبراني، لا يمتلك أحد شفرته السرية بشكل آمن بالمطلق، ما يجعل من الإرهاب النووي، أمرا واردا وبقوة... لماذا العودة من جديد إلى دائرة الحديث عن جدلية التسليح النووي وانتشاره ومعاهداته التي تكاد تتحول إلى حبر على ورق؟.

غازلت فكرة إنتاج أسلحة نووية 31 دولة بعد الحرب العالمية الثانية، وأطلقت 17 منها برامج فعلية لإنتاج سلاح نووي، غير أن تسع دول فقط نجحت في امتلاك أسلحة نووية منذ نحو ربع قرن، لكن الكفاح الطويل لحظر انتشار تلك الأسلحة على وشك أن يصبح أكثر صعوبة، إذ من المرجح أن يشمل التهديد خلال العقد المقبل دولا تتمتع بوزن سياسي واقتصادي كبير، وسيكون من الصعب كبح جماح طموحات هذه الدول.

 

برنامج إيران

 

تعود انطلاقة البرنامج النووي الإيراني إلى عهد الشاه محمد رضا بهلوي، الذي أراد إنتاج الطاقة النووية كمدخل لتأسيس اقتصاد صناعي متطور، من دون أن يخفي في مناسبات عدة طموح بلاده في امتلاك سلاح نووي. الخطوة الأولى في البرنامج جاءت عام 1957، مع توقيع واشنطن وطهران اتفاقا للتعاون في الأغراض النووية المدنية، ضمن إطار برنامج "تسخير الذرة من أجل السلام" وضمن مشروع البيت الأبيض لجعل طهران شرطي الخليج العربي. وبعد 10 سنوات، منحت الولايات المتحدة مركز البحوث النووية في جامعة طهران مفاعلا نوويا بقدرة خمسة ميغاواط، وزودته باليورانيوم المخصب بدرجة 93 في المئة اللازم لتشغيله للأغراض البحثية، وهي درجة تخصيب مستخدمة في إنتاج الأسلحة النووية.

وسعياً لإطلاق برنامجها النووي المدني، وقعت إيران عام 1968 معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية التحقق من وفاء الدول بالتزاماتها. وفي السنوات التالية، وقعت إيران اتفاقات عدة بمليارات الدولارات لتحقيق برنامجها النووي وتأهيل علمائها للعمل فيه، شملت تعاونا مع أمريكا ودول أوروبية لبناء مفاعلات نووية.

غير أن نجاح الثورة الإيرانية عام 1979، جمد مؤقتا العمل في البرنامج النووي، إذ اعتبرت القيادة الجديدة أن كلفته مرتفعة جدا، ويجعل إيران رهن الاعتماد على التكنولوجيا والموارد الغربية، لكن الحرب مع العراق بين عامي 1980 و1988، دفعت الزعيم الأعلى الإيراني، الموسوي الخميني، إلى إعادة تشغيل البرنامج، فأكملت البلاد بناء منشآتها بالتعاون مع روسيا بشكل أساس، بعدما أوقفت الدول الغربية تعاونها مع إيران عقب الثورة.

 

الأنشطة السرية

 

في أغسطس 2002، كشف "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" المعارض، عن منشأتين نوويتين قيد الإنشاء لم تعلن عنهما طهران سابقا، هما منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، التي أُنشئ جزء منها تحت الأرض، ومفاعل المياه الثقيلة في أراك. بالتزامن، اتهمت واشنطن طهران بامتلاك برنامج سري لإنتاج الأسلحة النووية.

في الوهلة الأولى، نفى المسؤولون الإيرانيون وجود مثل هذا النشاط، ورفضوا السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة وتفتيش المنشآت الجديدة. وبين رفض لم يستمر طويلا وتهديد بإحالة ملفها إلى مجلس الأمن الدولي، اضطرت إيران إلى كشف أجزاء من مشروعها للوكالة اعتبارا من سبتمبر 2002.

في 22 فبراير 2003، زار مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حينذاك، محمد البرادعي، منشأتي نطنز وأراك. وتحت وطأة الضغوط الغربية، سمحت طهران للوكالة، في الأشهر اللاحقة من العام نفسه، بتفتيش منشآتها النووية وأخذ عينات منها، ما أثبت أنه خلافاً لنفيها المتكرر، فإن إيران أقدمت على تجارب شملت مراحل عديدة لتخصيب اليورانيوم سرا على مدى نحو 19 عاما.

 

الكعكة الصفراء

 

يعتبر اليورانيوم، المتوفر نسبيا في الطبيعة، ضروريا لتطوير مختلف التقنيات النووية المدنية والعسكرية.

وتوجد ذرة اليورانيوم بالطبيعة في نظيرين أساسيين يختلفان فقط في عدد النيوترونات داخل النواة وهما اليورانيوم 238 الذي يمثل 99 في المئة من هذا العنصر في الطبيعة بينما لا يمثل اليورانيوم 235 المشع، والذي يسمح بحدوث التفاعل النووي الانشطاري سوى 0.7 في المئة من كل نظائر هذا العنصر الموجود في الطبيعة.

ولا تسمح هذه النسبة الضئيلة من النظير المشع من اليورانيوم باستخدامه كوقود في محطة نووية لإنتاج الطاقة، لذلك تتم معالجته بزيادة هذه النسبة عبر عملية تسمى التخصيب تهدف إلى زيادة الكمية النسبية لليورانيوم 235.

وتتطلب هذه العملية سحق اليورانيوم المستخرج من المناجم وخلطه بمنتجات مختلفة ليكون في شكل أكثر تركيزا وسهولة في النقل يسمى "الكعكة الصفراء".

وتتمثل الطريقة الأكثر شيوعا للتخصيب في حقن اليورانيوم بشكل غازي في جهاز طرد مركزي. وبما أن اليورانيوم 235 أخف من اليورانيوم 238، يمكن أن يحدث الفصل بين النظيرين.

لكن لكي يصل تركيز النظير المشع إلى المستوى المطلوب، يجب تكرار العملية عدة مرات. وهذا هو سبب تركيب أجهزة الطرد المركزي في سلسلة: فكلما مر الغاز عبر عدد أكبر من آلات الطرد المتتالية زاد تركيزه.

تستخدم مفاعلات إنتاج الطاقة عادة اليورانيوم المخصب بنسبة تتراوح ما بين 3 إلى 5 في المئة من اليورانيوم 235. بينما تتطلب الأسلحة النووية عادة اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المئة من هذا النظير المشع.

من هنا نفهم أهمية قضية التخصيب وتوفر أجهزة الطرد المركزي اللازمة لها التي أثيرت في العديد من المرات في ملف إيران النووي التي تسعى إلى زيادة مخزون اليورانيوم المخصب لديها مع رفع درجة التخصيب.

 

ضمانات

 

يوم الجمعة 15 أكتوبر 2021 قال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إن إيران غير مستعدة للعودة إلى المحادثات مع القوى العالمية بشأن برنامجها النووي، وإن فريقها الجديد للمفاوضات يريد مناقشة النصوص التي ستطرح عندما يجتمع مع التكتل في بروكسل في الأسابيع المقبلة.

وزار إنريكي مورا، مسؤول الاتحاد الأوروبي الذي يتولى مهمة تنسيق المحادثات، طهران يوم الخميس 14 اكتوبر للاجتماع مع أعضاء من فريق التفاوض الإيراني بعد أربعة شهور من توقف المحادثات بين إيران والقوى العالمية.

ويرفض الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حتى الآن استئناف المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا بشأن عودة الجانبين إلى الالتزام بالاتفاق الذي فرضت طهران بموجبه قيودا على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية، وتشترط طهران أن يكون تجديد الاتفاق النووي مرفقا بإلتزام أمريكي بعدم إمكانية التراجع عنه كما حدث في عهد الرئيس ترمب.

وقبيل رحلة مورا قال دبلوماسيون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا إن الزيارة جاءت في وقت حساس، مضيفين أنه لا يمكن اعتبار أن الأمور "تمضي كالمعتاد" نظرا لتصاعد أنشطة إيران النووية وتعثر المفاوضات. وقالت الولايات المتحدة إن الوقت ينفد.

وتابع المسؤول للصحفيين شريطة عدم الإفصاح عن هويته "إنهم غير مستعدين بعد للحوار في فيينا"، مضيفا أنه يعتقد أن طهران "عازمة بالتأكيد على العودة إلى فيينا وعلى إتمام المفاوضات".

وانتقدت إيران بشدة الجمعة موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي اتهمتها بـ"الازدواجية" في تعاملها معها من جهة وإسرائيل من جهة ثانية.

وكتب سفير إيران لدى وكالة الطاقة الذرية كاظم غريب آبادي في تغريدة مساء الخميس أن "الصمت والتغافل تجاه برنامج إسرائيل النووي يبعث رسالة سلبية لأعضاء معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية".

وتابع أن هذا يعني بنظره أن "العضوية في هذه المعاهدة تساوي القبول بأقوى إجراءات التحقق والرقابة في حين أن البقاء خارجها يعني التحرر من أي التزام وانتقاد وحتى الحصول على مكافأة".

وأدلى السفير الإيراني بتصريحاته ردا على مقابلة مع المدير العام للوكالة رافايل غروسي نشرتها مجلة "إينيرجي إنتيليجنس" في الثامن من أكتوبر 2021.

وقال غروسي خلال المقابلة معلقا على سؤال حول السبب خلف تخصيص الكثير من الوقت للبرنامج النووي الإيراني وليس لبرنامج إسرائيل، "علاقاتنا مع إسرائيل هي علاقة نقيمها مع دولة غير موقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، إسرائيل لم توقعها حتى. ولست بصدد تقييم الأمر ما إذا كان جيدا أم لا".

ووقعت إيران معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية عام 1970 سنة دخولها حيز التنفيذ، ولطالما نفت السعي لصنع أو حيازة قنبلة ذرية مؤكدة سلمية برنامجها النووي.

وحذرت إسرائيل غير الموقعة على المعاهدة، مرارا بأنها ستبذل كل ما بوسعها لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي.

وتدعو معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية الدول الموقعة لـ"التوصل إلى وقف السباق لامتلاك السلاح النووي واتخاذ تدابير في اتجاه نزع الأسلحة النووية".

 

أوراق الضغط

 

تحاول القوى الغربية منذ أسابيع حمل طهران على الرد على سؤال واحد: متى ستستأنف الجمهورية المحادثات النووية المتوقفة منذ يونيو؟.

وكان رد إيران غامضا وبسيطا: ”قريبا“.

ويقول مسؤولون ومحللون غربيون إن وراء سياسة المماطلة التي تتبعها إيران مسعى لكسب أوراق ضغط تمكنها من الحصول على امتيازات أكبر عندما تستأنف المفاوضات في نهاية الأمر ومنها ما تقوم به من تطوير برنامجها لتخصيب اليورانيوم وهو سبيل محتمل لإنتاج قنبلة نووية.

وتنفي إيران منذ فترة طويلة أن تكون تسعى لامتلاك سلاح نووي.

وتوقفت المحادثات في يونيو بعد انتخاب رجل الدين إبراهيم رئيسي، وهو من غلاة المحافظين حسب تصنيف الغربيين، رئيسا للبلاد.

وقال مسؤول إيراني بارز اشترط عدم الكشف عن هويته: ”إيران ستعود في نهاية الأمر للمحادثات في فيينا. لكننا لا نتعجل الأمر لأن الوقت في صالحنا. تقدمنا النووي يزيد يوما بعد يوم“.

وذكر علي واعظ المحلل البارز المختص بشؤون إيران لدى مجموعة الأزمات الدولية: ”المزيد من الوقت يعني المزيد من أوراق الضغط نظرا للنمو المتسارع للبرنامج النووي الإيراني“.

وبينما تبدي روسيا والصين، أقرب شريكين تجاريين لإيران، ضبط النفس، لا تخفي الأطراف الغربية الموقعة على الاتفاق النووي شعورها بخيبة الأمل.

وحثت الولايات المتحدة وقوى أوروبية إيران على استئناف المحادثات قائلة إن النافذة الدبلوماسية لن تظل مفتوحة للأبد إذ إن تقدم البرنامج النووي الإيراني يتجاوز بكثير الحدود التي ينص عليها اتفاق عام 2015.

ويقدر دبلوماسي أوروبي بارز ”إنهم (الإيرانيون) يقولون إنهم سيعودون لطاولة المفاوضات. لكنهم عندما يقولون ‘قريبا‘... لا يعني ذلك أي شيء“.

وأضاف: ”لا يعني ذلك أننا نعتقد أنهم لا يريدون العودة، ولكننا نعتقد أنهم يريدون كعكتهم ويريدون أكلها. يريدون فرض أمر واقع على الأرض، فنيا ونوويا، والحفاظ على إمكانية التفاوض“.

 

الكثير مقابل القليل

 

يذكر محللون غربيون إن قادة إيران، الذين شجعهم الانسحاب الأمريكي الذي اتسم بالفوضى من أفغانستان، على ثقة من أن سياسة المماطلة التي ينتهجونها لن تسفر عن تداعيات خطيرة، خاصة في الوقت الذي ينخرط فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن في تناحر متصاعد مع الصين وفي مكافحة أزمة كوفيد-19 في الداخل.

ومن ناحية أخرى تشير إدارة بايدن إلى أنه يتعين على إيران ألا تأخذ أي شيء كأمر مسلم به.

وألقى الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، صاحب القول الفصل في البلاد، اللوم على الولايات المتحدة في توقف المحادثات.

وقال مير جوادنفار المحاضر في السياسة الإيرانية في جامعة ريتشمان الإسرائيلية: ”يبدو أن آية الله خامنئي يعتقد أن الانتظار سيمكنه من الحصول على اتفاق أفضل من واشنطن“.

هنري روما المحلل في مجموعة أوراسيا قدر إن تعيين على باقري كني -وهو معارض قوي للاتفاق النووي- كبيرا للمفاوضين النوويين خلفا لعباس عراقجي العملي كان إشارة على أن إيران ستنتهج نهجا لا هوادة فيه عندما تستأنف المحادثات.

تريد إيران، إلى جانب رفع العقوبات التي فرضت في عهد ترمب بشكل يمكن التحقق منه، أن ترفع واشنطن اسم الحرس الثوري الإيراني عن قائمة سوداء للإرهاب. كما تريد من أوروبا ضمان عودة المستثمرين الأجانب وضمانات بأن واشنطن لن تتخلى عن الاتفاق مرة أخرى.

ومن جانبه، يريد بايدن العودة للامتثال للقيود التي يفرضها الاتفاق النووي وتوسعتها إن أمكن، لتشمل ما وصفه بأنه أنشطة إيران الأخرى المزعزعة للاستقرار.

وذكرت سانام وكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد شاثام هاوس، إن إيران ”ستفوز“ إذا حصلت على المزيد من التنازلات من واشنطن لكن في حالة انهيار الاتفاق يشعر حكام إيران أن بإمكانهم النجاة عن طريق ”المقاومة القصوى“ وهو تعبير يشير إلى الاعتماد على الذات اقتصاديا.

لكن سياسة المماطلة الإيرانية قد تضعف حكام البلاد من رجال الدين بالإضرار بدرجة أكبر بالاقتصاد الذي يعاني بالفعل من نقص حاد في عائدات النفط.

وتخشى السلطات من اندلاع الاحتجاجات مرة أخرى بعد أن كانت نوبات الاحتجاجات المتكررة هناك في السنوات الأخيرة بمثابة تذكرة لإيران بمدى الضعف الذي قد تكون عليه في مواجهة غضب شعبي بسبب الصعوبات الاقتصادية.

وقال روما: ”الفشل في إحياء الاتفاق النووي قد يستتبع خطرا اقتصاديا حقيقيا على إيران ولكن السياسية تطغى على الاقتصاد في الوقت الراهن“.

 

قنبلة خلال شهر

 

وسط متاهة المفاوضات وتضارب التوجهات يتكرر الحديث عن قرب وصول طهران لصنع قنبلة نووية، البعض يرى في هذه التوقعات مزايدات إعلامية ووسيلة ضغط ولكن آخرين يختلفون ويشيرون أنه قبل أن تفجر باكستان قنبلتها النووية الأولى في 21 سبتمبر 1986 حدث نفس الأمر وتم التشكيك في قدرة إسلام آباد على صنع قنبلة نووية.

في 14 سبتمبر 2021 قال خبراء إن إيران أصبحت قادرة خلال "شهر واحد" تقريبا على امتلاك ما يكفي من المواد لتزويد سلاح نووي واحد بالوقود، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

وحذر هؤلاء الخبراء، الذين يدرسون البيانات الجديدة الواردة في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرة، إنه من خلال تخصيب الوقود النووي، في الأشهر الأخيرة، إلى مستويات قريبة من مستوى القنبلة، اكتسبت طهران القدرة على إنتاج الوقود اللازم لرأس حربي نووي واحد في غضون شهر أو نحو ذلك.

وخلص تقرير صدر، الإثنين 13 سبتمبر عن "معهد العلوم والأمن الدولي"، وهي مجموعة مستقلة متخصصة في تحليل النتائج التي توصلت إليها الوكالة التابعة للأمم المتحدة، إلى أن تخصيب إيران خلال الصيف لليورانيوم بدرجة نقاء 60 في المئة كان له تأثير كبير، فقد جعلها قادرة على إنتاج وقود قنبلة واحدة "في غضون شهر واحد". بينما يمكنها "إنتاج وقود السلاح الثاني في أقل من ثلاثة أشهر، والثالث في أقل من خمسة أشهر".

وكان المؤلف الرئيسي للتقرير، ديفيد أولبرايت، قد حذر يوم الجمعة 10 سبتمبر، من أن تصرفات إيران تشير إلى جهود من جانب الحكومة الجديدة للرئيس، إبراهيم رئيسي، للبحث عن بنود جديدة، أكثر ملاءمة لها، في المفاوضات بشأن استعادة العمل بالاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى عام 2015. وقال أولبرايت، وهو أيضا رئيس المعهد: "علينا أن نكون حذرين، حتى لا ندعهم يخيفوننا".

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إنه رغم ذلك، فإن تصنيع رأس حربي حقيقي، أي رأس يمكن أن يصلح للتركيب على صاروخ إيراني ويتحمل إعادة دخول الغلاف الجوي، سيستغرق وقتا أطول بكثير.

ومع ذلك، لم تكن إيران بهذا القدر من القدرة على صنع أسلحة نووية منذ ما قبل موافقة الرئيس الأسبق، باراك أوباما، على الاتفاق النووي عام 2015. وأجبر الاتفاق الإيرانيين على إرسال أكثر من 97 في المئة من وقودهم خارج البلاد، وقالت الولايات المتحدة حينها إن الأمر سيستغرق عاما على الأقل حتى تنجح إيران في إحداث "خرق" في إنتاج وقود نووي لتصنيع قنبلة.

ولم يعلق مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على تقارير الوكالة الذرية، التي وزعت على أساس سري للدول الأعضاء ولكن تم تداولها على نطاق واسع في الأيام الأخيرة. 

وعند سؤاله عن هذا الملف، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن تقدم إيران كان سريعا جدا لدرجة أن استعادة العمل بالاتفاق السابق قد لا يكون مفيدا. وقال: "نقترب من مرحلة تصبح معها العودة الصارمة للامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، لا تعود بالفوائد التي حققها الاتفاق".

وزير الخارجية الإيراني الجديد، حسين أمير عبد اللهيان ذكر من جانبه، إن الأمر ربما يستغرق شهرين إلى ثلاثة أشهر للاتفاق على شروط لعودة إيران إلى المفاوضات، وهو جدول زمني أثار حفيظة الأوروبيين بالنظر إلى التقدم الذي تم إحرازه مع الحكومة الإيرانية السابقة.

ونددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشدة بعدم تعاون طهران معها بشأن تنفيذ مهمتها لمراقبة البرنامج النووي بعد تعليق الأخيرة، في فبراير 2021، بعض عمليات التفتيش.

ويوم الأحد 12 سبتمبر، قالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إنها ستسمح للوكالة الدولية بالوصول لكاميرات المراقبة في المواقع النووية.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه بموجب هذا الاتفاق، سيسمح للمفتشين بالوصول إلى الكاميرات والمعدات الأخرى الخاصة بهم وتشغيلها مرة أخرى، لكن هذا لا يعالج مشكلة تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى بكثير من المسموح بها في الاتفاق النووي، وبالتالي أصبحت طهران أقرب بكثير إلى المواد المستخدمة في صنع القنابل، مما كانت عليه قبل عام 2015.

لكن تقول الصحيفة إن إمدادات إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة ليست كافية بعد لصنع سلاح، ومع ذلك فقد أمضت الصيف في تركيب أجهزة طرد مركزي أحدث وعالية الأداء يمكنها زيادة مخزونها بسرعة.

وحتى لو قامت بذلك، فإن الاحتفاظ بكمية كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب في متناول اليد لا يكفي لإنتاج قنبلة، وفق الخبراء النوويين، إذ يجب تحويل الوقود إلى معدن، وهي خطوة يختبرها الإيرانيون أيضا، وفقا لتقارير الوكالة الذرية الدولية، ثم إلى رأس حربي كامل. وقد تستغرق هذه العملية شهورا إضافية وربما سنوات اعتمادا على مهارتهم الفنية.

 

الخطوط الحمراء

 

لوحت الولايات المتحدة، يوم الأربعاء 13 أكتوبر، باللجوء إلى "خيارات أخرى" ضد إيران إذا فشل المسار الدبلوماسي في منع طهران من حيازة سلاح نووي.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإسرائيلي، يائير لابيد، في واشنطن، إن الولايات المتحدة تعتبر أن "الحل الدبلوماسي هو السبيل الأفضل" لجنب حيازة طهران للسلاح النووي.

لكنه أشار إلى قرب "نفاد صبره" في ظل التعليق المستمر، منذ يونيو، للمفاوضات الرامية إلى إنقاذ الاتفاق الدولي المبرم في عام 2015.

وقال: "نقترب من نقطة لن تعود فيها العودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووي" في حد ذاتها لاستعادة فوائدها، وذلك لأن إيران كانت تستغل هذا الوقت لدفع برنامجها النووي بطرق متنوعة".

وأضاف بلينكن إن "الحوار يتطلب طرفين، ولم نلمس في هذه المرحلة نية لدى إيران" للانخراط في الحوار، وذكر بأن الهامش المتاح "آخذ بالانحسار".

وفي رد على تلويح نظيره الإسرائيلي باستخدام القوة ضد إيران، قال بلينكن باقتضاب "نحن جاهزون للجوء إلى خيارات أخرى إن لم تغير إيران مسارها".

من جهته قال لابيد "أظن أن العالم بأسره يفهم ماهية الخيارات الأخرى".

 

تهديد ووعود

 

يوم الاثنين 25 أكتوبر أكد المبعوث الأمريكي الخاص للشأنالإيراني، روبرت مالي، أن الولايات المتحدة وما سماه المجتمعالدولي في مرحلة حاسمة حيال "الجهود لمعرفة ما إذا كان يمكنإحياء خطة العمل المشتركة الشاملة"، مشيرا إلى أن الصبر بدأينفد"، وأن المفاوضات قد تسير في واحد من مسارين مختلفين.

وأعرب مالي، في مؤتمر عبر الهاتف عقده، عن "القلق، لأنه فيالوقت الذي لا تأتي فيه إيران إلى طاولة المفاوضات في فيينا ولاتناقش كيفية العودة المتبادلة إلى خطة العمل المشتركة الشاملةفإنها تأخذ خطوات لتوسيع برنامجها النووي وتضع عوائقإضافية أمام عمل الوكالة الدولية للطاقة النووية بما يتناقض وبمالا يتوافق مع ادعاءات الإيرانيين بأنهم يرغبون في العودة إلىخطة العمل المشتركة الشاملة"، على حد تعبيره.

وأشار مالي إلى أن تسريع الدبلوماسية واللقاءات مع الروسودول الخليج وممثلي الدول الأوروبية الثلاثة بريطانيا وفرنساوألمانيا تأتي في إطار التشاور مع الحلفاء والأصدقاء حول العالملتحديد "كيف يمكننا معالجة الموقف الذي تتخذه إيران وللقيامبثلاثة أمور".

وفصل ما يتوجب فعله قائلا: "أولا: (علينا) الاستماع إلى آرائهمحول الوضع الذي نحن فيه وكيف يرونه. ثانيا: لتبادل تقييمنا حولالوضع الحالي، ثالثا: لمناقشة مسار الأمور في المستقبل".

وتحدث المبعوث الأمريكي الخاص عن تكثيف العمل الدبلوماسيفي الأيام والأسابيع المقبلة حول هذه الأهداف.

وكشف مالي أن كل الدول التي تحدثت إليها الولايات المتحدة فيالشرق الأوسط وأوروبا تتشاطر قلقا عميقا ومتناميا حيال مسارالبرنامج النووي الإيراني.

وأوضح أن إيران واصلت نشاطاتها النووية بطريقة أثارت العديدمن الأسئلة حيال نيتها. وأكد أن "الصبر بدأ ينفد" لدى العديدمن الدول بعد أشهر على توقف آخر جولة من المحادثات في فيينا.

وقال: "تفهمنا العملية الانتقالية بعد الانتخابات، ولكن من الصعبالآن إيجاد شرح بريء لسبب التأخر"، مؤكدا أن "هناك رغبة منكل الدول التي تم التشاور معها على العمل معا والتنسيق عنقرب لمعالجة برنامج إيران النووي ونشاطاتها الإقليمية".

وتحدث مالي عن وجود مسارين، الأول: تأخذ فيه إيران والولاياتالمتحدة والأطراف الأخرى في الدول الخمس الدائمة العضوية فيمجلس الأمن زائد ألمانيا مسؤولياتها على محمل الجد لإيجاد حللبقية القضايا التي ما زالت عالقة بعد ست جولات من المحادثاتفي فيينا وإيجاد حلول براغماتية وعملية تلتزم بموجبها إيرانبالقيود على برنامجها النووي التي وافقت عليها في فيينا ويرفعالغرب العقوبات الاقتصادية التي لا تتوافق مع الاتفاق.

أما المسار  الثاني وهو وحسبما قال مالي: "الذي لا يرغب أيشخص تحدثت إليه في رؤيته، ولكن يجب على الأقل أن نكونمستعدين له، وهو إذا اختارت إيران مسارا آخر وواصلت تأخيراستئناف المفاوضات أو عادت بمطالب تتخطى بوضوح محدداتخطة العمل المشتركة الشاملة".

وأضاف "يتزايد قلقنا في أن تكون إيران في هذا المسار وعليناأن نناقش مع شركائنا وحلفائنا مقاربتنا لهذا الواقع المختلف"،مشيرا إلى أنه إذا "اختارت إيران المسار الثاني فإن الرئيسبايدن ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، قالا إنه في حال فشلتالدبلوماسية فإنه لدينا أدوات أخرى وسنستخدمها لمنع إيران منامتلاك السلاح النووي وأجدد هذا الالتزام".

وأكد المبعوث الأمريكي الخاص للشأن الإيراني أن الوقت ليسإلى جانب الولايات المتحدة، لأن "خطة العمل المشتركة الشاملة لايمكنها أن تبقى على قيد الحياة إلى الأبد".

وردا على سؤال للحرة حول موعد إغلاق نافذة الدبلوماسية أمامإيران وعن تعليقه على الاستعدادات التي تقوم بها إسرائيللضرب المنشآت النووية الإيرانية وما إذا كان ذلك أحد خياراتالولايات المتحدة الأمريكية، قال مالي إن "نافذة الدبلوماسية لنتغلق أبدا ونحن منفتحون دائما على ترتيبات دبلوماسية مع إيرانونؤمن بأن هذا الأمر يحل فقط بشكل دبلوماسي".

وأضاف "السؤال هو: هل يمكن إبقاء خطة العمل المشتركةالشاملة على قيد الحياة في وقت يصبح فيه هذا الأمر أكثرصعوبة بينما تسرع إيران خطواتها النووية وتأخذ خطواتتتعارض تماماً مع الخطة وتعيق عمل الوكالة الدولية للطاقة النوويةالتي يجب أن تكون أعين وآذان المجتمع الدولي لرؤية ماذا تفعلإيران؟".

وأوضح "سنواصل اعتماد الدبلوماسية بينما نبحث خطوات أخرىإذا واجهنا عالماً يريدنا أن نفعل ذلك".

ورفض مالي التعليق على الاستعدادات الإسرائيلية، وقال: "لاأريد التعليق على خطوات قد تتخذها إسرائيل ولن أعلق علىالخطوات التي سنتخذها وسنترك الأمر للرئيس بايدن ووزيرالخارجية وآخرين للتقرير وإعلان ما يمكن أن نفعله".

واستطرد مالي "علينا أن نكون مستعدين لكل الاحتمالات ونحنقلقون إزاء التقدم السريع الذي تحرزه إيران والذي لا يتوافق معما يقولون إنهم يريدون (تحقيقه) وهو العودة إلى خطة العملالمشتركة الشاملة ...فمن الصعب فهم ماذا يفعلون ونأمل أنيتراجعوا عن ذلك ويوقفوا نشاطاتهم الاستفزازية ويعودوا إلىالالتزام بالاتفاق".

وأكد مجددا أن "نافذة التفاوض للعودة إلى خطة العمل المشتركةالشاملة لن تكون مفتوحة إلى الأبد ...لأن هذه الخطة وفي وقتمعين ستتآكل، لأن إيران تقوم بأشياء لا يمكن العودة عنها وفيهذه الحال لا يمكن إحياء الاتفاق".

من جهته، شدد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس،يوم الاثنين، على دعم الولايات المتحدة لانخراط الاتحاد الأوروبيمع إيران كمنسق لإعادة الالتزام بخطة العمل المشتركة، التي تمثلالاتفاق النووي المبرم مع طهران عام 2015، لكنه أكد أن "الوجهةالنهائية" ستتمثل بإحياء المفاوضات في فيينا.

وذكر برايس، في إفادته الصحفية إن "الاتحاد الأوروبي هوالمنسق لخطة العمل المشتركة، ونحن ندعم بشدة انخراط الاتحادالأوروبي مع إيران بهذا الشكل"، مستدركا "وبهذا التصريح.. يجب أن تكون الوجهة النهائية فيينا".

 

تصور مصاحة

 

بتاريخ 21 أكتوبر 2021 نشر في واشنطن تقرير بعنوان: هل يمكن تصور مصالحة إسرائيلية - إيرانية؟. جاء فيه:

في أواخر سبتمبر 2021، كتب المؤرخ الإسرائيلي، بيني موريس، في مقال لصحيفة هآرتس، أن ليس أمام إسرائيل سوى خيارين في التعامل مع إيران، و"كلاهما سيئ": إما أن تدمر منشآتها النووية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط "وهو سيناريو مخيف"، أو تتصالح مع طهران وتقبل بالعيش في ظل دولة نووية، وهذا مخيف أيضا.

دميتري شومسكي، وهو أستاذ في قسم التاريخ اليهودي المعاصر في الجامعة العبرية في القدس، يرى أن هناك خيارا ثالثا.

اتفاقية سلام؟

تعقيبا على مقال موريس، أوضح شومسكي، في مقال رأي نشرته هآرتس الأربعاء 20 أكتوبر، أن بإمكان إسرائيل السعي إلى عقد اتفاقية سلام مع إيران، بغض النظر عما إذا كانت الأخيرة ستصبح قوة نووية أم لا.

وأوضح شومسكي قوله: "الخياران اللذان طرحهما وحللهما موريس خياران واقعيان ويتجليان بوضوح في الواقع السياسي القائم. الخيار الثالث: السلام مع إيران، هو خيار خيالي وغير واقعي وطوباوي، مع ذلك، لا تملك إسرائيل امتياز تجاهله".

ويستند شومسكي على الآفاق الدبلوماسية لهذا الخيار، ويرى أن على كل دولة "تريد أن تعيش" بما في ذلك "الدول المحاطة بالأعداء" أن تضع في اعتبارها، ليس فقط سيناريوهات الصراع، ولكن أيضا أفقا دبلوماسيا لإرساء السلام مع أعدائها في مرحلة ما في المستقبل. 

المحلل السياسي الإيراني، حسين رويران، يرى أن سيناريو المصالح بين إيران وإسرائيل غير ممكن.

"الدولة التي تحكمها إيديولجية دينية لا يمكن أن تركز على المصالح الاستراتيجية التي يدعمها طرح المصالحة لدى شومسكي،" يقول رويران في حديث مع موقع "الحرة".

وتابع رويران أن إيران "دولة دينية" وهي بذلك وضعت لنفسها خطوطا حمراء، لا يمكن تجاوزها.

ويتفق المحلل الإيراني مع الرأي على أن المصلحة هي التي يجب أن تحكم العلاقات بين الدول، لكن يشير في الوقت ذاته إلى أن الأسس التي تقوم عليها الجمهورية الإسلامية تتعارض مع فكرة المصالحة مع إسرائيل.

ويعترف مقال شومسكي أن العداء المتبادل بين إسرائيل وإيران، عبارة عن فجوة متسعة لا يمكن جسرها، لكنه يقول: "إنك عندما تنظر بشكل أعمق، من الواضح أن هذا العداء ينبع من عالم المصالح العقلاني وصراعات القوة الجيوسياسية أكثر مما ينبع من التعصب الديني أو الأيديولوجية".

ويرى شومسكي أن النظام الإيراني ينظر إلى الولايات المتحدة بوصفها "عدوا"، لهذا يعتقد أن أي تقارب بين طهران وواشنطن قد ينعكس بشكل إيجابي على العلاقات بين إيران وإسرائيل.

ومنذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 تمثل المواجهة مع إسرائيل أحد ركائز سياسة طهران الخارجية. ودعا المسؤولون الإيرانيون مرارا إلى القضاء على إسرائيل.

وتمثل المعارضة لإسرائيل جزءا من التماسك الذي يوحد إيران مع شبكة إقليمية من المتشددين والجماعات الحليفة التي تسهم في دفع المصالح الإيرانية، من العراق إلى لبنان واليمن إلى سوريا.

بالمقابل تشعر إسرائيل بقلق خاص إزاء ما يشتبه بأنها مساع إيرانية لتطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران.

وترى إسرائيل في إيران خطرا على وجودها وقد سعت للحد من مسعى طهران لتوسيع نفوذها الإقليمي بمزيج من العمليات العسكرية والسرية بما في ذلك ما تقول طهران إنها هجمات تخريبية على برنامجها النووي.

لكن على الرغم من حدة الخطاب في أزمات سابقة، فإن المسؤولين الإيرانيين والإسرائيليين لم يشيروا مطلقا إلى أي اهتمام بالدخول في حرب شاملة.

 

عمر نجيب

[email protected]