الصراع الأمريكي الروسي الصيني ومخاطر حرب عالمية ثالثة..... اختلال ركائز الردع والطريق نحو الهاوية

أربعاء, 2021-03-03 09:50

عند نهاية الحرب العالمية الثانية في الثاني من سبتمبر عام 1945 دعا عدد من القادة السياسيين والعسكريين الغربيين وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى شن حرب ضد الاتحاد السوفيتي رغم أنه كان حليفهم خلال الحرب لإجباره على الانسحاب من شرق أوروبا التي دخلتها جيوشه خلال المواجهة ضد المانيا وللقضاء على الحكم الشيوعي، وأكد هؤلاء أنه يمكن هزيمة الجيش الأحمر بسهولة خاصة وأن واشنطن كانت في ذلك الحين الدولة الوحيدة التي تملك السلاح النووي واستخدمته ضد اليابان مما سرع بإستسلام حكومة طوكيو. وقد قدر عدد من السياسيين أنه بهزيمة الاتحاد السوفيتي ستصبح كل مناطق العالم تحت هيمنة واشنطن وحلفائها بشكل مطلق ولن تبقى قوة كبيرة أخرى لمناهضتها.
لم يتمكن الاتحاد السوفيتي من كسر الاحتكار الأمريكي للسلاح النووي سوى سنة 1949 حسب التقديرات الأمريكية.
فخريف سنة 1949 أعلن الرئيس الأمريكي هاري ترومان في بيان مقتضب للشعب الأمريكي أن السوفييت فجروا قنبلتهم النووية الأولى، مشيرا إلى أن واشنطن لديها الدليل على إقدام السوفييت على ذلك قبل أسابيع في 29 أغسطس.
فيوم 29 أغسطس عام 1949 رصد العلماء الأمريكيون نشاطا إشعاعيا من داخل الاتحاد السوفيتي في منطقة سيميبالاتينسك، بكازاخستان وقدروا أنه لا يمكن أن يكون ناجما إلا عن تجربة نووية، ولدى إبلاغ ترومان بالأمر لم يصدق وطلب من مستشاريه العلميين والعسكريين تحري الأمر، وعندما تم التأكد من تلك المعلومات، واجه ترومان الأمة بأن السلاح النووي لم يعد حكرا على الولايات المتحدة.
وتقول كتب التاريخ إنه في 29 أغسطس 1949، بات الاتحاد السوفييتي رسميا ثاني "دولة نووية" عندما فجر قنبلة بلوتونيوم معروفة باسم RDS-1 كأول أسلحته النووية.
وبحسب وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي أيه"، فإن التجربة السوفيتية فاجأت الحكومات الغربية، ولم يكن العملاء الأمريكيون يعتقدون أن السوفييت قادرون على إنتاج قنبلة نووية قبل عام 1953,
منذ ذلك التاريخ تشكل مبدأ توازن الرعب حيث أنه أصبح من شبه المستحيل في ظل توازن القوى تصور انتصار طرف والاستمرار في الوجود.
 
إدارة الصراع
 
نظرية الردع هي إحدى نظريات إدارة الصراع التي تستند أساساً على الأدوات العسكرية، لذلك كثيراً ما يقرن البعض مصطلح الإستراتيجية بمصطلح الردع، لذا بات مصطلح "إستراتيجية الردع" من المصطلحات شائعة الاستخدام سواء في مجال التخطيط العسكري أو العلاقات الدولية.
وتستند نظرية الردع على افتراض مفاده أن القوة هي أفضل علاج للقوة، فقوة الدولة هي العامل الأساسي لكبح جماح الآخرين، فعندما يتحقق لدولة ما تفوق في القوة فإنها تستطيع فرض إرادتها على الدول الأخرى، ولا يكبح جماحها إلا قوة أخرى مضادة لها أو متفوقة عليها، وهو ما تبنى عليه سياسة الردع أو ردع القوة. وبرغم أن سياسة الردع التي تتبعها الدول قد تشكل عاملاً من عوامل الصراع بقدر كونها وسيلة لتجنب الصراع، إلا أنه في حالة وجود صراع وحدثت مواجهة بين أطرافه - فمن المؤكد أن هذا التهديد سوف يتضاعف إذا ما واجهت القوة ضعفاً، فتقصير الدولة في تعزيز قوتها هو حكم عليها بالهلاك لأنها تشجع غيرها بالعدوان عليها.
تقوم نظرية الردع على فكرة أن القوة الأضعف -بحكم القوة التدميرية لأسلحة القوة- يمكنها ردع خصم أقوى شريطة أن تكون هذه القوة محمية ضد التدمير بهجوم مفاجئ. اكتسبت هذه النظرية أهمية متزايدة باعتبارها صفة إستراتيجية عسكرية، وارتبطت باستخدام الأسلحة النووية خلال الحرب الباردة برغم اختلافها عن مفهوم التدمير المؤكد المتبادل الذي يصور الطبيعة الوقائية للهجوم النووي الشامل الذي من شأنه أن يدمر كلا الطرفين في الحرب النووية. يعد الردع إستراتيجية تهدف إلى ثني الخصم عن اتخاذ إجراء لم يقم به بعد عن طريق التهديد بالانتقام، أو لمنعه من فعل شيء ترغب فيه دولة أخرى. تعتمد الإستراتيجية على المفهوم النفسي الذي يحمل نفس الاسم. كتب برنارد برودي في عام 1959 عن وجود رادع نووي موثوق يكون متأهبًا دائما، لكنه لم يستخدم قط.
يصرح سياسيون: كلنا يعلم أنه من المستبعد تماما أن يتعمد أي زعيم في العالم إشعال حرب نووية، إلا إذا كان قد فقد صوابه. لكننا لم نضع في الحسبان أن الحرب قد تشتعل بسبب أخطاء غير مقصودة.
فمنذ اكتشاف الأسلحة النووية، اقترب العالم من حافة صراع نووي مدمر 22 مرة على الأقل، بسبب إساءة تفسير أحداث لا ضرر منها، مثل سرب من البجع أو لون القمر أو مشاكل طفيفة في الكمبيوتر أو ظواهر جوية فضائية غامضة.
ليس من السهل أن ننسى أن هناك نحو 14000 سلاح نووي في العالم، وهي أسلحة لديها القدرة مجتمعة على حصد أرواح نحو ثلاثة مليارات شخص أو ربما تؤدي إلى فناء الجنس البشري في حالة حدوث شتاء نووي.
 
حافة الهاوية
 
رغم ترسخ نظرية توازن الرعب في تفكير وتصرف السياسيين والعسكريين خاصة في الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة خلال فترة الحرب الباردة، لم يحل ذلك دون وقوع أحداث ونزاعات وأخطاء تقنية وبشرية كادت أن تقود إلى حرب عالمية ثالثة، ولتجنب تلك المخاطر فرضت تسويات وعقدت عدة اتفاقيات دولية وثنائية.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بداية العقد الأخير من القرن العشرين تصور البعض في الغرب أن قدرة الكرملين للردع النووي في نطاق جمهورية روسيا الاتحادية ستتبخر تدريجيا خاصة نتيجة سياسات الرئيس بورس يلتسين الضعيفة بل وطرحت فكرة نزع سلاح موسكو بعد تجريد أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا من ترسانتها النووية بعد خروجها من الاتحاد السوفيتي.
استعادة روسيا لتوازنها داخليا ثم لدورها العالمي مع بداية القرن الحادي والعشرين ووثبة الصين العملاقة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا أعادت العالم إلى مرحلة توازن الرعب، وموازاة مع ذلك توسع مجال الصراع بين واشنطن وموسكو وبكين ليمتد في ساحات مجربة ويشمل ميادين جديدة.
يقدر الخبراء أنه رغم حرص القوى الكبرى الثلاث على تجنب الدخول في مواجهات عسكرية مباشرة والاكتفاء في بعض الأحيان بالتصارع عبر وكلاء فإن خطر كسر جدار الحذر قائم لأسباب متعددة خاصة منها غير المقصود.
ثمة نوعان من الخطأ الذي قد يؤدي إلى إطلاق إنذار كاذب، الخطأ البشري والخطأ التقني، وقد يقع كلاهما في وقت واحد.
هناك أحداثا تاريخية تكشف عن مدى سهولة تعطل التدابير الأمنية التي تتخذ لمنع إطلاق الأسلحة النووية دون قصد، بسبب أخطاء بشرية أو حيوانات برية متطفلة.
ويليام بيري، وزير الدفاع الأسبق في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلنتون قال: "إذا أطلق الرئيس عددا من الصواريخ ردا على إنذار كاذب، فقد يتسبب في إشعال حرب نووية غير متعمدة. وهذا القرار لا يمكن الرجوع فيه، لأن الصواريخ بمجرد إطلاقها لا يمكن استعادتها أو تدميرها".
الصواريخ في العمليات التجريبية قد تدمر نفسها عندما تخرج عن مسارها، لكن هذه الإمكانية غير متاحة في حالة شن هجوم حقيقي، خشية أن يستخدم العدو هذه الخاصية لتعطيل الصواريخ.
ويضيف بيري: "يتمتع الرئيس الأمريكي بسلطة مطلقة لاستخدام الأسلحة النووية، ولا أحد يملكها غيره". وقد منحت هذه الصلاحيات المطلقة للرئيس الأمريكي منذ عهد الرئيس ترومان، الذي كان يرى أن الأسلحة النووية هي سلاح سياسي ويجب أن يوضع تحت تصرف السياسيين.
وثمة مخاوف أخرى من أن يؤدي تزايد الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر المعقدة إلى أن يشن قراصنة الإنترنت أو الفيروسات أو الذكاء الاصطناعي حربا نووية.
 
أعلى مستويات الخطر
 
يوم الثلاثاء 21 مايو 2019 قالت خبيرة أمنية كبيرة بالأمم المتحدة، إن الخطر من استخدام الأسلحة النووية بات الآن في أعلى مستوياته منذ الحرب العالمية الثانية، واصفة ذلك بالمسألة "العاجلة" التي يتعين على المجتمع الدولي التعامل معها على نحو أكثر جدية. 
وذكرت ريناتا دوان، مديرة معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، إن كل الدول التي تملك أسلحة نووية لديها حاليا برامج للتحديث النووي، وإن المشهد الخاص بالرقابة على الأسلحة يشهد تغيرا، لعدة أسباب، منها التنافس الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة.
وقالت للصحفيين في جنيف إن الترتيبات الخاصة بالرقابة على الأسلحة التقليدية تتلاشى أيضا نتيجة ظهور أساليب جديدة للقتال مع تزايد انتشار الجماعات المسلحة والوسائل التكنولوجية الجديدة التي طمست الخط الفاصل بين الهجوم والدفاع.
وأضافت أنه مع تعثر محادثات نزع السلاح على مدى العقدين الماضيين، وقعت 122 دولة على معاهدة لحظر السلاح النووي، لأسباب تتعلق بالإحباط، وأخرى من منطلق إدراك بالمخاطر.
وذكرت: "أعتقد أنها دعوة حقيقية للإدراك، وهذا شيء مفقود في التغطية الإعلامية للقضايا، بأن مخاطر اندلاع حرب نووية أصبحت كبيرة الآن على وجه الخصوص، وإن خطر استخدام الأسلحة النووية فيما يتعلق ببعض العناصر التي أشرت إليها بات أكبر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية".
يوم 12 سبتمبر 2019 أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن الوضع في مجال الاستقرار الاستراتيجي العالمي مستمر في التدهور. وأضاف خلال ندوة أمنية في موسكو: "لا يزال الوضع في مجال الاستقرار الاستراتيجي يتدهور، وللأسف هذه حقيقة غير قابلة للنقاش. وتتزايد المخاطر أيضا ... هناك خطر نشوب حرب نووية، حتى ولو لم يكن لدى أحد نية لخوض نزاع نووي".
وأضاف: "نشهد ديناميكيات سلبية خلال العام الأخير بشكل خاص... حيث تصبح تصرفات زملائنا في الغرب أكثر انفعالية، وفي بعض الأحيان عدوانية للغاية".
وأشار ريابكوف إلى أن "الشركاء الغربيين" يعرقلون عمل قنوات الحوار ويواصلون تقويض هيكل الرقابة على التسلح.
وشدد الدبلوماسي الروسي على أن الولايات المتحدة تواصل تكتيك "المماطلة" في مسألة تمديد معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية "ستارت"، ولا تبدي استعدادا لبحث المشاكل المتعلقة بها بشكل جوهري.
وعبر ريابكوف عن قلق روسيا إزاء الوضع المحيط بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، مؤكدا أن موسكو على علم بأن واشنطن تبقي مواقعها للاختبارات النووية في حالة جهوزية استعدادا لاحتمال استئناف التجارب.
وفيما يتعلق بشروط لا بد من توفرها للمضي في تقليص الأسلحة النووية، ذكر ريابكوف إن روسيا ترى أنه من المستحيل مواصلة تقليص الأسلحة النووية دون فرض قيود في مجال الدفاع الصاروخي.
بالإضافة إلى ذلك، أشار ريابكوف إلى "إننا قد اقتربنا في مجال ضبط التسلح من الخط، الذي يصبح بعده من الضروري أخذ القدرات النووية للدول الأخرى التي تمتلك هذه الأسلحة، في الحسبان بشكل كامل".
 
التأهب للحرب النووية
 
يوم 3 فبراير 2021 حذر قائد القيادة الإستراتيجية الأمريكية الأميرال تشارلز ريتشارد من إمكانية نشوب الحرب النووية.
وأشار الأميرال في مقال صحفي إلى أنه لا يستبعد إمكانية أن تتطور أزمة ممكنة مع روسيا أو الصين إلى نزاع يستخدم فيه السلاح النووي. وبحسب القائد العسكري الأمريكي، فإن روسيا أو الصين قد تلجأ إلى استخدام السلاح النووي إذا رأت أن استخدام الأسلحة التقليدية ضدها يشكل خطرا على النظام السياسي أو استمرارها كدولة.
ولهذا يجب أن يتحول البنتاغون من تصور استحالة استخدام السلاح النووي إلى رؤية إمكانية أن يكون هذا أمرا واقعا.
وجاء في مقال الأميرال ريتشارد إن البنتاغون قد يتعرض إلى خطر وضع الخطط التي "لا نستطيع تحقيقها"، وامتلاك الإمكانيات التي لن تحقق النتائج المرجوة إذا "لم نفهم ولم نقبل ماذا يواجهنا".
ووفق قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية، فإن وزارة الدفاع الأمريكية ستجد نفسها، في حال لم يتغير شيء فيها، على طريق الاستعداد لنزاع تفضله وليس ما ستواجهه على أرض الواقع.
وردد الأميرال في مقاله مزاعم ضرورة التصدي للسياسة العدوانية الروسية.
ومن المتوقع أن يبلغ إنفاق الولايات المتحدة على ترسانتها النووية 400 مليار دولار في الفترة ما بين 2017 و2026.
يوم الأربعاء 24 فبراير 2021 دعا المرشح لمنصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ويليام بيرنز، إلى "إبداء اليقظة" في التعامل مع "نشاط الاستخبارات الروسية والصينية".
وقال بيرنز خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي: "يجب أن نعير اهتماما خاصا لقدرات خصومنا، سواء أكانت الاستخبارات الروسية... أو الصينية".
وشدد على أنه "لا يجوز التقليل من قدراتها، وهي تبذل جهودا كثيرة لتحقيق التطور التكنولوجي، ونحن نرى ذلك أيضا من قبل استخبارات أصغر مثل الإيرانية أو أخرى".
وأضاف: "من المهم تجنب التقليل من قدراتها في تقييماتنا وعلينا أن نتعلم حيث نستطيع".
يذكر أن ويليام بيرنز وكان نائبا لوزير الخارجية الأمريكي في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما في 2011 و 2014، وسفيرا للولايات المتحدة في روسيا خلال الفترة بين 2005 و2008، وفي الأردن من 1998 إلى 2004، وكذلك مساعدا لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط في 2001 وحتى 2005.
 
فترة خطرة
 
يقدر محللون أن أخطارا غير مسبوقة تواجه العالم خلال العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين وذلك نتيجة الوصول إلى مرحلة الحسم في ترتيب النظام العالمي المتعدد الأقطاب، وتبدل موازين القوة الاقتصادية والعسكرية. ويحذر خبراء من أن شعور أي من القوى الكبرى الثلاث بأن فواصل قدراتها مهدد قد يدفعها إلى ركوب مخاطر شن حرب نووية على أمل تحقيق نصر.
خصوم سياسات واشنطن يحذرون من أن الرئيس الأمريكي الحالي بايدن أو من يخلفه وأمام خطر استمرار تراجع مركز الولايات المتحدة الإقتصادي والعسكري قد يقدم على عمل من شأنه أن يجر العالم إلى حرب نووية.
يوم الخميس 4 فبراير 2021 تعهد الرئيس جو بايدن بمواجهة "استبداد" الصين وروسيا، مشددا على رغبته تغيير نهج سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب حيال موسكو.
وصرح بايدن من وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة يجب أن "تكون موجودة في مواجهة تقدم الاستبداد، خصوصاً الطموحات المتزايدة للصين ورغبة روسيا في إضعاف ديمقراطيتنا".
وأضاف "لقد قلت بوضوح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبشكل مختلف جداً عن سلفي، إن الزمن الذي كانت تخضع فيه الولايات المتحدة لأفعال روسيا العدوانية (...) قد ولّى".
وشدد الرئيس الديمقراطي على ضرورة وقوف حلفاء الولايات المتحدة بحزم في مواجهة التحديات التي تمثلها الصين وإيران وروسيا، مؤكداً أن موسكو تسعى لإضعاف التحالف عبر الأطلسي، وداعياً إلى الوحدة لمواجهة ما وصفه بالممارسات الاقتصادية التعسفية للصين.
وفي حين قال إن إدارته "مستعدة لإعادة الانخراط في المفاوضات" مع مجلس الأمن الدولي في شأن برنامج طهران النووي، أكد أن "علينا أن نتعامل مع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في أنحاء الشرق الأوسط. سنعمل مع شركائنا الأوروبيين وغيرهم بينما نمضي قدماً".
وحض بايدن حلفاء بلاده على العمل معاً لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الصينية، قائلاً "علينا الاستعداد معاً لمنافسة إستراتيجية بعيدة الأمد من الصين. علينا ضمان أن تتم مشاركة فوائد النمو بشكل واسع وبالتساوي، ليس من قبل البعض فقط. يمكننا مواجهة انتهاكات الحكومة الصينية الاقتصادية والإكراه وتقويض أسس النظام الاقتصادي العالمي".
كذلك أعلن البيت الأبيض أن بايدن تخلى عن خطة طرحها سلفه ترمب لدعوة روسيا للانضمام إلى مجموعة السبع.
وفي نفس السياق، حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، من أنه على الحلفاء الغربيين وشركائهم إقامة علاقات أقوى في مواجهة "عواقب" صعود الصين على الأمن عبر الأطلسي. وقال إن "صعود الصين يعد مسألةً مصيرية بالنسبة للمجتمع الأطلسي مع عواقب محتملة على أمننا وازدهارنا وأسلوب حياتنا، لذلك ينبغي على حلف شمال الأطلسي تعميق العلاقات مع شركائنا المقربين، مثل أستراليا واليابان، وإقامة علاقات أخرى حول العالم".
وكان أمين عام حلف شمال الأطلسي قد افاد في وقت سابق أن حجم القوات الأمريكية المتواجدة في أوروبا بلغ أعلى مستوياته بعد الحرب الباردة. وشهدت أوروبا قدوم المزيد من القوات الأمريكية. وقد حل بها زهاء 20 ألف جندي أمريكي حيث شاركوا فى “مناورات مدافع 2020”. الجنرال “جيف هاريغان”، قائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا، كشف عن وجود خطة لمهاجمة منشآت الدفاع الجوي الروسية في منطقة “كالينينغراد” في حال “غزت روسيا جمهوريات البلطيق”.ووفقا للإستخبارات الأمريكية حشدت روسيا مزيدا من القوات والصواريخ في منطقة “كالينغراد” على بحر البلطيق. وأفادت وكالة “رويترز” إن المنطقة شهدت قبل أشهر وصول شاحنات تنقل عتادا عسكريا من ميناء إلى داخل المدينة إلى القاعدة العسكرية التي تجري فيها عمليات توسعة تتضمن بناء شبكة رادارات وتشويش.
الكرملين وصف تصريحات بايدن، بـ "الخطاب العدواني وغير البناء"، مشيراً إلى أنه لن يتهاون مع أي إنذارات أمريكية.
لكن الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أضاف إن موسكو تأمل أنه لا تزال ثمة فرصة لحوار مثمر بين البلدين عندما تتلاقى مصالحهما.
من جهتها، هاجمت بكين واشنطن، إثر اقتراب سفنها من جزر تسيطر عليها في بحر الصين الجنوبي، واتهمتها بـ"إفساد الأجواء".
وكانت البحرية الأمريكية، قد ذكرت إن "إحدى سفنها الحربية وهي المدمرة جون ماكين قد أبحرت قرب جزر باراسيل التي تسيطر عليها الصين"، في خطوة تؤكد بها حرية الملاحة وهي الأولى من نوعها في عهد إدارة الرئيس جو بايدن.
وندد الجيش الصيني بهذا التحرك، وقال إنه "أرسل وحدات بحرية وجوية لتتبع السفينة وتحذيرها". ويمثل بحر الصين الجنوبي إحدى نقاط التوتر المشتعلة في العلاقات بين واشنطن وبكين، إلى جانب الحرب التجارية والعقوبات الأمريكية وهونك كونغ وتايوان.
وتشعر الصين بالغضب إزاء عمليات الإبحار الأمريكية المتكررة بالقرب من الجزر التي تشغلها وتسيطر عليها في بحر الصين الجنوبي. وتؤكد أن سيادتها على الجزر لا تقبل الطعن وتتهم واشنطن بتعمد إشعال التوتر.
وذكرت قيادة مسرح العمليات الجنوبية في جيش التحرير الشعبي الصيني، إن "السفينة دخلت المياه الإقليمية لجزر باراسيل دون إذن، مما يشكل انتهاكاً خطيراً لسيادة الصين وأمنها".
 
الحرب السيبرانية
 
جاء في تقرير أمريكي نشر يوم 21 ديسمبر 2020: في أيام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، كانت "حرب الجواسيس"، أحد وجوه ذلك الصراع الشرس بين القطبين.
تفكك الاتحاد السوفييتي، وورثته كبرى جمهورياته، روسيا، لكن الحرب الباردة بدأت ترتفع درجة حرارتها. وبات العالم يشهد سباقاً متجدداً للتسلح.
أما التطور الذي لم تكن تعرفه الحرب الباردة في نسختها السوفييتية الأمريكية، فهو فتح جبهة جديدة عبر السلاح السيبراني "فضاء السيبر"، الذي يعني القيادة والتحكم عن بعد، الآلية التي أتاحتها الثورة التقنية المتمثلة بالإنترنت.
القصف السيبراني "العنيف" على شبكات الحكومة والشركات الأمريكية خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر 2020، أشعل الجدل داخل الولايات المتحدة، التي وجهت الاتهام على نحو خاص إلى روسيا، التي نفت رسمياً تورطها في هذه الهجمات.
هذه الهجمات، استهدفت الكثير من الوزارات والهيئات والمؤسسات الأمريكية، حتى إنه لم تَسلم منها وزارتا التجارة والخزانة، في تطورٍ خطيٍر، لا يَقتصر مداه على الإدارة الأمريكية بجميع مؤسساتها، ولكن يمتد ليشمل الشعب الأمريكي كله.
القصف السيبراني الأخير، جاوز كل التوقعات والتقديرات، حتى الخبراء الأمريكيين الذين نَعتوه بأقسى هجمات تعرضت لها الولايات المتحدة. وأكد بعضهم أنه جاوز في مداه وحجمه، القصف البحري والجوي الياباني لميناء وقاعدة بيرل هاربر، في السابع من ديسمبر عام 1941، والذي عجل بانخراط الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية.
مراقبون اعتبروا إشادة الرئيس فلاديمير بوتين، علناً، بوكالة المخابرات الروسية "SVR"، في هذا التوقيت، إشارة إلى دورها في هذه الهجمات، رغم أن الحديث جاء بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الـ "SVR"، بوتين، العضو السابق في جهاز المخابرات السوفييتية السابق "KGB"، زار مقر المخابرات الروسية، وهنأ موظفي وكالة الأمن على إنجازاتهم المهنية. وقال "أعرف ما أتحدث عنه هنا.. وأنا أقدر بشدة، العمليات المهنية الصعبة التي تم إجراؤها".
يبدو أن الحرب السيبرانية ستشهد فصولاً أشد خطورة في المستقبل القريب والبعيد. لكن يبقى السؤال المحير: ألهذه الدرجة، يمكن للآخرين تحقيق الاختراقات المتكررة للحاجز الأمني لأكبر دولة في العالم؟. هل يعقل أن يكون رئيس للولايات المتحدة، متهماً بأنه وصل السلطة على متن تدخل سيبراني أجنبي؟. الإجابة عن هذه الأسئلة، تبقى برسم الأيام، الأسابيع، الشهور، وربما السنوات القادمة.. فالحرب ما زالت مستمرة، والأمريكيون ينتظرون ما الذي سيفعله رئيسهم الجديد.
 
مفاتيح حرب الإنترنت
 
جاء في تقرير صدر من موسكو يوم 2 فبراير 2021: في ديسمبر 2020، حذر قائد الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف، من أن امتداد المواجهة العسكرية إلى المجال السيبراني والفضاء يزيد من مخاطر الحوادث التي تنطوي على أسلحة نووية، مسلطاً الضوء على المخاوف من التوترات المتزايدة، ويوم 1 فبراير، حذرت موسكو من إمكانية لجوء الولايات المتحدة لفصل روسيا عن شبكة الانترنت العالمية.
وتطرقت تعليقات لغيراسيموف قبل شهر إلى أحدث خلاف في العلاقات الأمريكية الروسية المتمثلة في اختراق هائل للوكالات والمؤسسات الحكومية الأمريكية التي ربطتها السلطات في واشنطن بقراصنة انترنت روس.
ويوم الاثنين فاتح فبراير، قال الرئيس الروسي السابق، نائب رئيس مجلس الأمن القومي، دميتري مدفيديف، إنه لا يستبعد قطع الاتصال بشبكة الإنترنت العالمية عن بلاده. وأشار إلى أن "حقوق إدارة شبكة الاتصالات العالمية الرئيسة، موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي حال حدث شيء غير عادي، أو فقد شخص عقله هناك، فإن روسيا قد تصبح خارج تغطية الشبكة العنكبوتية، لأن مفاتيح التحكم موجودة في الخارج".
وأوضح أن لدى موسكو كل القدرات التقنية اللازمة، لضمان التشغيل المستقل لشبكة الانترنت المحلية الروسية Runet.
وتابع أن وضع تشريعات خاصة بالجزء الروسي من الانترنت، يرجع إلى الحاجة إلى التحكم الذاتي في شبكة Runet، إذ يتم تنفيذ الوظائف الإدارية للدولة، من خلال الشبكة العنكبوتية.
وكانت الهيئة الفيدرالية للإشراف على الاتصالات وتقنيات المعلومات والاتصالات الجماعية، قد أجرت في سبتمبر 2020، مشروعاً تجريبياً لاختبار المعدات، لضمان التشغيل المستقر لـ Runet، في حال حصول تهديد خارجي.
 
منافسة الدول
 
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ندد بمجموعات الإنترنت العملاقة، متهماً إياها، في كلمته بمنتدى دافوس الاقتصادي، ألقاها عبر الفيديو، يوم الخميس 28 يناير 2021، بأنها أصبحت "منافسة للدول". 
وتساءل بوتين: "أين الخط الفاصل بين نشاط تجاري عالمي ناجح وتوفير الخدمات المطلوبة وجمع البيانات الضخمة من جهة، والمحاولات المرفوضة لعمالقة التقنيات الرقمية، وفقاً لتقديرهم الخاص، في إدارة المجتمع واستبدال المؤسسات الديمقراطية الشرعية، من جهة أخرى؟".
وتابع: "لقد رأينا تقييد حق الشخص في أن يقرر بنفسه كيف يعيش، وماذا يختار، وكيف يعبر عن رأيه بحرية...فقط في الولايات المتحدة".
في موسكو أعلن نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي”أوليغ خراموف” أن نحو 75 في المئة من الهجمات الإلكترونية في العالم تتم من داخل الولايات المتحدة. وتابع “يتصدر الأمريكيون الإحصاءات المتعلقة بالأنشطة الضارة بحجم كبير، ففي الفترة الممتدة من 2016 إلى 2019، وصل حجم الهجمات التي مصدرها الولايات المتحدة إلى ما بين 40 إلى 70 في المئة” وفقا لـسبوتنيك” في 25 أغسطس 2020.
الرئيس دونالد ترمب اعترف أن الولايات المتحدة شنت هجومًا سيبرانيا ضد وكالة أبحاث الإنترنت الروسية عام 2018. وذلك خلال مقابلة مع مارك تيسين من صحيفة “واشنطن بوست”.
من جانبها أفادت شركة “لوكاوت الأمنية” الأمريكية إن شركة دفاعية متعاقدة مع روسيا تتهمها الولايات المتحدة بدعم هجمات إلكترونية، طورت برنامجاً يستخدم للتجسس على الهواتف الذكية. وأضافت “لوكاوت” في تقرير أن شركة “سبيشال” تكنولوجي سنتر، طورت رمزاً يتم توجيهه صوب عدد قليل من الأهداف تشمل المهتمين بجماعة مسلحة معارضة في سوريا المتحالفة مع روسيا. واكتشفت الشركة عينات من البرمجيات موجهة لهواتف وفقا لـ”يورونيوز” فى 27 يوليو 2019.
وأصدرت وكالة الأمن القومي الأمريكية تحذيرا أمنيا من موجة جديدة من الهجمات الإلكترونية على خوادم البريد الإلكتروني، تشنها وحداة التجسس الإلكتروني الروسية “74455” التابعة للمركز الرئيسي للتكنولوجيات الخاصة في مركز GRU Main Center for Special Technologies، التي هي قسم من جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية التي تعرف أيضا بمجموعة Sandworm” وفقا لـ”مونت كارلو ” في 4 يونيو 2020 . وحذرت وكالة الأمن القومي من استغلال مجموعة “Sandworm” ثغرة أمنية خطرة نظام”Exim” لنقل رسائل البريد الإلكتروني” Mail Transfer Agent” لتستهدف المنظمات الخاصة والحكومية.
 
نحو الحرب
 
كتب المحلل السياسي ألكسندر نازاروف يوم 7 فبراير 2021: نشاهد أمام أعيننا كيف يتجه الوضع في أوكرانيا بسرعة نحو الحرب، التي يمكن أن يتورط فيها الناتو وروسيا.
لم يعد أمام الولايات المتحدة الأمريكية وقت طويل قبل أن تصبح الصين أكبر اقتصاد في العالم، ويصبح اليوان هو العملة التجارية والاحتياطية في العالم، ما سيؤدي إلى انهيار الدولار الأمريكي، وهرم الديون العالمي، ثم الاقتصاد الأمريكي. وعلى خلفية الأزمة الداخلية الخطيرة، لم يعد هناك يقين من أن تستمر الولايات المتحدة الأمريكية على شكلها الحالي بعد 10 سنوات من الآن.
وبينما كان الحزب الديمقراطي الأمريكي يحاول الإطاحة بترمب باستخدام حملته الشرسة ضد روسيا، قام بشيطنتها ودمر العلاقات معها لدرجة أن التحالف الروسي الصيني أصبح أمرا طبيعيا وحتميا.
لكن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع تحمل صراع مع روسيا والصين في نفس الوقت، لذلك فمن المنطقي أولاً تحييد الخصم الأضعف اقتصادياً وهو روسيا.
وحتى انتخابات الكونغرس القادمة، والتي من المحتمل أن ترتبط بتفاقم الصراع السياسي الداخلي، يمنح الوضع الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس بايدن مهلة تمتد حوالي عامين فقط.
خلال هذين العامين، يجب أن يكون لدى الولايات المتحدة الأمريكية الوقت الكافي لتحييد روسيا، لتتفرغ بعد ذلك لتحييد الصين خلال حوالي 4 سنوات أخرى.
 
ركائز استراتيجية "الجار الثالث"
 
بدلا من حتمية الحرب يوجد من يقدم البديل:
طغت على العلاقات الأمريكية الروسية محطات من المواجهة والصراعات، التي بلغت ذروتها في حرب باردة دامت أكثر من أربعة عقود. صحيح أنها انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي وانتصار المعسكر الليبرالي الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، إلا أن روسيا ما زالت قائمة كواحدة من أهم وأقوى دول العالم.
في هذا السياق، يؤكد كل من الباحثين "ماثيو روجانسكي" و"مايكل كيميغ" في مقالهما المعنون: "الجار الثالث: هل تستطيع أمريكا التعايش مع روسيا البوتينية؟"، على ضرورة تطوير نهج جديد منقح للعلاقات الأمريكية الروسية، يقوم على مبدأ "سيكولوجيا الجار"، مما يعني أنه حان الوقت لأن ينظر إلى روسيا على أنها الجار الثالث للولايات المتحدة في بيئة دولية مترابطة.
نتيجة للتدخل الروسي في أوكرانيا سنة 2014 لإستعادة أراض روسية، وتدخلها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، يرى الكاتبان أن روسيا باتت تحظى باهتمام من جانب الأمريكيين، حيث تصدرت عناوين الأخبار بالولايات المتحدة، فضلا عن ترقيتها لمرتبة المنافس من القوى العظمى إلى جانب الصين.
انطلاقًا من هذا، طرح الكاتبان عدة ركائز لاستراتيجية "الجار الثالث" الأمريكية تجاه روسيا، أولها ضرورة التعرف على روسيا بشكل أعمق، وذلك بالعودة للأنماط والتصورات التي شكلت العلاقة الأمريكية الروسية، لاسيما خلال فترة الثلاثينيات "1930"، التي كشفت عن نجاح كلا البلدين في احترام بعضهما بعضا، والعمل وفق مصالحهما المشتركة.
ثانيًا، ضرورة التعرف على مصالح ورغبات كل من الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى تفسيرات النظام الدولي الخاص بالولايات المتحدة والفريدة من نوعها بالنسبة لروسيا، مع العمل على وضع رؤى جديدة للعلاقات الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن بالبعد عن تلك المثقلة بالثقافات السياسية المحلية المتناقضة من كلا البلدين. وأخيرًا، يجب أن تتمتع استراتيجية الولايات المتحدة بالمرونة تجاه التدخلات الروسية، وأن تقبل روسيا وتتعامل معها ليست كقوة عسكرية هائلة قادرة على إبراز القوة العالمية فحسب، بل كجار قريب في الشئون العالمية.
لا سيما وأن روسيا ستكون دائمًا على صلة بالمصالح الأمريكية، وبالتالي سيكون من الصعب على الولايات المتحدة دفع موسكو للامتثال لقيم أي شخص آخر أو مفاهيم النظام العالمي، فلن يقبل الروس العزلة غير الطوعية عن الحضارة الأوروبية الأطلسية التي كانوا دائما جزءا منها، لذا ستكون استراتيجية "الجار الثالث" الخيار الأمريكي الأنسب للتعامل مع روسيا.
 
روسيا والصين
 
جاء في بحث كتبه ريشارد ساكوا الأستاذ بجامعة كنت البريطانية، مؤلف كتاب "مستقبل روسيا"
بدأت بعض الأصوات ترتفع على ضفتي المحيط الأطلنطي في أوروبا وأمريكا تعبيرا عن معارضتها لأي تهدئة مع سلطات موسكو، معتبرة أن روسيا تتسبب في تقويض أسس القانون الدولي. أما روسيا التي تؤيد قيام نظام دولي متوازن فهي ترى أنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية ألا تهيمن على العالم وأن تقبل بالعالم متعدد الأقطاب وأن تحترم سيادة الدول. رغم أن روسيا حققت تقاربا كبيرا مع الصين خلال الأعوام الماضية إلا أنها لا تزال تتلمس طريقها بين الشرق والغرب.
ما الذي تريده روسيا اليوم؟
يزعم بعض المحللين السياسيين والاستراتيجيين أن روسيا متشبثة بنظام عالمي ولى وانقضى: أي النظام الذي انبثق عن قمة يالطا ما بين الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في خضم الحرب العالمية الثانية، وهو النظام العالمي الذي انبثق أيضا عن سنوات الحرب الباردة التي امتدت من نهاية الحرب العالمية الثانية وصولا إلى سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك المنظومة الاشتراكية.
في سنوات الحرب الباردة كانت سلطات الكرملين تتمتع بمناطق نفوذ حيوية في أوروبا الشرقية، إضافة إلى سيطرتها على دول آسيا الوسطى. في سنة 2014 أقدمت روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين على ضم شبه جزيرة القرم وهو ما يدل على رفضها القاطع التفريط في نفوذها في جمهورية أوكرانيا التي تدخل ضمن مناطق النفوذ الحيوي الروسي وهي تمثل الدرع الطبيعي الذي يمنع توسع الحلف الأطلنطي كي يصل إلى حدودها.
يوم 18 ديسمبر 2017 صدر تقرير الأمن القومي الأمريكي الذي وصف روسيا آنذاك على أنها دولة "في حالة مراجعة"، أي أنها، بعبارة أخرى تأمل في تدمير النظام العالمي الموجود حاليا. اعتبر التقرير أيضا أن روسيا يحكمها نظام شمولي يسعى لتحويل الانظار عن المشاكل الداخلية في روسيا من خلال "المغامرات العسكرية الخارجية". والأسوأ من ذلك كله في نظر الغرب أن سلطات الكرملين تسعى للتحالف مع النظام الشمولي الصيني سعيا لتصدير النموذج السياسي الروسي في ظل ترهل الأنظمة الليبرالية الغربية.
لا شك أن التحديات الكبيرة التي أطلقتها سلطات موسكو في وقت من الأوقات ضد الدول الغربية أسهمت في تقوية الوضع السياسية الداخلي في روسيا، على عكس ما كان عليه الوضع في فترة حكم الرئيس السابق بوريس يلتسين. مع ذلك من الخطأ النظر إلى السياسة الروسية من هذه الزاوية فقط.
ما الذي تريده سلطات الكرملين وما الأهداف التي تريد أن تحققها من خلال التقارب مع الصين، التي تنامي قوتها الاقتصادية وحتى العسكرية والسياسية في العالم؟.
تريد سلطات موسكو أساسا أن تكون شريكة في إدارة شؤون العالم وأن تحظى بالاعتراف وتمارس دورها على ذلك الأساس غير أن هذا الطموح قد أصيب في مرحلة معينة بخيبة أمل. في الأيام الأخيرة للحرب الباردة، حاول الاتحاد السوفييتي ثم روسيا بعد نهاية الحرب الباردة، أن يغبر كما يسميه الروس "التاريخي" وذلك بالدخول إليه وبناء ما يمكن أن يسمى "الغرب الكبير". كانت روسيا تأمل من خلال هذا التصور أن تخرج أوروبا الغربية من الإطار المؤسساتي والآيديولوجي الأطلنطي للحرب الباردة وبناء ثقافة الحوار السياسي والتفاعل المتبادل والمفيد للطرفين.
أما الغرب فإنه لم يتجاوب مع الرغبة الروسية ولم يوافق إلا على التوسع في إطار النظام القائم. فبعد أن تحرر النظام الليبرالي الغربي مع التهديد العسكري والآيديولوجي الذي كان يمثله الاتحاد السوفييتي في ذروة الحرب الباردة أصبح الفكر الليبرالي الغربي يتبنى نظرية مونرو بشكل أو بآخر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, أي تحت النفوذ الأمريكي بكل بساطة وهو النفوذ الذي سيتسع سعيا للسيطرة على العالم بالاعتماد على النفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي، إضافة إلى أدوات القوة الناعمة دون ترك مجال لبقية الكيانات الأخرى المستقلة....
في نهاية المطاف أصبحت روسيا تعارض هذا النهج الغربي الذي تعتبره وسيلة للتوظيف والهيمنة. تولى يفجيني بريماكوف منصب وزير الخارجية في الفترة ما بين 1996 و1998 قبل أن يصبح رئيسا للوزراء ما بين سنتي 1998 و1999 وقد كان أول من يعطي لبلاده وضع الدولة التي تتصدى للمشاريع الغربية في فترة ما بين نهاية الحرب الباردة.
عندما تأكد أن الحلف الأطلنطي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية يواصل قبول انضمام أعضاء جدد والاستعداد للتدخل في إقليم كوسوفو دون أي اعتبار للمصالح التاريخية والحيوية الروسية أعادت سلطات الكرملين التأكيد على ضرورة بناء عالم متعدد الأقطاب بعيدا عن القطبية الغربية الواحدة.
خلال الزيارة التي قام بها إلى الهند في شهر ديسمبر من سنة 1998 شدد بريماكوف على ضرورة وجود قوة تكون الثقل المضاد للسياسة الانفرادية الأمريكية واقترح على هذا الأساس بناء تحالف قوي ما بين القوى غير الأطلنطية، وصولا إلى إنشاء "مثلث استراتيجي ما بين روسيا والهند والصين، وهو المثلث الذي شكل بعد ذلك النواة التي قام على أساسها التجمع الذي يضم روسيا والهند والصين والبرازيل وجنوب إفريقيا".
استلهم هذا التجمع من نظرية التعايش السلمي التي كان قد بلورها الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف عندما كان السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي، وهي النظرية التي اعتبرت أنه يمكن للنظم الاجتماعية والسياسية أن تتنافس دون أن تدخل بالضرورة في نزاعات.
عندما وصل فلاديمير بوتين إلى السلطة في موسكو سنة 2000 سعى إلى المزج ما بين السياسة التي كانت قائمة في بداية فترة ما بعد النظام الشيوعي من ناحية والاستراتيجية التي وضعها يفجيني بريماكوف من ناحية ثانية. في سنة 2001 تأسست منظمة شنغهاي للتعاون وقد كانت تضم في تلك الحقبة الصين، كازاخستان وكرغيزستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان بينما انضمت الهند وباكستان إلى هذه المنظمة الجديدة سنة 2017.
مثل تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون خطوة أخرى إضافية ترمي إلى بناء نظام للتحالفات غير الغربية. بالتوازي مع ذلك سعى الرئيس بوتين إلى ربط علاقات وثيقة بين روسيا من ناحية ودول الاتحاد الأوروبي من ناحية ثانية. بل إن الحديث قد دار عن إمكانية انضمام روسيا إلى الحلف الأطلنطي.
مع مرور الأعوام وبعد أن عمدت الولايات المتحدة الأمريكية إلى غزو العراق سنة 2003 تبددت أوهام فلاديمير بوتين، وخاصة بعد أن اتخذ جورج بوش الابن قرارا بإلغاء معاهدة حظر الصواريخ الباليستية التي أبرمت بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي سنة 1972 كما عبر الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عن دعمه لما يسمى "الثورات الملونة" القريبة من الحدود الروسية، على غرار ما حدث في جورجيا.
في شهر فبراير 2007 وقف الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمر الأمن الذي عقد في مدينة ميونيخ الألمانية ليدين الولايات المتحدة الأمريكي ويحذر من خطورة بناء عالم يقوم على سياسة القطب الواحد. خلص بوتين إلى القول في ذلك المؤتمر: "إن روسيا بتاريخها الذي يمتد إلى ألف سنة ليست في حاجة إلى من يعلمها كيف تدير شؤونها الدولية".
في تلك الفترة كانت روسيا تعتقد أنه لا يزال بإمكانها العمل والتعاون مع القوى الأطلنطية بشأن المصالح المتبادلة، وخاصة فيما يتعلق بمسألة مكافحة الإرهاب. ما لبث أن انهار كل شيء عقب التدخل العسكري الغربي في ليبيا وهو ما تسبب في سقوط نظام العقيد معمر القذافي سنة 2011 وإدخال البلاد في حالة من الفوضى.
قي سنة 2014 ردت موسكو بقوة على محاولة الاتحاد الأوروبي إدخال أوكرانيا تحت المظلة الأطلنطية وهو ما تسبب في نشوب أخطر أزمة بين موسكو والغرب منذ نهاية الحرب الباردة سنة 1989.
كان حديث موسكو عن بناء عالم متعدد الأطراف يرمز إلى رفض الهيمنة الأمريكية غير أنه ظل مفهوما غامضا إلى حد كبير في خطاب القادة الروس. هل يعني هذا المفهوم بلورة صيغة استراتيجية نشطة تعطي مساحة لبعض القوة ذات الدرجة الثانية ومن بينها روسيا؟ هل يصل الأمر الى التوصل إلى اتفاق بشأن إعادة التوازنات المحالة في عالم ما بعد نهاية الحرب الباردة؟.
يوم 19 سبتمبر 2003 وخلال الجلسة التي عقدها نادي «فالداي» – الذي أنشئ سنة 2004 والذي يضم نخبة من صناع القرار الخبراء الروس والغربيين – لم يتردد الرئيس فلاديمير بوتين في إدانة المحاولات الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والرامية إلى إعادة بناء العالم الأحادي الأقطاب معتبرا أن مثل هذا العالم قد بات شيئا من الماضي.
في الحوار الذي أجري معه بتاريخ 27 أكتوبر 2016 دافع الرئيس فلاديمير بوتين عن التنوع بين الدول في العالم واعتبر أن "العالم الأحادي الأقطاب" الذي يريده الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ليس في حاجة إلى دول ذات سيادة وهو في حاجة إلى دول تابعة ومسلوبة الإرادة؟.
عبر الرئيس فلاديمير بوتين أيضا عن أمله في ان يأتي يوم يصبح العالم فيه أكثر تعددية في الأقطاب وان توضع قواعد مقبولة من الجميع بما يضمن مصالح وسيادة كل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
إن ما يقال عن روسيا يمكن أن يقال أيضا عن الصين التي لا تخفي أيضا انزعاجها من الطريقة التي تدار بها الشؤون الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للتفرد بالعالم. ردت روسيا بكل قوة أيضا بشأن الوضع في أوكرانيا لأنها كانت ترى في المواقف والخطط الغربية تهديدا كبيرا لمصالحها الحيوية.
على غرار الثورات المتعددة التي حدثت في قرغيزستان، أو في أرمينيا بعد ذلك، فإن روسيا تتكيف مع أي تغييرات أو أحداث أو تحولات سياسية على حدودها ما لم تشكل أي تهديد على أمنها أو مصالحها الحيوية.
تتطابق رؤية روسيا والصين إلى حد كبير في النظر إلى مفهوم العالم المتعدد الأقطاب. فهما تعتبران أن السيادة الوطنية قيمة جوهرية غير أنهما تدافعان بقوة عن أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات والمنظمات المتعددة الأطراف، سواء عادة إنشاء منظمات جديدة متعددة الأطراف، إقليمية أو قارية، أو عبر الدفاع عن المنظمات العالمية التي ظهرت خاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية والتي انبثقت عن اتفاقيات بريتون وودز، سنة 1944, وخاصة منظمة التجارة العالمية.
يتعلق الأمر خاصة بتخير الدول من التبعية للنظام الأطلنطي الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والعمل على بناء عالم أكثر تعددية ويعكس التنوع. أصبحت الصين وروسيا تشكلان على هذا الأساس محورا مناهضا لنزعة الهيمنة الغربية والأمريكية على وجه الخصوص. تجد روسيا نفسها اليوم تواجه العقوبات الاقتصادية الغربية فيما تتعرض الصين للضغوط العسكرية الأمريكية المتزايدة في المحيط الهادي. يذكر أن القوى الروسية والصينية قد التقوا خمس مرات منذ سنة 2017, كانت أربع منها في سنة 2018.
لقد سعى كل القادة الروس بشكل أو بآخر إلى تحقيق الاندماج الاقتصادي في منطقة أوراسيا غير أن الرئيس الحالي فلاديمير بوتين قد أدرج هذه النقطة بالذات في إطار جغراسياسي واستراتيجي أكثر عمقا. في شهر يناير 2015 أعلن عن إنشاء الاتحاد الاقتصادي في منطقة أوراسيا, وهو ما يعكس سياسة روسية ترمي إلى إنشاء شبكة خاصة بها في المنطقة.
تأكد الأمر في شهر مايو سنة 2015 وقد تم توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الصين تشي جينبنغ على اتفاقية للتعاون والمواءمة ما بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي من ناحية ومشروع طريق الحرير والذي يعرف باسم "مبادرة الحزام والطريق" لتقوم على انقاض مشروع "أوروبا الكبرى" والذي ولد ميتا.
يضم الاتحاد الاقتصادي في منطقة أوراسيا الجزء الأكبر من منطقة أوراسيا من خلال شبكة مترابطة بين الدول والكيانات الموجودة مثل جمعية الأمم لمنطقة جنوب شرق آسيا وهو ما يعبر عنها بمجموعة آسيان.
يندرج الاتحاد الاقتصادي في منطقة أوراسيا في إطار ما يمكن أن نسميه استراتيجية "أرض الوسط" وهو مفهوم معروف في الجغرافيا السياسية الكلاسيكية وقد بلوره هالفورد جون ماكندر، الذي عاش في الفترة ما بين سنتي 1861 و1947, قبل أن يتولى مستشار الأمن القومي والسياسي الأمريكي زبغنيو برزنسكي مراجعته ليجعل من منطقة أوراسيا أساس ودعامة الجغرافيا السياسية العالمية ومحورا للصراعات على النفوذ ما بين القوى العظمى.
يوم 9 يوليو 2015 ألقى الرئيس فلاديمير بوتين خطابا لافتا بحضور قادة الدول المنضوية في الاتحاد الاقتصادي في منطقة أوراسيا وقد قال "نحن نعتبر أن هذه الكتلة القارة لا تمثل مسرحا لأي صراعات بين القوى العظمى أو ساحة لأي لعبة جغراسياسية أو استراتيجية. هذا موطننا ونحن نريد لهذه المنطقة أن تكون هادئة ومزدهرة اقتصاديا ولا تكون مرتعا شاسعا للمتطرفين أو محاولات حماية مصالح أطراف معينة على حساب أطراف أخرى".
تتمثل سياسة روسيا إذا في الحيلولة دون تحويل أوراسيا إلى منطقة للصدام ما بين منظومة الحلف الأطلنطي من جهة والقوى الأخرى الصاعدة في المنطقة، وخاصة منها الصين. في سنة 2018 أعلنت سلطات بكين عن زيادة ميزانيتها العسكرية وذلك للسنة الرابعة والعشرين على التوالي، وهو ما يمثل 40 في المئة فقط من الميزانية العسكرية الأمريكية والتي تبلغ 649 مليار دولار.
أما الميزانية العسكرية الروسية فقد ظلت تتراجع منذ سنة 2016 لكنها تظل تحتل المرتبة السادسة على مستوى العالم. تجد أوراسيا نفسها محاصرة ما بين الغرب الذي لا يزال قويا جدا من ناحية والدول الموجودة على الواجهة الشرقية الآسيوية والتي تشهد نموا كبيرا بفضل القاطرة الصينية التي تمثل اليوم القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية. أما روسيا فهي تحتل موقعا جغرافيا مثاليا لكنه خطير أيضا.
تظل توجد فوارق جوهرية ما بين مواقف موسكو وبكين. فروسيا تظل تعترف بالتفوق الأمريكي في المجالات العسكرية والاقتصادية على وجه الخصوص. ففي المنتدى الاقتصادي الدولي الذي عقد في مدينة سانت بطرسبورغ يوم 17 يونيو 2016 خطب الرئيس بوتين يقول: "الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى وقد تكون القوة العظمى الوحيدة". نحن نقر بهذه الحقيقة.
على عكس روسيا، فإن الصين تبدو أكثر وثوقا بقوتها الاقتصادية وقد بدأت تعمل على تنفيذ مشروعها السياسي ذي الأبعاد العالمية. تطرح الصين جملة من المبادرات والأفكار والمشاريع التي لا تخلو من إبداع وهي تقوم على أساس صيغة "الكل يربح". تضخ الصين استثمارات ضخمة وتنفذ مشاريع مستقبلية كبيرة مثل مشروع طريق الحرير "مشروع الحزام والطريق" كما تتضمن المشاريع الصينية أيضا إنشاء بنك متعدد الأطراف وهي كلها أفكار ومشاريع أثارت الاهتمام في دوائر المال والأعمال.
لاشك أن علاقة الوفاق التي أصبحت تربط ما بين روسيا والصين تشمل عدة مجالات غير أنها لا تركز على مسألة الهوية الثقافية. صحيح أن روسيا قد نأت بنفسها عن النظام الأطلنطي وخاصة بعد أن اخذ الحلف الأطلنطي يدك بطائراته صربيا على مدى 67 يوما سنة 1999 غير أن روسيا لم تتخل أبدا عن هويتها الغربية.
 
عمر نجيب
[email protected]