فمتى بدأت ازمة التعليم في موريتانيا ؟

اثنين, 2021-02-01 09:50

و للإجابة على هذا السؤال فإني لا ادعي بأني خبير تربوي للإجابة عليه، و لكني زعيم بأني شخص متأمل يدرس بعض الظواهر الاجتماعية و الثقافية باحثا عن اسبابها من خلال مآلاتها.
 و على هذ الاساس فإني ارى كغيري من المهتمين بالشأن الثقافي بأن فيه ازمة ثقافية و علمية مؤداها فساد التعليم و ذلك واضح من خلال خريجيه حاليا على الاقل، مقارنة مع غيرهم من الذين قد تخرجوا قبل من التعليم المحظري. 
فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المضمار فهو متى بدأت ازمة التعليم في بلادنا ؟ فهل ذلك قد حصل إبان فترة ( السيبة ) تلك الحقبة التاريخية التي لم تكن  فيها سلطة مركزية تدير شؤون البلاد و تكون رقيبا و مرجعية على ما يتداول في بلادنا من تعليم او ثقافة بصفة اعم.
ان الاشكالية كما يبدو قد بدأت ملامحها تلوح في الافق مع بداية قيام الدولة الوطنية الحديثة، و ذلك بإنشائها تعليما عصريا على غرار باق الدول، ذلك النوع من التعليم الذي دخل ( البطن كمخسور ) على شقيقه الاكبر التعليم (المحظري ) !
و لمحاولة تلمس جواب لذلك السؤال السابق فيجب ان نعطي صورة نمطية ولو تقريبية لذلك التعليم المحظري مكتفين في التعليم العصري باعطائنا لمحة عنه و لو موجزة لكونه مازال معروفا لدى الجميع و معيشا بابعاده و مراحله، لم يغلفها بعد غبار الزمن بالنسيان !
ان التعليم المحظري فهو ذلك الذي يبدأ الطفل فيه لما يبلغ سنته الخامسة و خمسة اشهر و خمسة ايام، و حبذا لو كان ذلك اليوم يصادف يوم الاربعاء و هو اليوم الاخير من ايام الاسبوع الدراسي المحظري، في منطقنا الشرقية على الاقل، ففي ذلك اليوم يقدم الطفل من طرف اهله الى شيخ محظرة حتى و لو كانت تتكون من مجرد طفلين او ثلاثة فما فوق، و في هذه المرحلة يراد من الطفل ان يتهجى الحروف و يفك رموزها و يضبط حركاتها سكونا مدا بالنصب او الرفع او الكسر، و تسمى هذه المرحلة بمرحلة ( تدمكي ) و عادة خلالها تعطى للشيخ اكراميات سواءً كانت اطعمة او نقودا او ثيابا و تسمى تلك الاكراميات (بالإثنينة او الأربعة) و تختم هذه المرحلة بأن يحصل الطفل على معرفة القراءة و حفظ بعض السور و في نهايتها يسلم الشيخ شرطه ان اشترط و  هو في الغالب شاة من الغنم .
ثم تأتي مرحلة ثانية و هي مرحلة تحفيظ القرآن الكريم و تحتاج هذه الى شيخ ضليع في علوم القرآن رسما و تجويدا، و ان يكون حازما وقورا و مرهوب الجانب و على الطفل في هذه المرحلة الطاعة التامة له و الذي يمكنه ان يكلفه ببعض مهامه الخاصة شريطة ان لا يشغله ذلك عن الدرس او التحصيل، كما يمكنه تأديبه بالتوجيه و النصح و ان اقتضى الامر بنوع من الضرب الخفيف.
و خلال هذه المرحلة يتعرض الطفل لقدر لابأس به من المشقة و التعب كالاتيان بالحطب من بعيد و إيقاد النار ليلا للكتابة على ضوئها و تلاوة القرآن، مما يتطلب منه ذلك إقاظه باكرا عند الساعة الثالثة او الرابعة، و يمكن ان يكلفه شيخه بالإتيان بالماء من البئر او مراقبة ( عجوله ) او خرافه، ان كان من اهل الغنم اصلا. 
و خلال هذه المرحلة يحصل الشيخ كذلك على نفس تلك الاكراميات المشار اليها سابقا ، و تعطى للطفل عدة عطل تسمى ( قرودا ) كما انه خلال هذه المرحلة التي تسمى ( بكسر الذهابة ) تحدث علاقات صداقة بين التلاميذ و مباريات رياضية و ترفيهيه  او تدريبية على الحفظ و الكتابة تسمى ( التزاريگ ) و تكون عادة معظمها في ليلة الاربعاء خصوصا فيما يتعلق بتجويد القرآن حيث يتلوا كل طالب ثمنا او ثمنين من القرآن، و من ارتكب خطاء فسيحرم من عطلة الاسبوع القادم و لا ( يطريح له اللوح ليلة الاربعاء )، و تنتهي هذه المرحلة بحفظ القرآن الكريم كاملا، بحيث (يتبع) الطفل للشهود، و ان صح حفظه لديهم فإن على اهله اعطاء الشيخ جذعة من البقر ان كان ذلك في الشرط اصلا.
 ثم تأتي مرحلة ثالثة و هي الاستعداد للحصول على الاجازة او السند في حفظ القرآن رسما و تجويدا، و تتطلب هذ المرحلة هجرة التلميذ الى محاظر اكثر تخصصا، لكي يتفرغ للدرس بعيدا عن مهام العائلة و مشاغلها، و تتكلف اسرته في هذه المرحلة تكاليف اضافية كتزويد ابنهم بما يلي : بقرة حلوب و بعض الثياب و الاطعمة ( لعوين ) و ( سيادة ) وهي سلهام من جلد الخراف او فرو صغير يلبس في الشتاء.
و إن لم يكن اهل الطفل قادرين على تزويده بذلك فإن على المحظرة و جيرانها ان يتولون ذلك بانفسهم للطالب (الغربي ) اي الغريب، و بالتالي لا يشعر بأي غضاضة او نقص، لأن الذي يتولى حينئذ اعالته في هذه المرحلة عرف جمعي متعارف عليه و شبه ملزم لأي ساكنة يوجد بها طالب مهاجر بغير امكانيات تمكنه من الاعتماد على نفسه .
و خلال هذه المرحلة ايضا يحصل هنالك تجمع من الشباب كل ثلاثة او اربعة يكونون ما يعرف (بدولة) و كل منهم يأتي من منطقة معينة، و ربما من خارج الوطن حاملا معه ثقافة بلده و عاداتهم و سمرهم الليلي و ادبهم، و يكون ذلك التجمع الطلابي يشبه الى حد ما ناديا ثقافيا يتضلع من خلاله ذلك الشباب بمختلف تلك الثقافات و التقاليد مضاف اليها ما يقرأ من القرآن الكريم و رسمه و تجويده، و ما يتعلق بذلك من انظام و نصوص لها صلة بالمتشابه من القرآن و متعلقات قراءته و كتابته، و ما يصاحب ذلك عادة من دراسات تتعلق بالادب و اللغة و النحو و الصرف و البلاغة و العروض و الفية ابن مالك و المعلقات و غير ذلك من الروافد الثقافية.
و خلال هذه المرحلة يشترك ذلك الشباب في تدريبات تسمى ( اتزاريگ)  في الكتابة و القراءة و الاعراب و الاشكاليات الفقهية المتعلقة بالتركة او الاحوال الشخصية و النكت الفقهية و اللغوية و بعض الالغاز و غير ذلك من المسائل الفقهية و الثقافية .
و خلال هذه المدة يشغل ذلك الشباب اوقات فراغهم بكثير من الالعاب مثل المصارعة و لعبة (التود او تاكه) و (كرة الحواص) و لعبة (طب) ، كمًا تنشؤ بينهم انواعا من الحوارات الادبية في الشعر الفصيح و كذا الشعبي بما يسمى (لكطاع) 
 و تنتهي هذه الفترة ايضا بان يخضع الطالب لما يشبه الإمتحانات الكتابية و الشفهية من طرف اشياخ آخرين غير اولائك  الذين كانوا يدرسونهم، و حين يحصل الطالب  على تزكيتهم فإنه بمقتضى ذلك يحصل على السند المسمى بالاجازة في القرآن العظيم ، الذي يؤرخ لبداية منحها اي من بعد يوم انزل جبريل عليه السلام القرآن العظيم على محمد صلى الله عليه و سلم، حتى يوم ان سلمها ذلك الشيخ لتلميذه يدا بيد بعد ان ( صيفطه) اي بعد ان تخرج من عنده حاصلا على هذه الشهادة او السند المذكور.
ثم تأتي المرحلة الرابعة و الاخيرة و هي التي يتنقل فيها ذلك الطالب بين العلماء الاجلاء في مختلف المناطق لليدرس علوم القرءان  و علوم الحديث و اصول الفقه و فروعه و المذاهب الاربعة و كذا المدارس الفكرية الاسلامية  (كالاشاعرة) و ( الماتردية ) و (المعتزلة) و علوم التصوف و مدارسه مثل التصوف السني و كذا الجمعي، مثل الاتحاد و الحلول و وحدة الشهود ثم الاطلاع على معظم النوازل الفقهية و الاجتماعية و التاريخية التي تتطلب فتوى من بعض الفقهاء او العلماء في شأنها.
 ثم دراسة التاريخ الاسلامي بمراحله من فترة النبوة و الخلفاء الراشدين و الامويين ن و العباسين و كذا الفاطمين الى نهاية الخلافة الاسلامية و ما تلى ذلك من انظمة تفرقت على اصقاع الاراضي الاسلامية.
ثم تنتهي هذه المرحلة بتزكية ذلك العالم الجديد او الشيخ من طرف مجموعة العلماء الذين درس عليهم او درس على كتبهم، كما يحتاج ذلك الشيخ الجديد الى تزكية طلبته ان اقبلوا على الدراسة عليه و التضلع من معين ما يدرسهم من علم و فقه و أدب، و بهاذا يكون ذلك الفقيه قد حصل على مستوى شهادة (العالمية ) تلك التي كان يمنحها الازهر الشريف لطلبته مع العمامة و الطربوش . 
اما فالتعليم العصري فهو ذلك النوع من التعليم الذي يبدأ الطفل فيه لما يبلغ السادسة او السابعة من العمر يتلقى التعليم من طرف المعلمين تحت إدارة و رقابة المفتشين ليبدا التلميذ تعلم الحروف الهجائية و كذا اللغة العربية و الفرنسية و مبادئ الحساب و الهندسة و العلوم، و تعد علاقة ذلك التلميذ بالمدرسة كعلاقة مستفيد من عقد (الباطن) الذي قد وقع معنويا على الاقل بين الإدارة و الموظفين لصالح ذلك التلميذ ، و قد تنشؤ أزمة التعليم بسبب عدم الرقابة الصارمة من  جميع الاطرف المسؤولين عن تنفيذ ذلك العقد ، و تنتهي المرحلة الاولى من ذلك التعليم بشهادة نهاية ختم الدروس الابتدائية، ثم تأتي مرحلة  ثانيه تسمى الاعدادية، و تستمر ثلالث سنوات تدرس خلالها نفس المواد تقريبًا ولكن معمقة شيئًا ما خصوصا في مواد التاريخ و الجغرافيا و الرياضيات و العلوم و النحو و الصرف و البلاغة و و كذا اضافة مادة اجنبية ثانية على تلك التي كانت موجودة ، و تنتهي هذه المرحلة بشهادة تسمي (الاعدادية).
ثم تأتي مرحلة الثانوية تلك المرحلة التي تعمق فيها دراسة تلك المواد التي سبقت دراستها مع التخصص في بعضها علميا آو أدبيًا او شرعيًا ، و يضاف الى كل ذلك دراسة تاريخ بعض الدول المتقدمة و جغرافيتها و اقتصادها و حروبها و مراحل نهضة العالم بعد الحربين الاولى و الثانية من القرن الماضي، و تنتهي تلك المرحلة ايضا بالحصول علي شهادة الثانوية العامة (الباكالوريا) تلك الشهادة التي تفصل بين اطر المجتمع العالية و المتوسطة من جهة  ، و بقية طبقات المجتمع الاخرى، ثم تأتي مرحلة الجامعة و تتكون من مرحلتين اولى و ثانية و هي تعرف نوعًا من التخصص في ما سبق من مواد تمت دراسة معظمها سابقا، و تنتهي هذه المرحلة بالحصول على شهادة (الإجازه ) او المتريز في علم من تلك العلوم التي سبقت دراستها. 
ويلي ذلك  مرحلة رابعة من التعليم و هي دراسة الدكتوراه و هي ثلاث مراحل (DA) و (الماجستير) و (دكتوراه دولة) و تتعلق تلك الشهادات ببحوث تتناول بالدرس و التمحيص إشكالية مصطعصيا حلها تتعلق بفن او علم من تلك العلوم التي تهم المجتمع و تفيده.
و هنا بعد ان انتهينا من اعطاء لمحة و لو موجزة عن كل من التعليمين المذكورين أعلاه، فإننا الان سوف نأتي الي  مرحلة المقارنة او المفاضلة بين كل من التعليمين و ذلك من خلال  مستوى خريجي كل منهما و ما مدا تأثيرهما إعجابا و تقديرًا و احترامًا في المجتمع الموريتاني و كذا الاقاليم العربية و الدولية .
و بالتالي فأظن ان التعليم المحظري سوف يمثله في هذه المقاربة في مجال القرآن و علومه على سبيل المثال : المرحوم آبه ولد خطور و كذا المرحوم الحاج و لد فحفو كأساتذة للقرآن، فالاول كباحث في مجال التفسير  بالاضافة الي تعليم القرآن، و الثاني في تحفيظ القرآن و تدريس الفقه في جو من التقى قل نظيره و قد توافد عليه الكثير من الطلاب من اصقاع الارض لذلك .
و في  مجال الحديث و علومه برز اولاد ميابه رحمة الله عليهم ،
وفي مجال الفقه و اللغة المرحوم محمد محمود ولد التلاميذ ، و في التاريخ الموريتاني المختار ولد حاميدن رحمه الله علينا و عليه .
و من المخضرمين في كل ما سبق المرحوم محمد سالم ولد عبد الودود  و محمد الحسن ولد الددو امد الله فعمره .
و في مجال الشعر : المرحوم امحمد ولد الطلبه و محمدو ولد محمدي العلوي رحمة الله عليه، و المرحوم امحمد ولد احمد يوره الاديب و الشاعر و ( المغني )و من المخضرمين احمدو ولد عبد القادر و محمد الحافظ ولد احمدو امد الله في عمريهما .
و من (المغنيين) : الشيخ ولد مكيٌ و محمد ولد ابنو ولد احميده و سيدي محمد ولد الكصري و الشيخ احمد ولد آدبه رحمة الله عليهم جميعا .
اما في ما يتعلق بخريجي التعليم العصري فإني أحيلكم كشهود على هذا العصر ان تختاروا انتم بانفسكم من الساحة الوطنية من يكون ندا لاؤلئك الذين سبق ذكرهم و ذلك بعد التحدي -طبعًا- المحتمل منهم الموجه لأهل التعليم العصري بالقول المفترض : 
اولائك آبائي فجئني بمثلهم    إذا جمعتنا يا جرير المجامع!
و سيكون جواب اهل التعليم العصري المفترض قول الشاعر : 
الا تسألون الناس ايي و ايكم      غداة التقينا كان خيرا و اكرما 
فبعد ما مر معنا من معطيات عن التعليمين الوطنيين و ما يلاحظ على العصري منهم من تعثر واضح، فإني أرى انه من جملة المعطيات التي أدت الى ذلك ستة اسباب اساسية متفاوتة الاهمية : 
اولا اللغة: ان تلك اللغة التي كان يدرس بها الطفل المحظري هي لغة  اكثر سكان البلد تداولا و استعمالا ، و بالتالي فإن القراءة بها توفر للطفل عدة سنوات كان سينفقها في قراءة لغة اجنبية لكي يستطيع بواسطتها قراءة علم من العلوم ، ورغم ذلك فسوف يظل عاجزًا عن فهم كنه تلك اللغة بحيث يستطيع الاشتقاق منها او الاستعارة و الكناية و كذا الاستنباط!
كما انه في التعليم العصري يقرا الطفل اكثر من لغة اجنبية مع لغته الام مما يشوش على ذهنه و يجعله غير قادر علي الاستيعاب و الفهم و التمثيل .
ثانيا دوافع التعليم:  ففي التعليم المحظري يكون الدافع الأول هو تنفيذ أمر الله عز وجل بقوله تعالى  (إقرأ)، و كذا قوله صلى الله عليه وسلم ( تعلموا العلم ولو في الصين ) اما الدافع في التعليم العصري فهو اوامر الاسرة و الدولة القاضيان بتعليم الطفل، و شتان ما بين المصدرين!
ثالثًا  الغاية من التعليم المحظري : هي تحقيق رضى الله عز وجل و كذا الحصول على المكانة الاجتماعية التي يمنحها المجتمع للعالم او الفقيه او الاديب ، و كذا الفائدة الدنيوية المحتملة من إقبال طلبة العلم على ذلك الشيخ او الفقيه مما يرفع من ذكره ، و كذا امكانية حصوله على المال ان كان يريد جمعه . 
اما الغاية في التعليم العصري : فهي تلك الوظيفة الدنيوية ، و بما ان الوظيفة اصبحت لدينًا لايتحصل عليها بالخبرة العلمية. بل وسيلتها المفضلة فهي الموالاة او الوساطة للمسؤولين ، و اللجوء الى ذلك الأسلوب يمليه عدم تكافؤ الفرص و انعدام الشفافية في بلادنا مما جعل كل المسابقات من اجل التوظيف او الانتخابات و كذا الصفقات العامة ، كل ذلك افرغ من محتواه و لم يعد الا شكليا لليشرع به للآخرين الحصول على تلك المزايا !
ربعًا مشكلة البيئة: وهي ان البيئة التي كان يدرس فيها الطالب المحظري تعد بيئة بدوية نقية خالية من اختلاف المعتقدات و العادات و المذاهب و الصراعات السياسية مما يجعل ذهن الطالب صافيا و مستعدًا لحفظ النصوص و فهمها و استيعابها و تمثيلها لاحقا. 
اما بيئة التعليم العصري : فهي بيئة حضارية مختلطة يوجد فيها كثير من السكان مختلفي العادات و التقاليد و اللغات و المناهج التي يتم بها التدريس في هذه البلاد خصوصا تلك  اللغة  الاجنبية و كذا اساتذتها الاجانب و منهجيتهم ، و كذا لغتنا الوطنية الحالية التي اصبحت مستنسخة من تلك اللغة الاجنبية ، و ايضا أساتذتنا المستنسخون هم الآخرون من اولائك الاساتذة الاجانب (منهجًا و هيئة و تفكيرا و عقلا و وجدانًا) مما ينعكس سلبا كل ذلك على قدرة استيعاب الطالب عندنا مما له الاثر الكبير في تحصيله العلمي .
خامسا التسيب و عدم مسؤولية وزارة التعليم :فان هذه الوزارة و اداراتها المختلفة قد عشعش في  دهاليزها و تركزت  الرشوة و المحسوبية و انعدام الرقابة الصارمة تلك التي تجعل الاستاذة و المعلمين يقومون بعملهم على احسن ما يرام ، للينال كل منهم الثناء  و التشجيع و الاحترام و الترقية ان جد ، و المقصر منهم التوبيخ و ربما الطرد .
بل ان التسيب و الإهمال أصبحا امران مستعصيان يصعب حلهما  داخل تلك الوزارة و كذا التغلب عليهما بحيث يوجد الان -بسبب- ذلك الاهمال و التسيب عشرات الاساتذة و المعلمين متفرغين لأعمالهم الخاصة ، و حتي ان منهم من يوجد معي في آمريكا الشمالية منذ عشرين سنة خلت يعملون هنا و رواتبهم في موريتانيا جارية تدفع في حساباتهم شهريا لا ينقصها الا رشا تقطع منها بواسطة ( شك) تم توقيعه سلفا ، و ربما شجعهم على ذلك كون رئيسهم السابق رواتبه الشهرية ظلت تتراكم في حسابه منذ عشر سنيين متغافلا عنها لا يتذكرها لعدم حاجته فيها اصلا، مثل زملائي تمامًا في هذه الغربة الموحشة . 
سادسا: مشاكل وسائل التواصل الاجتماعي مثل التلفزيون و نشرات اخبارها و مسلسلاتها المدبلجة و كذا الفيسبوك و الواتس اب و تويتر بحيث يظل الطالب و الاستاذ على حد سواء كلاهما ينقر باصبعه في كفه مبدلا مشهدا باخر الى ان يسيطر على كل منهما الإرهاق و التعب ، و بالتالي يصبح الاستاذ غير قادر علي تقديم درسه كما يجب، اما الطالب فيصبح هو الاخر مشتت الذهن بين انشغاله فما يمكن ان يكون قد نزل في هاتفه من مستجدات، و ما يقدم له من الدروس و هو متقطع التركيز حيال متابعتها بسبب الاٍرهاق و النعاس  الشديدين المسيطرين عليه !
و اخيرا فإني من خلال ما سبق من معطيات يمكنني القول  على ضوئه ان نضع معالم واضحة نهتدي بها الى علاج تلك الاشكالية المتعلقة بفساد التعليم في بلادنا.
و ذلك بأن نختار كوكبة من اساتذة التعليم المحظري المخضرمين، و نفس النسبة و المستوى العلمي من اساتذة التعليم العصري، لليستخلصوا جميعا من تجارب كل منهم و خبراته مضاف اليها تجارب غيرنا من الأمم المشابهة لنا في مراحل نمونا و تطورنا ، و ذلك لليضعوا معا منهجا تعليميًا مختارين مواده العلمية و الشرعية و الادبية التي يجب ان تدرس في هذه البلاد بلغتها الرسمية العربية اساسا، و كذا الاتفاق علي المناهج التي يدرس بها ثم الاستعانة بغيرها من اللغات الاجنبية التي تجعلنا نواكب التطور العلمي و الادبي و الفكري في مختلف بلدان العالم .
و بذالك نعيد الالق لتعليمنا و نكونوا مرتاحي الضمير و الوجدان على المستوى الذي سنصل اليه علميا و ادبيا و فكريا  مما يجعل من يمثلنا في المحافل الدولية ان يكون مشرفا لنا كما كان يفعل عباقرة الشناقطة فأي منكب من الأرض حلوا به في حلهم و ترحالهم .
و في الختام لكم مني التقدير و الاحترام  ايها السادة الكرام، ثم السماح لي ان كنت قد تجاوزت على إختصاص بعضكم ممن كان هذا ميدانه، او تخصصه و الذي كان عليه ان يكون هو صاحب هذه المبادرة او غيرها مما يفيد في علاج تلك المشكلة المزمنة !

ذ/ اسلم ولد محمد المختار