تجاهل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في مؤتمره الصحفي الأول منذ استلامه الوزارة في شهر شباط الماضي الإشارة إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو الوضع الراهن بشأن "عملية السلام"، وهو الموضوع الذي طالما احتل أواويات وزارة الخارجية في الإدارات السابقة.
ومع العلم أن الوزير تيلرسون تحدث قرابة الساعة في مؤتمره الصحفي عرج خلالها على مواضيع عديدة شملت الأوضاع في كوريا الشمالية والصين وروسيا وسوريا والعراق والحرب ضد "داعش" وأزمة الخليج وأميركا الجنوبية ، لم يأتي على ذكر الأزمة المحتدمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة أو تفاقم الوضع في القدس الشرقية المحتلة وما إذا كان هناك أي دور لوزارة الخارجية في تنفيس التوتر المتأجج الأسبوع الماضي من وراء الستار، في حين أن الأسئلة الأربعة التي أعطيت للصحفيين فشلت في إثارة الموضوع .
ولم تتمكن "القدس" من الحصول على سؤال كي يتم طرح الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع على وزير الخارجية.
ويدور في أروقة وزارة الخارجية الكثير من الشائعات حول "سحب ملف الشرق الأوسط الخاص بعملية السلام أو استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، أو التعبير عن قلق الإدارة من استشراء الاستيطان من وزارة الخارجية وهذا الحقل (الملف) الذي كان تقليدياً من صلاحيات الوزارة التي كانت تعتمد على كادر مزود بالمعرفة والخبرة" بحسب مصدر مطلع.
ويضيف المصدر "في نهاية ولاية وزير الخارجية السابق جون كيري، كان هناك طاقم كبير من المختصين، مهيأ للتعامل مع كافة الأزمات التي قد تشتعل في أي لحظة بين الفلسطينيين والإسرائيليين - كان يعمل باستمرار كخلية نحل على كل التفاصيل وقد تم تقليمها كما تقلم أفرع الأشجار، وارسالهم للعمل على ملفات أخرى ليس لها اي علاقة بالشرق الأوسط، تقريباً فور استلام الوزير الجديد تيلرسون" في شباط الماضي. ولدى سؤال "القدس " لماذا تم تهميش دور هذا الطاقم أجاب المصدر " أن الرئيس دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر أرادا منذ البداية السيطرة على كل ما يخص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من البيت الأبيض، معتبران أن علاقاتهما الحميمة مع (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو) تؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية في هذا الملف خاصة وأن الإسرائيليين تاريخياً لا يحبون وزارة الخارجية الأميركية ويعتبرون الخبراء منحازون ضدهم".
ويشرف على ملف السلام إلى جانب صهر الرئيس جاريد كوشنر حالياً كل من مستشار ترامب ومبعوثه جيسون غرينبلات وسفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفد فريدمان.
يشار إلى أن وزير الخارجية تيلرسون عقد مؤتمره الصحفي الأول بمناسبة مرور ستة أشهر على استلامه الوزارة يوم امس الثلاثاء، وهو اليوم الذي نشرت في تسريبات مسجلة سراً للقاء صهر الرئيس جاريد كوشنر مع "المتدربين الشباب" في الكونغرس الأميركي يتحدث فيه عن عمله كمسؤول ملف سلام الشرق الأوسط ، وأنه في الوقت الذي يثني فيه على الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو ، يقر فيه أيضاً أن ليس لدى الرئيس ترامب أي خطة لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأن هذا الصراع "قد لا يكون له أفقاً في الحل".
-------------------------------------
تيلرسون يعكف على خط سياسة أميركية خارجية جديدة تستثني الترويج للديمقراطية
02-08-2017
واشنطن- "القدس" دوت كوم-سعيد عريقات-
في مبادرة هي الأولى من نوعها منذ إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون في ستينات القرن الماضي أمر وزير الخارجية ألأميركي ريكس تيلرسون دائرته العليا من صناع القرار في وزارة الخارجية الأسبوع الماضي بمراجعة "أولويات السياسة الخارجية الأميركية" وإعادة تحديد مهمة الوزارة وإصدار بيان جديد لهذا الغرض عند اكتمال المراجعة يضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية (الأميركية) ويطرحها على العالم بحسب مصادر مطلعة.
ويقول المصدر أنه "على الرغم من الخطوط العريضة التي يتم إعادة صياغتها في الوقت الراهن تتشابه إلى حد كبير مع ما هو قائم إلا أنه سيتم ملاحظة أن هذه الخطوط ستستثني أمراً واحداً يخص الدفع باتجاه الديمقراطية في دول العالم" وهو العذر الذي استخدمته الإدارات السابقة لتغيير الأنظمة في العراق وليبيا ومحاولات تغيير النظام في سوريا.
وبحسب المصدر طلب تيليرسون من "اللجنة التوجيهية التنفيذية بوزارة الخارجية" الأسبوع الماضي عقد اجتماع لهذا الغرض أي صياغة "بيانات" جديدة "توضح الطموحات والرسائل (المهمة) للسياسة الخارجية الأميركية" بما ينسجم مع الأولويات العصرية والتغيرات الدرامية عبر العالم ، وذلك كجزء من عملية "إعادة تنظيم شاملة" لوزارة الخارجية و"الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" التي تشرف على دعم مشاريع تخدم المصالح الأميركية عبر العالم .
ويكشف المصدر أن أعمدة السياسة الجديدة تقوم على أساس "تعزيز أمن وازدهار ومصالح الشعب الأميركي عالميا؛ قيادة السياسة الخارجية الأميركية من خلال الدعوة العالمية وتقديم المساعدات (المالية وغيرها) من أجل تشكيل عالم أكثر أمانا وأكثر ازدهارا"؛ وأن "الشعب الأميركي يزدهر أكثر كلما كان العالم أكثر سلما وترابطاً وتواصلا".
وبحسب ما تسرب فإن مهمة "القيادة في وزارة الخارجية" ستعمل من أجل تشكيل سلم عالمي يؤمن الاستقرار والعدل والديمقراطية و"تهيئة الظروف للاستقرار والتقدم لصالح الشعب الأميركي ومن ثم الشعوب في كل مكان، وتقاسم هذه المهمة مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (usaid)، وضمان أن يكون لدينا طريق مشترك إلى الأمام يقوم على الاستثمار والشراكة من أجل الازدهار لمواجهة تحديات المستقبل".
ومن جهته يقول جوش روغن من صحيفة واشنطن بوست الذي استطلع آراء عدد من المسؤوليين السابقين عن أبعاد الأولويات المطروحة ن حذف كلمة ترويج الديمقراطية والعدالة ليس عرضياً. منطقي.
وينسب روغن للمسؤول السابق في البيت الأبيض أيام الرئيس بوش الإبن (والأب أيضا) إليوت آبرامز، الذي يعتبر من أهم رموز اليمين والليكود والدافع للمزيد من الاستيطان قوله "إن الاختلاف الهام الوحيد هو حذف كلمتي العدالة والديمقراطية".
يشار إلى أن تيلرسون كان قد رشح آبرامز ليكون نائبه ولكن الرئيس دونالد ترامب "نقض" ذلك بسبب إسائة لفظية كان آبرامز قد وجهها له أثناء الحملة الانتخابية. ويعتبر ابرامز، "إن من شأن ذلك أن يوجه إشارة خاطئة حول الأولويات والنوايا الأميركية للحكومات الأجنبية والشعوب في جميع إنحاء العالم" بحسب روغن.
كما ينسب روغن لتوم مالينوسكى، الذي عمل "مساعدا لوزير الخارجية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل" فى إدارة الرئيس السابق اوباما، أن البيان الجديد المقترح للبعثة يجعل السياسة الخارجية للولايات المتحدة أكثر اتساقا مع سياسة بعض خصوم الولايات المتحدة بما فيهم روسيا. ويقول مالينوسكي (بحسب روغن) "إنها رؤية عالمية مماثلة لبوتين، الذى يعتقد أيضا ان القوى العظمى يجب أن تركز حصرا على حماية الذات والإثراء، بدلا من تعزيز الديمقراطية وأن إزالة أي إشارة إلى القيم العالمية والصالح العام يزيل اي سبب يدعو الناس خارج الولايات المتحدة إلى دعم سياستنا الخارجية".
يخشى الكثيرون من الذي يعملون في وزارة الخارجية ومشتقاتها المتعددة من أن يؤدي ذلك التغيير إذا ما أصبح واقعا إلى "ارتباك بين أوساط كادر الحكومة كله في جميع أنحاء الخدمة المدنية والخارجية في وزارة الخارجية لان مئات المسؤولين في وزارة الخارجية يعملون على برامج ممولة من الكونغرس كل يوم بهدف تعزيز الديمقراطية والعدالة في الخارج" .
ويلاحظ الارتباك المرتفع والمعنويات المنخفضة بشكل ملموس عبر أروقة وزارة الخارجية حيث بات عدد كبير من الموظفين يخشون "القدوم إلى البناية (بناية وزارة الخارجية) ليسالموا أوراق تسريحهم من أعمالهم، فلم يعد هناك أمن وظيفي، بل أكثر من ذلك يعمل الوزير وفريقه على إعادة ترتيب تستثني الموظفين المهنيين الذين بدءوا في الوزارة منذ تخرجهم من الجامعات والآن يجدون أنفسهم مستثنون تماماً لصالح مكاتب موازية يقوم استحضارها على حساب المهنيين والدبلوماسيين" بحسب قول أحد هؤلاء لـ"القدس".
مركز الحوار العربي