الأستاذ إسلكو ولد إمخيطير يدون بعنوان : كنوز موريتانيا في المهجر

جمعة, 2025-01-03 00:09
الأستاذ إسلكو ولد إمخيطير سفير الإنسانية

بسم الله الرحمن الرحيم 

نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا
وَعَلَّمَتْهُ الكَرَّ وَالإقْدَامَا
وَصَيَّرَتْهُ مَلِكًا هُمَامَا
حَتَّى عَلَا وَجَاوَزَ الأَقْوَامَا
بهذه الأبيات التي تمجد الطموح والعمل العصامي، نُسلط الضوء على أحد كنوز موريتانيا في المهجر، الأستاذ يحيى ولد مقامه، الرجل الذي جسّد هذه القيم في حياته ومسيرته، متجاوزًا التحديات ليترك بصمة لا تُمحى في خدمة الجالية الموريتانية
في سجل المهاجرين الموريتانيين الذين صنعوا تاريخًا مشرفًا، كان الأستاذ يحيى أحد أعمدة الجالية الموريتانية في المهجر. لم تبدأ قصته في الولايات المتحدة الأمريكية، بل تعود إلى جذور عميقة وتجربة حافلة في أفريقيا الوسطى، حيث عاش وعمل في الكونغو برازافيل، وترك بصمة لا تُنسى بين أفراد الجالية هناك.
في الكونغو، مارس الأستاذ يحيى التجارة بمهارة، وبرز كشخصية محورية تساعد أفراد الجالية على تجاوز التحديات الإدارية والقانونية. بفضل حكمته وحنكته وخبرته العملية، أصبح مرجعًا موثوقًا لكل من واجه عقبات تتعلق بالهجرة أو الإقامة. كانت تلك الفترة محطة أساسية ساعدته على بناء شخصيته القيادية التي حملها معه لاحقًا إلى الولايات المتحدة.
وعندما استقر في مدينة لويزفيل بولاية كنتاكي، استخدم الأستاذ يحيى رؤيته الطموحة لخدمة الجالية الموريتانية، فأسس أول مكتب للجالية الموريتانية في الولايات المتحدة بمقره:
3715 Bardstown Rd., Louisville, KY 40218.
في خطوة غير مسبوقة، وضع فكرة جمع اشتراكات رمزية جدًا لا تتجاوز 10 دولارات. لم يكن الهدف جمع الأموال فقط، بل تعزيز شعور كل فرد في الجالية بأنه شريك ومؤسس لهذا الكيان، مما أسهم في ترسيخ روح الانتماء والمشاركة الفعالة.
بفضل هذه البداية البسيطة، استطاع المكتب بناء قاعدة مالية تُستخدم اليوم لدعم مشاريع الجالية. ورغم تواضع المبلغ في البداية، إلا أنه ظل ينمو بفضل انتظام المشاركات، مما يجعل الحلم الأكبر قريبًا من التحقق. ومن أبرز المشاريع الطموحة بناء مسجد ومركز شنقيط، ليكون مركزًا لتربية النشء والأجيال المولودة في الولايات المتحدة، بهدف تعزيز ارتباطهم بوطنهم الأم، موريتانيا، وتعليمهم قيم الإسلام وفق وحدة المذهب المالكي التي تجمع الموريتانيين في الداخل والخارج، وتُعد رمزًا لوحدتهم الدينية والثقافية.
ولم تقتصر جهود الأستاذ يحيى على الجوانب المالية والتنظيمية فقط، بل امتدت لتعزيز الروابط الثقافية بين الجالية ووطنهم الأم. فقد أطلق صحيفة إلكترونية حملت اسم “موريتانيا 13”، لتكون نافذة تنقل أخبار الجالية، وتُبقي الوطن حاضرًا في القلوب، وتعزز شعور الانتماء رغم بعد المسافات.
واليوم، وبعد أكثر من ربع قرن من العطاء، تظل بصمة الأستاذ يحيى ولد مقامه شاهدة على أن كنوز موريتانيا في المهجر لا تُقاس بالأرقام فقط، بل بالشخصيات التي أحدثت فرقًا وألهمت الأجيال برؤيتها القيادية وروحها الجماعية.
إن قصة الأستاذ يحيى ليست مجرد سيرة شخصية، بل هي نموذج حي للعمل الجماعي والإصرار على تحقيق الأحلام. إنها دعوة لكل جالية أن تستلهم من هذه التجربة الملهمة التي توضح أن العمل الجماعي والإصرار يمكن أن يحققا الأحلام مهما بدت بعيدة، وسيكون الحلم قريبًا بإذن الله

كامل الود 
اسلكو امخيطير 
12/31/2024
BUFFALO NY