المصيبة إذا عمت هانت

أحد, 2025-01-26 19:31

في صباح كل يوم في عاصمتنا العتيقة تتفتح أعين الناس على أزقة مليئة من الأوساخ والأنابيب المتفتقة والبرك الممتلئة على قدرها؛ لتنسكب المياه بعد ذلك  وتتدفق في غياب تام لآلة الصيانة المفترض أنها تراقب شبكة المياه وتحافظ على سقاية المدينة، والحقيقة أن أغلب سكان العاصمة يعانون من العطش في الوقت الذي تروي الأنابيب المتفتحة الشوارع والأزقة،وهذه المفارقة لا يفهمها إلا من عايش هذه الظاهرة على مدار السنين المنصرمة..
من الأمور التي أكدت لي أن عقلية الإهمال مترسخة في العقل الباطني لرؤساء فروع شركة الSNDE فقد شاهدت يوما ما بركا وتدفقا لمياه الأنابيب بشكل ملفت ومزعج على بعد أقل من 20مترا من إحدى  فروع الشركة وعندما نبه الجيران مسؤول الفرع على أنهم تضرروا من تفتق الأنابيب وتدفق المياه  أمام منازلهم وقد يهددهم الغرق في  أي ساعة من الليل،  وبعد إلحاح من الجميع  أرسل معهم المسير عاملا وعندما شاهد العامل المشهد الذي هو باد أمام أعين الجميع قال بالحرف الواحد هذا يحتاج وقتا ودفع مبلغ معتبر على حسابكم وإذا لم يتم دفع المبلغ الذي حدده هو فإن الشريكة لاتعطينا مقابلا على هذا النوع من الأعمال، وحمل حقيبته ورجع من حيث أتى!.
هذه المصيبة تعم جميع أحياء المدينة وأصبح السكان يتعايشون معها وقد تعودوا على أن المراكز المسؤولة عن تسيير المياه في الأحياء تقتصر مهمتهم على غلاء الفواتير وتعطيش الساكنة،وقد ركن الجميع لهذا الظلم مكرهين تحت   فوضى  الشريكة العارمة التي غمرت الشوارع بالماء وجففت أنابيب ري  المنازل...!
يرجع بعض المتابعين لتاريخ الشركة الحافل بالنهب  أن الأمر يعود إلى سوء وتهالك شبكة المياه وأن بعض المدراء  الذين  تولوا إدارة الشركة في فترة معينة وغير بعيدة وفي زمن معلوم ومشهود كان هو السبب في الأزمة هذه والذين جاؤوا من بعدهم لاشك أخفقوا من مخمصهم حتى اليافوخ، فمنهم من تمت إقالته كإجراء علاجي لهذا الخلل الخطير ،ومنهم من  يصارع الآن ما أفسد السلف، والحال أننا نعيش مرحلة ما أفسد المفسدون وأزمة ماعجز عنه المخفقون..
في اعتقادي أن من الأحسن بيع الشركة لشركة أجنبية تتولى تسييرها وتستجلب إدارة أجنبية بعمالها وعتادها وهذا الحل السحري لن يتم إلا بعد أن يعم الغرق شوارعنا وينهك العطش ساكنة مدينتنا، فقد بلغ السيل الزبى.

سيدي محمد ولد دباد 
الأحد26يناير2025 نواكشوط