تعد وسائل الإثبات ذات اهمية قصوى في إثبات الحقوق، و هي متفاضلة من حيث قوة الإثبات و يأتي على رأسها الإعتراف سيد الأدلة الصادر من بالغ عاقل غير مكره، و يليه في قوة الإثبات التوثيق الرسمي ثم العرفي و كذا شهادة الشهود و القرائن القانونية و القضائية.
إن هذه المسلمات قد ذكرت بها الآن حين ما أعاد أحد زملائي -بجانبي- لقطات من أحد مؤتمرات السيد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وهو يؤكد في أجوبته المتكررة المتعلقة بمصادر ثرواته العقارية و المنقولة بأنها ليست من المال العام لأنه لم تكن لديه مزانية يسيرها، و لكنهم للأسف لم يسألوه عما اذا كانت بمناسبة الوظيفة الرئاسية فإن ذلك الجواب يترتب عليه الكثير ويحل لغز تلك الثروة إن وجدت!
ثم إن ولد عبد العزيز كانت أجوبته للصحافة دائما كلازمة مؤداها أن السيد الرئيس محمد ولد غزواني يعرف مصادر ثرواته!
وهنا يطرح الواقع عدة أسئلة الأول منها : يتعلق بماإذا كان يتخذ من محمد ولد الغزواني شاهد اثبات لمصادر أملاكه، وهل يعتبر أن شهادته حاسمة في الموضوع ، و هل يراها بمثابة شهادة الصحابي الجليل ( خزيمة ابن ثابت) .
وهل شهادة الرئيس قاصرة على الواقعة المعروفة (باكرا) أم هي عامة تشمل كل مصادر مايملك من عقارات و منشئات و أسهم و ذهب و مجوهرات و هدايا و غير ذلك!
أم أن محمد ولد عبد العزيز يعول على إحتمال أن تكون شهادة ولد الغزواني لدى القضاء هي فعلا بمثابة شهادة ذلك الصحابي الذي أختصه الله بكون شهادته تعادل شهادة شاهدين إثنين الشيئ الذي لم يحصل عليه حتى الخلفاء الراشدون و لا قوم بدر و لا تبوك و لا غيرهما من الوقائع التي سمت بالرجال الى أعلى القيم الإنسانية في الثقافة الإسلامية.
و من هنا ننتقل الى إحتمال أن يكون إشهاد الرئيس المقصود منه هو إصدار عفو مبطن غير مباشر يكون بواسطة القضاء و يعفي ذلك الرئيس السابق من مسؤوليته الجنائية و كذا الإحتفاظ له في نفس الوقت بممتلكاته التي جمعها خلال فترتيه الريئاسيتين السابقتين ، على أن يتحمل القضاء عنه - و لو شكليا- مسؤولية كل ذلك و تبعاته أمام المواطن الموريتاني .
و في إطار تلك المؤتمرات الصحفية ايضا و كذا التحقيقات التي تتضمن أسئلة الصحافة فإن صديق ولد عبد العزيز ( ولد بايه) كان أكثر منه وضوحًا حين ما قال أن مصادر ثروته كانت ناتجة عن إدارته لمشروع جباية يتعلق بقطعات بحرية و أنه كان يعود إليه من تلك الجباية ما يقارب 40% منها وهي تعد مبالغ طائلة بالمليارات ،وأن الباقي يعود الى خزينة الدولة ، و رغم انها كانت قسمة ضيزى إلا أنها رغم ذلك إعتراف على الأقل و لليترتب عليه ما يجب من أي جهة كانت ( برلمانية أو قضائية) .
و أخيرا ايها الرئيس السابق و الذي تركن كما يبدوا الى شهادة زميلك الرئيس الحالي ألاَ تعلم أن القانون المقارن الذي تلجأ إليه كثيرا أنه في معظم الدول لا يأخذ بالشهادة في إثبات الحقوق إلا في حدود عشرة آلاف أوقية قديمة كالقانون المغربي مثلا.
و هل لا يعلم الرئيس السابق أنه بمجرد إعترافه بثروته الطائلة وهو الممنوع أصلاً من الاغتناء بواسطة او بمناسبة الوظيفة الرئاسية التي لم يتسلم خلال مدتها أي مبلغ من راتبه أنه إعتراف كامل يلزمه بإعادة ما زاد على ما صرح به يوم أدائه لليمين الدستورية أمام القضاء و هو رئيس للدولة أول مرة، بغض النظر عن الطريقة و الظروف التي جعلت منه رئيسا لهذه البلاد !
و هل لا قال له ذ/ الشدو من خلال إستشاراته القانونية أن القرائن القانونية و القضائية هي التفسير لمقتضيات التصريح بالثروة يوم الإعتلاء على كرسي الرئاسة و كذا يوم النزول من فوقه ، و أن ما زاد من أملاك على ذلك وهو خارج عن الراتب ولو كان ذلك هدايا أو ارباح تجارية فلا حق له فيها بالمطلقْ، أم أن تلك المعلومات قد حجبها عنه الاستاذ لِيّلاَ تنقص من مقدار مبالغ أتعابه !
إن هذه الحقائق المتداولة في هذا المقال يعرفها كل من درس الحقوق أو الشريعة الإسلامية و مساطرهما و تدرب عليهماجيدا كما يجب!
أما من كان من أهل الحثوات و إذا به بين عشية و ضحاها محاميًا أمام المحاكم دون تدريب على الأقل ،فإن ذلك يمكنه من أجل كسب القضية أو القضايا أن يستخدم منطق أنا معك ظالما أو مظلوما كما كان ذلك الحال كمعيار معمول به و سائد لدى القبائل الجاهلية قبل الإسلام.
وأخيراً أتساءل قائلا فهل نحن حقا- في أياّمنا الحالية هذه - قد قطعنا شوطاً بعيدا عن ذلك التاريخ و منطقه الأعرج.
ذ/ إسلمو ولد محمد المختار ولد مَاناّ