المتابع لما ينشر في المواقع الافتراضية، يلاحظ الكثير من التجاوزات التي قام ـ ويقوم ـ بها بعض الكتاب المحترمين الذين يحبرون المقالات في المواقع بكتابات انشائية، لا اخبارية، او تقريرية، أو تحليلية، أو ثقافية ذات نفع للقارئ، وإذا حاول القارئ الفضولي، أن يصنفها، فلا يجد لها خانة غيرالاصطفاف في نهاية طابور المتطلعين الى "الصدفة"، كالذي وجد طابورا أمام مصرف، فاعتقد أنه يوزع النقود على القوم، فأخذ مكانه، حتى وصله الدور فدخل، فسئل عما جاء به،،؟ فقال أنا فلان الذي كنت اكتب عن حضرتكم،،!
وهذا الذي تعبر عنه هذه الكتابات "الانحرافية " في مجال المغازلة الجريئة للنظام، حتى لا أقول " الوقحة"، لأن ذلك يستدعي تذكير أصحابها، بقليل من "الحياء" على وجوههم، وتذكيرهم بمكانتهم الاجتماعية، وقيم المجتمع، ومخالفتها بتجاوزات تفتقر إلى الاحترافية على الأقل،،
وهي كتابات أبعد ما تكون عن الكتابة التوعوية لتنوير الرأي العام على الحقوق المدنية، والسياسية، أو توجيهات الحكومة من خلال تشخيص الظواهر، واجتراح الحلول للمشاكل الاجتماعية، أو السياسية، أو الثقافية،، وغير ذلك من عدم احترام الرأي العام الوطني، والإسراف في المبالغة في الدعاية تحت مفهوم " التصفيق" المجاني من كتاب متطفلين ـ ربما ـ على منظومة الاعلام الحزبي، أو الحكومي، أو الرئاسي،،!
ولسان حال المواطن يسأل، ألا تشكل كتابة هؤلاء الكتاب ـ الى حد ما ـ مظاهر مرضية، ك " زائدة دودية" في الاعلام الحر، الأمر الذي يفترض في الأخير، عملية جراحية للتخفيف من مسامها على جسم الإعلام الافتراضي؟
ولعل البعض يعتمد في نشر "زائدته " على العديد من العلاقات "الآلية" في مجتمعنا: كالجهوية، والقبلية، والمحسوبية، والمعارفية،، والشرائحية، لكن ما هي القيمة الفكرية، لما ينشره هؤلاء المبجلون بالاحترام، والتقدير؟ ولمن كتبوا ـ ويكتبون ـ ؟ وما هي الدوافع خارج مساحة الجشع، واحلام اليقظة للحصول على وظيفة بالحبر المسال، بالقلم السيال، كاستجابة " بافلوفية"، غرائزية؟!
وقد يلتمس العذر لبعض الزملاء في اتباع هذا الاسلوب، لأن تاريخ التوظيف، كان يستدعي هذه الأساليب قبل اخضاع التوظيف لمسطرة قانونية، تمر عبرالمسابقات، والترقية الإدارية، وعلى الرغم من ذلك فالبعض لا زال يتطلع الى التعيينات السياسية،، ولا شك أن ثقافة الدعاية المترسبة في أذهان البعض، تظهر في الحالات الشاذة التي تسيل لعاب كتاب الدعاية الهابطة، لذلك، يقتفي هذا الرهط، الأسلوب الساقط في" النظرية الاقتصادية في خطاب معاوية"، وهللوا، و"هيدنوا " ل"هيدالة"، وصفقوا ل" معاوية"، و"تصوفوا" لتنالوا التعيينات من رهط سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ـ رحمه الله تعالى ـ، وغيرها، كتشبيه قادتنا بثوار افريقيا أيام زمان،،!
فماذا ترك كتاب الدعاية المجانية للوزراء اثناء لقاءاتهم الإعلامية عن كون تسييرهم، هو تطبيق للبرنامج الانتخابي في " تعهداتي" لفخامة رئيس الجمهورية، وهذا أمر متواضع عليه من طرف الخطباء المستوزرين في النظم السياسية،، وإن سألت لماذا ؟ لأن، ليس هناك من يسألهم عن العلاقة بين المبادئ في " تعهداتي"، والخطط التنموية، أو عن النسبة التي تمثلها الخطط التقديرية من البرنامج الانتخابي،، فالناخب الموريتاني، هو من سيحاسب الرئيس في الانتخابات المنتظرة على برنامجه ، وليس الوزراء في الحكومة..
أما الأقلام الحرة، فالواجب الاخلاقي، والضمير الوطني، يحاسبانهما على ما ينشرون، فإذا كتبوا عن " تعهداتي"، فإنهم مطالبون بتقديم معلومات صحيحة عن الأبعاد النظرية في العديد من المجالات المختلفة، من الاستقلال السياسي في العلاقات الإقليمية والدولية المتعلقة بالسيادة الوطنية، الى السياسة الداخلية، والإصلاح الاداري، والمالي، والاقتصادي، والتربوي الفعلي، والتنمية المستدامة، ونسبة الحد من جوائح المجاعة، والصحة، ومظاهر التفكك الشرائحي، والإثني، وعن قيمة توزيع " تآزر" للمال النقدي، وغيره على الفئات الاجتماعية، بالنظر الى النظرية الأخرى التي يرى اصحابها أن الأولى من ذلك خلق مشاريع صغيرة تنموية، لتضمن استثمارات، أكثر قيمة من المال المقدم للاستهلاك، الذي يفتح الشهية لطلب المزيد منه،، والمنطق السابق يستند الى قاعدة المحافظة على ثروات البلاد، والتخطيط لها إن كانت نقدية، أو عينية، كقطاعي المعادن، والثروة السمكية، ومراجعات الصفقات التجارية السابقة المجحفة التي أبرمت في العشرية السابقة بطرق ملتوية حسب الاعلام الرسمي،، وعن محاسبة رموز العهود الفاسدة، وعن مبررات التعيينات من ذات الرموز، أو عوائلهم التي خضعت سابقا لذات الآلية المقيتة، كالمحسوبية، والجهوية، والقبلية، والمعارفية، والشرائحية، والإثنية،،
وقد خابت آمال الكثير من الوطنيين الذين كانوا يتوقعون في " تعهداتي" انتهاج مبدأ تكافؤ الفرص، الشخص المناسب في المكان المناسب، والحرص على خلو الذمم من الفساد المالي،،
وهذه من الاشكالات مجتمعة، يستطيع أن يجيب عليها وزير في مجال تخصصه، أو الاعلام الرئاسي،، خلافا للكتاب الذين يتبرعون بالدعاية للنظام السياسي لمآربهم الشخصية، وهم لا في العير، ولا النفير، فلا يعلمون عن هذه الأمور شيئا، غيرأنهم يصبحون مدانين اخلاقيا، إذا لم يقدموا إجابة صادقة لقراء المواقع الافتراضية، وهذه المواقع التي تنحصر وظيفتها الاعلامية في تنوير الرأي العام الوطني حول قضايا المجتمع، والتحديات الداخلية، والخارجية، التي تواجه البلاد في هذه الفترة الرئاسية التي يتأمل المواطن فيها أن تتميز بالأداء السياسي عن غيرها نظرا لتميز فخامة الرئيس ولد غزواني عن سابقيه من الرؤساء بتعهداته في برنامجه الانتخابي الواعد بتغيير منتظر، إن شاء الله تعالى، وما ذلك على الله بعزيز.