في مقال الكاتب الوحدوي التراد سيدي، المنشور على موقع موريتانيا الآن،(13896) تحت عنوان " الوحدة العربية ـ الإفريقية كيف نحققها؟"، قراءة متميزة بوعي صاحبها بضرورة الوعي وطرحه للاشكالات الأساسية التي تستجيب لأكثر من المطالب الجزئية التي يطرحها الكتاب نيابة عن مجتمعاتنا العربية والافريقية على حد سواء، وكم كانت تلك الاشكالات التي طرحها الاستاذ التراد، أولى بالمناقشة، وتقديم الحلول للمشاكل العالقة، وتوجيه الرأي العام إليها في الأمتين العربية، والإفريقية،، إنه الوعي بالمشاكل الخاصة والعامة المتعلقة بظروف الفرد، والأسرة، والمجتمع، الى الدولة القطرية، في ظل التجزئة المفروضة، لكن حصل تغييب الوعي الموجه نحو التحرر، والتقدم، وتوحيد الأمة، واستبداله بوعي متشيئ، مستغرق بمعاناة الفرد، والأسرة، والمجتمع في كل قطر عربي، وافريقي، وهي حاصل المآسي التي جعلت الكتاب يركزون على ظواهر المآسي اليومية، فغاب عن بالهم الحلول الكلية التي تمكن المجتمع، والأمتين العربية والأفريقية من تقديم الحلول لمشاكل مجتمعاتنا التي وحدها القهر، والاستغلال الغربي، والصيني حاليا، وتبعية الأنظمة، وقادتها من الوكلاء لأسيادهم في الغرب الامبريالي، علاوة على ذلك سوء التسيير المفروض عليهم بالعمل الاستهلاكي دون برامج ترشيدية، وتوجيهية من أجل التنمية المستدامة، والأسوأ من ذلك جميعا، غياب القيادات التحررية التي كان آخرها من الرعيل الأخير، شهيدي الأمة العربية صدام حسين، والقذافي رحمهما الله، والمناضل الكبير "نلسون مانديلا"،، أما الباقون على مسرح " برخت" الاجتماعي، فلا مميز لهم عن جهمور المجتمعات المقهورة، اللهم، إلا افعالهم الصوتية المرتفعة هنا، وهناك دون أن يكونوا مؤهلين للظهور على المسرح السياسي، وتوجيه الاحداث،، فهم " علق" من "المعطيات" في المشكلات الأجتماعية، والسياسية التي تغيب وعي المواطنين، والكتاب، فلا يدرون، متى تنتهي مأساة الوطن، والمواطن، إذ لا نهاية متوقعة للنتائج الهزيلة "الصفرية" خارج مجال مسبباتها في الوقائع اليومية، والأحداث السياسية، جراء انتهاج القادة سياسة "يسوسون" المجتمعات بها، كما لو أن الأخيرة قطعان، استودعوا عليها ـ من اسيادهم ـ في مجتمعاتنا المرعاة، ومن أجل أن يبقى رعاتنا، القادة في ظلال، وقطوف دانية، فقد انتخبوا، رعاة لهم من ـ وعلى القطيع المجتمعي،، وأولئك الرعاة الذين هم من الدرجة الثانية ـ لا الثالثة ـ يستنأنسون بالكتاب، والمعارضة، والموالاة، والمتطرفين، ودعاة التقسيم، التشظي من العرقيين، والارهابيين، وذلك تبريرا للحضور الاستعماري بقواته العسكرية، ونفوذه السياسي في توحيد قادة الحكم لسياسة محاربة الارهاب والتطرف، والمحافظة على استنزاف ثروات البلاد المروسة من طرف انظمة " التبعية" السياسية التي هي بمثابة " مسمار" ـ في المنطقة العربية والافريقية ـ يجب ابقاؤه مغروسا في جسمنا الاجتماعي، كرمز للحداثة باعتبارها بوصلة ربان سفينة الصحراء التي تنقذ أهلها من "التيه"، ومثاويه في الصحراء التي كان يقضى الأسلاف فيها شهورا دون أن يأكلوا " كسرة" خبز، إلا أن يأتيهم المارة بها اثناء عبورهم الصحراء نحو مناجمها الذهبية في ايدي ساكنيها في المدائن النائية ـ على رأي المؤرخين، والرحالة الجغرافيين ـ !
2 / إن حضور الغرب في فكر القوميين العرب من ساطع الحصري رحمه الله، الى التراد ولد سيدي، كان حضورا قويا، ولعل له ما يبرره، نظرا لإنجازات الغربيين بالدولة القومية في القرنين الثامن عشر، والتاسع عشر، وكذلك بإنجاز قادته للوحدة الأوروبية التي قضت على الحروب المدمرة للقارة وشعوبها، الأمر الذي جعل ساسة القارة الأوروبية العجوز، يغالبون القهر الامريكي بتجديد احلام شعوبهم بالآمال العريضة في بناء وحدة كبرى، وهي بديلة للوحدة السابقة القائمة على اللغة الواحدة، والثقافة الاقليمية، والجغرافيا السياسية، والتاريخ الخاص بالبناء الداخلي..
وينبغي الإشارة في قراءة مقال" الاستاذ التراد " إلى أن قادة الغرب الذين أنجزوا الوحدة الاروبية، كانوا أكثر وعيا بالمسؤوليات المناطة بهم من أجل اقامة مشروع الوحدة، وكان دافعهم، هو وعي شعوبهم الذي فرض هذا الانجاز العظيم،، لكن أين وعي الشعوب العربية والافريقية من هذا الوعي الوحدوي الأوروبي المعاصر، فبينما أوليك يتوحدون في تسعينيات القرن الماضي، كنا في بداية الالفية الثالثة، نحن العرب والافارقة معا، نهدر طاقات الوعي في الحراكات السياسية، كأداة للتجزئة، ومحاربة القادة التحرريين حقا بشهادة الاعلام الغربي رغم التعتيم، والمشاركة في توجيه بوصلة الرأي العام العربي والافريقي،، ولا زال الاعلام الغربي يعلن في وسائله،، أن القادة العرب، والأفارقة، تمت تصفيتهم من طرف " عصابات" الحراكات السياسية الموجهة بالوعي الظلامي، لأن فرنسا، وايطاليا، وألمانيا ضد توحيد " العملة" لدول إفريقيا في الاتحاد الإفريقي،، وأن الحراك السياسي العربي المعارض في العام 2003، جاء لحكم بلاده على الدبابات الامريكية في الحرب على أمة العرب في حاضرها ومستقبلها،،!!
وإن كان الأمر لا يختلف إلا من حيث الدرجة في الوعي لدى فئات الحراكات السياسية من العاجزين في صفوفها من الوحدويين، ما داموا غير قادرين على ترميم وعي تياراتهم السياسية لتوحيد الهدف من أجل المشروع الوحدوي،،، ولتجاوز هذه الإدانة بما هو عملي، نسأل مجددا للمرة الثانية، متى نسمع عن توحيد الوحدويين في العمل السياسي المشترك في قطرهم موريتانيا، وذلك في سبيل تغيير الوعي لدى الرأي العام، وتوجيه البوصلة التغيير الاجتماعي السياسي؟
د/ إشيبو ولد أباتي