تحتفي بلادنا هذه الأيام بمرور عامين على تنصيب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الذي بدأ فور استلام مهامه بتجسيد "تعهداته" التي شكلت بلسما للجراح الغائرة لوطن ظل الفساد ينخره، وعانى إلى جانب المنظومة الدولية من تبعات جائحة كورونا التي أسفرت عن ضربة غير مسبوقة للاقتصاد العالمي، فكانت الفئات الهشة الأكثر تضررا حيث تأثرت بفعل القيود التي فُرضت لكبح انتشار الفيروس سبيلا لتخفيف الضغوط على منظومتنا الصحية، التي انصبت الجهود على تعزيزيها لتواكب جائحة قال عنها تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية إنها أحدثت أزمة صحية عالمية، علاوة على خسائر بشرية هائلة أفضت إلى أشد ركود شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
ولعل القائمين على الشأن العام في بلدنا أدركوا ذلك مبكرا فوضعوا خططا استباقية مكنت من تخفيف تبعات الجائحة، وانعكاساتها الاقتصادية السلبية على المواطنين خصوصا محدودي الدخل منهم، كما تمت معالجة ما كشفت عنه من هشاشة لمنظومتنا الصحية بتعزيز قدرات التكفل بالحالات الحرجة، وإنشاء شبكات للحجر الاستشفائي، وإصلاح قطاع الصيدلة، وإطلاق مسار التأمين الصحي الشامل، وإيلاء الموارد البشرية عناية خاصة محرزة بذلك قصب السبق في ابتكار نمط جديد للحكم قوامه التوافق، والتهدئة السياسية وإشراك الجميع كل من موقعه وحسب اختصاصه بغض النظر عن انتمائه السياسي سبيلا لتحقيق الرفاه المنشود، مع صرامة لم يغفل أصاحبها جسامة المسئولية الملقاة على عواتقهم في حفظ المكاسب، ولجم أكلة المال العام والمفسدين الذين لا مكان لهم في هذا العهد الميمون ظهر ذلك جليا من خلال الملفات الأربعة المعروضة الآن أمام القضاء والتي بلغ حجم الأموال المبددة بسببها أكثر من 50 مليار أوقية قديمة تم لحد الآن تجميد 42 مليار أوقية قديمة منها وهو أكبر مبلغ تستعيده مفتشية الدولة، كما بلغ عدد المشمولين في تلك الملفات 23 شخصا من بينهم رئيس سابق، ووزيران أولان، وأربعة وزراء سابقون، وخمسة رجال أعمال وهو ما يدل على الجدية والصرامة والإصرار على المضي قدما في محاربة الفساد وترسيخ ثقافة المساءلة التي لا عاصم للمفسدين منها.
وفور تسلمه مقاليد الحكم بدأ فخامته إعادة تأسيس الدولة على معايير صحيحة ساعدت في انقاذها من التردي الذي كانت على شفاه، ولولا عناية الله بأن قيض لنا قائدا يحمل همنا ويسهر على مصالحنا العليا دون المساومة على ثوابتنا الوطنية لما كان الحال على ما هو عليه، فبنفس الطريقة التي وضع بها نواة صلبة لتشكيل جيش وطني قوي -أصبح له دور في شبه المنطقة- شرع في سد مواطن النقص ومعالجة مكامن الخلل حتى وضع قاطرة الوطن على سكة البناء والاعمار، فتم ابتداء من فاتح يناير من هذا العام تطبيق جملة من القرارات الشجاعة والجريئة نذكر منها مثالا لا حصرا: زيادة المعاش الأساس بنسبة مائة في المائة لجميع المتقاعدين، ومضاعفة معاش أراملهم اللاتي استفدن من التأمين الصحي، وصدر قرار يقضي بصرف معاشات التقاعد شهريا، كما عممت علاوة الطبشور لتشمل كل مديري المدارس الأساسية، والمؤسسات الثانوية، مع العمل على صرفها على مدى اثنى عشر شهرا بدلا من تسعة أشهر فقط، وتمت مضاعفة علاوة البعد، وزيدت علاوة التأطير بالنسبة لمفتشي التعليم الأساسي، والثانوي، والفني بمبلغ 10000 أوقية قديمة، وتوالت القرارات الملموسة لتشمل عمال الصحة -درع البلاد الأول في مواجهة الجائحة- فتمت زيادة رواتبهم بنسبة 30%، وعممت علاوة الخطر عليهم، وزيد التكفل بحصص التصفية لفائدة مرضى الفشل الكلوي المعوزين بنسبة 50%، واستفادوا من تحويلات نقدية شهرية بمبلغ 15000 أوقية قديمة، ووفر التأمين الصحي لذوي الاحتياجات الخاصة، علاوة على صرف تحويلات نقدية شهرية بمبلغ 20000 أوقية قديمة للأطفال متعددي الإعاقات.
كما أن انبلاج فجر الإصلاح في بلادنا واكبته المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء "تآزر" بجملة من الإصلاحات المشهودة كان لها كبير أثر على المواطنين بشكل عام خصوصا الفئات الهشة منهم، فآزرتهم في جميع بلديات الوطن البالغ عددها 219 بلدية خلال سنتي 2020 و 2021 عبر تقديم الدعم الغذائي، والنقدي المباشر لأزيد من 210 آلاف أسرة متعففة، أي أكثر من 1.3 مليون شخص وهو ما يعادل ثلث سكان البلاد، مطلقة بذلك أكبر عملية تحويلات نقدية تتم في تاريخ بلدنا بغلاف مالي بلغ 10 مليارات أوقية قديمة معتمدة معيار البنك الدولي لتصنيف الأسر الفقيرة، كما أطلقت برنامجا وطنيا للتغذية المدرسية شمل في عامه الأول زهاء 50 ألف تلميذ، فضلا عن تشييد، وتجهيز 63 مؤسسة تعليمية ما بين ابتدائية وثانوية، كما بدأت أيضا في تنفيذ برنامج لتشييد شبكات الماء الشروب في 70 قرية، وأطلقت برنامجا للتنقيب عن المياه والحفر في 113 قرية أخرى، وتعمل على تزويد 21 قرية كبيرة بالكهرباء، وتم توسيع برنامج التكافل للتحويلات النقدية ليشمل أكثر من 72 ألف أسرة محتاجة وهو ما يمثل أزيد من 70% من التزام فخامة رئيس الجمهورية بدمج 100 ألف أسرة فقيرة في نظام التحويلات النقدية الدائمة، فضلا عن توفير التأمين الصحي المجاني الشامل لأكثر من 620 ألف مواطن محتاج من مختلف ولايات الوطن، وهو ما يعادل سدس سكان البلاد.
وبما أن التعليم هو قوام الدول والسبيل الأوحد لتنميتها والنهوض بها فقد كان أولوية الأولويات عند فخامة رئيس الجمهورية الذي أشرف بنفسه على إطلاق عامين دراسيين الأول من منطقة الترحيل في مقاطعة الرياض، والثاني من مقاطعة أمبود وبالتحديد مدرسة أدباي الترحيل، وهي لعمري خطوة لا يضاهيها في الأهمية إلا حرص الحكومة على الاستمرار بأعلى وتيرة ممكنة لغرض إصلاح المنظومة التربوية، والتوسع في إنشاء البنى التحتية المدرسية، وتكثيف التكوينات سعيا إلى قيام المدرسة الجمهورية التي ينشدها الجميع.
وما فتئ فخامته يذكر بمسؤولية الجميع عن صون المنجز من خلال مواصلة البناء، وتطويره بتقوية اللحمة الاجتماعية، وإرساء دولة القانون، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة الشاملة بحرصه على تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات، وتوطيد استقلالية القضاء بتطوير بناه التحتية العدلية، وتوفير المساعدة القضائية للمواطنين في كل الولايات، وإيمانا منه بأن أقوى العوامل في تحصين الوحدة الوطنية، وتقوية اللحمة الاجتماعية، وترسيخ روح المواطنة هو تحقيق العدالة الاجتماعية اتخذ فخامته من محاربة الفقر، ومختلف أشكال الهشاشة، والغبن، والتهميش هدفا مركزيا لكل السياسات العمومية من خلال العمل على إرساء منظومة حماية اجتماعية شاملة تحقق اندماج الفئات الهشة، والفقيرة في الدورة التنموية، وتضمن لهم النفاذ إلى الخدمات الأساسية، كي تتحول مناطق الفقر، والهشاشة إلى مناطق تنمية محلية نشطة.
وبما أن فخامة رئيس الجمهورية ظل الممسك الفعلي بالملف الأمني للبلاد منذ ما يناهز عقدين من الزمن فقد أولاه أهمية خاصة في برنامجه الانتخابي "تعهداتي"، وبدأت الجهات المعنية العام الماضي العمل على جمع ومعالجة المعطيات المتعلقة بالأمن بحكم الإرادة القوية، والمقاربة الأمنية العلمية، والجاهزية الكبرى من قبل السلطات العليا للتصدي لأي محاولة تمس أمن واستقرار البلد، ولأن تعزيز اللامركزية والتنمية المحلية خيار لا رجعة فيه تمت المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للامركزية والتنمية المحلية من خلال تهيئة الظروف المناسبة لتنمية محلية مندمجة ومستدامة، والعمل على منح الوسائل الضرورية للمجموعات الإقليمية للاضطلاع بمهامها والدفع بمرتكزات التنمية الاقتصادية المحلية وعصرنة المدن، كما تم لأول مرة استحداث مجلس وطني للامركزية والتنمية المحلية حرص فخامته أن يتولى رئاسته بنفسه، وأن تمثل فيه المجموعات المحلية أكبر تمثيل.
ولعل ما ذكرته آنفا -عزيزي القارئ- لا يمثل إلا غيضا من فيض إنجازات كبيرة طالت كافة مجالات العمل الحكومي، ولا تزال متواصلة بخطى حثيثة تحت إشراف فخامة رئيس الجمهورية الذي لم يترشح طلبا لمال ولا جاه بل بحكم معرفة بهذا البلد وما يحتاج إليه، وما هو مطروح أمامه من تحديات بعيدا عن الأنانية، وسعيا للتضحية في سبيل وطن طالما لبى نداءه متى ما استدعاه فظل أحد السادة الذادة عنه ليقرر بعد ذلك مستعينا بالله متكلا عليه التقدم لنيل ثقة شعب لم يخب ظنه فيه، فكان مرشح إجماع وطني بلا منازع، كونه أول مرشح يقرن الأقوال بالأفعال معيدا للكلمة ألقها، -وللعهد معناه-، مع انزاله الناس منازلهم، مما حدا بالشاعر الكبير أحمدو ولد عبد القادر حفظه الله إلى استشراف المستقبل بعين الحاذق المتبصر مباركا النهج القائم، ومشيدا بالإصلاحات الجوهرية التي تحققت فيقول في حق فخامته:
وصالح بين القول والفعل سعيـه ** فدارت على جور الزمان الدوائر
ومن قبله الأقوال تمضي وتنثني ** ولا فعــل إلا مــــا تبـث المنابــر
أحييه إجلالا لـرائــــد نهضـــــة ** تبـــارك أطوار البنـــا وتــــؤازر
المهندس: الحضرمي ولد محمد ولد انداه
رئيس فـــرع UPR بگـــــرو
خـــــلــــــف نــائـــــــب گـــــرو