مجالس الإدارة هيئات تشريعية تداول تسيير المؤسسات العمومية وشبه العمومية وتعمل طبقا لقوانين منشئة لها ووفق النظام الداخلي للمؤسسات المسيرة ، وهي معنية بكل ما يتعلق بتسير المؤسسات وتقترح تغيير قوانينها بموافقة الوزير الوصي كما تقترح هياكل المؤسسات وتصادق على ميزانياتها وأوجه الصرف فيها، ويبقى الجهاز الإداري للمؤسسة
- وفق القانون- مجرد أداة تنفيذية هذا هو المفترض ولكن الواقع شيء آخر .
كان رؤساء مجالس الإدارة في السابق موظفين سامين للدولة لهم احترامهم ومكانتهم الوظيفية واستقلالهم المادي بما يتقاضونه من وظائفهم الرسمية ، وفي هذه الحالة يقل هامش المآمرة بين مجلس الإدارة والجهاز الإداري للمؤسسة محل التهمة الذي بموجبه أنشئت مجالس الإدارة، أما واقعنا الحالي فهو واقع ينذر بخطر محدق يجب على الرئيس والحكومة والبرلمان والحزب الحاكم الانتباه إليه وتلافيه قبل حلول الكارثة التي تنخر الآن في جسم الدولة .
منذ أصبحت الوظائف بالأصوات أصبح كل مسؤول يتعهد بكثير من التعهدات للمصوتين لصالحه سواء كان مترشحا أو داعما بحيث أصبحت المقاعد الوظيفية لاتكفي للتعهدات، من هنا جاء التفكير في جعل مجالس الإدارة أداة للوفاء ببعض تلك التعهدات الأمر الذي جعلها تخصص للمتقاعدين الذين افنوا أعمارهم موظفين ومنهم من أتى على الأخضر واليابس وتعود على النهب والتحايل. هنا تكمن الكارثة بتعطيل دور مجالس الإدارة كهيئات تشريعية رقابية إلى متآمرين مع الأجهزة الإدارية على نهب أموال هذا الشعب المنكوب فأصبح بذلك النهب تحميه القوانين ، والسبب أن هؤلاء المتقاعدين متعودون على أكل المال العام والتحايل قبل التقاعد وأصبحوا مضطرين للخضوع لرؤساء المؤسسات لأن مصدر عيشهم الوحيد هو مايجدونه من ميزانيات هذه المؤسسات وبذلك أصبح رؤساء مجالس الإدارة أدوات بأيدي مسيري المؤسسات.
والأدهى والأمر أن أعضاء المجالس الذين يفترض فيهم أنهم هيأة تشريعية ليسوا إلا عناصر لتزيين اللوحة في اللحظات الأولى من الاجتماع وبعد دقائق يتسللون واحدا واحدا بحجة نداء الوزير وموعد اجتماع ، في شبه اتفاق بينهم وإدارة المؤسسة لأن محاسبة المؤسسة تحضر المستحق المادي للجلسة في بداية الاجتماع وأكثر الأعضاء للأسف يبدو أن ذاك العائد المادي هو غايته.
ومن هنا فإن الوضع مادام على هذا الحال لا تكفينا أموال العالم كله، فعندما تكون الأموال الضخمة المخصصة لمؤسسات الدولة تصرف في غير مالم تخصص له فإن دورها الاقتصادي والاجتماعي يظل معطلا ويبقى شعبنا القليل العدد ذي الثروات الكبيرة يشتري كل خدماته ويتطلع إلى دور مؤسسات الدولة فلايجد لها أثرا وتجد الدولة نفسها مضطرة لدعم تلك المؤسسات بدلا من مساهمتها في الدورة الاقتصادية ورفع الحرج على الحكومة في تذليل مطالب الشعب .
الأستاذ القطب ولد إزخيمي