ان ذكرى الشهداء تعد موسما سنويا يلتقي فيه الناصريون في موريتانيا لليناقشوا فيه مناقب شهدائهم الذين اغتالتهم ايادي الغدر الاثمة، لا بذنب قد ارتكبوه ضد وطنهم الموريتاني!
بل العكس من ذلك قد كانوا يريدون توحيد الشعب بمختلف قومياته و جهوياته و قبائله محطمين بذلك العادات الجاهلية التي كانت تمارس في المجتمع مثل العنصرية البغيضة و القبلية و التبعية و الغبن، حتى ان بعض القبائل كانت تتكون من فئات متعددة تتفاوت حسب سلم هرمي من الاعلى الى الاسفل يجعل البعض من تلك الفئات يشعر بالغبن و الدونية!
ان الحركة الناصرية لو كان لها رأي في الانظمة المتعاقبة لما رأينا مواطني الشمال او الجنوب يدعون الى الانفصال او الفيدرالية، لأن النظام الناصري يقوم اصلا على اساس المساواة و العدل و تكافئ الفرص و كذا تذويب الفوارق الاجتماعية بين مختلف فئات المجتمع، الشيئ المنعدم في بلادنا منذ تأسيسها كدولة، ولا يمكن لأي كان أن يدعي بأن اي من ذلك كان موجودا في بلادنا، و لاهو موجود فيها حتى الان.
ان ذلك التفاوت الاجتماعي و غياب العدالة هما اللذان من امور اخرى يجعل كل من يشعر بالغبن او الحرمان بأن يطالب بالانفصال و ربما الانتقام من اولائك المسؤولين عن ذلك الغبن او الحرمان لأنه كما قال الشاعر :( ظلم ذوي القربى اشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند ) !!
ان تلك الحركة هي الوحيدة في بلادنا التي يتعارف افرادها باسمائهم، و من عرف شخصا منهم بفئته ولو كان خاطئا لتعرض للنقد الشديد من طرفهم .
و هي الحركة الوحيدة التي تأسست بعد وفاة صاحب التجربة الناصرية المرحوم جمال عبد الناصر، و لم تقبل من اي زعيم عربي و لا غيره ان يتدخل في شؤون استقلاليتها، و لو عرض عليها ذاك الزعيم ملء الارض ذهبا، لان استقلاليتها امر مقدس لديها، و بسبب ذلك قد حاصرها العسكر و سلط عليها مخابراته حتى كاد يفرقها ايادي سبإ، ورغم ذلك مازال كل فرد من افراد هذه الحركة يحترم زميله و يجله رغم ذلك، التقسيم الذي تعرضوا له من اجل ان تذهب ريحهم و تخور قواهم، ليخلو الجو ( للتبتابة) الذين لا هدف لهم سوى جمع المال و لو كان ذلك بالطرق المحرمة.
و ظلت تلك الانظمة تحاول عبثا تذويب الحركة الناصرية في احزاب السلطة او المعارضة على الاقل ، ورغم ذلك استطاعت الحركة الصمود و حتى انها رغم تلك الضغوط استطاعت احتواء المناضل الكبير مسعود ولد بوالخير لما حوصر في الزاوية بحل حزبه تعسفيا مما جعلنا ننصفه و نستضيفه في حزبنا ( التحالف ) و نسلمه قيادته مكافاة له على وطنيته.
صحيح ان هذه الحركة لا يرتاح لها معظم الطيف السياسي الذي لم يتحرر بعد من براثين القبلية و الجهوية، و كذا اولائك الذين مازالوا يراهنون على الغرب الاستعماري، كما يتفاخر بعضهم بفترة السيبة حيث كان الغزو الآثم للعزل و الفوضة العارمة الناتجة عن ذلك الغزو .
ان تلك الحركة التي يرفضها الشرق و الغرب معا، لأنها تطالب بحرية الفرد من الاقطاع و العبودية و الرجعية، كما تعمل من اجل ازدهار الاقتصاد الوطني بالتعاون ما بين القطاعين العام و الخاص فلكل منهما مجاله، لاننا نعتبر رأس المال الوطني غير المستغل للمواطنين بانه ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها و ازدهارها رغم انها تدار من مالكيها الخواص .
انها الحركة التي لا يتحقق لديها استقلال الدولة القطرية الا بتحقيق الوحدة الشاملة العربية التي تحقق التكامل الاقتصادي و الاجتماعي و الامني و السياسي، تلك الوحدة التي يجب ان تكون نواة للوحدة الاسلامية التي لا يمكن تصورها بدون الوحدة العربية، - وكيف و الحال هكذا- ان تتوحد دولة باكستان الاسلامية مع جمهورية السنغال الاسلامية هي الاخرى دون المرور بمختلف الدول العربية من المحيط الى الخليج.
ثم ان القومية عندنا ليست عنصرية، ولا عرقية بل هي ثقافية مفتوحة على الحيز الجغرافي للمنطقة و لكل من يريد دخولها و لو كان ناطقا باحدى اللهجات او اللغات غير العربية، كما اننا نضمن الحرية للاقليات و مساواتهم في الحقوق و الواجبات مع الاكثرية، ولن نكون عقبة دون وحدة امتهم الاصلية ان عملوا من اجل توحيدها.
اننا كذلك الحركة التي لا يقبل وجودها الاستعمار الغربي و لا الرجعية العربية او الافريقية، كما انهم لم يتركوها و شأنها من اجل تحقيق تلك الاهداف النبيلة التي غزا الصليبيون ارضنا اصلا من اجل القضاء عليها ، و ما زال الغرب يحاربنا حتى الان، و لو استدعى الامر منه ان تكون حربه معنا على المكشوف ، كما حصل في سوريا و غيرها من الدول العربية .
و اخيرا اتمنى ان يكون عيد الشهداء هذه السنة موحدا للحركة، بعد ان جربت عدة سنوات نموذج التشرذم و الفشل و كذا التبعية لاوئك الذين قادوا بلادنا في فترة تعثر التاريخ فيها بفقدانه بوصلة العقل و الهدى، و لو لا كبوة التاريخ تلك لكان اولائك القادة المزيفون يقبعون حاليا في اسطبلات الخيول و البغال او الحمير، و ما شابه ذلك من مهام تلائم اعمالهم، و كذا تفكيرهم القاصر عن ادارة دولة غنية تتوفر على كل شيئ يساعد في ازدهارها، و مع ذلك فجل سكانها يتسكعون على ارصفة البطالة و من هاجر منهم تحت ضغط المعاش و حصل على جنسية بمثابة اقامة لسحبت منه جنسيته الاصلية وترك مكانه فارغا ليستولي عليه اجنبي مهاجر للأسف الشديد !
و في الختام اقول صادقا باننا نحن الحركة الوحيدة التي تضع في مبادئها ان الامة العربية جسم و روحه الاسلام الذي لا يمكنها العيش بدونه، و لا يستقيم امره هو ايضا بمشئية الله دونها !
ذ/ اسلم محمد المختار