شعـرة معاويـة....في معناهـا المعاصـر ----------

أحد, 2021-02-14 13:19

يحكى في الأثر عن أن الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كان يقول لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها.

وفي المعنى الحديث يمكن القول إن شعرة معاوية هي التفاعل مع المواطن والاستماع لصوته والتجاوب مع مطالبه وبسرعة وجدوائية. ويمكن القول أيضا إن شعرة معاوية هي أن لا يشعر المواطن باليأس وأن يحافظ على قدر فاعل من الحماس مع أنشطة الحكومة؛ وأن يكون هناك زخم للعمل الحكومى وشمولية وإشراك، وأن لا ينحدر إلى هذا المستوى المقلق من الرتابة والملل وقلة الديناميكية وغياب الصرامة.

شاهدت بالأمس سرعة تفاعل الحكومة اليابانية مع زلزال ضرب السواحل الشرقية للبلاد (فوكوياما)، بلغت قوته ما يزيد بقليل على سبع درجات على مقياس رختر، فعلى الرغم من أن الزلزال وقع في منتصف الليل بالتوقيت المحلي وفي يوم عطلة، إلا أنك تحسب أن الجميع كان على استعداد للأمر وتهيء له؛ ففي أقل من ساعة كان هناك بيان من رئيس الوزراء، وكانت فرق الانقاذ في عين المكان، وكان هناك جرد أولي بالخسائر، وبيان من شركة الكهرباء عن عدد المنازل التي انقطع عنها التيار الكهرباء وبالتفصيل في كل مقاطعة متضررة.

أول خطوة جادة في اتجاه بناء علاقة تفاعلية قوية مع المواطن هو بناء فريق سياسي متجانس وتمثيلي بمعنى أن تشرك القوى الحية الجادة والتي لها حضور مثبت وفاعل على الأرض ولا يلتفت أبدا إلى القوى الفقاعية السرابية كالمبادرات وما حذى حذوها كالمنصات الاجتماعية وبيادقها الافتراضية.

ومن الأسباب المساعدة في اختيار فريق سياسي قوي ومتجانس أن يكون منضويا تحت يافطة سياسة موحدة وأن يكون أعضاء الفريق ممن صلحت سيرتهم وثبتت فعاليتهم وبرزت جديتهم في خلال المراحل الحالية والعهد الحالي تحت قيادة صاحب الفخامة السيد محمد ولد الشيخ  الغزواني. 

ومن المهم أن أشير هنا إلى أن التوزير أو الوزارة منصب سياسي ويجب أن يعهد إلى من له حظ في السياسة وله تمثيل واقعي مثبت على الأرض، ليس من المناسب في الإطار الحالي أن تعهد إلى من لا يعرف السياسة ولم يشغل نفسه يوما واحدا في التحشيد أو النصرة أو التصويت ولا يعرف حتى التعامل مع الجمهور وكيفية سوقه إلى هذا الخيار أو ذاك. 

من الأسباب المعينة لزخم أكبر في العلاقة بين الحكومة والمواطن أن تكون هناك ورش عمل مختلفة في الوقت نفسه، فمثلا أن يحس المواطن والناظر وحتى الزائر أن هناك أشغال قائمة وفي مختلف المجالات (بنية تحتية، طرق، عمران، مدينة منظمة وحضارية...)، في بعض المرات تحس أن الجائحة وآثارها قد أطبقت على البلد فلا حديث إلا عن الاجراءت الاحترازية وعن التدابير المتخذة في هذا الصدد.

المتجول في العاصمة مثلا لا يشاهد إلا الفوضى وحركة مرور مختنقة وغير منظمة وأسواق عشوائية ومزدحمة وباعة عشوائيون ومشاكسون، واحتلال للمجال العام، وقليلا يشاهد هياكل بنيان غير مكتمل ومهجور، وأوساخ متناثرة، تشوه الوجه الحضاري للعاصمة وتسيء إلى البلد.

أول انطباع يجب أن يحسه المواطن هو أن هناك تغييرا شاملا على مختلف الصعد في الإدارة في الشارع وفي كل شيء، أن يلمس المواطن بنفسه أن هناك أشغالا قائمة، لا يتحرى أن يشاهد التلفزيون أو يستمع إلى الراديو، يرى بنفسه آثار العمل أو كثيرا منه في تجوله وتحركه، ولا يحتاج إلا بيان من أحد أو شروح منه.

من العوامل المهمة في إطار تفعيل العلاقة بين الحكومة والمواطن أن يصار إلى إشراك القوى الشبابية، ومن المهم أن يدرك الشباب أو على الأقل قطاعات واسعة منه أن الحكومة تنصت له وأنها بصدد أن تعمل حلولا فورية لمشاكله وأن تشركه في العمل وبوتيرة فاعلة وجدية. يجب أن تسرع الحكومة وأن لا تترك اليأس يتسلسل إلى الشباب، وأن تبقيه متحمسا ومتوقدا ومندفعا. فحين يتأبطه اليأس سينحدر إلى مستويات سحيقة من الحسرة والخيبة وفقدان الأمل.

وفي هذا الصدد أرى أنه من الضروري تفعيل مجموعة البرامج التي تستهدف الشباب وأن تكون هناك رؤية ويقظة وجدية، وأساسا هناك مجالان المجال السياسي وهو أن يفعل دور الشباب في الهياكل الحزبية ( وأعني خاصة حزب الاتحاد، وأن يعطى الشباب المساحة والموارد، لم أشهد أي حضور ذي بال للمنظمة الشبابية وربما مرد ذلك إلى غياب الإرادة وقلة الموارد بالإضافة إلى غياب الانسجام بين العناصر الشبابية المختلفة) والمجال الاجتماعي وهو إيجاد فرص العمل للشباب في مختلف القطاعات والتركيز على تقليص البطالة وبمستويات معتبرة وتخصيص الموارد اللازمة لهذا، يجب أن يشغل الشباب في العمل وبشكل فوري وبوتيرة مكثفة.

 لا يمكن أبدا تصور نجاح العمل الحكومي ونجاح العلاقة مع المواطن مع تهميش الطاقات الشبابية المتحمسة والمتوقدة!
----------
سيـد أحمـد أعمـر محّـم
كاتـب صحفـي