لعله السؤال الذي اختمر في ذهن القوميين، بل أرقهم لفترة في الثمانينات الى الآن، وهي فترة تمثل حلقة مفرغة من العمل المنتج المهدور في حاضر مجتمعنا، وكذا امتنا العظيمة التي جابهت الاحتلال الامريكي المميت للعراق العظيم، وغياب دور مصر الثورة منذ السبعينات، والآن حشر ت سورية في الزاوية، واحتلال ليبيا، وعودة الصراع القبلي على المكشوف، وتدمير اليمن وارجاع الحياة المعيشية، والحضرية لأهله الى العصورالوسطى،، وتقسيم السودان الى دولتين على أساس عرقي، والسعي لإقامة دولة كردية على حساب جغرافية الوطن العربي دون النظر الى القضية الكردية على أساس غياب الحقوق المدنية التي يجب ان توفر للمواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والمذهبية،، وهذا هو المعمول به في المجتمعات المعاصرة التي تجمعها الاوطان ولم تقسم الأخيرة على اساس الانتماء العرقي والمذهبي،،
أما فرض التقسيم ، فهو محاولة يائسة لتسيد العصر الصهيوني على الممالك والامارات والسلطنات العربية "المتصهينة " سياسيا، وأمنيا،، ومنه محاولة تقسيم الصومال المقاوم من اجل استدامة التخلف الاجتماعي، ونهب الثروات، واستباحة الممرات العربية،،
ولكن هل من ضوء تمثله إرادة عربية تحيل هذا النفق المظلم الى مدخل للعبور، استنارة ب"الوعي، والحركة، فالعمل" منهجا توعويا وعمليا، برؤاه الواضحة لتحقيق اهداف مجتمعنا في موريتانيا، وذلك من أجل :
1/ صون الهوية المجتمعية في زمن"العولمة" المغيبة لوعي الفرد، والمستعمرة لكل قطر عربي على حدة،،
2/ التفاعل مع المعطى السياسي العام الذي يسمح بالعمل في اطاره الحزبي،،
3/ الاستفادة من تجارب الافراد من جيل القوميين الذين قدموا تضحيات جساما، تعتبر رصيدا للعمل المتبصر، والهادف ، وان لم يصلوا الى مبتغاهم بحكم العوامل الموضوعية التي كانت ـ ولازالت ـ تكشف عن العوامل التي تحول دون الخروج من عنق الزجاجة، وتجاوز مرحلة التأسيس للنظام السياسي في بلادنا، الأمر الذي جعل كل الجهود القومية التي بذلها جيل القوميين ، لم تحقق الأهداف المتوقعة ، وقد يكون عامل التجزئة بين حاملي الوعي القومي من اسبابها ، لذلك اصبح من اللازم تغيير الاساليب في العمل النضالي ، ومن اولويات الأخير توحيد القوميين كما ركز على ذلك الدكتور ناجي محمد إمام ، وسيكون للقوميين شرف الريادة في تحمل المسؤوليات المستجدة لتنظيم الشبيبة الموريتانية في عمل طلائعي للمثقفين الثوريين ، والطلاب، والعمال الذين سيحملون ألوية التغيير الحداثي المعاصر، ولما يتوقف قطاره منذ قرنين في أي مجتمع استطاع ان يعبر من التخلف الى التقدم بالعمل السياسي، والاجتماعي للتنظيمات الثورية التي ضمت كل الشرائح الاجتماعية من نخبة ثورية, وعمال , وفلاحين ، سيما في اروبا التحررية ـ لا الاستعمارية ـ وآسيا، وامريكا اللاتينية، وافريقيا ، وكان الثوريون في الوطن العربي من حاملي التغيير والاستقلال الوطني منذ ثورة 1952 المجيدة، وما تلاها من ثورات في الجزائر، واليمن، و العراق، وسورية، وفلسطين، والسودان وليبيا،،
إن هناك ضرورة لاسترجاع الوعي القومي ، وتفعيل به حركات التحرر العربي عن طريق الوسائل المتاحة من اجل التغيير المطلوب في حاضر الأمة ، ومستقبلها المنظور بحول الله تعالى وتوفيقه ، وذلك على غرار ما استعادت بعض التنظيمات الثورية انظمتها التحررية في الانتخابات الحرة بعد ان اسقطتها الامبريالية بالأنقلابات المضادة في آمريكا اللاتينية، وفي افريقيا،،
××××××××××××××××××××××××××××
لقد اطلعت على المقال الرائع للدكتور ناجي محمد الامام، وهو مقال جميل، والاستفادة من طرحه الاستشرافي و من تأكيد صوابيته ،، و يا حبذا لو اتبع مقاله السابق بتصور يستند اليه كإطار توجيهي، كتوجيهه لهذا التعقيب المتواضع، وذلك من اجل تأطير العمل التنظيمي في اتجاهين اثنين، وهما :
1/ الدعوة للعمل الحزبي الموحد للقوميين،،ووضع برامج يحرص فيها على تكوين الفرد، واقناعه بالرؤية، والمنهج، والعمل،،
2/ وضع برنامج زمني للمشاركة في الانتخابات البلدية ، والتشريعية، وصولا الى الرئاسية ،،
ملاحظة:
ان الهدف من الاشارة التالية هو تقييم ما اشار اليه الدكتور في مقاله عن قيمة النقد في مجاليه: الذاتي، والموضوعي،، غير أن الفكر القومي في مدرستيه، تم نقده نقدا غير موضوعي، وكان الهدف منه توجيه اسهم التدمير لبناه الفكرية في:( التحرر والتقدم والوحدة / الوحدة، والتحرر، والتقدم )، وذلك بعد نكسة 67 ، وسقوط انظمة اتجارب السياسية القومية بعوامل عديدة ، ومنها الطوابير الخماسية، وسوء التدبير السياسي ، كتجربة الناصريين في السودان على عهد جعفر النميري، والناصريين في ليبيا الذين لم يستطيعوا التكيف مع شخصنة القذافي واستبداده، وقد حصل عندهم تقصير في تقييم التحديات التي تواجه الأمة بما لايقاس بالتشنجات القذافية، ونرجسيته التي كانت تتطلب ملاطفة ميزاجه، وموضعة تخرصاته الفكرية،،
ولأن غياب القوى الثورية، وعدم توحيدها، كان لهما دورا مباشرا في مضاعفة التحديات ، حيث اتسعت الثغرات في العمل الثوري العربي، حتى وصل بنا الحال الى محاربة الثورة الايرانية نيابة عن الامبريالية التي اسقطت حكم مصدق في ايران في خمسينيات القرن الماضي ، كما اجهض العمل القومي حين اتجه لحماية الانظمة القروسطوية في الخليج العربي، ولما زالت تحت الاحتلالين الإنجليزي والأمريكي ، وحصل احتلال الكويت سنة 1990م على اساس تحريرها من العراق، ثم احتل العراق سنة 2003م ،،
وحينئذ ارتفعت الابواق الناعقة نافثة سمومها في بنية الفكر السياسي القومي، وارجعت اليه كل اخفاق في التجارب السياسية دون أن تقيًم موضوعيا العوامل الداخلية ، ومواطن ضعفها، والعوامل الخارجية ، واستهدافاتها لمظاهر التحديث في مجتمعات الامة، وبالتالي رموز التحديث ممثلة في القوى القومية،،
وبما أن للنقد فلسفته، ومنها تقديم البديل النظري، فان التجارب القومية في معظمها استندت الى منهج التجربة والخطإ، وكانت الأخطاء بشرية، ولا تخلو منها التجارب السياسية، ولكن استعادة تلك الاخطاء باقلام القوميين في اطار النقد الموضوعي ، سيوظف ضد العمل القومي ، والتشكيك في فاعليته ، غير أن ما سيأتي من نقد موضوعي أثناء عرض فكر التجارب القومية السابقة، سيكون في اوقات تالية على مرحلة التأسيس، ووضع البرامج العملية،،
والنقد الداخلي مهم، ويتم في مجالات تراعي مستوى المتلقين، ومدى تقبلهم للنقد البناء المتميز بخصوصيته عن النقد من اجل النقد، والنقد خارج السياق التاريخي،،
النقد الخارجي :
لقد شهدنا عينتين من النقد :
الأولى شكلت ردة فعل على اسقاط القوميين للحكم الماركسي في العراق، وانتهز اصحابه نكسة 67 ، واعتبرها كل من / الويس عوض ، ومحمود العالم، وغالي شكري / ثغرة لتدمير الوعي لدى المواطن العربي في مصر، وتعمية للمشاهد الحية من انجازات التجربة الناصرية، واشعاعها التنويري في مصر على عهدي السادات، وحسني مبارك،،
وقد عبر عن نقد التجربة تاليا لحكم الثورة، بعض الكتاب الاستنفاعيين ، فمنهم من طالب بحياد مصر، كتوفيق الحكيم ، ومن نادى باستعادة دعوة " طه حسين" في كتابه: " مستقبل الثقافة في مصر" على اساس أن مصر والمصريين جزء من حضارة البحر الابيض المتوسط على ضفته الشمالية،، وكان الهدف المباشر هو تحييد مصر في الصراع العربي مع الكيان الصهيوني الذي تولى الدعاية له الكاتب والصحافي " أنيس منصور " ، وكذلك كتاب " لمصر لا للعبد الناصر" لمحمد حسنين هيكل، كأول محاولة للمس بالرمز القيادي للأمة بالإضافة الى مشاركة هيكل في الانقلاب الذي قاده السادات في مصر حيث استهدف الاتحاد الاشتراكي العربي ، ثم خط الثورة ، واستبدله بخط الاستسلام في عصر الانفتاح الذي دشنه ببيع القطاع العام للمستثمرين الأجانب ، وفلول الاقطاع في مصر، والبرجوازية الطفيلية،،
وقد مهدت تلك الكتابات التافهة فكريا لكتاب كان هدفهم التمهيد للتطبيع الثقافي الذي لم يتحقق الى حد الآن،،
القد الذاتي :
أما النقد الثاني للمدرستين القوميتين ، فبدأه الاسلاميون بجناحيهما : الاخواني، والوهابي قبل، وبعد احتلال العراق، كالذي ظهر في برامج " قناة الجزيرة" القطرية، في بنرامج "احمد منصور" الاخواني الذي زاوج بين نقد الناصرية، والبعثية معا.. وكالذي ظهر في كتابات اخرى شحذت معاول الهدم في الصحافة الخليجية الصفراء ك " الشرق الاوسط" وغيرها ، وكان من بين الاقلام الساقطة، والكتابات المتهافتة تلك المقالات الاسترزاقية للاستاذ الجامعي " السيد ولد أباه" الذي روج لمظاهر العولمة، و"تلميع" النموذج الاستلابي، عديم الهوية العربية الذي تقاسمه أمراء وسلاطين الطوائف في الخليج العربي الى وقتنا الحالي،،
إشيب ولد أباتي