بلادنا حباها الله بثروات كبيرة جدا سواء تعلق الأمر بالثروة المعدنية كالذهب والحديد والنحاس... ، ويستثمر في هذا المجال العديد من الشركات الأجنبية كتازيازت موريتانيا TASIAST MAURITANIE وأم سي ام MCM، والوطنية كالشركة الوطنية للصناعة والمناجم SNIM وغيرهم. وهذه الثروة ترتكز أساسا في المناطق الشمالية من البلاد.
الثروة السمكية وهي ثروة هامة جدا حيث يمتلك البلد أغنى شاطئين في العالم بمختلف العينات والأنواع السمكية وهما شاطئ مدينة انواكشوط العاصمة السياسية للبلد، ومدينة انواذيبو العاصمة الاقتصادية.
والثروة الزراعية سواء كانت الزراعة المطرية أو زراعة الفيضانات (السدود أو خلف السدود) أو الزراعة المطرية أو زراعة النخيل أو تحت النخيل، فهذه الثروة هامة كذلك وضرورية في توفير الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وتوجد بشكل أساسي في وسط وجنوب البلاد حيث المساحات الكبيرة الخصبة المستصلحة وغير المستصلحة في شمامة وعلى طول النهر الممتد على مسافة حوالي 550 كلم، ومنطقة شمامه هذه هي منطقة هامة جدا في المجال الزراعي وتحتاج إلى لفتة واهتمام، كما تتوفر البلاد على أكبر مشروع في البلد وحتى في شبه المنطقة وهو ثاني أكبر مشروع في القارة الإفريقية هذا المشروع هو مشروع سد فم لكليته الكبير والذي يمتاز بإحتياطه المائي الكبير حيث يتوفر على أزيد من مليار متر مكعب من المياه الصالحة للشرب وللزراعة وللصيد التقليدي، وفيه مساحة 1950 هكتارا مستصلحة وقابلة للزيادة وبشكل كبير وهو بحاجة للرعاية والعناية وإعادة التأهيل والصيانة والإستغلال.
والثروة الحيوانية من إبل وبقر وغنم وغيرهم وهي موجودة في مختلف مناطق البلاد وإن كانت تتوفر وبرؤوس وأعداد أكبر في المناطق الشرقية من البلاد.
هذا بالإضافة إلى الثروة النفطية وقريبا الغاز الموجود في البحر في المجال الحدودي بين بلدنا والجارة السنغال ومن المنتظر ان يستفيد منه البلدين بنسب معينة بحول الله.
ولكن بالرغم من كل هذه الثروات الطبيعية فإن البلد عانى لمدة زمنية طويلة من التخلف والفقر والجهل والبطالة وضعف التشغيل في القطاعين العام والخاص، وتدني الرواتب والأجور وصعوبة الظروف المعيشية للعديد من السكان والمواطنين.
وهذه مفارقة عجيبة فلماذا كل هذا؟ فما هو السبب؟ وكيف يكون العلاج؟
أعتقد أنه توجد أسباب عديدة لهذا الواقع غير اللائق وغير المقبول وحتى بعد ستين سنة من الاستقلال الوطني ولا شك انه من بين الأسباب الأساسية لهذا الواقع المزري هو إنتشار الفساد الكبير وسوء التسيير لخيرات وطننا العزيز، وفشل الخطط والسياسات، وضعف الإنتاج والاعتماد كلية في الاستهلاك من السلع والخدمات على الخارج، فبلدنا يستورد كل شيء وبشكل كبير وفي حين أنه يصدر في مجالات محدودة، ويغيب فيه التصنيع، والمواطن يستهلك ولا ينتج....
وللخروج من هذه الوضعية والتي عانى منها البلد على طول فترات عديدة من تاريخه فينبغي أن يعمل الجميع وخاصة السلطات المعنية على المحاربة الجادة للفساد والرشوة، والتوجه للتصنيع والإنتاج والاستغلال الأمثل للقطاع الإنتاجي الزراعي ودعم المشتغلين فيه من مزراعين ومستثمرين وتشجيع الاستثمار في كل المجالات وخاصة في المجال الزراعي، فالبلد بحاجة إلى الأمن وخاصة الأمن الغذائي، ويتوفر البلد على العديد من الكفاءات وخاصة من الشباب المهندسين بحيث يمكنهم أن يستفيدوا ويفيدوا بلدهم إذا ما وجدوا الدعم والمساندة.
هذا وينبغي أن توضع سياسات محكمة وناجعة من خلال التخطيط والإعداد الجيد للبرامج والمتابعة الدقيقة والصارمة لتنفيذ المشاريع من البداية وحتى النهاية.
كما يجب التركيز وبشكل خاص على دعم وتنظيم ومراقبة قطاعات العدل والأمن والتعليم والصحة.. وبمشاركة الجميع في مسار تنموي حقيقي فإن البلد سيتمكن وفي فترة قياسية من الاستفادة من كل ثرواته وخيراته الكثيرة وسينعكس ذلك لا محالة على الحياة المعيشية المواطنين، وتطوير البنى التحتية وإحداث نهضة شاملة وكبيرة في شتى المجالات وعلى عموم التراب الوطني.
الكاتب/ مولايإدريس ولد العربي