إن ظاهرة التميز الإ جابي قد نشأت أخيراً في بلادنا و قد إسْتُهْدِفَتْ تلك الظاهرة من طرف السلطات الموريتانية انذاك نوعا من التكفير عن المجتمع الموريتاني في ما يخص ما تعرض له المستعبدون السابقون و كذا النساء، حيث يحتجز لهؤلاء و ألئك شغل بعض المناصب الانتخابية، و كذا بعض الوظائف استثناء و خروجا عن المعايير المتعارف عليها قانونيا او عرفيا .
و هنا و بغض النظر عن كَوْن العبودية التي لم تعد موجودة أصلا في موريتانيا منذ امد بعيد، و اذا ما كان قد تبقى من مخلفاتها شيئًا ما فإنه يعود الى ارتباط بعض العائلات الفقيرة من العبيد السابقين على الخصوص مع سادتهم عن طريق رابطة العمل مقابل اجر محدد و اكراميات سخية.
الا انه بمجرد ما ظهرت تلك الحركات السياسية التي حملت شعار الانعتاق، و اعتقد ان من تلك الحركات حركتي الكادحين و الناصرين، و ذلك قبل ان تولد الحركات الإنعتاقية المستقلة بذاتها لصالح تلك الفئة ، و قبل ذلك بكثير كان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه هو الذي قد حمل لواء تلك الدعوة و التي خلدها من خلال رسالته المشهورة لعمرو ابن العاص امير مصر آن ذاك ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا ) و ذلك بما يوحي بأن الإ سلام كان دين حرية و ليس معتقد عبودية !
ثم اخيرا اجمع علماء موريتانيا على عدم جواز العبودية في موريتانيا، و يعتبر اجماع العلماء مصدرا من مصادر الشريعة الإسلامية الذي يجب الأقتداء به،
الا انه بظهور حركة (الحر ) و نضالها القاصر على مجرد الإساءة الى عنصر البظان دون غيره من العناصر القومية الأخرى و التي ربما مازالت العبودية موجودة فيها و بأبشع صورها الى حد الآن، و قد تبعتها في ذلك الاتجاه حركة ( إيرا ) بقيادة بيرام الذي تمادى بالإساءة على البظان و علمائهم و رموزهم و مذاهبهم الفقهية.
و قد أجْهِضَتْ نضالات تلك الحركات بالامتيازات التي حصلوا عليها من طرف بعض السلطات و كذا الأموال الطائلة التي قدمت لهم من بعض رجال الاعمال و كذا الهيئات الحقوقية العالمية، بحيث أصبحوا من الأغنياء و من علية القوم و لهم اتباع و ربما مليشيات موحدة الثياب و كأنهم يسيرون على نهج (موسوليني)، ثم صاروا يتنقلون بين فنادق الغرب ال 5 نجوم، يروجون بضاعة العبودية الرائجة في تلك الاسواق واصفين بلدهم بنظام الفصل العنصري ( الأ بّارْ تَايدْ).
ان الحركتين المذكورتين الاخيرتين لم يقدم ايا من قادتهم اموالا او مباني او مساعدات مما حصلوا عليه بِاسم معانات تلك الفئة التي يستقلون إسمها وهي المهمشة والتي يوجد معظمها في ادغال موريتانيا و يتكدسون في ما يعرف (بأدْوابَه) مساكنهم نصفها الاسفل من الطين و الاعلى من العشب و الحشائش!
و قد اصبح قادة تلك الحركات من امثال مسعود و برام الداه اعبيد، كل ما ارادا الحصول على مكاسب مادية او سياسية من الدولة الا و ينكئا جراح العبودية التي كادت تندمل و يذكراننا بها، و لما تتحقق لهما مطالبهما يخبوا أوار ذلك النضال، الموصوف بالنفعية!
ثم نضيف الى ما سبق ذكر ه نوعا جديدا من التميز الاجابي الا انه للأسف ذو مكيالين، مثل ذلك الذي حصل مع الناجح في البكلوريا رقم واحد في ولاية تگانت، و الثاني على مستوى الوطن.
اما الناجح رقم واحد وطنيا لم يذكره ذاكر سوى والدته المسكينة التي ناشدت الجميع من اجل انصاف ولدها العبقري.
بل ظهر شاب آخر من ولاية ادرار قال انه كان هو الاخر راعيا و فلاحا و متسلق نخل و جبال و رغم ذلك كان هو الاول في الاداب سنة 2019 ولَم يحصل حتى الآن على منحة تقدر ب 4 الاف اوقية ق، ذلك المبلغ الزهيد الذي اقل مما يفطر به اي مسؤول موريتاني يشغل منصب مدير او رايس مصلحة، و اظن ان سبب حرمان الشابين المذكورين هو لون بشرتهما الفاتح الذي يشبه الى حد ما لون بشرة السيد رئيس الجمهورية الحالي.
و بمقتضى ما سبق فإني اقول جازما بأن التميز الاجابي ضروري في هذه المرحلة ،و لكن يجب ان يكون خاضعا لمعايير محددة، و ان لا يقتصر على مجرد لون البشرة او سابقة الاسترقاق او( الانثوية)، و انما يجب ايضا ان يشمل من كان قد استعبد و لو معنويا مثل (ازناگه و ايگاون و لمعلمين ) و غيرهم من فئات المجتمع المهمشة التي لم ينطلق عقال نضالها بعد رغم الحاجة الى ضرورة تلك الانطلاقة !
كما انه ايضا قد بدأت تتشكل ظاهرة جديدة وهي تتعلق بنضال بعض الافراد و ذلك بكدهم من اجل لقمة العيش، و في نفس الوقت لم يهملوا مستقبلهم الدراسي مشكورين رغم قساوة الظروف التي يعيشونها ،و كانت مجرد سيرة هاؤلاء الذاتيه كافية وحدها لتبرير تعينهم وزراء او مدراء، او على الاقل استقبالهم من طرف الوزراء و ربما السيد الرئيس و تكريمهم، و كذا مجازاتهم بالمنح في اي مكان او تخصص ارادوه ،وذلك كنوع من التعويض لهم جراء توبيخ الضمير الجمعي الوطني بسبب الغبن الحاصل على بعض الفئآت المهمشة في المجتمع من معظم منافع البلد، و الذي مازال ساريًا على فئات اخرى ذنبهم الوحيد هو عدم تعرف قادتهم على من أين تأكل الكتف السياسية في موريتانيا للأسف الشديد !
ذ/ اسلم محمد المختار ولد مانّه