بتاريخ 22 تشرين الأول الحالي تم تسجيل دعوى قضائية في محكمة بداية نابلس ضد حكومة بريطانيا بحكم أنها المسؤولة عن إصدار إعلان بلفور في الثاني من تشرين الثاني من العام 1917، هذا الإعلان الذي جاء في (67) كلمة انتهكت حقوق الشعب الفلسطيني، وحرمته من حقوقه السياسية، ومن حقه في تقرير مصيره، كباقي شعوب الأرض، كما أسس هذا الإعلان لنظام ابرتهايد في فلسطين يستهدف الشعب الفلسطيني، وأيضا كان بداية تحقيق حُلم الحركة الصهيونية بإقامة “الدولة اليهودية” على أرض فلسطين التاريخية، وكنقطة ارتكاز لتجسيد “الدولة اليهودية” من النيل إلى الفرات.
بعد مئة وثلاثة أعوام من إعلان بلفور، وبعد أن جرب الشعب الفلسطيني كل الوسائل في سبيل الوصل إلى حقه في تقرير مصيره، وجد ثلة من الشخصيات الفلسطينية أنه من المهم والمطلوب فتح جبهة قانونية ضد الحكومة البريطانية، لإيمانها التام بأن أساس كل نكبات الشعب الفلسطيني هي بريطانيا التي سعت إلى تمكين الحركة الصهيونية ودعمها سياسيا وماديا للوصول إلى هدفها غير المشروع وغير القانوني وغير الاخلاقي في إقامة دولة بعد تهجير وتشريد الشعب الفلسطيني، والإمعان في المجازر ضده.
بعد مشاورات مكثفة مع رجال قانون فلسطينيين وعرب وآخرين، وعلمنا تماما أن الجرائم التي ارتكبتها الحركة الصهيونية ومن خلفها بريطانيا لا تسقط بالتقادم، وأن أنه لحجم وضخامة هذه الجرائم فإنه لا حصانة للدول، وأن المحاكم الوطنية قادرة على البت في هكذا قضايا ضمن اختصاصها، وبخاصة أننا نطالب بدعوتنا القضائية إلزام حكومة بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني عن كافة الجرائم والمخالفات القانونية التي حرمت الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الطبيعية بتقرير المصير والاستقلال، وباعتبار كافة القرارات والقوانين التي صدرت في عهد الانتداب البريطاني والتي مست حقوق الشعب الفلسطيني قوانياً باطلة لعدم شرعيتها، بما في ذلك اعتبار وعد بلفور وما نتج عنه من آثار عملاً غير مشروعاً وإلغائه وإلغاء كافة القرارات المترتبة عليه”.
إننا في التجمع الوطني للمستقلين وفي المؤسسة الدولية لمتابعة حقوق الشعب الفلسطيني اطلقنا مبادرة وهي جزء من برنامج متكامل يهدف لمتابعة حقوق شعبنا الفلسطيني أمام القضاء الوطني والدولي لمحاكمة كل من انتهك وينتهك حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه المبادرة تأتي كإحدى مخرجات مؤتمر الاستراتيجية الوطنية لمواجهة صفقة القرن وسياسات الاحتلال الذي نظمه التجمع الوطني للمستقلين بالشراكة مع وزارة العدل الفلسطينية وجامعة القدس، وكلنا ايمان بأننا سننتصر وسنأخذ حكما ضد حكومة بريطانيا التي أساس نكبة الشعب الفلسطيني
لم نتوجه للقضاء الفلسطيني عبثا وإنما بعد دراسة مستفيضة ومشاورات حثيثة شارك بها خبراء من الداخل والخارج أجمعوا بشأن اختصاص القضاء الفلسطيني للنظر في هكذا الدعوى وكذلك حرصنا ومن خلال تحريك الدعوى إلى تحقيق أهداف أخرى إضافة إلى الهدف الرئيس ، فأردنا من خلالها تعزيز مبدأ السيادة لدولة فلسطين وإعمال حقها في ملاحقة الدول الأخرى في الجرائم التي تتقيد فيها حصانة الدول أمام القضاء الوطني لدولة أخرى ، وأردنا إنعاش الذاكرة الوطنية للأجيال والعودة بهم إلى حقنا في فلسطين التاريخية ، وكان لا بد من أن يكون أول حكم قضائي يدين بريطانيا يصدر من القضاء الفلسطيني كون الدولة هي الأولى في رعاية المصالح وصون الحقوق شعبها .
ان مقاضاة بريطانيا أمام القضاء الفلسطيني هي الخطوة الأولى في المعركة القضائية وهذه الخطوة هي جزء من مشروع متكامل له امتداد يشمل القضاء البريطاني والدولي وكافة الدولة المتاحة يرافق ذلك حملة واسعة للتوعية المحلية وحشد المناصرة الدولية التي تهدف إلى تعرية التواطئ الدولي والمؤامرة البريطانية التي كان نتيجتها تأسيس دولة الاحتلال على أسس باطلة .
إننا نتطلع إلى محاكمة بريطانيا وكل من تسبب بأضرار للشعب الفلسطيني، ونرى أن الجبهة القانونية هي مكمل أساسي لباقي جبهات النضال الوطني الفلسطيني، وإننا مستمرون في القتال على هذه الجبهة ، وكلنا ثقة بأن الشعب الفلسطيني بكل قواه يقف معنا في هذا الموضوع المفصلي، الذي يحمل أهمية ليس فقط قانونية بل أيضا أخلاقية لها أبعاد تتعلق بتصرفات الدول العظمى تجاه حقوق الشعوب التي تتوق للتحرر والاستقلال، نحن نؤمن بعدالة قضيتنا وبحق شعبنا في تقرير مصيره عبر كل الوسائل المشروعة له في القانون الدولي.