مع اقتراب نهاية النصف الأول من شهر يوليو 2020، تختلف تقديرات المراقبين والمحللين بشأن المسار الذي سيأخذه الصراع شبه الدولي على الساحة الليبية. البعض يقدر أن لا مفر من التصعيد العسكري والسياسي بين المعسكرين اللذين يساندان الأطراف المحلية المتناحرة والمتقاتلة وذلك خلال الأيام القادمة، في حين يرى طرف آخر أن الأوضاع ستتجه على الأقل خلال الأسابيع المقبلة وحتى نهاية فصل الصيف نحو نوع من التهدئة في نطاق عمليات لجسد النبض وحساب فرص الربح والخسارة من جانب مختلف المتدخلين، هذا الفريق يرجح كذلك أن تركيا ستنتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2020 لتعرف حجم الإسناد الذي يمكن أن تتوقعه سواء من الرئيس ترامب إذا اعيد انتخابه أو من مرشح الحزب الديمقراطي بايدن إذا انتصر، خاصة وأنها مقتنعة في الوقت الحاضر أن سيد البيت الأبيض الحالي غير مستعد لركوب قاطرة دعمها بشراسة أكبر في مواجهة مصر وروسيا وفرنسا والمتحالفين معهم، رغم تحذيرات البنتاغون ومراكز توجيه السياسة الأمريكية من أن انكسار مخطط أنقرة في ليبيا سيحرم الولايات المتحدة من فرصة إغلاق شرق المتوسط أمام الأسطول الروسي الذي تمكن من الولوج إلى المياه الدافئة عبر قاعدتيه في سوريا طرطوس وحميميم.
على الساحة الليبية هناك معطيات مختلفة يمكن أن تستخدم لدعم التصورات المتناقضة حول مسار الصراع. إنكسار هجوم الجيش الوطني الليبي برئاسة اللواء خليفة حفتر التابع لحكومة عبد الله الثني المنبعثة عن مجلس النواب الليبي المنتخب في 25 يونيو 2014، في هجومه على العاصمة الليبية طرابلس والتي كان يحاصرها منذ شهر أبريل 2019 كان ثمرة للتدخل العسكري التركي الكثيف بواسطة ما يزيد عن 13 الف من المسلحين السوريين المناهضين لحكومة دمشق والذين نقلوا من شمال سوريا وأساسا من جيب إدلب وكذلك حوالي 1200 من جنود النخبة في الجيش التركي زيادة على دعم مدفعي من فرقاطات تابعة للبحرية التركية خاصة خلال عملية فك الحصار عن طرابلس.
في العاصمة الألمانية برلين وحسب جهاز مخابرات الجيش رجع بعض الخبراء العسكريين الأمر كذلك إلى التفوق الجوي الساحق الذي حظيت به قوات حكومة الوفاق، هذه السيطرة الجوية نشأت في الأساس من الطائرات المسيرة التركية إلى جانب مساندة المقاتلات التركية، ما نتج عنه دفع قوات حفتر أولا حتى حدود ترهونة رأس حربة الهجوم على طرابلس والتي سيطرت فيها قوات الوفاق على معسكر اللواء التاسع بمنطقة الحواتم.
كما استمرت هجمات حكومة الوفاق على عدة محاور في ترهونة بهدف قطع الإمدادات عن قوات حفتر، وهي الاستراتيجية التي نجحت الطائرات المسيرة في تنفيذها إلى حد بعيد، ما جعل قوات الوفاق قادرة بشكل أكبر على مد سيطرتها على الأرض وإجبار حفتر على التراجع.
الصحراء المفتوحة
المليشيات المختلفة المحسوبة على حكومة الوفاق الليبية برئاسة السراج لم تساهم سوى بشكل هامشي في معركة فك الحصار عن طرابلس كما تفيد بذلك تقارير متطابقة لبعثة الأمم المتحدة ومقر قيادة أفريكوم الأمريكي ومصادر الرصد الألمانية والبريطانية.
بعد تقدم القوات المحسوبة على حكومة طرابلس إلى خط المناطق القريبة من ميناء سرت وقاعدة الجفرة، واجهت ككل قوة عسكرية جربت الساحة الليبية خاصة خلال معارك الجيش الألماني بقيادة روميل خلال الحرب العالمية الثانية ضد قوات الحلفاء بقيادة الجنرال البريطاني منتغمري معضلة خطوط الأمداد الطويلة والمهددة دوما بسبب الطبيعة الجعرافية والامتداد المسطح والمفتوح للصحراء. المسلحون الذين استقدموا من سوريا والذين وعدوا برواتب تتراوح بين 2500 و 5000 دولار شهريا وجدوا انفسهم بعد الابتعاد عن جيهة طرابلس الوطية ترهونة في بيئة مختلفة عن تلك التي خاضوا فيها معارك ضد الجيش العربي السوري وداعميه من الروس واللبنانيين المنضويين تحت لواء حزب الله، كما وجدت القيادة العسكرية التركية مشاكل في الإبقاء على خطوط امدادت مستدامة ومؤمنة. مما زاد من صعوبات القوات المتقدمة نحو سرت والجفرة أن ألوية مدينة مصراته والمحسوبة على حكومة السراج رفضت المشاركة في المعارك بل ومنعت وحدات من البحرية والجيش البري التركي من إقامة مقار دائمة في المدينة ومحيطها ومينائها.
نجاح الجيش الليبي سواء بالطائرات التي زودته بها روسيا أو بفضل أي طيران حليف في تدمير شبكة الدفاع الجوي التي اقامتها أنقرة حول طرابلس والوطية يوم 5 يوليو 2020 وحتى خطوطها قرب سرت أنهى التفوق الجوي لأنصار حكومة السراج وجعل كل خطوط إمدادهم مهددة في انتظار تدخل تركي كثيف قد يكون بواسطة طائرات ف 16 الأمريكية.
مصادر روسية أفادت أن تلك الغارات نجحت في تحييد منظومات الدفاع الجوي متوسطة المدى "هوك" أمريكية الصنع، بالإضافة إلى 3 رادارات في الغالب هي من الطراز "كالكان" تركية الصنع عاملة مع منظومات "هوك"، بالإضافة إلى تدمير منظومة الإعاقة والتشويش الإلكترونية تركية الصنع "كورال".
وأضافت أن تركيا طورت منظومتي دفاع جوي تحت مسمى "حصار" إحداهما قصيرة المدى تحت مسمى "حصار إية" يصل مداها إلى 15 كم، والثانية "حصار أو" ويصل مداها إلى 25 كم، ولكن لم تدخلا الخدمة حتى اللحظة، وهذا سبب الاعتماد المستمر على منظومة "هوك" الأمريكية التي مهما كان مستوى تطويرها فإنها في النهاية غير مؤثرة على طائرات القتال الجوي عالية المناورة المنتمية للأجيال الحديثة.
وذكر خبراء عسكريون حسب وكالة روسيا، أن تركيا في قاعدة "الوطية" لا تملك العتاد الكافي لتغطية منظومة "هوك"، حيث أنه لا توجد أنظمة إنذار مبكر، بالإضافة إلى أن الرادارات التركية المصاحبة لمنظومة "هوك" تم تدميرها بسهولة بسبب مداها القصير جدا.
ورجح الخبراء أنه قبل تنفيذ الضربة تم إبطال مفعول المنظومات الدفاعية التركية والرادارات عبر التشويش، حيث أنه لم يخرج صاروخ واحد من القاعدة تجاه المقاتلات التي نفذت العملية.
وذكروا إن عملية التشويش تتم عبر الطائرات المخصصة لذلك، حيث تقوم بـ"ركب" التردادات الخارجة من الرادار المستهدف عن طريق الضوضاء والتشويش السلبي لإرسال معلومات مغلوطة، أو الخداع حيث يرى الرادار أكثر من 100 طائرة وهمية بدلا من رؤيته لطائرة أو اثنتين حيث لا يستطيع رؤية الأهداف الرئيسية، أو غلق الرادار نفسه حيث لا يستطيع رؤية أي شيء ويتم استهداف كافة الأهداف بنجاح.
سلاح اوكراني
مصادر صحفية في لندن ذكرت ان تركيا ستعيد بناء منظومتها الجوية في ليبيا، وسط تقارير عن أنها ستنشر في مناطق مختلفة منظومات "إس 125" التي اشترتها من أوكرانيا، وتنوي تفعيل واحدة منها على الأقل فوق المجال الجوي لسرت. وستكون الوطية بالطبع مكانا محتملا لنشر المنظومة الصاروخية الجديدة، بالإضافة إلى مطار معيتيقة في طرابلس الذي ينشر فيه الأتراك أصلا منظومة دفاع صاروخي، وكذلك مدينة مصراتة التي يستخدم الأتراك ميناءها البحري ومطارها الجوي لنقل الأسلحة والعتاد إلى ليبيا.
وليس واضحا ما إذا كان سيسمح، أم لا، لتركيا بأن تنشر هذه المنظومات الصاروخية في ليبيا، لكن استخدام "الميراج 2000" في قصف الوطية يوحي بأن هناك خطا أحمر ليس فقط حول سرت والجفرة، بل أيضا أمام السماح لتركيا بإقامة قواعد دائمة على الأراضي الليبية. ولا يعني ذلك بالطبع أن مصر التي رسمت الخط الأحمر حول سرت والجفرة والتي تملك طائرات "ميراج 2000"، هي من قصفت الوطية، علما بأن وسائل إعلام "الوفاق" قالت إن دولة أخرى غير مصر هي من نفذ الهجوم.
ولكن إذا كانت جبهتا سرت والجفرة تشهدان "هدوء ما قبل العاصفة"، بحسب تهديدات "الوفاق"، فماذا عن بقية محاور المواجهة في ليبيا؟.
كان الخيار المتاح أمام "الوفاق"، بعد إرغامها "الجيش الوطني" على إخلاء غرب ليبيا، التوجه شرقا نحو سرت والجفرة، وهو ما حاولت القيام به وفشلت، أو التوجه جنوبا نحو مناطق سيطرة قوات المشير حفتر في إقليم فزان. وبما أنها ذاقت مرارة التقدم دون غطاء جوي نحو سرت فإنها، كما يبدو، لم تحاول التقدم جنوبا لأنه يعني أيضا قطعها مسافات طويلة في مناطق مكشوفة في الصحراء. ولحكومة "الوفاق" مناطق انتشار محدودة في جنوب ليبيا حيث تسيطر قوات موالية لها على حقل الفيل النفطي قرب وادي الحياة في حوض مرزق بجنوب غربي ليبيا. لكن انتشارها الأساسي يمتد عبر شريط طويل يبدأ في الجبل الغربي ويصل إلى أطراف منطقة براك الشاطئ شمال سبها، كبرى حواضر الجنوب الليبي. وسجل في شهر يوليو أول تحرك لقوات "الوفاق" في الجنوب في اختبار لـ"الخطوط الحمر" التي قد تكون مرسومة هناك أيضا. إذ تقدمت هذه القوات في منطقة مشروع الدبوات التي تبعد 40 كلم من مدينة براك الشاطئ ومطارها. وهنا أيضا تعرضت قوات "الوفاق" لقصف جوي، ما يوحي بأن هناك خطاً أحمر محتملا يمنع أي تغيير في خريطة الانتشار الحالية للقوات الليبية المتحاربة. ومعروف، في هذا المجال، أن الإعلام الموالي لحكومة "الوفاق" يقول إن فرنسا تنشر قوات في الجنوب الليبي، لكن ذلك لا يمكن تأكيده. في حين هناك وجود عسكري أمريكي في طرابلس ترسخ بعد زيارة قائد قوات افريكوم لطرابلس يوم 22 يونيو 2020.
ويقول محللون عسكريون أن السيطرة على ميناء سرت وقاعدة الجفرة الجوية الواقعة على بعد 300 كيلومتر جنوبها، وفقا للقيادة العسكرية السياسية التركية، تشكل نقطة تحول في المسار العام للحرب في البلاد، إنما يتعذر تحقيق ذلك بالضربات الجوية وحدها من دون عملية برية واسعة النطاق. ولكن، ليس لدى تركيا في ليبيا ما يكفي لشن غارات جوية كثيفة، ولا لعملية عسكرية برية كبيرة.
وللفرنسيين اهتمام واضح بمنع انتشار جماعات متشددة، مثل "القاعدة" و"داعش"، في الصحراء الليبية مترامية الأطراف، كون ذلك يؤثر على جهود جيشها الذي يخوض حربا ضد هذين التنظيمين في منطقة الساحل الأفريقي.
المعروف أن قوة حماية طرابلس التي تقدم على أنها جيش حكومة السراج، هي تحالف يضم مجموعات موالية لحكومة الوفاق. وأبرزها: "كتيبة ثوار طرابلس" وتنتشر في شرق العاصمة ووسطها. قوة الردع: قوات سلفية غير جهادية تتمركز خصوصا في شرق العاصمة وتقوم بدور الشرطة ولها ميول متشددة. كتيبة أبو سليم: تسيطر خصوصا على حي أبو سليم الشعبي في جنوب العاصمة. كتيبة النواسي: إسلامية موجودة في شرق العاصمة حيث تسيطر خصوصا على القاعدة البحرية.
تهديد القبائل
خطوط الامداد للقوات الداعمة لحكومة السراج مهددة كذلك من طرف مجموعة من القبائل الليبية وهو ما عكسته المصادر الرسمية التركية وفي مقدمتها المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الذي قال ردا على تهديدات القاهرة بتسليح القبائل الليبية "ان دولة ليبيا الحديثة لا يمكن أن تقوم على نظام القبائل".
وكان المجلس الأعلى للقبائل الليبية قد اتخذ موقفا مناهضا لأنقرة حيث أعلن يوم الأحد 21 يونيو 2020 أن دعم تركيا للتنظيمات الإرهابية هدفه تمكين الإخوان. وقال المجلس في بيانه، إن "التدخل التركي يهدف لدعم الإرهاب في إفريقيا". كما أوضح أن "الحل السياسي يبدأ بطرد الغزاة ونزع سلاح الميليشيات"، مؤكدا أن "الحل يكون بتوافق ليبي دون تهميش أو إقصاء".
وأضاف المجلس أن "الشعب رفض جماعة الإخوان لثلاث مرات متتالية"، مؤكدا: "يجب التصدي لمحاولة تدوير جماعة الإخوان".
كما ثمن "دعم مصر للشعب الليبي لمواجهة الغزو التركي"، قائلاً: "نثمن مواقف مصر التاريخية تجاه ليبيا". وطالب بالدعم المصري المباشر للجيش وللقضاء على الفوضى. إلى ذلك اعتبر أن "مساعدة مصر مهمة للحفاظ على الأمن القومي العربي".
فوضى المليشيات
وجود المسلحين الذين نقلتهم أنقرة إلى ليبيا بدأ يفجر مشاكل لا تخدم لا أنقرة ولا حكومة السراج فبالاضافة إلى امتعاض غالبية سكان مدينة طرابلس من هؤلاء الوافدين، أخذ هؤلاء يشكلون تحالفات مع بعض المليشيات المسيطرة على العاصمة ويدخلون معها في صراعات مسلحة تشابه تلك التي يشهدها جيب إدلب في شمال سوريا.
يوم السبت 11 يوليو 2020 أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها العميق إزاء الاشتباكات الأخيرة التي وقعت بين عناصر إجرامية، بينهم أفراد بجماعات مسلحة في جنزور، إحدى المناطق السكنية في طرابلس. وقد تسببت هذه الاشتباكات في ترويع السكان وأسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وادانت البعثة الأممية مثل هذه الأعمال الطائشة التي تعرض المدنيين للخطر المباشر، في حين بدأت طرابلس تتعافى من حصار دام 15 شهرا. ولفتت البعثة أن وقوع هذه الاشتباكات يؤكد ضرورة أن تتحرك حكومة الوفاق بسرعة نحو إصلاح فعال للقطاع الأمني، بالتزامن مع نزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريح وإعادة دمج عناصرها.
وكان قد تم قتل عدد من قادة ميليشيات العاصمة الليبية طرابلس، التابعين لوزارة داخلية الوفاق، يوم الخميس 9 يوليو، في اشتباكات مع ميليشيات أخرى تتبع الوزارة نفسها، وذلك بسبب الخلاف على تقاسم السيطرة في المنطقة، أمام مقر حرس "المنشآت النفطية" في جنزور وقرب مقر البعثة الأممية بالبلاد.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل نحو 12 عنصراً من ميليشيا فرسان جنزور، وفق تقارير إعلامية.
من جهتها، أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا عن إدانتها واستنكارها الشديدين لوقوع اشتباكات مسلحة بمنطقة جنزور غرب طرابلس ظهر يوم الخميس بين أفراد من الجماعات المسلحة، وما تسببت به هذه الاشتباكات المسلحة من ترويع للسكان المدنيين وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر، وما أسفرت عنه أيضا من سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى، وآثار هذه الاشتباكات على جهود تحقيق الاستقرار والأمن بمدينة طرابلس، وإنهاء الفوضى الأمنية التي تتسبب بها الجماعات المسلحة والخارجون عن القانون .
وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، ومكتب النائب العام، بفتح تحقيق شامل في واقعة الاشتباكات المسلحة.
يذكر أنه قبل هجوم الجيش الوطني الليبي على طرابلس في شهر أبريل سنة 2019، كانت الميليشيات المسلحة في صراعات متكررة خلال السنوات الماضية فيما بينها، لكنها سرعان ما تحالفت وانضم إلى حلفها آلاف العناصر المسلحة، وآلاف المرتزقة من الموالين لتركيا.
والمعروف أن قوة حماية طرابلس، عبارة عن تحالف يضم مجموعات متحالفة مع حكومة الوفاق. وأبرزها: "كتيبة ثوار طرابلس" وتنتشر في شرق العاصمة ووسطها. قوة الردع: قوات سلفية غير جهادية تتمركز خصوصاً في شرق العاصمة وتقوم بدور الشرطة ولها ميول متشددة. كتيبة أبو سليم: تسيطر خصوصا على حي أبو سليم الشعبي في جنوب العاصمة. كتيبة النواسي: إسلامية موجودة في شرق العاصمة حيث تسيطر خصوصا على القاعدة البحرية.
شروط وضغوط
في الوقت الذي يسود فيه الغموض الأوضاع في ليبيا، تظهر مؤشرات يعتبرها البعض دليلا على استطالة حالة لا حرب الحالية.
فيوم السبت 11 يوليو 2020 أصدر "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر، بيانا بشأن فتح الموانئ والحقول النفطية في البلاد.
وقال المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، في البيان المسجل: "بشأن التزامها بتنفيذ أوامر الشعب الليبي المتعلقة بالموانئ والحقول النفطية في الوقت الذي تثمن فيه القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية ثقة الشعب الليبي العظيم، في قواته المسلحة، من خلال تفويضها للتفاوض مع المجتمع الدولي، للوصول لتحقيق المطالب العادلة للقبائل والشعب الليبي، والتي حددها كشروط لإعادة فتح الموانئ والحقول النفطية"، والمتمثلة في الآتي:
أولا- فتح حساب خاص بإحدى الدول تودع به عوائد النفط مع آلية واضحة للتوزيع العادل لهذه العوائد، على كافة الشعب الليبي بكل مدن وأقاليم ليبيا وبضمانات دولية.
ثانيا - وضع آلية شفافة وبضمانات دولية للإنفاق تضمن أن لا تذهب هذه العوائد لتمويل الإرهاب والمرتزقة وأن يستفيد منها الشعب الليبي دون سواه وهو صاحب الحق في ثروات بلاده.
ثالثا- ضرورة مراجعة حسابات مصرف ليبيا المركزي بطرابلس لمعرفة كيف وأين أنفقت عوائد النفط طيلة السنوات الماضية والتي حرم الشعب من الاستفادة منها ومحاسبة من تسبب في إهدارها وإنفاقها في غير محلها.
وأكدت القيادة العامة أنها ملتزمة بحدود التفويض الممنوح لها من قبل القبائل والشعب الليبي بشأن التفاوض لتحقيق هذه المطالب والتي بدون تحققها لن يكون بالإمكان إعادة الفتح، مشيرة إلى أن شركائها الدوليين والإقليميين يتفهمون مطالب الشعب بهذا الصدد.
كما أشارت القيادة العامة إلى أنه وفي إطار التعاون مع المجتمع الدولي والدول الصديقة والشقيقة والتي طلبت السماح لناقلة نفط واحدة بتحميل كمية مخزنة من النفط متعاقد عليها من قبل الإغلاق وخشية على الصالح العام وحتى لا تتأثر المنشآت النفطية بطول التخزين، فقد استجابت لذلك مراعية مصلحة الشعب الليبي أولا وأخيرا.
وشددت على أن إغلاق الموانئ والحقول النفطية سيستمر لحين تنفيذ مطالب وأوامر الشعب الليبي بشأنها، موضحة أنها ملتزمة بذلك كونها المنوط بها حماية مقدرات الشعب والمفوضة منه بذلك مؤكدة استعدادها التام للتعاون مع المجتمع الدولي وكل الشرفاء من أبناء الوطن.
يذكر أن صحيفة "دي فيلت الألمانية" أفادت في تقرير لها نشر يوم الخميس التاسع من يوليو 2020 أن الحكومة التركية تدفع لكل من "مرتزقتها" الذين يقاتلون في ليبيا ما معدله 2000 دولار شهريا.
ونقلت الصحيفة عن الخبير الأمني أرجان سيتلي أوغلو، مستشار الجيش التركي لشؤون مكافحة الإرهاب، تأكيده أن تركيا تدفع 2000 دولار لكل مقاتل لصالحها في ليبيا.
ووفقا للصحيفة، فإن الدولة الليبية أيضا تتحمل جزءا من تكاليف الوجود التركي في ليبيا، مشيرة إلى تقارير تفيد بأن البنك المركزي الليبي قام مؤخراً بتحويل نحو 169 مليون يورو إلى شركة "تقنيات الصناعات الدفاعية" التركية، التي تمتلك نصفها شركة "بي ام سي" التركية لصناعة السيارات والدبابات، والمملوكة بدورها لمقرب من أردوغان.
وتسعى تركيا إلى الخروج من مشاكلها الاقتصادية المتزايدة منذ حوالي سنة من خلال التدخل في ليبيا واستغلال مشاريع البناء واستخراج النفط هناك واللجوء إلى الحلفاء الأجانب لتعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي المستنفدة بسرعة. ولقد تقدمت حكومة طرابلس للمساعدة. وأفادت مصادر اعلامية يوم الخميس 02 يوليو 2020 أن محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق عمر الكبير، أودع 8 مليارات دولار في البنك المركزي التركي لمدة 4 سنوات دون فائدة للمساعدة في تحقيق الاستقرار لليرة التركية.
واعترف وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونميز مؤخرا لوكالة أنباء الأناضول الحكومية إن أنقرة التي تتطلع إلى خفض وارداتها من الطاقة وتراجع فرص التعاون مع ليبيا في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي. وأضاف دونميز أن واردات تركيا من الطاقة تكلف 40 مليار دولار سنويا، الأمر الذي يؤدي إلى تضخم عجز حسابها الجاري.
وتابع الوزير التركي: "نخطط للعمل مع شركة النفط الوطنية الليبية. وربما ستكون هناك شركات نفط دولية يمكننا العمل معها في نفس الوقت، وسوف نرى".
وتقدمت شركة النفط الوطنية التركية للبترول بطلب للحصول على تصاريح للتنقيب عن الغاز في مايو 2020 لمواقع داخل المياه الإقليمية المعاد تحديدها حاليا في البلاد، مما أدى إلى تصاعد التوترات مع قبرص واليونان بسبب انتهاكات المناطق الاقتصادية الحصرية المعترف بها دوليا.
وفي حديثه عن آفاق تركيا في الفوز بعقود الاستكشاف والامتيازات، قال أنس القماطي، مدير معهد صادق للدراسات: "أنا متأكد من أنه سيكون هناك قدر من الدفع السياسي. وهذه مسألة يجب أن تضعها في الاعتبار شركة النفط الوطنية الليبية، وهي عادة لا تتخذ قرارات تستند إلى المحسوبية السياسية، ولكن على أساس الدراية الفنية والجدوى الاقتصادية". لكنه أضاف أن الشركات التركية "لديها ميزة" عندما يتعلق الأمر بالإنتاج وتقديم الخدمات.
ملامح صفقة
في العاصمة البريطانية لندن تحدثت مصادر إعلامية نقلا عن مصادر ليبية لم تسمها عن صفقة يتم بموجبها رسميا إعادة استئناف إنتاج النفط في ليبيا، مقابل خروج تركيا من المشهد العسكري، وتجنب حرب واسعة وشيكة في منطقة البحر المتوسط، وسط معلومات عن تهديدات أمريكية بفرض عقوبات على القائد العام لـلجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر.
وأفصحت وثيقة حصلت عليها المصادر الاعلامية عن وضع حفتر، وما يعرف باسم "حراك المدن والقبائل الليبية للحفاظ على الموارد النفطية"، أربعة شروط في رسالة وجهت إلى ستيفاني ويليامز، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا بالإنابة، أولها إخراج الإرهابيين الذين جلبتهم تركيا، وإلغاء الاتفاق الذي أبرمته مع حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، بشأن تدخلها العسكري في ليبيا، بالإضافة إلى إقالة رئيسي المصرف المركزي، ومؤسسة النفط، المواليين لحكومة السراج.
وتضمنت الرسالة، التي تم إرسالها في العاشر من شهر يونيو، إلى ويليامز، "تحويل إيرادات ليبيا من النفط إلى فرع المصرف المركزي في مدينة البيضاء"، التابع للحكومة المؤقتة، وذلك تحت إشراف البعثة الأممية، التي يفترض أنها "ستتعهد بتحقيق هذه المطالب خلال 90 يوما من بدء استئناف إنتاج وتصدير النفط".
مصادر ليبية مقربة من عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، ذكرت، إن جانبا من المحادثات، التي أجراها مؤخرا مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي، تشمل رفع العقوبات المفروضة عليه، مشيرة إلى أن صالح كان لديه يوم السبت 11 جدول مزدحم بالاجتماعات مع مسؤولين أوروبيين، بالإضافة إلى وفد فرنسي.
وكانت البعثة الأممية قد أعلنت، في بيان لها، مساء الخميس 9 يوليو، عن اجتماع عقدته رئيستها وليامز في مدينة جنيف السويسرية مع رئيس مجلس النواب الليبي، تناول مبادرته الأخيرة لحل الأزمة الليبية، وإعادة إحياء الحوار السياسي، والحاجة لتكثيف الجهود لإيجاد حل سياسي شامل.
وطبقا للبيان، فقد رحب الطرفان بإعلان مؤسسة النفط الموالية لحكومة "الوفاق" رفع القوة القاهرة. كما أكدا على ضرورة عدم وضع أي عراقيل أمام تدفق النفط، كونه "ملك كل الليبيين، ويجب أن يدار إنفاق إيراداته بشفافية ومهنية".
وحسب بيانات المؤسسة الليبية، فإن مجموع الخسائر الناجمة عن الإقفالات النفطية والتي تستمر منذ 172 يوما، بلغ أكثر من 6.643 مليار دولار.
موسكو في مواجهة واشنطن
إذا كانت الادارة الأمريكية تضغط على حكومة عبد الثني واللواء حفتر وتدعم بشكل أو بآخر حكومة السراج، فإن موسكو بدورها ترفع من دعمها للطرف الآخر.
فيوم الأربعاء 8 يوليو 2020 صرح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، إن "الأوضاع العسكرية والسياسية في ليبيا تستمر بالتدهور. وإن حكومة الوفاق الوطني، التي تمكنت بدعم خارجي ملموس من التصدي لـ "الجيش الوطني الليبي"، لم تبد استعدادا للحوار".
وأكد نيبينزيا أن "الوضع المأساوي" الراهن في ليبيا هو "نتيجة مباشرة للتدخل العسكري للناتو عام 2011 في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي".
وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن مؤتمر برلين حول ليبيا كان يبعث على التفاؤل الحذر، وتم دعم نتائجه بالقرار رقم 2510 لمجلس الأمن الدولي، لكن تنفيذه تعثر بسبب أنه افتقد إلى دعم جميع الأطراف الليبية.
ولفت إلى أن "إعلان القاهرة" الذي قدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم 6 يونيو، والذي أيدته عدد من الدول بما فيها روسيا، فتح "النافذة أمام إمكانيات" جديدة.
وشدد نيبينزيا على أن موسكو تنطلق من أن كل الدول التي لديها أدوات للتأثير على الطرفين المتنازعين في ليبيا يجب أن تبذل قصارى جهودها لوقف العمليات القتالية فورا وإطلاق عملية التفاوض.
وتابع: "نحن من جانبنا سنواصل الاتصالات مع الدول المهتمة باستقرار ليبيا. ونحن نحث دائما الأطراف الليبية على نبذ الرهان على الحل العسكري وترتيب عملية سياسية. وهذا هو الموقف الذي كنا نصر عليه خلال اتصالاتنا الأخيرة مع ممثلي شرق وغرب ليبيا، وأشرنا إلى أننا لا نرى بديلا للتسوية السياسية برعاية الأمم المتحدة".
وتعليقا على المزاعم حول "التدخل الروسي" في ليبيا، أكد نيبينزيا عدم وجود أي عسكري روسي في منطقة العمليات القتالية بليبيا، مضيفا أنه لا توجد هناك أي معلومات موثوق بها عن مواطنين روس مشاركين في القتال.
ودعا المندوب الروسي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للإسراع إلى تعيين مبعوث خاص جديد إلى ليبيا.
وقال بهذا الصدد إن "منصب المبعوث الخاص للأمين العام إلى ليبيا لا يزال شاغرا منذ 4 أشهر، وهذا يقوض الجهود الرامية إلى التسوية السلمية في ليبيا".
وأضاف أن موسكو ترى من المنطقي اختيار شخصية إفريقية لهذا المنصب. وأردف: "ندعو الأمين العام لاتخاذ خطوات حازمة لتعيين مبعوث خاص جديد إلى ليبيا، ونحن لا نرى أسبابا موضوعية لتأجيل تعيينه".
كنوز ليبيا والبدائل لواشنطن
يوم 8 يوليو 2020 ذكر تقرير تركي إن ليبيا بعدد سكانها المحدود، تملك احتياطات هامة من معادن وخامات بعضها نادر، وهي في حاجة إلى استثمارات كبيرة وتقنيات متطورة للاستفادة منها.
واستعرضت وكالة أنباء "الأناضول" ما تزخر به ليبيا من ثروات طبيعية، مشيرة إلى أن هذا البلد لهذا السبب كان "منذ القدم محل أطماع دولية".
وكتبت الوكالة التركية قائلة إن ليبيا "ليست مجرد صحراء شاسعة جنوب البحر المتوسط لا تنتج سوى النفط وقليل من الغاز كما يعتقد البعض، بل تملك ثروات معدنية هامة لكنها في أغلبها غير مستغلة، على غرار الذهب واليورانيوم والحديد الخام وغيرها من المعادن، لذلك كانت منذ القدم محل أطماع دولية".
ولفت التقرير في هذا السياق إلى أن ليبيا تعد "رابع أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة بعد الجزائر والكونغو الديمقراطية والسودان، حيث تتربع على مساحة تقارب 1.760 مليون كلم مربع، شمالي القارة السمراء، ويقطنها أكثر من 6.5 مليون نسمة".
وتملك ليبيا كذلك "ساحل طويل مطل على البحر الأبيض المتوسط يبلغ 1770 كلم، ويوفر لها ثروة سمكية هامة لم تستغل بالشكل المطلوب، خاصة على مستوى خليج سرت ذو المساحة الواسعة والذي تحتكر ليبيا السيادة عليه".
ورأت أن اعتراض الولايات المتحدة على مد طرابلس لمياهها الإقليم في هذا الخليح في عهد القذافي، كانت "لأسباب سياسية على الأغلب".
ونوهت الوكالة بأن ليبيا كانت من أوائل دول المتوسط "التي اكتشفت النفط والغاز بكميات كبيرة قبالة سواحلها على غرار حقل البوري النفطي الذي اكتشف في 1976، ويعد الأكبر من نوعه في البحر المتوسط".
ورصدت أن هذا البلد يزخر كذلك بـ"احتياطات منجمية هامة خاصة من الجبس والحديد، اللذين يدخلان في تصنيع عدة مواد متعلقة بالبناء، على غرار الحديد الصلب، والاسمنت والزجاج، والسيراميك".
وأوضح التقرير أن ليبيا بما مرت به من اقتتال في عام 2011، وما عانته من حصار اقتصادي دولي قبل ذلك "تحتاج إلى إعادة إعمار واسعة، خاصة وأنها بلد مصدرة للنفط والغاز، وتمتلك احتياطات هامة بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى مصانع للحديد والصلب وأيضا للاسمنت، ناهيك عن مناجم خام الحديد والجبس ورمال السيليكا"، مشيرة إلى أن إعادة الإعمار في هذا البلد لا تتطلب إلا "توفر حد أدنى من الأمن".
ووضع التقرير وصفة لهذه العملية تبدأ باستعادة الاستقرار، ثم "استقطاب الشركات الدولية ذات الخبرة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، بالتوازي مع ذلك فتح الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي، والتركيز على قطاعات الكهرباء والبناء والأشغال العمومية، في المرحلة الأولى، بالنظر إلى أهمية تشييد البنية التحتية التي يقوم عليها اقتصاد الدولة".
ونقل التقرير عن وكالة الطاقة الأمريكية، أن مخزونات النفط الصخري الليبي "رفعت احتياطات البلاد من 48 مليار برميل إلى 74 مليار برميل مما يجعلها الأولى عربيا من حيث احتياطات النفط الصخري والخامسة عالميا، بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين".
وللمفارقة، لفتت الوكالة التركية إلى أن هذا النفط الصخري "يوجد شمال غربي ليبيا وفي جنوبها الغربي، مما يعني أن مستقبل النفط الليبي سينتقل من إقليم برقة إلى إقليمي طرابلس غرب وفزان جنوب غرب".
وسجل التقرير أن إضافة الغاز الصخري ترفع "احتياطات الغاز الليبي إلى ثلاثة أضعاف، من 55 تريليون قدم مكعب إلى 177 تريليون قدم مكعب، وذلك بإضافة 122 تريليون قدم مكعب من الاحتياطي القابل للاستخراج من الصخور".
وتبعا لذلك تحتل ليبيا المرتبة الثانية إفريقيا بالنسبة للغاز الطبيعي بنحو 8 تريليون متر مكعب، بعد جنوب إفريقيا بقدر بـ 13 تريليون متر مكعب، وقبل الجزائر المقدرة ثروتها الغازية بـ 6.5 تريليون متر مكعب.
وعرج التقرير على احتياطات ليبيا من خام الحديد، مشيرا إلى أنها تحوز على احتياطات ضخمة "تفوق حتى احتياطات موريتانيا، إذ تصل إلى 3.5 مليار طن مع نسبة الحديد بين مكونات الصخور تصل إلى 35-55 بالمئة، بحسب المجلس الليبي للنفط والغاز".
وفي هذا المجال لفتت الوكالة أيضا إلى أن مناجم الحديد اكتشفت "بالجنوب الغربي لليبيا، خاصة في منطقة تاروت ببراك الشاطئ شمال مدينة سبها".
واستند التقرير على المجلس الليبي للنفط والغاز في تأكيد وجود "مناجم اليورانيوم بالجنوب الغربي لليبيا في منطقة العوينات الغربية بالقرب من مدينة غات، الحدودية مع الجزائر".
وتوقف التقرير التركي عند اليورانيوم، مشيرا إلى أنه أحد الأسباب التي تدفع فرنسا للاهتمام بإقليم فزان "الذي يوجد به اليورانيوم، ناهيك عن النفط والغاز".
ووجدت الوكالة شواهد لخامات الذهب "في منطقة العوينات الشرقية، قرب مثلث الحدود الليبية مع مصر والسودان"، وكذلك شواهد للذهب والمنغنيز "في جبال تيبستي من الجانب الليبي على الحدود مع تشاد".
واستدرك التقرير محذرا من أن "ذهب ليبيا في تيبستي عرضة للنهب من الباحثين الأفارقة عن المعدن الأصفر والذين يجوبون الصحراء الكبرى من السودان شرقا إلى موريتانيا غربا مرورا بتشاد وليبيا والنيجر والجزائر للتنقيب عن الذهب بوسائل بسيطة".
وأشار التقرير التركي حول ثروات ليبيا الطبيعية الضائعة في نفس المنطقة إلى ما يسمى "بالأتربة النادرة أو العناصر النادرة، والتي تدخل في صناعة التقنية النووية والإلكترونية المتطورة مثل الهواتف الذكية ومكبرات الصوت والخلايا الضوئية المستخدم في صناعة الألواح الشمسية".
وقيل في هذا الشأن أن الصين تكرر "إنتاج 90 بالمئة من العناصر النادرة المشكلة من 17 عنصرا كيميائيا، وتعاني الولايات المتحدة من تبعية قاتلة لبكين في هذا المجال، حيث تستورد منها 80 بالمئة من حاجاتها، لذلك تبحث واشنطن عن بدائل، وقد تكون ليبيا مستقبلا إحدى هذه البدائل".
ووصل التقرير في الختام إلى نتيجة مفادها أن الاحتياطات "الهائلة التي تملكها ليبيا سواء من حديد ويورانيوم وذهب ونفط وغاز صخريين وعناصر نادرة، ناهيك عن موارد مائية جوفية وساعات مشمسة طويلة لإنتاج الطاقة الشمسية، مما يجعلها محل أطماع دولية، خاصة في ظل قلة عدد سكانها وتنازعهم فيما بينهم".
عمر نجيب
[email protected]