ممايشغل الرأي العام الوطني في هذه الأيام هو تلك اللجنة البرلمانية التي أنشئت من أجل التحقيق في كل ما حصل من فساد في العشرية الاخيرة، و قد كانت وِلاَدتها قيصرية و لا تخلوا من تمويه و ذلك بضم اثنين من المعارضة إليها و ثالث ممن قد سبق سجنه من طرف ولد عبد العزيز بتهمة الفساد و كذا الانقلاب على حكومته ، كل ذلك من اجل ان تكون هذه اللجنة مختلة خصوصا ان بعض افرادها متهم بالفساد في نفس تلك الفترة !!
ثم إنه قبل أنشاء اللجنة حصل قدر من التردد و تقديم رجل و تأخير اخرى في شأن إنشائها ، مما يؤكد ان الايادي المرتعشة لا تقدر على البناء كما قال المرحوم جمال عبد الناصر!
إن تلك اللجنة قد أنشئت في ظروف صعبة للغاية فمنها ان مزانية الدولة شبه فارغة و سمعة البلاد الاقتصادية بسبب -المديونية- لا تشجع على الاقتراض ! ضف الى ذلك ظهور وباء عالمي في البلاد اقعد الناس في منازلهم دون عمل يذكر و لم يجدوا تعويضا عن ذلك من طرف ميزانية الدولة او بواسطة ذمتها العامة، و ما قد جمع من أموال من طرف الخيرين لمساعدة هذا الشعب المنكوب قد تبخر معظمه خلال الاسبوع الاول من جمع تلك التبرعات .
و قد كان إنشاء لجنة التحقيق من طرف البرلمان منذ قرابة 6 اشهر هو عبارة عن مساهمة في تخفيف وطأة ما تم ذكره و ذلك بإعتبار هذا التحقيق الشامل سوف يعيد الى خزينة الدولة معظم ما نهب منها سواء في ذلك الذي ما زال موجودا في البلاد من تلك الاموال او ماهو مودع منها في الخارج .
و لكن بمجرد ما قرب مخاض تلك اللجنة و الناس متأهبون ينتظرون الفرح بالمولود المنتظر فإذا هو خديج غير قادر على الحياة و لا حتى الإستهلال و بالتالي تبخر الأمل و صار في مهب الريح التي اشتدت به و ادخلته في غيابات جب مظلم لا قعر له، و بالتالي كانت الخاتمة الغير منتظرة من الشعب هي توقيف مأمورية اللجنة الى اجل غير مسمى و بالتالي اصبح واضحا للمواطنين الامور التالية:
1 - هو ان الجبل قد تمخض و ولد فأرا !
2 - ان ما قد نهب من مال الشعب اصبح مهددا بتركه او نسيانه تحت ضغط و تهديد البعض بالحروب الاهلية، و اصبح النظام الحاكم يقارن ما بين الوعود المهدد بها و إسترداد تلك الاموال من مختلسيها، و امام ناظري النظام ( ان العافية امونكه ) !!
3- أنه اصبح من الامور الواضحة ان حل مجلس الشيوخ كان العرض منه هو الغاء المحكمة السامية وما تغير العملة الوطنية و العلم و النشيد الوطني الا تعمية لكون الغرض من حل مجلس الشيوخ هو القضاء على وجود المحكمة السامية التي بفقدانها يجد المفسدون -الذين نهبوا المال العام -الفرصة الملائمة لتدبير شؤونهم قبل اعادة انشاء اللجنة من جديد!
4- لو كانت هنالك جدية حقيقية في متابعة أولائك المفسدين لكيفت جرائمهم على انها محكومة بالقوانين المتعلقة بالفساد بصفة عامة، و ليست تلك المتعلقة بالخيانة العظمى ،و بالتالي يكون بإمكان النيابة العامة الإمساك بملف الفساد و تقديمه امام محكمة الجنايات لأن الجرائم المتلبس بها لا تحتاج الى تحقيق مسبق خصوصا اذا كان المنهوب محل الجريمة ما زال ماثلا للعيان كعمارات و اسواق و سيارات و منتزهات، و منها كذلك الذي ما زالت المارة في الشوارع يطاردون المجرمين المتلبسين بمايحملون منه من المال العام !
و عليه فإنه من المعروف ان الرئيس و الوزراء يخضعون للمحكمة السامية إبان ممارستهم لوظائفهم في السلطة اما ان انتهت وظائفهم الرئاسية او الوزرارية فإنهم يصبحون مواطنين عادين يتابعون بما اقترفوا من جرائم في الفترة التي كانو يمارسون فيها السلطة، علما ان ذلك النوع من الجرائم لا يتقادم !!
و هنالك ملاحظة اضيفها تتعلق ببعض المحامين للأسف الذين بدأوا يدافعون مجانا و بدون تكليف من طرف المتابعين جنائيا بإختلاس المال العام، و لربما مقالات اولائك المحامين هي نوع من التذكير بأنهم مستعدون للدفاع عن أولائك المتهمين!
و لكن الذي أخشى منه أن يتعرض ألائك المحامون للضغط و التشويه بسمعتهم من طرف المواطنين و كذا التأثير السلبي على مصالح المؤسسات التي يمثلونها امام القضاء، و لربما تحت ضغط تلك المؤسسات ايضا يتنازل اولائك المحامون عن ملفات من تعهدوا بالدفاع عنهم في تلك الجرائم و يتركون ملفاتهم مهبا للريح دون يطبقوها، كما قد حصل في ملفات سابقة !!
و أخيرا أيها الشعب الموريتاني بكافة مكوناته مدنين و عسكرين ادعوكم الى ان تكونوا يدا واحدة حتى تعيدوا الدولة الموريتانية الى جادة الحق و العدل و الاستقامة و ذلك بمتابعة و معاقبة كل من سولت له نفسه الإخلال بأي من تلك المبادئ السامية التي يجتمع الشعب الموريتاني على احترامها و على ان تضربوا بيد من حديد كل من سولت له نفسه المساس بها من قريب او بعيد .
ذ/ اسلم ولد محمد المختار ولد مانا