ربما لا يعرف البعض أن أول هزيمة لجيوش بريطانيا العظمى كانت في فلسطين عام 1938 . وان المناضل السوري فوزي قوقجي نجح في تجميع المقاتلين الفلسطينيين وتدريبهم في تشكيلات وأوقع هزيمة ما بعدها هزيمة في جيش الانتداب البريطاني لدرجة أن الجنود الانجليز فقدوا السيطرة تماما على القدس والخليل ونابلس ، وكان المندوب السامي ينام والمسدس تحت مخدته ولا يدخل غرفة نومه إلا بعد أن يدخل الجنود ويفتشونها عدة مرات . وهذا مثبت في التاريخ وفي الأرشيف وبالصوت والصورة .
وفي تاريخنا أيضا أن تشامبرلين رئيس وزراء بريطانيا أمر بإرسال ألف دبابة وآلاف الجنود على ظهر الأسطول البريطاني إلى ميناء حيفا لإخماد الثورة الفلسطينية دون جدوى . فقامت بريطانيا بإعدام رجال فلسطين ميدانيا دون محاكمة ولكن الثورة لم تخمد فاضطرت انجلترا إلى إصدار الكتاب الأبيض لاسترضاء الثورة الفلسطينية .. وفي مضامين الكتاب الأبيض ( التخلي عن فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما يهودية والأخرى فلسطينية. وتعهد بإيجاد وطن قومي لليهود في دولة فلسطينية مستقلة تكون محكومة من قبل العرب الفلسطينيين. كما تعهد بتحديد عدد اليهود المسموح لهم بالهجرة إلى فلسطين ، كما كانت هذه الوثيقة تحتوي على قيود على حقوق اليهود في شراء الأراضي من العرب.
ولكن الدول الاستعمارية تخون وعودها دوما ، وأصدرت لاحقا الكتاب الأزرق للعام 1943 وفيه تراجع عن مضامين الكتاب الأبيض , وقد ورد في الكتاب الأزرق ( أن يعاد توحيد سورية ولبنان وفلسطين وشرق الأردن في دولة واحدة ) . وفيه أيضا :
إن عرب فلسطين يتخوفون الآن من صيرورتهم أقلية في دولة يهودية، لذلك نراهم يعارضون أشد المعارضة في منح اليهود حقوقاً خاصة، إلا أن هذا العداء سيخف إذا أصبحت فلسطين جزءاً من دولة عربية قوية كبيرة، وفي استطاعة اليهود أن يؤسسوا وطنهم القومي في أنحاء فلسطين حيث هم الآن أكثرية، وبذلك يزداد اطمئنانهم إلى سلامتهم لأن جيرانهم العرب سيضمرون لهم حينئذ نيات طيبة فضلا عن ازدياد الفرص الاقتصادية السانحة لهم متى أصبحوا طائفة متمتعة بإدارة شبه ذاتية في دولة أكبر جداً مما يؤملونه .
وربما أن صفقة القرن تستمد أفكارها من الكتاب الأزرق . وأن حل القضية الفلسطينية سيكون من خلال استرضاء العرب وإخماد الثورة الفلسطينية , وأن فلسطين قضية العرب وليست قضية الفلسطينيين .
التاريخ يعيد نفسه !!
التاريخ لا يعيد نفسه !!
د.ناصر اللحام