هل اتّفق الأمريكان والإسرائيليّون على “تأجيل” الانتِخابات الفِلسطينيّة لمنع فوز “حماس” الحتميّ فيها بسبب تشرذم حركة “فتح”؟

سبت, 2021-04-10 17:14

تُفيد التّسريبات الصّحافيّة الإسرائيليّة بأنّ المُكالمة الهاتفيّة التي جرت بين أنتوني بلينكن وزير الخارجيّة الأمريكي ونظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي تناولت في بعض جوانبها الانتخابات التشريعيّة الفلسطينيّة المُقرّرة في 22 آيار (مايو) المُقبل، وأنّهما يأمَلان في تأجيلها وربّما إلغائها لأنّ فوز حركة حماس فيها شِبه مُؤكّد بسبب حالة التّشرذم التي تسود حركة “فتح” حزب السّلطة حاليًّا.

هذه التّسريبات إذا صحّت، ومن المُرجّح أنّها صحيحة، ستَهبِط بردًا وسلامًا على قلب الرئيس الفِلسطيني محمود عبّاس والنّخبة الفتحاويّة المُحيطة به، لأنّه أخطأ في حساباته عندما دعا إلى الانتخابات الثلاثيّة (مجلس التّشريعي، ورئاسة، ومجلس وطني)، ولم يكن على دراية بتراجع شعبيّته أوّلًا، والانقِسامات الكبيرة داخل حركة “فتح” وتماسك خُصومه وعلى رأسهم حركة “حماس” في المُقابل، التي أظهرت قوّة مُؤسّساتها، وسُلطتها على الأرض (في القِطاع) ورُسوخ ديمقراطيّتها وارتِفاع سقف حُريّاتها الانتخابيّة.

الرئيس عبّاس يبحث هذه الأيّام عن مخرجٍ للتّأجيل، والتّعافي من الصّدمة، ومُحاولة إعادة توحيد صُفوف حركته، وكسب المزيد من الوقت لفكّ التّحالف الصّادم بين الأسير مروان البرغوثي والعضو المُتمرّد ناصر القدوة عضو اللجنة المركزيّة في الحركة، ابن شقيقة أبرز مُؤسّسيها الشّهيد ياسر عرفات.

الأنباء القادمة من برلين، تُفيد بأنّ السّبب الرئيسي لزيارة الرئيس عبّاس لها قبل بضعة أيّام لم يكن إجراء فُحوصات طبيّة، وإنّما التّشاور مع المُستشارة انجيلا ميركل، وإقناعها برغبته في تأجيل الانتخابات، لأنّ الاتّحاد الأوروبي الذي رصد 20 مليون يورو لتغطية نفقاتها هو الذي يضغط من اجل عقدها في موعدها، وتجديد النّظام السّياسي والشرعيّة الفلسطينيّة، ولم تكشف المصادر التي تحدّثت إلى هذه الصّحيفة كيف كان ردّت المُستشارة ميركل على هذا الطّلب.

حركة “فتح” ستخوض هذه الانتِخابات بثلاث قوائم، الأولى تُمثّل الرئيس عبّاس والحركة الأم، والثانية (الحريّة) بزعامة السيّد القدوة، وبدعمٍ من الأسير البرغوثي، والثالثة النائب محمد الدحلان المفصول من مركزيّة “فتح” أسوةً بالسيّد القدوة، وتتوحّد القائمتان الثانية والثالثة خلف هدفٍ واحد وهو إضعاف الرئيس عبّاس إذا لم يتأتّ تغييره.

مسؤول كبير في حركة “فتح” أكّد لهذه الصّحيفة أنّ انتِخابات عام 2006 التي فازت فيها حركة “حماس” لن تتكرّر، خاصّةً بعد انهِيار التّفاهمات بينها وحركة “فتح” على المُحاصصة، والقائمة المُشتركة، لأنّ خسارة “فتح” تعني خسارة السّلطة والتّمثيل للشّعب الفلسطيني، وفوز “حماس” خط أحمر ونقطة على السّطر، حسب توصيف المصدر نفسه.

السّؤال حول الذّريعة، أو “التُخريجة” التي سيَلجأ إليها الرئيس عبّاس لتبرير خطوة التّأجيل هذه لانتخابات المجلس التشريعي، ربّما لانتخابات الرئاسة والمجلس الوطني أيضًا، وإلى متى؟

الرئيس عبُاس يُبقي جميع أوراقه قريبةً إلى صدره، ولكن الذين التقوه في المُقاطعة في الأيّام القليلة الماضية قالوا إنّه في حالة من التوتّر والغضب، وهو الذي أصدر أوامره إلى السيّد حسين الشيخ، رئيس الهيئة العامّة للشّؤون المدنيّة الفلسطينيّة (للتّنسيق مع الإسرائيليين)، بعدم تسهيل منح القدوة تصريح للانتِقال من رام الله إلى قِطاع غزّة، والاضّطرار للسّفر إلى عمّان، ومن ثمّ إلى القاهرة، ومعبر رفح، وهي رحلة شاقّة تزيد عن 48 ساعة، وكان يُمكِن اختِصارها في حُدود ساعتين لو حصَل على التّصريح المذكور.

لا نَستبعِد أن تكون ذريعة الرئيس عبّاس لتأجيل الانتِخابات عدم سماح السّلطة الإسرائيليّة بإجراء الانتِخابات في القدس المحتلّة، أو انتشار وباء الكورونا، أو عدم مُلائمة الظّروف الدوليّة، أو جميع هذه الأسباب، ولن نُفاجأ بأن يُصدِر مرسومًا بالتّأجيل في غُضون أيّام.. واللُه أعلم.

“رأي اليوم”