ترامب يُجدّد هُجومه على عُمدة لندن ويُطالب بطردِه من منصِبه.. إنّها قمّة العُنصريّة والفاشيّة.. لماذا.. لأنّه مُسلم من أُصولٍ باكستانيّةٍ؟ وكيف كان ردّ صديق خان مُفحِمًا؟

اثنين, 2019-06-17 05:20

عندما يُواصِل الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب هُجومه الشّرس على رئيس بلديُة لندن صديق خان، ويُطالب مثلما فعل أمس، بمُغادرته لمنصبه في أسرعِ وقتٍ مُمكنٍ، لأنّه “كارثة” ووضع العاصِمة البريطانيّة “سيزداد سوء” في ظِل عُبوديّته، فإنّه لا يخرُج عن كُل الأعراف الدبلوماسيّة، ويتدخّل في شُؤون دولة تُعتَبر الحليف الأقوى لبلاده فقط، وإنّما يستخدم أيضًا لُغةً “فاشيّةً ونازيّةً” تنضَح بالتّحريض العُنصريّ البَغيض ضِد الإسلام والمُسلمين.

ترامب يُكرّر هجَماته على عُمدة لندن، لأنُ السيّد خان الذي ينتمي إلى حزب العمّال اليساري، مُسلمٌ مِن أُصولٍ باكستانيّة، ووصل إلى منصبه لكفاءته عبر صناديق الاقتِراع، وانتقد، سِياسات الرئيس الأمريكيّ في منع مُواطني دول إسلاميّة من دُخول الولايات المتحدة، لأسبابٍ عُنصريّةٍ صِرفَةٍ من وجهة نظر كثيرين، ونحنُ من بينهم.

السيّد خان كان مُحِقًّا في رفضه لقاء الرئيس ترامب، وانتقاده للحفاوة البالغة التي حظِي بها من الحُكومة أثناء زيارته الرسميُة الأخيرة إلى لندن، مثلما كان مُحِقًّا أيضًا عندما تجاهل هجَماته الأخيرة تعفّفًا، ورفضًا للهُبوط إلى هذا المُستوى من الخِطاب المُتدنّي، لأنّ هُناك الكثير ممّا يشغله عن هذه التّفاهات من قِبَل رئيس دولة تَدّعي أنّها تتزعّم العالم الحُر، وتُمثّل قِيَم الحريّة والعدالة والمُساواة.

إنّها قمّة “السوقيّة” والخُروج عن كُل الآداب الدبلوماسيّة والسياسيّة المُتّبعة، أن يتدخّل رئيس أمريكا في الشّؤون الداخليّة لدولٍ أُخرى، وينحاز بشكلٍ سافرٍ إلى المُرشّح بوريس جونسون، المُنافس اليميني على زعامة حزب المُحافظين، ومنصب رئيس الوزراء، بعد استقالة تيريزا ماي، ويدعم نايجل فاراج، زعيم الحزب اليميني المُتطرّف الذي قاد حملة خُروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، ولكنّ كراهيّة غير مسبوقة للمُهاجرين في بريطانيا.

ترامب مهووسٌ بعُنصريّته تُجاه المُسلمين والعَرب، سواءً كانوا حُلفاء أو أعداء، حسب مفهومه، فقد تطاول بشكلٍ مُقزّزٍ على حُلفائه الخليجيين، والسّعوديين خاصّةً، عندما عايَرهم أكثر من عشر مرّات بالحماية الأمريكيّة وهدّدهم بالعودة إلى رُكوبِ الإبل، وتبنّى العُنصريّة الإسرائيليّة ضِد العرب والفِلسطينيين عندما اعترَف بضَم القدس المُحتلّة وهضبة الجولان، وقطع المُساعدات عن مُنظّمة الأونروا كمُقدّمة لإلغاء حق العَودة للاجئين الفِلسطينيين.

أمريكا تفقِد هيبتها وما تبقُى من قيَم العدالة التي تباهت بها طِوال القُرون الثلاثة الماضية، وخدعت العالم بأسره من جرّائها، ولا تحتاج إلا إلى استمرار ترامب في البيت الأبيض لفترةٍ رئاسيّةٍ ثانيةٍ حتّى يكتمِل دمارها وانحِدارها إلى أدنى مُستويات الهُبوط السياسيّ والاقتصاديّ والأخلاقيّ.

“رأي اليوم”