صار بنيامين نتانياهو ظاهرة سياسية تستحق الإنتباه والوقوف عندها. فقد ترأس حكومات اسرائيل وهو ليس جنرالا ولا رئيس أركان سابق ولم يسجل في تاريخه مغامرات عسكرية مثل الذين سبقوه إلى هذا المنصب مثل موشيه دايان أو أيهود باراك أو ارئيل شارون، كما انه ليس صاحب عقيدة ايديولوجية صهيونية دينية مثل الذين سبقوه مثل مناحيم بيغن واسحق شامير. بل هو رعديد فاسد ومنحط.
بنيامين نتانياهو ترعرع في الفنادق الامريكية ( مثل جورج بوش الإبن ) وكان مدير مبيعات ثم ملحق في سفارة اسرائيل بواشنطن. حاول أن يتزعم الليكود عام 1995 بدعم من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ولكن ارئيل شارون مزّقه تمزيقا فخرج من الحياة السياسية خالي الوفاض حينها، وحين سيطر بواسطة اللوبي الامريكي على حزب الليكود مرة اخرى وترشّح للانتخابات عام 2000 هزمه ايهود باراك شر هزيمة، وهرب من قاعة الليكود فعاد شارون وإستلم الدفّة وأطلقت الصحافة على تلك الليلة التي هرب فيها نتانياهو ( ليلة السكاكين الطويلة ). بل إن شارون العنصري ملّ من تفاهة نتانياهو ومجموعة امريكا في الليكود فترك الحزب وأسس حزب كاديما بعد أن قطعوا عنه المايكرفون خلال خطابه امام المؤتمر.
الليكود يعني التطرف الصهيوني العنصري ضد العرب وضد السلام ( حتى أن ارئيل شارون رفع يده في التصويت ضد إتفاقية السلام مع الملك حسين والاردن عند اتفاقية وادي عربة). وهكذا ظلّ نتانياهو من وجهة نظر الصحافة الاسرائيلية السياسي (الكاذب) وينثر الوعود ولا ينفذها مثله مثل وكلاء المبيعات الذين يأتون على ذكر ايجابيات البضاعة للزبائن ويخفون عيوبها. وقال عنه أحد أشهر المحللين السياسيين في إسرائيل ( هو يقول للجمهور تعالوا معي وأنا أوصلكم لبر الامان، ويذهبون معه ولكنه هو لا يعرف أين بر الأمان) . نتانياهو لا يملك أية أفكار وهو يسرق أفكار القادة الاّخرين وينسبها لنفسه، وطبيعة شخصيته انه يقبل الإهانة ومن هنا يواصل نفتالي بينيت توجه عشرات الإهانات كل إسبوع دون أن يجرؤ على الرد. وقيل أيضا عن نتانياهو: يبدو أنه يضع برنامجه السياسي وهو يجلس في المراحيض. كما أنه (جبان) يخاف من الحرب ويخاف من السلام، وقال عنه أحد معدي الافلام الوثائقية السياسية: ان الخطة السياسية الوحيدة الثابتة عند نتانياهو هي أن يبقى في سدة الحكم وأن لا يقوم بإتخاذ أية قرارات.
نتانياهو لا يملك أية خطة سياسية ولكنه مستعد لتكريس كل حياته لمنع نجاح أية خطة سياسية أخرى من أي طرف حتى لو كانت هذه الخطة من الرئيس الامريكي ذاته. فهو يعيش على مبدأ تخريب خطط الاّخرين.
وضيع وجاهل بالتاريخ لا يأبه لقرارات الأمم المتحدة، ولا لرأي الادارة الأمريكية، ولا للعالم العربي، ولا للرأي العام العالمي وعناوين الصحافة العالمية. يشتم الاخرين بعنصرية كاملة ( يشتم الفلسطينيين والليبراليين والراديكالين ويشتم أوروبا ويشتم تركيا ويشتم أمريكا ). وقد تطاول وشتم الجميع الا روسيا فهو يخاف منها وكأن الروس يمسكون عليه مماسك مخجلة. فهو لا يشتمها ويجلس مثل عميل مخابرات روسي مكسور أمام بوتين.
نقطة ضعفه الوحيدة هي الصحافة الاسرائيلية.. لا يخاف من الله ولا من أي جهة سوى عناوين الصحافة العبرية. لان نتانياهو لا يزال يعيش بعقلية مدير المبيعات ويخشى أن عناوين الصحافة العبرية تفسد عليه صفقاته. وحين كاد يخسر الانتخابات عام 2014 سارع الى الاعلان ( العرب ينتخبون ) واستخدم الكراهية والعنصرية لتضليل كبار السن والناخبين الذين يجلسون على "الكنبة" لهزيمة بورغ واستعادة فوزه.
لم يكن نتانياهو أية فرصة للفوز بزعامة الليكود من دون دعم اللوبي الصهيوني في امريكا. ولا يسقطه الا عناوين الصحف العبرية، لذلك قام بإفساد الصحافة وتهديدها ورشوة قياداتها. فصارت الصحافة العبرية عنصرية ومتخلفة أكثر مما يتخيله أي مراقب. ولولا تويتر والفيس بوك لما كان هناك أي فرصة لوجود معارضة في اسرائيل.