القضية مصطلح ثوري أقرب للتحدي، بينما "ملف" مصطلح تفاوضي أقرب للحل. ولهذا يكون له إستخدامه الصحيح ولذاك استخدامه الصحيح. ولا يجوز الخلط بينهما.
والقضية هي نزاع بين طرفين أو أكثر ومنها أنواع مثل نزاع الخصومة وقضايا الرأي العام وصولا لقضايا وجودية مثل قضايا العنصرية والاحتلال والمساواة والحرية، وتصل الى حد قضايا مثل الصراع الوجودي، وقضايا الظلم والدكتاتورية وقمع المرأة واحتلال الشعوب هي قضايا فلسفية إنسانية لا يتنازل فيها الطرف الأضعف.
القضية الفلسطينية هي قضية وطنية عربية إنسانية، وهي قضية العرب وأحرار العالم، وكانت صراع وجود بين الاحتلال الصهيوني وبين الشعب الفلسطيني، الى حين قررت منظمة التحرير وهي المحامي المدافع عن القضية أن تتوصل الى حل سلمي وتعترف باسرائيل إعترافا متبادلا وتتقاسم مع الاحتلال الأرض والحقوق، ومنذ تلك اللحظة تم تقسيم القضية الى ملفات نهائية هي (ملف القدس - وملف اللاجئين - وملف حدود الدولة - وملف المياه - وملف المستوطنات)، ولاحقا عادت قضية الأسرى لتتحول الى الملف السادس.
وبعد ربع قرن من اللّف حول الملفات، نجد أن القضية الفلسطينية صارت تتكاثر كملفات منفصلة أكثر وأكثر ( ملف غزة - ملف الرواتب - ملف الحوار الوطني - ملف جثامين الشهداء - ملف رواتب الاسرى - ملف المنازل المهدومة - ملف انتفاضة السكاكين - ملف الاردن - ملف مصر - ملف تركيا - ملف قطر ... ) والشعب يلف والملفات تلف حوله.
وهنا لا بد من التوضيح ان الحديث عن الملفات ليست خطأ بحد ذاته، وإنما يعتمد ذلك على طريقة إدارة هذه الملفات، وهل هي ناجحة أم تزيد الامور سوءا وتعقيدا!! وهذا ينطبق على الملفات بشكل عام وعلى كل ملف على حدة.
لا يمكن حل قضية نزاع "صراع" من دون تحويلها الى ملفات أولا، ولكن لا يجوز تحويلها الى ملفات قبل الاتفاق على اّليات حل وفترة زمنية للحل وأدوات الحل عند هيئة تقاضي أو جهة دولية راعية تشكل مظلة وضمانة للحل.
في حالتنا الفلسطينية، سارعنا الى تحويل القضية الى ملفات، وبعد فشل المفاوضات وتوقفها تماما عام 2014 نلاحظ الاّن أن الملفات تعود وتتحوّل الى قضية، وهذا يؤجل الحل لعشرات السنين.
د. ناصر اللحام