اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني هو بمثابة اعلان حرب، والخطوة الاولى والرئيسية لمخطط تغيير النظام في طهران، بالطريقة نفسها التي جرى من خلالها تغيير انظمة في العراق وليبيا وغرانادا، وتحت عنوان اسلحة الدمار الشامل، كيماوية كانت او نووية.
كان واضحا، ومنذ ان قدّم بنيامين نتنياهو عرضه البلهواني حول وثائق قال انها ايرانية وتثبت اختراق الاتفاق النووي، ان ادارة الرئيس ترامب وصقورها، يحضرون لالغاء الاتفاق، والانتقال الى سيناريو فرض العقوبات لتجويع الشعب الايراني، على غرار نظيره العراقي، لتركيع النظام من خلال فرض شروط تعجيزية مهينة عليه كمقدمة لتركيعه ونزع كل مخالبه، وانيابه، والاطاحة به، او اجتثاثه في نهاية المطاف.
***
رفض الاتحاد الاوروبي لهذه الخطوة الامريكية الابتزازية، وتمسك دوله الرئيسية المانيا وفرنسا وبريطانيا بالاتفاق، والتأكيد على التزام ايران بجميع بنوده، يعطي صك براءة للحكومة في طهران، ويعزز موقفها، ويدين في الوقت نفسه اعلان الحرب الامريكي وما يمكن ان يترتب عليه من مخاطر وكوارث على المنطقة والعالم.
ترامب ينفذ ما يريده بنيامين نتنياهو وحكومته حرفيا، وتحول الى اداة لتحقيق مطالبه في شن عدوان على ايران، وتحشيد بعض حكومات دول الخليج خلفه، واغراق المنطقة في بحر جديد من الدماء، وتوظيف كل ما تبقى في خزانتها من دولارات في تغطية نفقات هذا العدوان.
لا نعرف طبيعة الرد الايراني حتى كتابة هذه السطور، لكن بلقياس لرد الرئيس الايراني حسن روحاني بعد خطاب ترامب واعتباره بمثابة “حرب نفسية”، بالاضافة الى تصريحات المرشد العام السيد علي خامنئي، ومستشاره الاعلى علي ولايتي، فان ايران لن تقبل بالتفاوض على تفكيك الاتفاق وتدمير برامجها الصاروخية، وستعود الى تخصيب اليورانيوم، وبمعدلات عالية، فالهدف من اي مفاوضات سيكون تدمير جميع برامجها النووية والباليستية وتحويل ايران الى دولة سياحية.
الرئيس ترامب رفض الاستماع الى كل شركائه الاوروبيين الذين نصحوه بعدم الاقدام على هذه الخطوة، لانه لا يستمع الا لنتنياهو وصهره جاريد كوشنر، وسفيره في تل ابيب ديفيد فريدمان، ورموز التطرف والعنصرية وكراهية الاسلام والمسلمين جون بولتون، مستشار الامن القومي، ومايك بومبيو، وزير الخارجية.
***
انها الحرب اذن، ونحن ابناء المنطقة من العرب والمسلمين يراد لنا ان نكون ضحاياها ومموليها، ولكنها لن تحقق اهدافها في هذا المضمار، وستكون اسرائيل التي سعت اليها، وتآمرت من اجلها، ووظفت القوة الامريكية الاعظم في العالم في خدمة مخططاتها، الخاسر الاكبر، ومعها كل الذين يقرعون طبول الحرب بإسمها في منطقة الخليج العربي.
قلناها في السابق، ونكررها حاليا، بأن اسرائيل لن تخرج من هذه الحرب سليمة معافاة، والسيد حسن نصر الله كان ناصحا امينا عندما نصح اليهود المستوطنين في الاراضي المحتلة بالرحيل للنجاة بأرواحهم، لان الحرب اذا اندلعت لن تنفعهم الملاجيء ولا ترسانة حكومتهم التي تقذف بهم الى التهلكة.
ايران ليست الخطر الذي يهدد امن وسلامة المجتمع الدولي، وانما اسرائيل التي تحتل الارض وتمارس القتل يوميا، وامريكا التي تتبناها ومخططاتها التدميرية.. وقولوا ما شئتم فكلمة الحق يجب ان تقال.. والحياة وقفة عز.
عبد الباري عطوان