مرة أخرى، لا يبدو أن المعارك إختيارية، لأن فلسطين لم تعلن الولايات المتحدة الأمريكية عدوا لها، وانما أمريكا هي التي قامت بإستعداء الشعب الفلسطيني من خلال مجموعة إعتداءات محرمة لا يمكن قبولها.
وفلسطين وقّعت صلحا مع الاحتلال وأوقفت القتال، ولكن الاحتلال تنصّل من كل الاتفاقات وواصل بشكل مجنون قتل الفلسطينيين وإحراق المساجد والكنائس ومصادرة الأرض وتهويد القدس وفرض وقائع جديدة لا يمكن السكوت عليها.
قضايا العرب واحدة . وإن كان بعض الزعماء لا يريدون الإعتراف بهذه الحقيقة . والمؤامرة التي تستهدف القدس هي ذاتها التي تستهدف عمّان . والمؤامرة على غزة مجرد جزء صغير من المؤامرة على مصر . كما أن كل عربي بات يعرف ان الجهات التي تستهدف سوريا هي ذاتها التي تستهدف السعودية ، وأن الذي يستهدف العراق هو الذي يستهدف قطر والبحرين .
العناوين واضحة ، ولكن القادة يرغبون أحيانا في دفن رؤوسهم في الرمال . ولا يريدون مواجهة الحقيقة الواضحة ، وأن الذي نهب نفط العراق هو الذي ينهب نفط السعودية ولكن بطريقة أخرى . وأن الذي يدمر سوريا الان هو نفسه الذي حاول تدمير مصر . وينطبق الامر على ليبيا والمغرب و تونس واليمن والصومال والامارات .
ذات يوم كنت أعمل على تغطية وقائع القمة العربية في قطر . وقام القذافي وسأل : أين بو عمار ؟ وكرر السؤال وسط حيرة الجميع .
ونظر القذافي الى الرئيس حسني مبارك والى الرئيس أبو مازن والى الملوك وأردف يقول بصوت أعلى : أين صدام حسين ؟ وبدأ الزعماء يبتسمون على إعتبار أن القذافي " مجنون " وغير متزن عقليا . ثم تحوّلت الإبتسامات الى صوت ضحك مرتفع .
وتابع القذافي : لماذا تضحكون !! أنتم ستموتون قريبا مثل بو عمار ومثل صدام حسين .. الدور عليكم جميعا . سيقتلون كل زعماء العرب . كل واحد فينا سوف يموت .. وتعالى دوي الضحكات في القاعة .
ومنذ ذلك اليوم في 2010 . وبعد بو عمار وصدام حسين .. وحتى يومنا هذا كم بقي من الزعماء الذين ضحكوا في القاعة ؟
كم زعيم عربي تخلّصت منه امريكا وإسرائيل لتنهب بلاده ؟
قال القذافي يومها : جلستم تتفرجون على الفلسطينيين . والان جاء الدور عليكم .. وتستطيعون الان ان تعودوا للصورة وتحصون كم زعيم عربي بقي !
لمن بقي من زعماء العرب .. أقول :
هل عرفتم الاّن أن أمريكا واسرائيل هي العدو الذي سيخرب بيوتكم وينهب قصوركم ويقضي على سلالتكم ويقتل أولادكم ويشرّد زوجاتكم ويشفط نفطكم ؟
هل عرفتم ؟ أم أنكم لا تزالون تضحكون على حصار الزعيم عرفات ، وتسخرون من الرئيس أبو مازن لأنه قطع علاقته بامريكا وتتصلون به وتنصحونه بالعودة الى الانصياع لترامب والصهاينة الذين سيطروا على البيت الأبيض ؟
د. ناصر اللحام