فما دامت موضة التغير هذه تسحب ذيلها على بعض الرموز الوطنية لتنال علمنا الأخضر ذوي الهلال و النجمة الذهبيين الجميلين ، وكذا نشيدنا الوطني، فَلِمَ لاَ تمتد أيضا الى تغير كلما هو قديم عندنا ، بما في ذالك أدواتنا الموسيقية ، فهي كذلك رموز وطنية تهمنا جميعا .
فموجة التغير تلك التي قادها إعلامنا الموقر تحت غطاء الترويج للحوار الوطني الشامل مابين الموالاة و المعارضة و المجتمع المدني والذي كان يجب ان يكون موضوعه كلما يهم الشأن العام ، ولكن للأسف فبينما نحن ننتظر إنجازا عظيما من خلال ذلك الحوار فإذا بالجبل يتمخض لليلد بدلا من الفأر المعهود إذ أنجب قرارات يقال أنها ستنال من بين أمور أخرى تغير علمنا ونشيدنا الوطنيين ، وربما حتى إسم الدولة .
ومهما يكن فإن تغير العلم و النشيد الوطني -إن تم فعلا -فإن ذلك سوف يمس من قريب وجدان اكثر للمواطنيين الموريتانيين بالحزن و الاسى خصوصا ألئك الذين تَعَوّدوا تحية ذالك العلم كل صباح ، والسير بخيلاء على ائقاع مسيقى نشيدهم الوطني.
وعليه فإن تم الأمر على ما ىيشاع -لاقدر الله -وأنجز الاعلام مهمته تلك فإني ألتمس منه بل أتمنى عليه ملأ فراغه الناتج عن نهاية الحوار -بغض النظر عن نتائجه - على ان يتبنى من جديد حملة إعلامية تهيئ الرأي العام الوطني من أجل قبول تغير شكل أدواتنا الموسيقية : من (آرديين و تدينيت وطبل) .
فإن هذه الأدوات، كما تعلمون قديمة قدم الأنسان الموريتاني ذاته وقد ظلت لصيقة بهي قبل قيام الدولة الحديثة ورافقته بعد إنشائها ، وظلت تشنف أذننا إلا أنها للأسف لم تفعل نفس الشيئ مع أعيننا ، و ذلك ربما لضخامتها من جهة وغرابة شكل هندستها من جهة ثانية .
إننا كنّا من قبل مضطرين لقبول هذه الأدوات بشكلها الحالي لتوفر موادها الأولية و سهولة تركيبها ووفرة الخبراء المنتجين لها، والذين هم للأسف الأن في تناقص مستمر .
اما الأن وقد أصبحنا منفتحين على معظم الثقافات العالمية و مشاركين في بناء الحضارات الإنسانية ، وكذا توفر المواد التي تستخدم في صنع الأدوات الموسيقية ووجود خبراء في الإلكترونيات و متخصصين في علم الأصوات الموسيقية و القادرين على تكييف الأدوات الموسيقية مع رغباتنا الصوتية الجمعية ، إن كل هذا يمكننا من إنتاج نفس أدواتنا الموسيقية ولكن بحجم أصغر و منظر أجمل ، وفِي نفس الوقت يمكنها الحفاظ على مزايا أدواتنا الموسيقية القديمة بما فيها نغمات ( أمهار ) و (وتشبطن) كل من تدنيت طويل العمر إنشاء الله "سيداتي ولد أبا " مبدع النشيد الوطني و "سيد أحمد البكاي ولد عوه" و " أحمدو ولد الميداح " و " محمد عبد الرحمان ولد انگذي " وولد أباشه " وغيرهم كثير من فنانينا العظماء ، كذلك ألة أردين المعدلة هي الأخرى سوف تحتفظ لنا بما تعودنا عليه من "أردين منينة بنت اعلية" و " عيشة منت أحمد أعلي و لخذيرة منت أحمد أزيدان و أماش منت أعمر تيشيت "و غيرهن كثير من فناناتينا المبدعات .
اما أدواتنا الموسيقية القديمة فيجب الأحتفاظ بها في المتحف الوطني لنقدمها في المعارض و المناسبات .
أيها الأخوة الفنانون فأنتم أدرى من غيركم بكل ما يتعلق بهذ الموضوع ألا ترون معي بصفة موضوعية على أن أدواتنا الموسيقية لم يعد شكلها مقبولا الْيَوْمَ لدى شبابنا بل اظنه يخجل منها في المحافل الموسيقية لأن ألة أردين إذا أمعنا النظر فيها سوف نلاحظ انها تشبه الى حد بعيد حيوان "الزرافة " مبتور الذيل و الأطراف ، اما التدنيت فتعطي ملامح ألة جني الشوفان المعرف عندنا ب( أز) وألة جنيه تدعى ( التبله) ،وهاتان الصفتان المشبه بهما فإن منظرهما لا يوحي للمشاهد بالمتعة و السعادة .
أما الطبل الضخم الذي كان ضرورة لإعلان الحرب و السلم و الإهداء إلى المكان والتطريب في المناسبات السارة يمكن إختزاله هو الأخر في ألة اصغر تأدي دوره ، أو تقسم مساحته على عدة.طبول لا تتجاوز مساحة الواحد منها كف اليد او اليدين على أن يقرع كل واحد منها عازف مستقل شريطة الحفاظ على نفس الإقاع وعلى ان يبقى لكل منهم حرية التفاعل مع أداًئه الخاص مراعيا ظروف المناسبة و أجواًئها .
و أخيرا أرجو من كل المواطنين بما فيهم الفنانين المحترمين المسامحة إن كان هذا الإقتراح لا يروق لهم ، فما قصدي منه الا الاصلاح و الرفع من مستوى فننا المتميز .
ذ/اسلم و لد محمد المختار