تأتي الإشادة الصادرة عن فريق الصداقة الفرنسي الموريتاني في سياق الاعتراف والتقدير للجهود التي بذلت وتبذل في مجال حقوق الإنسان؛ بوصفها إطارا جامعا ناظما للشعوب، ولكون ذلك يضمن احترام وانسجام المبادئ الأخلاقية والمعايير الاجتماعية التي تُظهر نماذج السلوك البشري البيني الناضج؛ الذي يعد حقا إنسانيا أساسيا لا مساس به ولا تلاعب.
لقد كانت بلادنا ككل البلدان السائرة في طريق النمو تعاني الأمرين من حيث صعوبة التعامل مع تلك التركة الثقيلة ممثلة في انتشار مظاهر انتهاك حقوق الإنسان وإن كان ذلك في الغالب الأعم يحدث تحت الطاولة..
لقد تميزت الفترة الماضية من عمر الدولة الموريتانية بسيادة الطبقية الهمجية وتحكم الرؤوس المُحكِّمة لمعايير المحسوبية والزبونية فسادَ الفسادُ والإضرار بالإنسان باعتماد منهج القبلية والانطلاق من الخلفية الجهوية والمقايضة الانتفاعية والتحرك خلف النزوات البهيمية حتى تفشى وتجذر ذكر العبودية وصار مصدر الفخر والاعتزاز ذكر التسمية الأسرية!! مما أفرز مخيلات مريضة عاقت تقدم هذا البلد حقبا عديدة.
ومع تقدم الزمن وتغير النظم والانصهار في بوتقة العالم المتصل- عالم القرية الواحدة- أصبحت تلك المظاهر مقيتة ومسيئة وأصبح التخلص من كل ما يمت إليها بصلة ضرورة من ضرورات الاندماج العالمي والتعاون الدولي؛ حينها بادرت الحكومات الماضية بمحاولة الالتحاق بالركب العالمي من خلال تحريم العبودية أولا وتجريمها لاحقا ونبذ القبلية ومحاولة إحداث قطيعة مع كل تلك الأساليب الرجعية، و تضييق الخناق على كل ما من شأنه أن ينغص تنامي وازدهار الحقوق الإنسانية.. توالى ذلك وتنامى حتى صار نهجا متبعا يتبناه الحاكم ويتفاعل معه المحكوم.
من الملاحظ -بعين الواقع- أن الحكومة الحالية كانت هي أكثر الحكومات الوطنية نشاطا في القضية، بصيانتها لما تم في الماضي ومواصلة المسار ولاستحداثها-مؤخرا- لآلية وطنية ضد التعذيب بوصفه أظهر مظاهر انتهاك حقوق البشر، واستحدثت طرق من أجل استقطاب الأطفال وانجذابهم نحو المدارس وتشجيع ذويهم على إيفادهم لأماكن العلم والتعلم، وأنشأت منشآت جديدة بمعايير ومقومات متطورة ومحفزة؛ آخرها -مثالا لاحصرا- ثانوية الامتياز بالشامي؛ التي تعد نموذجا يحتذى، سِيَّما وأن ذلك أسْبِق بإنشاء المدارس الجمهورية الجامعة والتي تتمتع بمقومات المدرسة الحقيقية بالمواصفات العالمية من خلال بنيتها العمرانية المكتملة ومن خلال طاقمها المتكامل عكس النهج القديم الذي يعتمد بالأساس على نثر المدارس الافتراضية التي تحتضنها حجرة واحدة أو اثنتين وغالبا ماتكون مخالفة في وجودها لكل القوانين ومتعارضة مع كل الأهداف..! وطبعا لا يخدم هذا النوع من المدارس التعليم ولا يلبي حاجة المتعلم؛ إنما يكون فقط مجرد شعار لقتل الوقت والجهد والمقدرات.
إن علينا وعلى ذكر هذا المجال المتعلق بحقوق الإنسان أن نشجع ولوج الأطفال إلى المدارس وعلينا أن نفعل القانون الذي يجرم تقاعس الآباء في التحاق أبنائهم بها في السن القانونية مع محاربة كل أساليب تشغيلهم صونا لحقوقهم وحفاظا على كرامتهم من خلال دعم توجههم نحو تحقيق مستقبل أفضل لهم وللبشرية من بعدهم.