أوهام النصر ووقائع الهزيمة في حرب الشرق الأوسط المتسعة... الغرب ومتاهة صراعات وسط شرق أوروبا والشرق الأوسط وتايوان

أربعاء, 2024-11-06 01:45

على ساحة المعركة وأيا كان المنتصر أو المنهزم يرسم الواقع الجديد في الشرق الأوسط المركز ذلك الواقع الذي يرجح أن يفرض نفسه في الكثير من المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها لسنوات طويلة قادمة إن لم يكن أكثر، كما سيكون عاملا أساسيا في تحديد مستقبل الصراع العالمي حول نظام عالمي جديد يستبدل النظام الأحادي القطب الذي تكرس بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي منذ العقد الأخير من القرن العشرين.
المدقق لمراحل مختلفة من تاريخ الغرب بعد نهاية الحرب العالمية الثانية يلاحظ أن هذه المجموعة المتحالفة قد ابتليت وعبر مراحل مختلفة بزعماء وقادة سياسيين وأجهزة إعلام يسيرون وراء أوهام رغباتهم مصدقين أنها ستنقلب إلى حقائق بمجرد محاولة تصويرهم لها كحقائق.
سنة الله في الكون أن تقوم المجتمعات وتنهار، فلكل مجتمع عصر قوة وعصر انحطاط وضعف تحت تأثير العديد من الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية لهذا المجتمع أو ذاك.
يرى غريغوري داديس أستاذ التاريخ العسكري الأمريكي الحديث بجامعة ولاية سان دييغو، بصفته مؤرخا عسكريا خدم في الجيش الأمريكي لمدة 26 عاما، أن السؤال الأكثر جوهرية هو لماذا يثق صانعو السياسة -ليس بجدوى الحرب بينما حتى الحسابات الخاطئة الصغيرة يمكن أن تؤدي بسهولة إلى كارثة؟.
وفي مقاله بموقع "ذا كونفرزيشن" (the conversation) كتب داديس قائلا "لقد أغرت وعود وغوايات الحرب القادة السياسيين والعسكريين لآلاف السنين، تحدث المؤرخ الأثيني ثوسيديديس عن دول المدن اليونانية التي تحركها قيم الشرف والربح، وكذلك الخوف من أعدائها".
وبعد ما يقرب من 2200 عام، رأى الآباء المؤسسون لأمريكا أن الحرب هي أضمن طريقة للاستقلال عن سيطرة الإمبراطورية البريطانية، وتشكيل هوية جديدة خالية من التأثير الخارجي وإنشاء دولة ذات سيادة، وسيحتاج الأمر حربا أهلية كبرى بعد أقل من 100 عام لاتخاذ قرار بشأن أسئلة مماثلة للأمريكيين الأفارقة الذين استعبدهم هؤلاء الثوار الأمريكيون أنفسهم وأحفادهم.
ويعتبر الكاتب أن غنائم الحرب يمكن أن تكون عظيمة مثل الاستقلال وزيادة القوة والأرض والموارد، ومع ذلك، ففي مقابل كل نجاح عسكري، يقدم السجل التاريخي أمثلة كثيرة مقلقة.
نابليون، على سبيل المثال، ربما كان على حافة السيطرة على أوروبا بشكل شبه كامل في أوائل القرن الـ19، لكن أداة الجيوش الجماهيرية نفسها التي أوصلته إلى مثل هذه الإنجازات تسببت بسقوطه عندما استخدمها تحالف من القوى الأوروبية المتنافسة.
في نهاية فترة رئاسته، قدم الرئيس والجنرال الأمريكي دوايت أيزنهاور (1890 – 1969) نصائحه حول التكاليف الخفية لمجمع صناعي عسكري يغذي حالة الحرب الدائمة في سياسة واشنطن، ويبدو أن مخاوفه قد تحققت، بحسب الكاتب الصحفي مات بيترسون الذي ينقل عن مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون أن البنتاغون أنفق أكثر من 14 تريليون دولار منذ بداية الحرب في أفغانستان، وثلث إلى نصف الإجمالي ذهب إلى المتعاقدين العسكريين.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة غلاسكو في أسكتلندا سيان أودريسكول إن "شبح الحروب المعاصرة التي لا تنتهي، يجعلنا نعيد التفكير في فكرة النصر، وهل تكتسب دلالة خاصة ومختلفة في الحالة المعاصرة".
ويضيف "أصبحت أؤمن بأن فكرة النصر في الحرب الحديثة ليست أكثر من أسطورة"، متابعا في مقاله أنه "حان الوقت للتفكير مرة أخرى وبشكل أعمق مما فعلنا من قبل، حول معنى النصر في حروب اليوم".
ومنذ أوائل القرن الـ20، برزت وجهة نظر مفادها أنه في الحرب الحديثة المعتمدة على آلات القتل الجماعية، لا يفوز أحد بنصرحاسم. وكما قال أريستيد برياند -رئيس وزراء فرنسا 6 مرات تخللتها الحرب العالمية الأولى- "في الحرب الحديثة ليس هناك منتصر.. الهزيمة تمد يدها الثقيلة إلى أقصى زوايا الأرض، وتضع أعباءها على المنتصر والمهزوم على حد سواء".
الجنرال الصيني صن تزو، أو صون وو، قام في كتابه "فن الحرب" الذي ألفه في القرن السادس للميلاد بتحليل عميق لكيفية إدارة الحرب والانتصار فيها مركزا على أن سر الانتصار، هو معرفة الذات ومعرفة الخصم قبل كل شيء. لقد طبق مقولة الطاوية، ومفادها أن "سيولة الماء تدك صلابة الحجر". والمنتصر هو من لا يستقر ولا ينتظر، بل الذي يتحرك باستمرار، عبر تحصين الدفاع، الذي يعد أفضل طريقة للهجوم.
فكرة الكتاب الأساسية أن الحرب أمر جاد يجب التجهيز له، ليس بالتزود بأعتى العتاد وأشجع الجيوش فقط، بل بالإعداد النفسي والعقلي والتنظيمي أيضا، أي إعمال الفكر قبل كل شيء. فالمعارك وحدها لا تحقّق الانتصار.
يتضمن كتاب "فن الحرب" الفصول التالية: وضع الخطط، شن الحروب، الهجوم المخادع، المناورات التكتيكية، استخدام الطاقة، الضعف والقوة، فن المناورة العسكرية، تنوع التكتيكات الحربية، الزحف، التضاريس، أنواع الأرض التسعة، الهجوم بالنار، وأخيرا.. توظيف الجواسيس.
اثبت التاريخ خاصة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في كل المراحل حتمية انتصار الشعوب المستعمرة على المستعمرين مهما كان نوع هذا الاستعمار وكيفية دخوله البلدان. وهذا ليس غريب على الشعوب التي تتعرض للاستعمار، لكن الغريب في الأمر أن هذه الدول التي تستعمر الشعوب لم تستوعب مطالب تلك الشعوب إلا بعد فوات الأوان وبعد أن تتعرض تلك الدول الظالمة إلى خسائر فادحه في الأرواح والأموال وتشويه تاريخها، وسمعتها. 
 
انهيار ثقة 
 
بعد دخول الحرب على غزة سنتها الثانية تقلصت حتى ثقة الأكثر تأييدا لتل أبيب في الغرب وخارجه في إمكانية تحقيق ما التزم به رئيس وزراء إسرائيل من تحقيق النصر الشامل والقضاء على حركة حماس واستعادة الأسرى حيث تستمر المقاومة الفلسطينية في شن هجمات على مدار الساعة ضد القوات الإسرائيلية وتكبدها الخسائر. في الشمال وعلى خطوط القتال مع لبنان ورغم نجاح أجهزة المخابرات الإسرائيلية والغربية وبمشاركة فعالة من جانب القوات الأمريكية والبريطانية أساسا وقوات أطراف أخرى سواء من حلف الناتو أو خارجه في تصفية الجزء المعروف من قادة حزب الله في لبنان وفي مقدمتهم حسن نصر الله، لم ينهار الحزب لا سياسيا ولا عسكريا وواصل للسنة الثانية حرب الاستنزاف ضد إسرائيل بل ووسعها بكثافة حتى مدينة حيفا مما جعل على تل أبيب التفكير في إجلاء ما يزيد عن مليوني إسرائيل جنوبا بعد أن كانت تعول على نجاح هجومها البري على جنوب لبنان للسماح لما بين 100 و 120 الف مستوطن بالعودة إلى مستوطناتهم في الشمال. ولعل أكثر ما صدم العسكريين عالميا وداخل إسرائيل أنه بعد أكثر من شهر على الهجوم الإسرائيلي البري والجوي الكثيف على جنوب لبنان لم تتمكن القوات الإسرائيلية من احتلال أي قرية لبنانية على خطوط التماس كما أجبرت وبشكل شبه دوري على الإنسحاب من مئات الأمتار القليلة التي عبرتها داخل الأراضي اللبنانية. 
ومع استمرار الحرب في غزة والحصار البحري الذي يفرضه اليمنيون في البحر الأحمر وفرضية انتقالهم لعمليات في البحر الأبيض المتوسط وفشل الأسطول الغربي الأمريكي البريطاني الألماني في ردع القوات اليمنية ومنعها من مواصلة هجماتها، تتكثف الهجرة المضادة من إسرائيل إلى دول الغرب وتتحدث حتى أكثر المصادر الإعلامية وغيرها المؤيدة لتل أبيب عن مغادرة أكثر من مليون مستوطن حتى نهاية أغسطس 2024. 
دخول إيران عمليا في العمليات العسكرية ضد إسرائيل وبشكل يتوسع مع مرور الأيام رغم احتمال مشاركة الولايات المتحدة في حرب شاملة ضد طهران لم يبدل من حجم التحديات بشأن حرب إقليمية كبيرة.
مشاكل تل أبيب الاقتصادية في نمو مطرد رغم أن الجزء الأكبر من التكلفة العسكرية فقط للصراع منذ 7 أكتوبر 2023 والمقدرة حسب تل أبيب ب 86 مليار دولار حتى نهاية أغسطس 2024 تغطيها واشنطن فإن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه أزمة خانقة حسب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المعروفين بتبعيتهما للتوجيهات الأمريكية. إضافة إلى الهجرة المضادة تفر رؤوس الأموال بحثا عن منطقة استثمار آمنة وتتراجع الشركات الغربية رغم الضغوط التي تمارس ضدها عن مواصلة العمل في إسرائيل. دبلوماسي أمريكي قال معلقا على هذا الوضع أن رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو محق في القول أن إسرائيل تخوض معركة وجود مصيرية.
تعثر العمليات الحربية ضد لبنان وغزة واليمن وإيران دفع بالعديد من الأوساط الغربية وفي حلف الناتو للحث على إيجاد تسوية سياسية يمكن أن تحاط بصورة "انجاز المهمة" كما يحب الساسة الغربيون وخاصة الأمريكان القول بخصوص عملياتهم العسكرية. على إفتراض التصديق بأن البحث عن تسوية كما يتردد في واشنطن ولندن حقيقي وليس سوى مناورة، فإن المشكلة التي يواجهها هؤلاء هي أن الوقت لا يعمل حاليا مع قرب نهاية سنة 2024 في صالحهم.
 
الحشد العسكري الأمريكي
 
الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة ضد إسرائيل من سبع جبهات كما يقول نتنياهو، تستهدف استنزاف شبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية على كل المستويات خاصة الصواريخ الاعتراضية غالية الثمن والتي لا تنتجها المصانع الأمريكية بشكل كاف وكشف الزوايا الميتة للرادارات الإسرائيلية، وذلك تمهيدا لهجمات مستقبلية أوسع.
هذا الخطر تستشعره واشنطن ولذلك نقلت جزء كبيرا من قدراتها العسكرية إلى الشرق الأوسط. 
يوم الأحد 3 نوفمبر 2024 نقل موقع الحرة الرسمي الأمريكي تقريرا جاء فيه:
وسط تنامي التهديدات وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يقوم الجيش الأمريكي بإرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى المنطقة.
وذكرت الولايات المتحدة إنها ستنشر قاذفات بي-52 الاستراتيجية، وطائرات مقاتلة وطائرات للتزود بالوقود بالإضافة إلى مدمرات بحرية في الشرق الأوسط، في إطار إعادة ضبط الأصول العسكرية مع استعداد حاملة الطائرات أبراهام لينكولن والمدمرات المرافقة لها لمغادرة المنطقة.
وأكد بيان للبنتاغون ان هذا القرار يتوافق مع الالتزام بحماية المواطنين الأمريكيين والقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، والدفاع عن إسرائيل، وتخفيف التصعيد من خلال الردع والدبلوماسية.
"ردع إيران" هو هدف واشنطن من إرسال التعزيزات العسكرية للشرق الأوسط بحسب ما أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق، السفير لينكولن بلومفليد لقناة "الحرة".
وقال إن وجود هذه التعزيزات يحد من ممارسات إيران في المنطقة، وربما "لإقناع إسرائيل بالامتناع عن التصعيد لأن القوات الأمريكية موجودة فعلا في الشرق الأوسط لتأمين المنطقة وإسرائيل أيضا".
وأشار بيان البنتاغون إلى أن الولايات المتحدة ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة للدفاع عن الشعب الأمريكي في حال استغلت إيران أو شركاؤها أو وكلاؤها الأوضاع الراهنة لاستهداف أفراد أو مصالح أمريكية في المنطقة.
وقال بلومفليد إنه "لو لم ترسل الولايات المتحدة تعزيزات لقواتها في المنطقة، وسحب حاملة طائرات أساسية، قد يساء فهم الرسالة حتى من إسرائيل، وكأن واشنطن تريد الانسحاب من المنطقة في وقت تحتاج إلى تعزيز الردع في الشرق الأوسط".
وأكد أن وجود هذه القوات لا يعني أن الولايات المتحدة تريد شن حروب على أي دولة، إنما هي وفرت غطاء للدفاع من الهجمات الصاروخية الباليستية، والحفاظ على التوازن والاستقرار، ومنح الدبلوماسية الفرصة لإقناع إسرائيل لمحاولة العثور على طريقة للخروج من الحروب في غزة ولبنان.
 
مخاوف البنتاغون
 
نهاية شهر أكتوبر 2024 أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية نقلا عن مسؤولين أمريكيين، بأن "البنتاغون" يخشى نفاد مخزونه من الصواريخ الاعتراضية ومن الممكن ألا يتمكن من تعويضها.
وذكرت الصحيفة إن "البنتاغون" بات يعاني من نقص في بعض أنواع صواريخ الدفاع الجوي، الأمر الذي يثير تساؤلات حول استعداداته للتدخل في الشرق الأوسط وأوروبا والصراع المحتمل في المحيط الهادئ.
وأشارت إلى أن الصواريخ الاعتراضية أصبحت بسرعة كبيرة أكثر الذخائر المطلوبة خلال الأزمة في الشرق الأوسط، حيث تواجه "إسرائيل" تهديدا متزايدا من الصواريخ والطائرات من دون طيار.
كما لفتت الصحيفة إلى أن النقص يصبح أمرا مقلقا، ولاسيما بعد الضربات الإسرائيلية ضد إيران، والتي يخشى المسؤولون الأمريكيون أن تؤدي إلى موجة أخرى من الهجمات المضادة من قبل طهران.
وتعد "الصواريخ القياسية" مثل SM-6التي تطلق عادة من السفن وتأتي من أنواع مختلفة، من بين الصواريخ الاعتراضية الأكثر شيوعا التي استخدمتها الولايات المتحدة للدفاع عن "إسرائيل" من الهجمات الصاروخية الإيرانية، وهي ضرورية لوقف الاستهدافات اليمنية للسفن الإسرائيلية أو الغربية المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من خلال البحر الأحمر.
وبينت الصحيفة، أن الولايات المتحدة "لم تطور قاعدة صناعية دفاعية مخصصة لحرب استنزاف واسعة النطاق في كل من أوروبا والشرق الأوسط، مع تلبية معايير استعدادها الخاصة".
وقال نائب مدير برنامج الدفاع التقليدي في مركز "ستيمسون" الأمريكي، إلياس يوسف إن "كلا من هاتين الحربين (الشرق الأوسط - أوكرانيا) عبارة عن صراعات ممتدة، وهو أمر لم يكن جزءا من التخطيط الدفاعي للولايات المتحدة".
وكشفت الصحيفة أنه ثبت لواشنطن أنّ زيادة إنتاج الأسلحة أمر صعب بالنسبة إلى البنتاغون، لأنه يتطلب غالبا أن تفتح الشركات خطوط إنتاج جديدة، وتوسع المرافق وتوظف عمالا إضافيين وغالبا ما تكون الشركات مترددة في الاستثمار بهذا التوسع من دون أن تعلم إن كان البنتاغون ملتزما بالشراء بمستويات متزايدة على المدى الطويل أم لا.
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن "إسرائيل" تواجه نقصا وشيكاً في الصواريخ الاعتراضية، بينما تعمل على تعزيز الدفاعات الجوية بمساعدة واشنطن لحمايتها من الاستهداف.
 
بين الشرق الأوسط وأوكرانيا
 
أكدت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية أن المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط سيؤدي إلى استنزاف ترسانة الصواريخ الأمريكية بشكل خطير. وأكدت المجلة الأحد 20 أكتوبر، أنالمخزون المحلي من صواريخ "إس إم-3" الاعتراضية في الأسطول السادس الأمريكي قد استنفد تقريبا بعد أن ساعدت المدمرات "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها من الضربة الصاروخية الإيرانية في الأول من أكتوبر 2024. 
وقالت المجلة الأمريكية أنه في أعقاب الإعلان عن نشر بطارية صواريخ "ثاد" دفاع جوي عالية الارتفاع في "إسرائيل" في 13 أكتوبر، بدأت الضغوط والقيود تظهر على أنظمة الدفاع الصاروخي لدى الطرفين.
ويعكس الأمر المخاوف الأمريكية بشأن عدد الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية من طراز "SM-3" التي يتم إطلاقها من البحر، والتي تم استخدامها بالفعل ضد التهديدات القادمة إلى "إسرائيل" والشحن في البحر الأحمر نتيجة للاستهداف من اليمن.
كما أشارت المجلة إلى أنه إذا استمر الصراع بين "إسرائيل" وإيران وتصاعد، فقد تواجه الولايات المتحدة قريبا خيارا صعبابشأن مقدار استنزاف مخزوناتها من صواريخ "THAAD" و"SM-3" الاعتراضية، نظرا لأهميتها في الصراعات المحتملة الأخرى، وخاصة في آسيا.
وفي حين أن العدد الدقيق لصواريخ "SM-3" الاعتراضية سري، فإن العدد الإجمالي يزيد قليلا عن 500، أي بإنتاج 12 صاروخافقط سنويا، مع الاختبارات المعروفة على مر السنين والاستخدام القتالي الأخير، فمن المحتمل أن يترك ذلك نحو 400 صاروخ، بعضها منتشر في بولندا ورومانيا.
ووفق المجلة، فإن قائد القيادة المركزية الأمريكية السابق، الجنرال فرانك ماكنزي زعم أن إيران تمتلك أكثر من 3000 صاروخ باليستي، وهذا هو أكبر مخزون للصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط.
ولفتت "ناشيونال إنترست" إلى أن معظم ترسانة حزب الله أقصر مدى من أنظمة "SM-3" أو"THAAD" التي يمكن استخدامها لمواجهتها، مردفة أن "عدد الصواريخ الإيرانية يكفي بوضوح لحرق مئات الصواريخ الاعتراضية الأمريكية في صراع متصاعد بالكامل".
كذلك، تابعت المجلة أن التنازلات المحتملة بين الدفاع عن "إسرائيل" ضد إيران وردع الصين ليست بالأمر الذي يرغب أغلب القائمين على المؤسسة السياسية في واشنطن في التفكير فيه.
 
صعوبة في فرض التسوية
 
يوم الجمعة الأول من شهر نوفمبر 2024 تحدثت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن كون حزب الله "بعيد كل البعد عن الانهيار، خلافاً لما تفيد به التسريبات من إسرائيل"، مشيرة إلى رفضه مطالب تل أبيب وواشنطن من أجل وقف إطلاق النار، والتي يعد قبولها بمنزلة "استسلام لإسرائيل، بينما هو بعيد عن ذلك".
وأقرت الصحيفة بـ"مواجهة إسرائيل صعوبة في فرض التسوية التي تريدها على حزب الله"، الذي "يتحدث بلغة من القوة ومليئة بالثقة بالنفس، منذ 42 عاما"، مشيرة إلى اعتراض قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان على المطالب الإسرائيلية. 
وإذ أشارت الصحيفة إلى أن "حزب الله يستعد لصراع طويل"، فإنها أكدت أن الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، لم يبد مرونة في الاتصالات بشأن وقف إطلاق النار، فـ"لو حدث ذلك، لما هدده وزير الأمن، يوآف غالانت، عبر منشوره في أكس".
من جانبه أكد الخبير في شؤون الأمن القومي، اللواء في احتياط الجيش الإسرائيلي، كوبي ماروم، في حديث إلى القناة الـ"12" الإسرائيلية يوم فاتح نوفمبر 2024، أن "إسرائيل لن تفكك حزب الله أو تهزمه"، معترفا بأنها "لا تمتلك القدرة على ذلك".
ومع إقراره بالعجز عن تفكيك حزب الله أو هزيمته، أشار ماروم إلى أن "إسرائيل تواجه أياما صعبةً في الشمال، مع قتال صعب" في وجه المقاومة الإسلامية في لبنان، والتي "لا شك في أنها تعزز قدراتها النارية والقيادية، (بالتوازي) مع إجراء المفاوضات".
إضافة إلى ذلك، لفت ماروم إلى "وجوب الحذر بشأن الرد الإيراني"، مشيرا إلى أن "إسرائيل، خلال السنة الأخيرة، فشلت مرة بعد أخرى في تقدير نيات العدو".
وبعد 13 شهرا من الحرب، "تواجه إسرائيل تداعيات هائلة على صعيد الجيش والاحتياط والاقتصاد"، بحسب ما أضافه اللواء في الاحتياط.
وفيما يتعلق بـ"الجيش" والاحتياط، أشار ماروم إلى أن "الجيش النظامي عليه عبء كبير، إضافة إلى أنه يعاني مشكلة في الذخائر"، بينما "ثمة مشكلة صعبة من ناحية العبء على الاحتياط أيضا".
أما اقتصاديا، فلفت ماروم إلى أن "كل يوم في الحرب يكلف نحو مليار شيكل، وهذا كثير على إسرائيل".
وفي حديث إلى القناة الـ"12" أيضا، أكد قائد تشكيل الدفاع الجوي سابقا، العميد في احتياط "الجيش" الإسرائيلي، تسفيكا حاييموفيتش، أن "الأرقام التي تطرح بشأن خسائر حزب الله كاذبة".
وفي هذا الإطار، أشار حاييموفيتش إلى أن حديث وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، عن "خسارة حزب الله نِسبة كبيرة من صواريخه ومسيراته" هو "أمر غير دقيق"، بحيث "يمتلك الحزب ما يكفي لاستمرار الاستنزاف مدة سنة"، محذرا من أن "الحرب لها أثمان".
وتحدث مراسل القناة الـ"12" في الشمال، هدار غيتسيس، من جهته، عن إطلاق حزب الله "عددا لا يحصى من النيران"، مؤكداأنّه "يحتفظ بقدرته على إطلاق صواريخ، حتى في ظل محاولات الوصول إلى تسوية سياسية".
وأضاف: "حتى لو لم يطلق حزب الله 200 صاروخ، بل أطلق 60 صاروخا، فإن واحدا قادر على قتل 5 أشخاص".
يذكر أن رئيس المجلس المحلي لـ"مفؤوت حرمون"، بيني بن موفخار، أكد سابقا أن "الاتفاق مع لبنان لن يوفر الأمن من أجل العودة إلى الشمال"، مؤكدا أن الوضع "يتطلّب 5 أعوام على الأقل حتى يعود طبيعيا". 
وإذ أكد بن موفخار "عدم وجود أي أمن في الشمال"، فإنه أشار، في حديث إلى قناة "كان" الإسرائيلية، إلى وجود "خطر كبير بأن يقتل أو يصاب من في المطلة، المنارة، كفار يوفال ومرغليوت"، بنيران حزب الله.
بدوره، شدد قائد الفيلق الشمالي سابقا، اللواء في احتياط "الجيش" الإسرائيلي، نوعم تيفون، على "ضرورة التوصل إلى تسوية مع لبنان"، محذرا من أن المقاومة الإسلامية في لبنان "ستراكم الثقة بالنفس، وستضرب إسرائيل مع إلحاقها مزيدا من الإصابات في صفوف الجيش".
 
الغرق في لبنان
 
تحدث محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "إسرائيل هيوم"، يوآف ليمور في تقرير نشرته يوم 30 أكتوبر 2024، عن ضرورة "الانشغال بوقف إطلاق نار في الشمال، على أن ذلك ليس أمرانظريا، بل لعدم الغرق في المستنقع اللبناني". وفي التفاصيل، قال ليمور إن "استمرار القتال في الشتاء اللبناني قد يكلّف إسرائيل ثمنا باهظا"، فيما "إغلاق الساحة الشمالية سيسمح لها بالتركيز على غزة والأسرى". 
وأوضح أنّ "استمرار القتال سيكون له ثمن باهظ من القتلى، حيث سيزداد مع الغرق في الوحل اللبناني خلال فصل الشتاء، كما سيكون له ثمن في المزيد من تأكل شرعية إسرائيل الدولية، وفي الاقتصاد، وفي تعميق العبء على جهاز الاحتياط، وتأخير موعد عودة مستوطني الشمال".
ولفت إلى أن "الجيش سيكمل الجزء الحالي من المهمة الموكلة إليه في جنوب لبنان في غضون أسبوعين تقريبا - وهي فترة من الوقت يمكن استخدامها أيضاً لتعميق الأضرار بالتشكيلات الاستراتيجية للمنظمة"، قبل وقف النار، وفق ليمور.
كما أشار إلى أن "إنهاء المعركة في الشمال سيعيد إسرائيل إلى النقطة التي بدأ منها كل شيء: غزة"، فبغض النظر عن هوية الإدارة التي سيتم انتخابها في 5 نوفمبر بواشنطن، فإن "إسرائيل لن تتمكن من التهرب لفترة طويلة من القرار المتعلّق بمستقبل القطاع، وخاصة قضية الأسرى".
يأتي ذلك فيما يكثر الحديث في الأوساط الإسرائيلية عن جدوى الحرب مع حزب الله في لبنان وأفقها، خصوصا مع مفاجأتهم من أن حزب الله، وعلى الرغم من كل "الضربات" التي تعرض لها في بداية الحرب، لا يزال قادرا على إطلاق الصواريخ والمسيرات ومواجهة القوات عند الحدود، وتكبيد "الجيش" أثمانا كبيرة، حيث بدأت تتعالى الأصوات من أجل وقف حرب الجبهة الشمالية وإبرام اتفاق.
 
نموذج القنيطرة والضفة الغربية
 
جاء في تقرير نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية يوم السبت ثاني نوفمبر 2024:
عندما يتحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن استراتيجية تحديد الأهداف بدل تحديد موعد لإنهاء الحرب، فهو يرمي الكرة في ملعب الجيش لوضع الخطط وآليات تنفيذها على الأرض.
ويرى محللون أنه "رغم مواصلة إسرائيل مساعيها لاحتلال منطقة تمتد على طول الحدود من الناقورة حتى مزارع شبعا، وبعمق يتراوح بين كيلومترين وأربعة كيلومترات، لم تتمكن منذ بدء العملية البرية المستمرة منذ شهر من احتلال قرية حدودية واحدة، ولم تسمح له المقاومة بتثبيت نقاط تمركز".
وأوضح الخبراء أنه "في حين تحاول تل أبيب ومعها آخرون التقليل من دور المقاومة بأن إسرائيل لا تريد أساسا احتلال هذه المنطقة، لا يقدم أحد تفسيرا لسقوط 1280 ضابطا وجنديا إسرائيليا بين قتيل وجريح في هذه المواجهات، ولا شرحا حول كيفية تدمير غالبية مدرعاته التي أًدخلت في المعركة. ويحاول أن يروج "سردية وقائية" لنفسه، بادعاء أنه يدمر البنى التحتية للمقاومة. ويفعل ذلك مستخدما كثافة نارية غير مسبوقة، وغارات في كل لبنان، وعمليات تدمير واسعة تقوم بها قواته حيثما تصل في القرى الحدودية".
وأشار المحللون السياسيون إلى انه بمعزل عن حقيقة المفاوضات حول وقف إطلاق النار، فإن ما تطلبه إسرائيل يفسر حقيقة خطتها، "ويتوقع أن تزيد إسرائيل في الأيام والأسابيع المقبلة من مستوى الهجوم، عملا بمبدأ نتنياهو بأن "ما لم تحققه بالقوة، يمكن أن تحققه بمزيد من القوة". لذلك، علينا توقع مزيد من عمليات القتل والتدمير التي تعتقد تل أبيب بأنها كفيلة بإحداث تبديل جوهري في الموقف اللبناني، وتدفع العواصم الوسيطة إلى مشاركتها الضغوط على القوى اللبنانية، وعلى مسارين:
المسار الأول: يتولاه الخصم بنفسه، بتكثيف الغارات على المدنيين في معظم المناطق، وارتكاب المجازر لتأليب بيئة المقاومة على قيادتها من جهة، أو تلك التي تستهدف خلق أزمة مع النازحين حيث يقيمون، مع ارتفاع مخاطر لجوء الخصم إلى توجيه ضربات مؤذية إلى الدولة اللبنانية لدفع الحكومة إلى التدخل وإبداء الاستعداد للأخذ بمطالب تل أبيب.
المسار الثاني: تتولاه الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، بمساعدة بعض الدول العربية، ويهدف إلى دفع قوى سياسية وكتل شعبية معارضة لحزب الله إلى القيام بتحرك سياسي وشعبي يهدف إلى جعل الاستسلام "خيارا وطنيا"، وهو الاحتمال الذي يواجه صعوبة كبيرة رغم أن وسائل إعلام لبنانية تقوم بدور المنصة المفتوحة لهذه الأصوات. وفي هذا السياق، تبدي السفارة الأمريكية خيبتها من عدم قدرة "جماعتها" على الاستقطاب للسير في هذا المسار، كما في المحاولة الفاشلة لـ"القوات اللبنانية" في لقاء معراب الأخير".
 
جوهر الخطة
 
وأضاف الخبراء: "إذا كانت الاتصالات الدبلوماسية توقفت مع لبنان، فإن ما وصل إلى بيروت عن مصادر أمريكية، يشير إلى أن حكومة تل أبيب لا تزال تجد نفسها في موقع من يمكنه فرض الشروط. ويقر وسطاء عرب وأوروبيون بأن واشنطن لم تنتقل بعد إلى موقع من يريد الضغط على إسرائيل لوقف الحرب، لا في لبنان ولا في غزة. ويلفت هؤلاء إلى عدم تعليق الآمال على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لأن إسرائيل ماضية في برنامج عملها، فما يريده ساسة تل أبيب أبعد مما يعرض من شروط رسمية وغير رسمية. وقد كان نتنياهو واضحا حول أهداف الحرب. وبحسب مطّلعين، فإن برنامج عمل إسرائيل الفعلي يتعلق بالآتي:
أولا: مواصلة الضغط العسكري والسعي إلى توفير ظروف ميدانية تسمح بتحقيق إنجازات على شكل احتلال دائم لمناطق لبنانية كثيرة، والتخطيط لعمليات عسكرية كبيرة في المناطق الشرقية من لبنان، وهو يجهز قواته في سياق استطلاع إمكانية القيام بعملية كبيرة على الحدود اللبنانية - السورية من جهة البقاعين الأوسط والغربي، بالتزامن مع إعلان منطقة الحدود البرية للبنان - خصوصا من جانب البقاع الشمالي وعكار - مناطق عسكرية، لا يسمح للمدنيين بالاقتراب منها. ويهدف الجيش الإسرائيلي من خلال هذه العملية إلى فرض أمر واقع على الحدود البرية، بالتزامن مع تعزز الوصاية الأمريكية على مطار بيروت الدولي وعلى المرافئ أيضا.
ثانيا: محاولة تل أبيب تدمير القرى اللبنانية على الحدود مباشرة بصورة كاملة، وتحويلها إلى مناطق شبيهة بمنطقة القنيطرة السورية، ومنع أهلها من العودة إليها عبر تدمير كل المنشآت المدنية الخاصة أو العامة، علما أن الجيش الإسرائيلي يدرك أن أمرا كهذا سيسقط نهائيا هدفه المعلن بإعادة سكان المستعمرات الشمالية إلى منازلهم".
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نشرت تقارير عن حديث دائم لنتنياهو عن "حاجة إسرائيل إلى إغلاق الحدود بين سوريا ولبنان لمنع وصول السلاح إلى حزب الله". وقال معلّقون في إسرائيل إنه يثير هذا الطرح، "من ضمن شروط تعجيزية أخرى مثل التحكم بأجواء وبحر لبنان". وقال أحد الخبراء في فلسطين إن "إسرائيل تفكر في جعل لبنان بأكمله، منطقة مثل الضفة الغربية المحتلة، بحيث ينتزع بالقوة الحق بالدخول البري في بعض المناطق، أو القيام بغارات وعمليات عسكرية وأمنية في أي منطقة يقرر أنها مصدر خطر عليه".
وبحسب المحللين السياسيين، يبدو أن نتنياهو يراهن على تحقيق تغيير ليس في لبنان فقط، بل في سوريا أيضا. وتشير تقارير دبلوماسية إلى أن "إسرائيل تتابع باهتمام ما يجري في دمشق، وما الذي يمكن أن تحققه جهود تقودها عدة أطراف لإقناع الرئيس بشار الأسد بالتخلي عن تحالفه مع إيران وحزب الله".
وبحسب التقارير، فإن "تل أبيب لا تراهن على تغيير كبير في الموقف السوري، لكن حلفاءها يطلبون مهلة لمحاولة إقناع الأسد بالطلب من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله بمغادرة أراضي سوريا، وإقفال المقرات الخاصة بكل من له صلة بمحور المقاومة، والتعهد بعدم إفساح المجال أمام عبور أي نوع من الدعم المادي والعسكري إلى لبنان عبر الأراضي السورية".
وذكر تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن جهات عدة في إسرائيل "تتطلع على ما يبدو إلى وقف إطلاق النار في لبنان، لكن نتنياهو ليس من بينها".
وأشارت إلى أن "الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين والروس، وربما الإيرانيين أيضا، والحكومة اللبنانية والجيش الإسرائيلي وحزب الله يريدون ذلك"، مضيفة أن "الأساس هو قرار مجلس الأمن الرقم 1701"، وأن "النقاش يدور حول الشروط المرافقة".
وذكرت الصحيفة أن المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، "اعتقدوا بأن التوصل إلى تفاهم جانبي بين إسرائيل والولايات المتحدة سيكون كافيا، بحيث إذا تم انتهاك الاتفاق، يمكن للجيش الإسرائيلي الرد بالنار والدخول إلى لبنان بدعم من الأمريكيين"، وأنه يجب أن يحصل "الآن، في ظل الإنجازات العسكرية، وتوقعات سكان الشمال، والثمن الذي تدفعه إسرائيل يوميا بالدم في لبنان". لكن الصحيفة لفتت إلى أن "نتنياهو الذي كان يخشى دخول لبنان، يقلقه الآن الخروج منه".
 
عمر نجيب
[email protected]