غزة على الطريق الشاق للنصر كما في سايغون وكابل... مسيرة الشرق الأوسط الذي يبعث من جديد.

أربعاء, 2024-06-05 01:45

هل أقترب جزء من المعسكر المعادي والمناهض لقوى الكفاح المسلح الفلسطيني من الاعتراف بخسارته المرحلية للمواجهة بعد مرور ثمانية أشهر على انطلاق معركة طوفان الأقصى؟. سؤال أخذ يطرح بشكل أكثر إلحاحا مع انتصاف سنة 2024 خاصة بعد العرض الجديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة 31 مايو 2024 وذلك رغم وجود كثير من الأفخاخ فيه.

هناك وضعية شبه ثابتة مستمرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وما تبعها من مسيرة تحكم من يوصفون بالمحافظين الجدد بالشؤون الدولية، وهي أن هؤلاء وحتى عندما يخسرون معاركهم ورهاناتهم لا يقرون أبدا بالهزيمة أو ارتكاب الأخطاء، بل يعملون على ممارسة أسلوب الفرار إلى الأمام والاختباء وراء أعذار ومبررات لا مكان لها في الواقع الملموس.

من المنطقي الاعتراف بأن الشيطان يكمن في التفاصيل وهذا تعبير اصطلاحي يشير إلى وجود شيء أو عنصر غامض مخبأ في التفاصيل، ويعني أن شيئا ما ربما يكون بسيطا للوهلة الأولى إلا أنه يتطلب جهودا غير متوقعة ووقت أكثر لإكماله، هذا الوصف يمكن أن يعرف به عرض الرئيس بايدن الذي أكد أن الاقتراح إسرائيلي في صلبه.

بإعادة متابعة للأحداث منذ السابع من أكتوبر 2023، نجد أن أحد أطراف الصراع يوجد في متاهة حقيقية أولا من الجانب العسكري وثانيا من الجانب السياسي وثالثا من الجانب الاقتصادي.

فمن الفشل في إعادة احتلال غزة وتصفية حماس خلال أسابيع قليلة، مرورا بإغراق أنفاقها التي يتعدى طولها 800 كيلومتر بمياه البحر أو شلها بمكونات إسفنجية وتطهيرها بالغازات السامة، إلى إخفاق مشروع تسليم العشائر أو حكومة رام الله سلطة حكم القطاع كبديل لحماس أو تفريغ غزة من سكانها عبر دفعهم للهجرة إلى سيناء. 

جربوا كل فكرة ومشروع قديم وجديد لكسب معركة غزة. حاولوا تطبيق تكتيكات الولايات المتحدة في حروبها الفيتنام وأفغانستان والعراق بعد تعديل ما اعتبر ثغرات بها ولكنهم فشلوا مرة أخرى.

تل أبيب رغم تفوقها العسكري الساحق عجزت حتى بداية شهر يونيو 2024 عن تحقيق أهدافها من حرب غزة أي القضاء على حماس وتحرير الأسرى. في نفس الوقت تقلصت قدرة الردع التي اعتمدتها منذ عقود.

بجيش عداده 380 ألف جندي بتاريخ مارس 2024 وسلاح جوي يضم 34000 عسكري إضافة إلى احتياطي يقدر بـ 54000 عسكري وأكثر من 982 طائرة من مختلف الأنواع من بينها إف-35، لم تنجح تل أبيب سوى في قتل ما يناهز 36 ألف فلسطيني غالبتهم من المدنيين، فيما تقدر مصادر رصد غربية ومنها الأمريكية والفرنسية أن خسائر قوات حماس لم تتجاوز 3800 مقاتل.

تل أبيب تقر رسميا بخسارة حياة زهاء 638 جندي وضابط منذ 7 أكتوبر وأكثر من 32620 جريح وآلاف من المصابين بصدمات نفسية، وفرار حوالي 180 الف مستوطن من غلاف غزة ومستوطنات الشمال.

دخل حزب الله من لبنان معركة استنزاف كبيرة ضد تل أبيب نجح خلالها في إلحاق خسائر ضخمة بالمستوطنات الإسرائيلية في الشمال وفك الرموز الأساسية لأجهزة الدفاع الإلكترونية والصاروخية الإسرائيلية، ومحا عمليا قدرة الردع لخصومه الذين يحاولون التكتم عل حجم خسائرهم لمنع تدهور الروح المعنوية.

في مضيق باب المندب قدم اليمنييون درسا حول قدرة بلد ذو إمكانيات مادية محدودة في تحدي قوة صنفت بالعظمى.

وصل الأمر يوم الأحد 2 يونيو 2024 باللواء في احتياط الجيش الإسرائيلي والقائد السابق للقوات البرية، يفتاح رون تال للتأكيد إن تل أبيب وصلت إلى "صفر ردع في مواجهة حزب الله مع قدراته الخطيرة في حرب نشعر فيها بالإذلال".

في واشنطن وتل أبيب لوحوا بإستخدام السلاح النووي ضد غزة ومن يتحالف مع حماس ولكنهم صدموا عندما عرفوا أن أطرافا مختلفة قدمت ضمانات أو مكونات لأسلحة نووية لجيوش في الشرق الأوسط لامتلاك قدرة الردع على هذا التهديد.

أحداث مشابهة وقعت قبل عقود حيث نشرت صحيفة دير شبيغل الألمانية، في عدد أبريل 1988، خبرا عن تهديد إسرائيل للمملكة السعودية بتوجيه ضربة مفاجئة لها بسبب تزودها من الصين بصواريخ متوسطة المدى مداها يفوق 2000 كيلومتر.

بتاريخ 7 نوفمبر 2013 نشرت المصادر الرسمية في بريطانيا تقريرا جاء فيه:

استثمرت السعودية في مشروعات الأسلحة النووية الباكستانية، معتقدة أن بإمكانها الحصول على تلك الأسلحة في الوقت الذي تشاء. وبالرغم من أن سعي السعودية للحصول على أسلحة نووية غالبا ما يندرج في إطار المنافسة التي يثيرها البرنامج النووي الإيراني، فإن بإمكانها الآن نشر هذه الأسلحة بأسرع من إيران.

وكان مسؤول في حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد قال في وقتسابق إنه اطلع على تقارير استخبارية تفيد بأن الأسلحة النووية المصنعة في باكستان نيابة عن السعودية أصبحت الآن جاهزة للتسليم.

حرب أفغانستان استغرقت حوالي 20 سنة قبل أن تنسحب القوات الأمريكية تاركة كل القدرة والسلطة لطالبان، لا تهم التبريرات ولكن الواقع هو الذي يفرض نفسه. على الأرض بين النهر والبحر يمكن أن تتكرر القصة.

 

السير فوق فوهة بركان

 

واشنطن قدمت يوم 31 مايو مشروعا لوقف إطلاق نار مستدام، ساسة تل أبيب قبلوا ورفضوا بمعدلات ومحاذير متباينة، ولكن الانطباع السائد هو أن هناك في معسكرهم فوضى وعدم يقين مما يعكس حالة الإحباط أو الانكسار.

جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الأحد 2 يونيو 2024:

رغم أن خارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس بايدن، الجمعة، تقدمت بها إسرائيل لواشنطن، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، يؤكد الاستمرار في هدف القضاء على حماس.

وفي الداخل الإسرائيلي، تبرز أصوات معارضة لوقف الحرب، فيما يدعو البعض إلى التفكير بجدية في الخطة التي ستفضي إلى إطلاق سراح الرهائن وهو ما يدعمه آلاف الإسرائيلون الذي تظاهروا، السبت، في دعم للخطة.

وذكر بايدن، الجمعة، إن إسرائيل اقترحت اتفاقا يتضمن هدنةمبدئية تستمر ستة أسابيع مع انسحاب جزئي للجيش الإسرائيلي وإطلاق سراح بعض الرهائن بينما يتفاوض الجانبان على "وقف دائم للأعمال القتالية".

وأضاف أن الاقتراح يوفر أيضا مستقبلا أفضل في غزة بدون وجود حماس في السلطة، دون أن يوضح كيفية تحقيق ذلك. ولم تعط حركة حماس أي مؤشر على أنها قد تتنحى أو تتخلى عن أسلحتها طواعية.

غير أن نتنياهو قال في بيان، السبت، إن فكرة أن إسرائيل ستوافق على وقف دائم لإطلاق النار قبل "تدمير القدرات العسكرية والقيادية لحماس" غير مطروحة.

المتخصص في إدارة النزاعات في كلية "جونز هوبكنز" للدراسات الدولية، البروفيسور دانيال سيروير، يشكك فيما إذا كانت خارطة الطريق التي أعلن عنها "إسرائيلية".

وصرح في حديث لموقع "الحرة" إنه "ليس من الواضح إذا ما كانت خطة إسرائيلية حقا، إذا تبرأ منها أعضاء اليمين في الحكومة الإسرائيلية، ولا يوجد أي دليل أن رئيس الحكومة، نتنياهو، يدعمها".

وتابع أنه "يجد صعوبة في أخذ الخطة على محمل الجد، إذ أنها لا تحدد من سيوفر الأمن في غزة".

وذكر مسؤول أمريكي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، للصحفيين إن إسرائيل تمكنت من تقديم العرض الجديد بعد المكاسب الأخيرة في ساحة المعركة.

وقال المسؤول: "توجد الآن بالفعل خريطة طريق لإنهاء الأزمة. إنها اتفاقية مفصلة من أربع صفحات ونصف الصفحة".

وزاد أنه "جرى التفاوض عليها مجددا عبر تفاصيل مضنية. وما هو مطروح على الطاولة الآن هو في الواقع بمثابة نهاية للعملية".وأوضح المسؤول أنه وفقا للمقترح، تمتد كل مرحلة من المراحل الثلاث 42 يوما.

وذكر تساحي هنغبي، مستشار الأمن القومي لنتنياهو، الأربعاء، أنه يتوقع أن تستمر الحرب في غزة حتى نهاية عام 2024 على الأقل.

ويهدد اثنان من أعضاء ائتلاف نتنياهو بالانسحاب من الحكومة إذا مضى قدما في إبرام اتفاق ينهي الحرب قبل القضاء على حماس.

وقالت حماس، الجمعة، إنها مستعدة "للتعامل بشكل إيجابي وبناء مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من قطاع غزة...".

وبعد تأييدهم للحرب بقوة في البداية، بدا على الإسرائيليين الإجهاد وسط قلق على مصير الرهائن، وفقا لرويترز.

وهدد بيني غانتس، وهو جنرال سابق من تيار الوسط انضم إلى حكومة الحرب، بالانسحاب من الحكومة الأسبوع المقبل إذا لم يضع رئيس الوزراء معه خطة لليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة.

لكن، وفي إشارة محتملة إلى إمكانية تأجيل ذلك، عبر غانتس، السبت، عن تقديره لبايدن ودعا إلى انعقاد مجلس وزراء الحرب "لتقرير الخطوات التالية".

 

محاولة خداع

 

علق المحلل السياسي المصري، إسماعيل صبري، حسبما ذكر موقع روسيا اليوم على الشبكة العنكبوتية يوم السبت الأول من شهر يونيو 2024 على خطاب بايدن، معتبرا أنه "محاولة أخرى لتضليل العرب واستغفالهم، ودمج إسرائيل رسميا في النظام الرسمي العربي".

وقال صبري أستاذ العلوم السياسية وعميد كلية تجارة أسيوط الأسبق في تصريح خاص لـRT، إن بايدن جاء ليلة الجمعة بخطاب "يحاول فيه استغفال العرب أو تخديرهم بتسويقه لمقترح إسرائيلي وصفه بالجديد وبأنه خارطة طريق نحو إنهاء الحرب في قطاع غزة وتمهيد الطريق أمام سلام مستدام إذا ما تهيأت له الظروف والأسباب التي تساعد عليه".

وأضاف المحلل السياسي: "يتكون هذا المقترح الإسرائيلي من ثلاث مراحل تبدأ بوقف مؤقت لإطلاق النار في مرحلته الأولى لمدة ستة أسابيع، يعقبه تبادل للرهائن الإسرائيليين بمن فيهم العسكريون المحتجزون لدى حركة "حماس" ببضع مئات من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية في مرحلته الثانية، ثم الشروع في إعادة إعمار غزة على نطاق كبير في مرحلته الثالثة والأخيرة.. وقرن الرئيس الأمريكي إعلانه بتوجيه إنذار لحماس، بأنه في حالة رفضها لهذه الخطة أو الصفقة الإسرائيلية، فإن إسرائيل سوف تواصل حربها على غزة.. وكأنه يريد أن يقول إن رد حماس على هذا العرض الإسرائيلي مطلوب في التو والحال.. وأن أي تلكؤ أو تباطؤ في الرد سوف يكون له ثمنه من دماء وأرواح الفلسطينيين في غزة".

وتابع صبري: "فإنه لم يعد خافيا علينا أن هدف الإدارة الأمريكية الحقيقي من تبنيها وترويجها لهذه الصفقة السياسية الإسرائيلية الثلاثية المراحل، هو أنه إذا ما قبلت حماس بها وبشروطها والتزمت رسميا بتنفيذها، فسوف تبدأ على الفور عملية إدماج إسرائيل في الشرق الأوسط على حد ما جاء في خطاب بايدن وإن لم يذكر كيف سيتم هذا الإدماج أو من أين سوف ينطلق في بدايته، وكذلك التطبيع التاريخي لعلاقات إسرائيل مع السعودية وذلك بنص وصفه له تاكيدا لأهميته ولما سوف يترتب عليه من نتائج.. وهذا هو بيت القصيد".

ونبه المحلل المصري إلى "وفي كل ما تجريه إدارة بايدن من اتصالات وتحركات مكوكية بين تل أبيب والرياض منذ فترة طويلة سابقة على حرب غزة، فالخطط جاهزة بكل تفاصيلها ومشتملاتها، ثم جاءت حرب غزة لتوقف التحرك في مسار التطبيع إذ لم يكن من المتصور أن تدخل السعودية في عملية تطبيع وسلام مع إسرائيل وسط المجازر الدموية الرهيبة التي تبيد غزة وشعبها علي يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

 

ترحيب من الاتحاد الأوروبي

 

الأكاديمي والمحلل الجيوسياسي، عامر السبايلة، يصف المقترح الإسرائيلي الذي عرضته واشنطن بأنه ما هو إلا "مناورة سياسية للإدارة الأمريكية، التي تجد نفسها مضطرة لطرح خارطة الطريق هذه".

واستدرك في حديثه لموقع "الحرة" أن الخطة تحمل في طياتها "نقاطا لا يمكن تطبيقها بسهولة على أرض الواقع، إذ أنها تريد ضمان عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر، وهذا يعني تفكيك منظومة حماس العسكرية، وحتى تفكيك أي جهة تحمل السلاح داخل القطاع"، ناهيك عن أن الخطة قد تتضمن وضع "قطر كضامن لعدم تكرار الهجمات وهو أمر لا يمكن لإسرائيل أن تقبله".

ويضع حجم معاناة المدنيين في غزة ضغوطا على بايدن لوقف الحرب. ويأمل الرئيس الأمريكي في الفوز بفترة رئاسية ثانية في انتخابات نوفمبر 2024 وموقفه من حرب غزة سيكون له تأثير.

وصرح بايدن، الجمعة: "حان الوقت لإنهاء هذه الحرب والنظر إلى المستقبل"، داعيا قيادة إسرائيل إلى مقاومة الضغوط الداخلية من أولئك الذين يريدون استمرار الحرب "إلى أجل غير مسمى".

ويشير السبايلة إلى أن "الخطة لم تتطرق لا من قريب أو بعيد إلى مستقبل حماس"، ناهيك عن "المرحلة الخطيرة" التي أصبحت المنطقة فيها إذ دخلت إسرائيل في "توترات مع جنوب لبنان ومع إيران ووكلائها في عدة مناطق".

وحثت الولايات المتحدة وقطر ومصر، حركة حماس وإسرائيل في وقت لاحق على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق "يجسد المبادئ التي حددها الرئيس بايدن، في 31 مايو 2024" لإنهاء الحرب في غزة.

وربما تتاح لنتنياهو فرصة للرد في واشنطن قريبا على خارطة الطريق المقترحة، وقال مكتبه، السبت، إنه قبل دعوة لإلقاء كلمة أمام مجلسي الكونغرس الأمريكي، مضيفا أنه سيصبح أول زعيم أجنبي يتحدث أمام مجلسي النواب والشيوخ في أربع مناسبات.

وتظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب، السبت، للمطالبة بقبول مقترح وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن الذي أعلنه بايدن الجمعة، مع تخوف كثر من أن يتنصل نتنياهو منه. 

بدوره، قال "منتدى عائلات الرهائن والمفقودين" في بيان: "في ضوء خطاب الرئيس بايدن.. سنطالب الحكومة الإسرائيلية بالموافقة الفورية على اتفاق إطلاق سراح الرهائن وإعادة جميع الرهائن إلى الوطن دفعة واحدة".

 

إسقاط الحكومة

 

رغم بارقة الأمل التي بثها الإعلان عن مقترح إسرائيلي تبنته واشنطن قد يوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن خارطة الطريق تواجه رفضا من تيارات سياسية في الداخل الإسرائيلي.

وقال جيريمي سوري، أستاذ التاريخ والشؤون العامة بجامعة تكساس في أوستن، لوكالة رويترز إن هذا الاقتراح لديه احتمالية نجاح أكبر من الاقتراحات السابقة.

وأضاف سوري: "لقد ألحقت إسرائيل أضرارا كبيرة بحماس، واحتمال أن تتمكن حماس من شن أي ضربة خطيرة أو هجوم أو حادث مسلح على إسرائيل ليس بالأمر الهين ولكنه أقل بكثير مما كان عليه من قبل".

علاوة على ذلك، قال سوري إن النظرة العامة العالمية "تنقلب ضد" إسرائيل، وهو ما قد يشجع الإسرائيليين على الرغبة في إنهاء الصراع، إلى جانب نفوذ بايدن.

وتابع "عندما يدعم رئيس الولايات المتحدة أمرا ما بشكل كامل، فإنه يستطيع خلق الكثير من الحوافز".

 

عقبات أمام تنفيذ خارطة الطريق

 

تعثرت محادثات التسوية، التي تتوسط فيها مصر وقطر وسط دعم أمريكي، منذ عدة أشهر بسبب خلافات على نقاط رئيسية. وتريد إسرائيل وقف الحرب فقط لتحرير الرهائن، وتقول إنها ستستأنفها بعد ذلك للقضاء على الخطر الذي تشكله حماس. وتريد حماس أن يستتبع أي اتفاق تحركات إسرائيلية ملموسة لإنهاء الحرب، ومنها انسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتسوية الأزمة الفلسطينية ووقف العدوان على المسجد الأقصى. 

ولوح وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بأن حزبه "سيحل الحكومة" إذا تمت الصفقة وانتقد المقترح ووصفه بأنه "انتصار للإرهاب وخطر أمني على دولة إسرائيل". وأضاف "الموافقة على اتفاق كهذا لا تمثل نصرا كاملا، بل هزيمة كاملة".

أما وزير المال، بتسلئيل سموتريتش، فقال إنه "لن يكون جزءا من حكومة توافق على الإطار المقترح".

 

مستقبل حماس بغزة

 

بشأن عدم تطرق الخطة لمستقبل حماس في غزة، قال البروفيسور المتخصص في إدارة النزاعات، سيروير، إن "القضاء على حماس قد يكون صعبا، ولكن يبقى خيار إنهاء قدراتها العسكرية وعدم بقائها في السلطة، كما اقترح الرئيس بايدن". 

ويرى أن الخطة "قريبة جدا مما قد وافقت عليها سابقا"، لافتا إلى أنه "يشك في التزام إسرائيل بالخطة".

وشدد سيروير على أن أكبر تحدّ أمام تنفيذ الخطة هو تحقيق "الأمن، والأمن، والأمن" مكررا الكلمة ثلاث مرات، إذ أن تحقيق ذلك لكل من "الإسرائيليين والفلسطينيين" سيكون تحديا، وفق تعبيره.

وعندما سئل مسؤول كبير في إدارة بايدن عن الخلاف المحتمل في وجهات النظر الأمريكية والإسرائيلية بشأن مستقبل حماس، أشار إلى أن ذلك قد يكون مطروحا للتفسير وسيعود إلى النفوذ المصري والقطري على الحركة في المستقبل، بحسب وكالة رويترز.

وصرح المسؤول للصحفيين: "ليس لدي أدنى شك في أن إسرائيل وحماس ستقرران ما سيكون عليه الاتفاق".

وأضاف "أعتقد أن الترتيبات وبعض التخطيط لليوم التالي (لانتهاء الحرب)، كما تعلمون، يساعد إلى حد كبير في ضمان ألا يهدد تجديد قدرات حماس العسكرية إسرائيل... وأعتقد أن الرئيس استخدم في خطابه (تعبير) ضمان عدم قدرة حماس على إعادة تسليح (عناصرها)".

 

المرحلة الأولى

 

المرحلة الأولى من الخطة تستمر لستة أسابيع تتضمن "وقفا كاملا وتاما لإطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية من كل المناطق المأهولة بالسكان في غزة، والإفراج عن عدد من الرهائن بمن فيهم النساء والمسنون والجرحى، وفي المقابل إطلاق سراح مئات من السجناء الفلسطينيين" بحسب بايدن.

وسيتيح الاتفاق للفلسطينيين العودة إلى "منازلهم وأحيائهم" في مختلف أنحاء القطاع بما في ذلك المناطق الشمالية التي تعرضت لأكبر قدر من الدمار جراء القصف الإسرائيلي والمعارك الضارية.

تزامنا، ستتم زيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع ورفعها إلى حمولة 600 شاحنة يوميا، بينما ستعمل أطراف في المجتمع الدولي على توفير مئات آلاف الوحدات السكنية والملاجئ الموقتة.

 

مناورة سياسية

 

من جانبه يؤكد المحلل الجيوسياسي، السبايلة، أن "المبادئ التي طرحتها خارطة الطريق، قد لا تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وهذا الأمر تدركه الإدارة الأمريكية، ولكنها مضطرة لمجاراة طرح الخطة في محاولة منها لاستعراض أنها تريد توجيه بوصلة الصراع نحو السلام، في الوقت الذي لا تقوم بخطوات حقيقية لوقف الحرب وإغلاق جبهات الصراع".

ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ويليام بيرنز، يخوض معركة شاقة في المفاوضات السرية التي تهدف إلى إقناع إسرائيل وحماس بالاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، وذلك بالتزامن مع إعلان الرئيس جو بايدن.

ويشير إلى أن الأمر الملفت هذه المرة "تماهي ومجاراة القيادات الإسرائيلية مع المقترح، ورغم وجود أصوات معارضة، إلا أنها تلقى ترحيبا من بعض السياسيين".

وتابع "هذه المجاراة لا تعني وقف الحرب، إنما فقط مناورة سياسية بهدف التماهي مع مساعي واشنطن التي ترغب في تحقيق اختراق بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية".

وأضاف السبايلة إنه "حتى لو تم تنفيذ أجزاء من بعض المراحل المطروحة، مثل الدفع نحو وقف إطلاق النار بشكل مؤقت والإفراج عن الرهائن، فإن إسرائيل لن تتخلى عن هدفها بالقضاء على حماس".

ونقلت صحيفة "التايم" البريطانية عن مستشار رفيع لنتنياهو، قوله إن هناك "الكثير من التفاصيل التي يجب التوصل إليها" فيما يخص المقترح الذي قدمه بايدن.

ونشرت "تايمز أوف إسرائيل" مقتطفات لحديث المستشار الإسرائيلي، أوفير فالك، مع التايم، والذي قال إن خطاب بايدن كان "خطابا سياسيا مهما كانت الأسباب".

ووفقا للتقرير شدد فالك على أنه ورغم موافقة إسرائيل على الخطة "لكنها ليست خطة جيدة لكننا نود بشدة الإفراج عن الرهائن، جميعهم". 

نقلت صحيفة "التايم" البريطانية عن مستشار رفيع لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قوله إن هناك "الكثير من التفاصيل التي يجب التوصل إليها" فيما يخص المقترح الذي قدمه، الجمعة، جو بايدن.

وبموجب المرحلة الثانية التي تمتد نحو ستة أسابيع كذلك، سينسحب الجنود الإسرائيليون بالكامل من قطاع غزة. فيالمقابل، ستعمل حماس على إطلاق سراح "جميع الرهائن الأحياء الباقين" بما يشمل الجنود، وهي نقطة كانت موضع خلاف مع الحركة في مراحل التفاوض السابقة.

وتشمل المرحلة الثالثة إطلاق عملية إعادة إعمار واسعة واستقرار للقطاع بدعم من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. وأكد بايدن أنه سيعاد بناء المنازل والمدارس والمستشفيات.

وحث يائير لابيد، زعيم المعارضة في إسرائيل، نتنياهو، السبت، على الموافقة على الاتفاق، قائلا إن حزبه سيدعم نتنياهو إذا تعنت شركاؤه في الحكومة من اليمين المتطرف، مما يعني أن من المرجح موافقة الكنيست على الاتفاق.

وقال لابيد في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، السبت: "لا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تتجاهل كلمة الرئيس بايدن المهمة. هناك اتفاق على الطاولة ويتعين إبرامه".

 

الوسطاء يأملون

 

ويضيف التقرير الصادر في واشنطن والذي لا بد أنه حصل على موافقة المخابرات المركزية الأمريكية: من الواضح أن إيجاد صياغة لوصف إنهاء الأعمال القتالية لا يزال نقطة خلاف رئيسية، إذ ضغط الوسطاء في السابق على الجانبين للموافقة على فترة هدوء مستدامة كحل وسط، وفقا لرويترز.

وتقول إسرائيل إن وقف إطلاق النار الدائم غير مقبول مع حركة تسعى لتدمير إسرائيل.

وتؤكد حماس إنها لن توافق على أي اتفاق يسمح باستمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وصرح رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، إن الوسطاء يأملون في أن تتعامل جميع الأطراف بشكل إيجابي مع مبادئ اقتراح وقف إطلاق النار في غزة.

وذكرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن رئيس الوزراء أدلى بهذه التصريحات خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن.

 

التخبط وسط الوحل

 

جاء في تقرير صدر في واشنطن يوم الاثنين 3 يونيو 20224: 

حظي المقترح الذي طرحه جو بايدن، لوقف إطلاق النار في غزة، باهتمام كبير إعلاميا وسياسيا، إذ يؤدي في حال موافقة إسرائيل وحماس على تنفيذه إلى وضع حد للحرب المستمرة منذ نحو ثمانية أشهر.

لكن ما عرضه بايدن لم يشر إلى مستقبل حركة حماس ضمن مشهد "اليوم التالي للحرب"، إذ "يبدو"، وفقا لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية "أنه يترك حماس في السلطة في غزة، بل يمكن أن يؤدي إلى استفادتها حتى من إعادة الإعمار"، وفق الصحيفة.

السؤال المطروح الآن أمريكيا هو، كيف يمكن الاتفاق مع حماس والقضاء عليها في نفس الوقت؟

المحلل السياسي الأمريكي، باولو فان شيراك، يرى أن مفهوم "القضاء على حماس" يختلف تفسيره لدى واشنطن وإسرائيل بل حتى داخل إسرائيل.

وفي اتصال مع موقع "الحرة"، قال شيراك إن "عدم قدرة المجموعة على الإضرار بمصالح إسرائيل قد يعد تقييدا لها أو قضاء على قدراتها".

وتابع "عدم قدرتها يؤدي حتما لعدم إمكانية عودتها للساحة السياسية مجددا".

وأوضح شيراك أنه، بينما كان هدف إسرائيل هو القضاء على حماس، كان هدف الأخيرة البقاء، مشيرا إلى أن الطرفين الآن، بصدد محاولة تحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه بعد حرب منهكة لكليهما.

وذكر إن حماس الآن أضعف منها في بداية الحرب، "لكن يجب الاعتراف بأنها لم تنته بعد"، مؤكدا أن إسرائيل "يبدو أنها فهمت بأن القضاء على حركة تملك عشرات الآلاف من المقاتلين بين أكثر من مليوني مدني أمر صعب".

من ناحيتها، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن القناة 12، أن مسؤولين غربيين أخبروا إسرائيل الأسبوع الماضي أنه يجب عليها اختبار رد زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، على اقتراح وقف إطلاق نار طويل الأمد، وإعادة إعمار غزة، وآلية حكم للقطاع لا تشمل الحركة، والتوصل إلى اتفاق أوسع، يشمل نفي قادتها إلى الخارج.

وصرح بايدن في الخطاب الذي ألقاه، معلنا عن المقترح، إن إسرائيل "دمرت قوات حماس على مدى الأشهر الثمانية الماضية"، مضيفا "في هذه المرحلة، لم تعد حماس قادرة على تنفيذ هجوم آخر مثل هجوم السابع من أكتوبر".

والأحد صرح متحدث باسم البيت الأبيض إنه إذا قبلت حماس بخطة الهدنة، فإنه يتوقع أن تحذو إسرائيل حذوها.

وأكد مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي لمحطة "إيه بي سي" الإخبارية "هذا مقترح إسرائيلي. لدينا كل التوقعات أنه إذا وافقت حماس على المقترح، كما نقل إليها، وهو مقترح إسرائيلي، فإن إسرائيل ستقول نعم".

وأضاف في البرنامج الحواري "هذا الأسبوع" إن الاتفاق الإطار تم نقله إلى حماس مساء، الخميس، بتوقيت واشنطن.. نحن ننتظر ردا رسميا من حماس".

من جهتها، أعلنت حركة حماس في رد فعلها الأولي أنها "تنظر بإيجابية" إلى الخطة المقترحة، وفق وكالة فرانس برس.

 

حماس تفاوض على بقائها

 

في بيانه السبت، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن "الحكومة الإسرائيلية موحدة في الرغبة في إعادة رهائننا في أسرع وقت ممكن، وتعمل على تحقيق هذا الهدف". 

وأضاف "لذلك كلف رئيس الوزراء الفريق المفاوض بتقديم الخطوط العريضة لتحقيق هذا الهدف، مع إصراره على أن الحرب لن تنتهي إلا بعد تحقيق جميع أهدافها، بما في ذلك عودة جميع الرهائن لدينا والقضاء على قوات حماس العسكرية والحكومية". 

وأضاف أن "المخطط الدقيق الذي تقترحه إسرائيل، بما في ذلك الانتقال المشروط من مرحلة إلى أخرى، يسمح لإسرائيل بالحفاظ على هذه المبادئ".

ولم يوضح مكتب نتنياهو ما إذا كان اقتراحه هو نفس الاقتراح الذي تحدث عنه بايدن خلال خطابه، ولم يشر مباشرة إلى خطاب بايدن على الإطلاق.

وأعرب المحلل السياسي الأمريكي باولو فان شيراك، أن الحكومة الإسرائيلية لا تود التنازل عن هدف القضاء على حماس، لكنه أكد في المقابل بأن حماس لا يمكن أن تفاوض لنهاية تؤدي إلى فقدان سيطرتها على القطاع، وقال "حماس تفاوض على بقائها".

شيراك لفت في سياق حديثه إلى أن إسرائيل تحاول الظفر بأي شيء كثمرة لعملياتها العسكرية وهو استعادة الرهائن كما تمليه الخطة المعلن عنها "القضاء على حماس سيأتي وفقها في مرحلة ما من خلال هذه الحرب أو ضمن المفاوضات".

وتساءل عن جدية هدف القضاء على حماس والتفاوض معها ولو بطريقة غير مباشرة.

وقال إن "الأهداف لدى حماس وإسرائيل مختلفة، كل له أجندته.. أعتقد أن كلاهما بصدد لعب جميع أوراقه". 

وتابع "أقولها مرة أخرى.. تحجيم قدرة حماس ممكن، لكن القضاء عليها أمر صعب، إسرائيل وواشنطن تعلمان ذلك جيدا".

 

الهزيمة

 

يوم الأحد الثاني من يونيو 2024 قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن "صفقة بايدن" كما نشرت تفاصيلها تعني التخلي عن تدمير حماس والامتناع عن استمرار الحرب.

وأضاف في مقطع فيديو: "إنها صفقة غير شرعية!.. ليس هناك نصر كامل هنا.. بل هزيمة كاملة لصالح حماس". وتابع قائلا: "أقول إنه إذا استمر نتنياهو في قيادة هذه الصفقة فسنقوم بتفكيك الحكومة".

وتابع قائلا: "هذه صفقة غير شرعية وهي انتصار للإرهاب وخطر أمني على إسرائيل.. لن نسمح بوقف الحرب دون القضاء التام على حماس".

والأحد قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إنه في نفس الوقت الذي تتواصل فيه الأعمال العسكرية الحالية، فإن المؤسسة الأمنية تقوم "بإعداد البديل السلطوي (الحكومي) لحماس".

وأضاف بعد تقييم للأوضاع أجراه في مقر القيادة الجنوبية، أن "العملية في رفح تتقدم فوق وتحت الأرض"، مضيفا أن القوات الإسرائيلية تقاتل بتصميم كبير وتدمر ما وصفه بـ"أنبوب الأكسجين" الذي يربط قطاع غزة بمصر.

وتابع قائلا "نحن نخنق حركة حماس ولا نسمح لها بالاستمرار في الوجود، ولن يكون لديها القدرة على إعادة التسليح، وعندما نعزل المناطق، سنخرج حماس منها وندخل إليها قوات أخرى، مما سيمكن من تشكيل حكم آخر يهدد حماس".

هذا التصريح "لا يتناقض مع السعي لهدنة مع الحركة الفلسطينية"، في نظر المحلل الأمريكي، الذي يرى أنه في الوقت الذي تريد فيه إسرائيل الظفر باتفاق ينهي معاناة المخطوفين، تسعى حماس لربح الوقت لإعادة ترتيب صفوفها ولو أنها تعلم أن الهدف النهائي لإسرائيل هو القضاء عليها.

وقال "نعم يمكنك التفاوض مع حماس وأنت تريد نهايتها، التفاوض غير المباشر لا يعني الاعتراف بها كممثل شرعي للفلسطينيين".

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، أشار إلى أن العمل العسكري والقدرة على تغيير الحكم سيؤديان إلى تحقيق هدفين من أهداف هذه الحرب، إسقاط حكم حماس وقوتها العسكرية وإعادة الرهائن.

في 29 أبريل 1975 سقطت سايغون عاصمة جنوب الفيتنام في قبضة الثوار الفيتناميين وأصبحت مدينة هو تشي مينه وانتهت حرب باريس وواشنطن على مدى أربعة عقود لفرض واقع آخر.

في 15 أغسطس 2021 سقطت العاصمة الأفغانية كابل في قبضة حركة طالبان بعد انسحاب قوات حلف الناتو.

قد لا نتفق معكم مئة في المئة أيها المنتصرون في خياراتكم ولكنكم فرضتم إرادة الغالبية الأكبر من شعوبكم.

 

عمر نجيب

[email protected]