تتسارع الأحداث في الشرق الأوسط على وقع دخول معركة غزة شهرها الثامن، ويتسع حجم المتاهة السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تتخبط فيها أغلب الأطراف المشاركة بشكل أو بآخر في المواجهة، تلك المواجهة التي يزداد تشابكها وترابطها مع صراعات إقليمية وعالمية.
بإستثناء المقاومة الفلسطينية ومسانديها على الساحة العملية للمواجهة التي وضعت أهدافا محددة فيما يخص العملية العسكرية التفاوضية، وكذلك إسرائيل التي تريد تصفية قطاع غزة وتحويله إلى مشروع مستوطنات وتهجير سكانه، تمارس الأطراف الأخرى مزيجا مما يوصف أحيانا بالغموض الإستراتيجي وأحيانا أخرى بالخداع والمناورة والتضليل.
المعسكر الغربي المساند لتل أبيب يقدم صورة لمواقفه تجاه العملية العسكرية يترجمها البعض على أن فيها اختلافا، في حين يقدر آخرون أن التفاوت ضئيل وهدفه أساسا خداع من يقف في المعسكر الآخر أو على الأقل هؤلاء الذين يريدون وقف المذابح ضد المدنيين، وذلك من أجل حماية بعض المصالح وتجنب الانتقاداتخلال مواقيت أحداث معينة وعابرة في غالبيتها.
وهكذا يشهد الرأي العام عملية تخدير مقصودة من طرف المعسكر الغربي في أغلبها للسماح بتوفير وكسب مدة زمنية معينة يأملون أن يكونوا خلالها قادرين على الوصول إلى الأهداف التي حددوها منذ البداية.
المصادر الغربية تحاول أن تخفي حجم الفشل العسكري الإسرائيلي ولكنها حتى في ذلك تعاني من التخبط في تل أبيب يقول المسؤولون أن القوات الإسرائيلية ألحقت خسائر كبيرة بقوات حماس وذهب الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي إلى القول أنه تمت تصفية نسبة 75 في المئة من قوات حماس المقدرة بين 40 و 60 الف مقاتل، لكن وكالات الاستخبارات الأمريكية تشكك في حتى في ادعاءات إسرائيل المعدلة عن أنها قتلت 9 آلاف مسلح، وتعتقد أن إسرائيل لا تزال بعيدة كل البعد عن تحقيق هدفها المتمثل في سحق القوات العسكرية لـ"حماس".
في مؤشر آخر على مدى الحجم الكبير للفشل الإسرائيليالأمريكي في معركة غزة -حيث لا يمكن لأحد أن ينكر أن واشنطنوتل أبيب يخوضان سويا المواجهة ضد المقاومة الفلسطينية-،مواقف عدد من كبار الساسة في واشنطن بشأن إدارة المعركةوالتي تعكس حجم يأسهم من تحقيق النصر.
يوم الأحد 12 مايو طالب السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام(الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا) إسرائيل "بأن تفعل كل ماعليها فعله" لإنهاء الحملة العسكرية.
وفي حديثه إلى كريستين ويلكر على قناة NBC في برنامجMeet the Press صباح الأحد، قال غراهام إن إسرائيل سيكونلها ما يبرر تسوية قطاع غزة بالأرض باستخدام سلاح نووي،وذلك ببساطة لأن الولايات المتحدة فعلت ذلك في هيروشيماوناغازاكي في الأربعينات ضد اليابان التي شنت أولا الحرب علىالولايات المتحدة في بداية المواجهة بهجومها على قاعدة الاسطولالأمريكي في ميناء بيرل هاربور.
بدأ غراهام كلامه قائلاً: "لذلك عندما واجهنا الدمار كأمة بعد(هجوم اليابان على) بيرل هاربور، ومحاربة الألمان واليابانيين،قررنا إنهاء الحرب بقصف هيروشيما وناغازاكي بالأسلحةالنووية"، وفق ما نقله موقع "دايلي بيست" الأميركي.
ووصف السيناتور قصف هيروشيما وناغازاكي بأنه "القرارالصحيح" من قبل الولايات المتحدة. وأضاف "أعطوا إسرائيلالقنابل التي تحتاجها لإنهاء الحرب التي لا تستطيع تحملخسارتها، واعملوا معها لتقليل الخسائر البشرية".
ونقلت شبكة "إن بي سي" عن غراهام قوله إن إسرائيل من حقهاأن تدافع عن نفسها، وإن عليها أن تفعل كل ما عليها للبقاء علىقيد الحياة كدولة يهودية. وطالب إدارة البيت الأبيض بإلقاء قنبلتيننوويتين على إيران وغزة وقتل أولئك الذين يريدون قتل اليهود قبلأن يفعلوا ذلك.
في العقود الأخيرة، فشلت الجيوش النظامية في الدول الصناعية المتقدمة في قمع القوات غير النظامية بشكل كامل والتي لا تملك سوى جزء ضئيل من الموارد. وقبل أكثر من سنة ونصف، فشلت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في قمع حركة طالبان وبناء حكومة بديلة مستقرة في أفغانستان رغم المحاولات التي استمرت عشرين عاما وأكثر من 2200 مليار دولار وأنسحبت بصورة مذلةً.
في إسرائيل كما في مراكز صنع القرار داخل المعسكر الغربي المؤيد لإسرائيل إقتاع راسخ بأنه إذا لم يتم حل الوضع الديموغرافي السلبي لليهود داخل فلسطين التاريخية حيث يتساوا حاليا تقريبا عدد الفلسطينيين واليهود فإن كل التوازنات ستنقلب.
بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني، تثبت ذلك، حيث إن عدد الفلسطينيين في فلسطين وخارجها تضاعف نحو 10 مرات منذ نكبة عام 1948. وعلى الرغم من تهجير نحو مليون فلسطيني في العام 1948 وأكثر من 200 ألف فلسطيني بعد حرب يونيو 1967، فقد بلغ عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم 14.63 مليون نسمة في نهاية العام 2023.
5.55 ملايين منهم يقيمون فـي دولة فلسطين أي الضفة الغربية وقطاع غزة، ونحو 1.75 مليون فلسطيني في أراضي 1948، فيما بلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية نحو 6.56 ملايين فلسطيني، ونحو 772 ألفاً في الدول الأجنبية.
وبذلك بلغ عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية نحو 7.3 ملايين فلسطيني، في حين يقدر عدد اليهود نحو 7.2 ملايين مع نهاية العام 2023، مما يعني أن عدد الفلسطينيين يزيد عن عدد اليهود في فلسطين التاريخية.
المتاهة والتناقضات المتجسدة على الساحة يمكن أن تمكن الباحث من استقراء جزء من القادم.
يمكن تلخيص المواقف الغربية المستنتجة من التصريحات من منتصف شهر مارس 2024 حتى منتصف شهر مايو 2024 كالتالي:
بلينكن يؤكد مجددا معارضة واشنطن أي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة.
الخارجية الأمريكية: واشنطن جمدت شحنة أسلحة واحدة لإسرائيل.
بلينكن: واشنطن لم توقف تزويد إسرائيل بالأسلحة الدقيقة.
سناتور جمهوري: أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات في طريقها إلى إسرائيل.
"أكسيوس": تقرير بلينكن سينتقد إسرائيل دون أن يتهمها بانتهاك شروط استخدام الأسلحة الأمريكية.
بلينكن: واشنطن تعتقد أن على إسرائيل القضاء على حماس وتقليل خسائر المدنيين.
بلينكن: حماس باقية مهما فعلت اسرائيل في رفح.
بايدن: استمرار الحرب سيعطي حماس ما تسعى إليه.
جو بايدن: وقف إطلاق النار مرهون بإطلاق حركة حماس سراح المحتجزين في غزة.
رئيس أمريكا: لن أسمح بانتصار حماس وبوتين.
بايدن يقول إن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل "ثابت كالصخر".
بايدن: دعمنا لإسرائيل لن يتزعزع حتى عند الاختلاف.
كاميرون: حظر صادرات الأسلحة البريطانية لإسرائيل قد يزيد من قوة "حماس".
واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية في حرب الإبادة على غزة: لا أدلة كافية
"سي إن إن": بايدن يعترف بأن قنابل أمريكية الصنع قتلت مدنيين في غزة.
تقرير إدارة بايدن يؤكد أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا تشكل انتهاكا للقانون الدولي والأمريكي.
واشنطن "لا تؤيد" تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل.
واشنطن تلوح بعقوبات ضد الجنائية الدولية إذا أصدرت أوامر لاعتقال مسؤولين إسرائيليين
تحذير من الجنائية الدولية إلى "الأفراد الذين يهددون بالانتقام".
الكونغرس يجهز تشريعاً للرد على المحكمة في حالة اتخاذها أوامر لاعتقال مسؤولين إسرائيليين.
شولتس: الهجوم الإسرائيلي البري على رفح سيكون عملا غير مسؤول. مواصلة تزويد إسرائيل بالأسلحة الألمانية.
استطلاع رأي يصدم إسرائيل.. الطلاب الأمريكيون يؤيدون المحتجين ودعم لحماس ورفض حق إسرائيل بالوجود
143 دولة بينها روسيا صوتت لصالح قرار قبول عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.. فمن كان ضده؟
بوليانسكي: لا أحد يعقد اتفاقات مع الإسرائيليين والأوكرانيين فالجميع يحل المسائل مع رعاتهم الأمريكيين
قادة الجيش يتهمون نتنياهو بتعريض حياة الإسرائيليين والجنود للخطر وهاليفي يؤكد إن حرب غزة بلا فائدة.
هل تعلق مصر اتفاقية السلام إن لم تنسحب إسرائيل من منطقة رفح؟.
شبهها بهيروشيما.. سيناتور أمريكي يهاجم البنتاغون بسبب تعليق شحنات الأسلحة لإسرائيل.
عدم جدوى العمل العسكري
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي حسن الدر أن واشنطن أيقنت عدم جدوى الحل العسكري في غزة وأن كل ما فعلته الآلة العسكرية الإسرائيلية بيد مطلقة من الغرب لم يحقق أي هدف خلال سبعة أشهر من الحرب.
وذكر الدر في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية يوم 12 مايو إن اشتداد المعارك والتصعيد على الجبهات يؤشر لاقتراب الحل "لأن التصعيد يكون عادة أشبه بأوراق تفاوضية".
وأكد أن الآلة العسكرية الإسرائيلية لن تستطيع تحقيق أهدافها في الفترة المقبلة مع الدخول في موسم الانتخابات الأمريكية القادمة.
واعتبر أن "الحل الأمثل بالنسبة لواشنطن وفقا للمعطيات الحالية هو إنهاء هذه الحرب، لأن ما هو معلوم أن عقيدة الرئيس جو بايدن الانتخابية تقوم على أساس الاستقرار الطويل القائم على حل الدولتين رغم الرفض من رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو واليمين المتطرف في حكومته".
وأضاف أن إسرائيل بالوقت الحالي أعجز من أن تفتح جبهة حرب شاملة مع لبنان تمتد على طول حدود تبلغ 105 كيلومترات وبعمق 1500 كيلومتر مربع حتى نهر الليطاني، خاصة بعد ما فشلت بإنهاء "حماس" على الرغم من كل الدمار الذي خلفه الجيش الإسرائيلي في غزة.
حرب غزة بلا فائدة
وجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي انتقادات حادة لرئيس الوزراء نتنياهو بسبب الحرب التي يشنها الجيش على غزةـ بحسب القناة 13 الإٍسرائيلية في تقرير لها يوم الأحد 12 مايو.
وقالت القناة العبرية إن تلك الانتقادات والتصريحات القاسية جاءت خلال إحدى المناقشات التي جرت خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وذكر هاليفي أن الجيش يهاجم جباليا مجددا لأنه "لا يوجد تحرك سياسي من شأنه أن يؤدي إلى إنشاء كيان حكم آخر غير حماس في قطاع غزة، ويتعين علينا العمل مرارا وتكرارا هناك (في جباليا) وفي أماكن أخرى (في قطاع غزة) من أجل تفكيك البنية التحتية لحماس. سيكون جهدا سيزيفيا "أي خلّبيا، في إشارة منه إلى أن هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة متعب ولا أمل فيه ولا طائل منه.
وحث مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي نتنياهو وحكومته على اتخاذ قرارات وصياغة استراتيجية في الحرب على غزة، بحسب القناة 13 العبرية.
كما حذر مسؤولون كبار في الحكومة نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، قائلين إن سلوك إسرائيل وكون الحكومة لا تتخذ قرارات بشأن "اليوم التالي" في غزة "تعرض ببساطة حياة الناس للخطر".
وأعلنت كتائب القسام السبت 11 مايو عن استهدافها لقوات ومعدات إسرائيلية في مناطق مختلفة من قطاع غزة، ملحقة خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وحسب الجيش الإسرائيلي فإن حصيلة قتلاه منذ السابع من أكتوبر بلغت 620 قتيلا، بينهم ضباط وجنود. غير أن الكثير من مراكز الرصد تشكك في صدقية البلاغات الإسرائيلية لأن تتبع تسجيلات المقاومة الفلسطينية وحزب الله تكشف عن حقيقة الخسائر التي تتكبدها القوات الإسرائيلية.
رمز لفشل الحرب الإسرائيلية
جاء في تقرير نشر في واشنطن يوم الأحد 12 مايو:
بعد أن هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر، وصف القادة الإسرائيليون أكبر مسؤول في الحركة في القطاع، يحيى السنوار، بأنه "رجل ميت يمشي" باعتبار أنه العقل المدبر لهجوم طوفان الأقصى.
وجعلت إسرائيل من القضاء على السنوار عنصرا أساسيا في هدفها المتمثل في تدمير حماس.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إنه "وبعد مرور سبعة أشهر، أصبح بقاء السنوار على قيد الحياة رمزا لفشل الحرب الإسرائيلية، التي دمرت جزءا كبيرا من غزة، لكنها تركت القيادة العليا لحماس دون أذى إلى حد كبير، وفشلت في تحرير معظم الرهائن".
"وحتى في الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون الإسرائيليون إلى قتله، فقد اضطروا إلى التفاوض معه، ولو بشكل غير مباشر، لتحرير الرهائن المتبقين"، حسب الصحيفة.
ويقول مسؤولون من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة إنه "مفاوض ذكي نجح في منع حدوث انتصار إسرائيلي في ساحة المعركة بينما أشرك المبعوثين الإسرائيليين على طاولة المفاوضات".
وبينما تتم الوساطة في المحادثات في مصر وقطر، فإن السنوار، الذي يعتقد أنه مختبئ في أنفاق غزة، هو من يطلب مفاوضو حماس الحصول على موافقته قبل تقديم أي تنازلات، وفقا لبعض المسؤولين.
والسنوار لعب دورا محوريا وراء الكواليس في قرار حماس بالتمسك بوقف دائم لإطلاق النار، وفق المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين.
وكثيرا ما أدى انتظار موافقاته إلى إبطاء المفاوضات، وفقا للمسؤولين ومحللين.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قد نشرت، قبل أيام، تقريرا أشار إلى أن مصير محادثات وقف إطلاق النار بات معتمد على اثنين من "الصقور"، هما رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، وزعيم حركة حماس، يحيى السنوار.
وأوضحت الصحيفة أن حسابات الرجلين لا تترك مجالا كبيرا للتسوية، وتشكل تحديا لجهود الرئيس الأمريكي جو بايدن، والوسطاء الآخرين، في الوصول لوقف إطلاق نار وتحرير المحتجزين في غزة.
وذكر مفاوضون عرب، يتعاملون مع السنوار، للصحيفة أنه يعتقد أن بإمكانه الصمود، حتى لو شنت إسرائيل هجوما على مدينة رفح، جنوبي القطاع، ويعتقد أنه انتصر في الحرب بالفعل سواء نجا منها أم لا، وذلك بسبب "تسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين وجعل الصراع في مقدمة الاهتمامات العالمية".
وأشار الوسطاء إلى أن هدف السنوار على المدى الطويل هو رفع الحصار عن قطاع غزة، وإنهاء الضغط العسكري الإسرائيلي على حماس، وضمان بقاء الحركة.
أمضت وكالات الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية عدة أشهر في تقييم دوافع السنوار، وفقا لأشخاص مطلعين على المعلومات الاستخبارية.
ويعتقد المحللون في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل أن الدافع الرئيسي له هو الرغبة في الانتقام من إسرائيل وإضعافها، بينما يبدو بالنسبة له أن رفاهية الشعب الفلسطيني أو إنشاء دولة فلسطينية أمر ثانوي.
ويبدو أيضا أن السنوار يستخدم معرفته العميقة بإسرائيل، بعدما قضى عامين في سجونها، لزرع الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي وزيادة الضغط على نتنياهو، وفقا لمسؤولين إسرائيليين وأمريكيين.
ويعتقد هؤلاء أيضا أنه يحدد توقيت إطلاق مقاطع الفيديو لبعض الرهائن الإسرائيليين من أجل إثارة الغضب العام تجاه نتنياهو، خلال المراحل الحاسمة من محادثات وقف إطلاق النار.
وتقول الصحيفة إنه إذا كان ينظر البعض إلى نتنياهو على أنه يتعمد إطالة أمد الحرب لتحقيق منفعة شخصية، فإن عدوه اللدود، السنوار، يفعل الأمر ذاته.
ويقول ضباط الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية إن استراتيجية السنوار هي إبقاء الحرب مستمرة طالما أنها ستؤدي إلى تمزيق سمعة إسرائيل الدولية والإضرار بعلاقتها مع حليفتها الأساسية، الولايات المتحدة.
ويحرص مسؤولو حماس على إظهار الوحدة، وقللوا من أهمية الدور الشخصي للسنوار في صنع القرار، وأكدوا أن قيادة حماس المنتخبة تحدد بشكل جماعي مسار الحركة.
ويقول البعض إنه إذا كان السنوار لعب دورا كبيرا خلال هذه الحرب، فذلك يرجع في الغالب إلى منصبه، فبصفته زعيم حماس في غزة، يتمتع بكلمة أكبر، وإن لم يكن القرار الأخير له، وفقا لموسى أبو مرزوق، القيادي في حماس المقيم في قطر.
وذكر أبو مرزوق، أول زعيم للمكتب السياسي لحماس في التسعينيات: "رأي السنوار مهم للغاية لأنه موجود على الأرض ويقود الحركة من الداخل"، لكن هنية له "الكلمة الأخيرة" في القرارات الرئيسية، وجميع القادة السياسيين لحماس لديهم "رأي واحد".
الجدير بالذكر أن صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" قالت، قبل أيام، إن تقييمات استخباراتية حديثة كشفت أن السنوار لا يختبئ في رفح حيث يعتزم الجيش الإسرائيلي القيام بعملية برية واسعة.
ونقلت عن مسؤولين مطلعين على الأمر أن تقييمات استخباراتية حديثة تشير إلى تواجد السنوار في أنفاق تحت الأرض في منطقة خان يونس، على بعد حوالي 5 أميال شمالي رفح، وأكد مسؤول ثالث أن السنوار لا يزال في غزة.
90 في المئة من غزة
بعد أشهر من إعلان إسرائيل أنها فكَكت هيكل قيادة حماس في شمال غزة، استؤنف القتال في الأيام الأخيرة من شهر مايو 2024 في مخيم جباليا للاجئين وحي الزيتون بمدينة غزة بشمال القطاع، فيما يمثل ضربة لادعاءات الجيش الإسرائيلي المتكررة بتفكيكه لقوات حماس في معظم القطاع ما عدا رفح.
وعادت المعارك لمناطق واسعة في القطاع، حيث يدور القتال في الوقت الحالي في قطاع غزة، في ثلاث جبهات، حيث تقع جبهتان في الشمال، في جباليا والزيتون. والثالثة في رفح، وسط معلومات عن أن حماس أعادت سيطرتها على نحو 90 في المئة من غزة بعد مرور سبعة أشهر من الحرب حسبما ورد في تقرير صحيفة Jerusalem Post الإسرائيلية يوم الأحد 12 مايو 2024.
وجاء هجوم الجيش الإسرائيلي على جباليا بشمال مدينة غزة، بعد أشهر من إعلانه هزيمة كتائب حماس فيها، وأنه لم يعد للحركة أي إطار عسكري في المنطقة.
وبالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي على جباليا أعلنت حماس أنها أطلقت صواريخ من المخيم على مدينة عسقلان.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة 50 من جنوده خلال الأربع والعشرين ساعة، كما أُعلن عن إصابة نائب رئيس نظام المراقبة الإسرائيلي وهو أعلى ضابط إسرائيلي يصاب منذ بداية الحرب.
الهزيمة الأكبر
نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم 10 مايو 2024 مقالاً للبروفسور في العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا "دافيس"، زئيف معوز، استعرض فيه تحليلا انتقاديا لسياسة "إسرائيل" الخارجية والأمنية منذ إقامتها.
قائلا إن "الهزيمة الأكبر في تاريخ إسرائيل هي حرب غزة، والتي ستسجل للأبد باعتبارها الهزيمة الأكثر خزيا في تاريخنا.. وهذا دون أن نأخذ في الحسبان فضيحة السابع من أكتوبر 2023 العسكرية".
نبدأ بموازين القوى، تقديرات حيال عديد القوات المقاتلة لدى حماس تتراوح بين 30 ألف إلى 50 ألف مقاتل، حتى لو استندنا إلى الحد الأعلى لتلك التقديرات، عديد قوات "الجيش" الإسرائيلي، بما فيه الاحتياط، بلغ حوالي 300 ألف في بداية القتال- بمعنى 6 أضعاف عديد قوات حماس، الحاجة إلى حشد قوات في شمال البلاد إزاء خطر مواجهة عامة مع حزب الله أبقت حتى الآن في غزة نسبة عدد قوات أعلى من تلك التي تعتبر لازمة لنجاح هجوم بري (لم نأت على ذكر قدرة تحرك قوات بسرعة من ساحة إلى أخرى).
نصل إلى التوازن من ناحية نوعية وكمية العتاد لدى الأطراف: حماس لا تمتلك أسلحة جو، مدرعات أو مدفعية، هي محدودة جدا في مجال التحصين الشخصي والجماعي، بعتاد رؤية ليلية، باستخبارات صورية والكترونية، مساعدة في تحديد أهداف، وتشكيل الاتصال واللوجستيك، صحيح لدى عناصر حماس امتيازات موضعية: إمكانيات تخفي، إلمام بالأرض، مساعدة من السكان، لكنها تتحجم إزاء الفجوات بين الأطراف من ناحية موازين القوى ونوعية وحجم العتاد واللوجستيك.
في ضوء كل ذلك، معطيات فتح الحرب كانت تميل جدا لصالحنا، التي لو كان ينبغي تنبؤ وقت وسرعة حسم عسكري تام، لكان من المنطقي جدا توقّع أن الحرب ستنتهي في غضون أسبوع إلى أسبوعين، بدلا من ذلك، 7 أشهر مرت على اندلاع الحرب، ولم نحرز حسما ولم نحرر الأسرى، ونحن نتمرغ في الوحل الغزي أمام رأي عام عالمي معاد وتجليات مقاطعة وعزل مضاعفة، ومن خلال إلحاق ضرر بشري وإنساني بدرجة كبيرة- ما يدفع كثيرين في العالم إلى تسمية ما يحدث في غزة "إبادة جماعية".
ماذا كانت إستراتيجية "إسرائيل"؟ في الأسابيع الثلاثة الأولى للقتال لم تحصل أي عملية برية، أسلحة الجو، المدرعات والمدفعية سحقت مناطق مكتظة بالسكان في القطاع حتى أصبحت ترابا، خلال استهداف كثيف للمدنيين.
الهزة إزاء أحداث السابع من أكتوبر 2023 أنتجت ردود فعل داعمة من جانب معظم الزعماء والرأي العام العالمي، لكن تلك الردود تبددت وغيرت وجهتها إزاء أحجام القتل والدمار في القطاع، التي تأخذ بالتفاقم مع استمرار الحرب، أضف إلى ذلك، الدك المدفعي والجوي منح حماس الوقت للانتظام، وخلال هذه الفترة بمعظمها استمرت في إطلاق القذائف الصاروخية على مستوطنات الجنوب والوسط، وإعاقة أنظمة الحياة هناك، كان واضحاً لكل عاقل يفهم بالاستراتيجية العسكرية، أنه لا يمكن تحقيق الأهداف العسكرية الخاصة بالقضاء على حماس من خلال قصف جوي ومدفعي فقط، ولذلك من الجدير أن نسأل ما هو المنطق الذي انطلقت منه استراتيجية بدء القتال؟.
استراتيجية خاطئة
التفسير الوحيد الذي يمكن أن يتلاءم مع السلوك الأخرق جدا للـ "جيش" الإسرائيلي هو دمج اعتبارات سياسية وفرضية أساس عسكرية استراتيجية خاطئة.
الاعتبار السياسي واضح: استمرار القتال يخدم سلطة نتنياهو وعصابته، وبهذا المعنى، بيني غانتس وغادي أيزنكوت هما داعمان موجهان لهم، لكن الاعتبار العسكري لسياسة الدك كان مختلفا: اعتقاد ساذج- أثبت مجددا زيفه في التاريخ العسكري المعاصر- الضرب (الدك) المتواصل للشريحة المدنية سيدفع سكان القطاع إلى الثورة ضد حماس، حتى لو حصل غضب كبير ضد حماس في القطاع (ولا أحد يعرف ما هو حجمه الدقيق)، ثمة صعوبة كبيرة في ترجمة هذا الغضب إلى نشاط سياسي كثيف يؤدي إلى إسقاط سلطة حماس، أضف إلى ذلك، سياسة ضرب السكان بغية الوصول إلى انقلاب سياسي فشلت مرارا وتكرارافي الحروب: في الحرب العالمية الثانية، الألمان استمروا بالقتال إلى أن احتل الحلفاء برلين، اليابانيون استمروا بالقتال إلى أن قرر الإمبراطور الاستسلام بعد إلقاء قنبلتين نوويتين، في حرب فيتنام استمر الشمال بالقتال حتى النصر الكامل رغم القصف الأمريكي الثقيل.
المناورة البرية بدأت إزاء سلسلة ضغوطات سياسية، ودارت بتفاهة تستحق التبجيل، بدلا من مهاجمة القطاع من كل النواحي باتجاه قطع مسارات تهريب مقاتلي حماس وعرقلة الخدمات اللوجستية المنظمة (بما في ذلك القدرة على نقل الأسرى من مكان إلى آخر)، "الجيش" الإسرائيلي يزحف في مراحل من الشمال إلى الجنوب، إلى أن تمرغ في الوحل عند أطراف رفح، بينما يفشل في إرساء السيطرة الكاملة على أي من أجزاء القطاع، المنطق الذي انطلق منه هذا التكتيك هو تقليص الخسائر وسط الجنود قدر الإمكان، لكن الثمن العسكري والدبلوماسي الذي جبته هذه السياسة عال جدا، ويظلل على كل إنجاز خاص بتكتيك القتال الزاحف.
بالطبع، الاحتلال الزاحف لأجزاء من القطاع لم يؤد إلى ضغط على حماس وتحرير الأسرى، ومن المرجح أن العكس هو الذي يحصل، المزيد من الأسرى القتلى في خضم استمرار القتال.
وهكذا نحن نقف بعد 7 أشهر أمام بدء القتال في رفح، حيث تحتشد شريحة سكانية كبيرة ومعظم عديد القوات (على ما يبدو السلاح أيضا)، الذي بقي لحماس، نحن بعيدون أشد البعد عن تحقيق الأهداف العسكرية للحرب، نحن مسؤولون عن كارثة إنسانية ضخمة، في ظل واقع تحيط به عزلة دولية عميقة ومتزايدة- بما في ذلك خطر حقيقي يحوم حول خسارة آخر أصدقائنا إذا ما عمقنا الاجتياح إلى رفح، فيما الإنجاز الوحيد الذي يمكن أن نلاحظه هو بقاء سلطة نتنياهو وعصابته، وانزلاق مستمر لأصوات محتملة من المعارضة إلى الائتلاف، ومن الناحية العسكرية، لا يهم كيف ومتى سينتهي القتال، هزمنا بشدة.
لهذه الهزيمة آباء كثيرون - بعضهم يرتدي بذلات والبعض الآخر بذلات عسكرية مع سيوف مع إشارة صليب زيتية على الأكتاف.
فشل جيش
هذا وقد رأينا عدم الوجود العسكري منذ مواجهة انتفاضة الأقصى والعملية البرية في نهاية حرب لبنان الثانية، إن التركيز على عمليات إحباط مركزة وعقوبة جماعية، والدعم المستمر لإرهاب المستوطنين، سحقت كفاءة قيادة وسيطرة الجيش، ودفعت القادة الرفيعين إلى تكريس وقتهم لخدمة ساسة فاسدين، ونقل قدرات الجيش إلى حيز ليس ذا صلة بأمن "إسرائيل".
إن تغيير المستوى السياسي ضروري لأمن الدولة ومستقبلها، ومسؤولية المستوى السياسي من الناحية الاستراتيجية تتجاوز كثيرا الفشل والتضليل الخاطئ الذي قاد إلى كارثة الـ 7 من اكتوبر، كما أن المستوى السياسي - بما فيه أشخاص كـ نفتالي بينيت، أفيغدور ليبرمن ويائير لبيد - أخطأ لسنوات في التضليل بأنه يمكن (وينبغي) تخدير الموضوع الفلسطيني، ويمكن إشغال الجيش بمهام حفظ الأمن في المناطق الفلسطينية وحراسة المستوطنات. دم الضحايا في هذه الحرب هو أولا على أيدي نتنياهو، لكن أيضا كل الساسة الآخرين ليسوا بريئين من هذه التهمة، ينبغي على "إسرائيل" أن تعود إلى المفاوضات الجدية مع السلطة الفلسطينية، ليس بغية معالجة "اليوم التالي" في قطاع غزة، إنما بغية بذل جهد حقيقي لإنهاء الصراع، لن يكون لـ "إسرائيل" مخرج من العزلة الدولية الآخذة بالاشتداد إذا لم تعطفرصة حقيقية لعملية سياسية مع الفلسطينيين.
بموازاة ذلك، إن تأهيل "الجيش" الإسرائيلي بعد انتهاء الحرب ينبغي أولا أن يحدد من جديد مراكز عمله، ومن دون صلة بمستقبل المناطق، لا يمكن للـ "جيش" الإسرائيلي أن يكون ولا ينبغي أن يكون جيش حفظ أمن، بل ينبغي الاستعداد لحرب مع مختلف التحديات، بدءا من حرب مع منظمات "شبه دولة" وغيرها، وحرب في مسافات بعيدة مع جيوش تقليدية، وتهديدات صواريخ وسلاح الدمار الشامل.
إن كفاءة التآزر بين مكونات الجيش المختلفة (سلاح الجو، البحر، الاستخبارات وأسلحة برية) تلزم بإعادة النظر خارج الصندوق، وأيضاً، صناديق جديدة، فالأشخاص الذين أداروا جيش الاحتلال وفضيحة حرب غزة - سواء في المستوى السياسي أو العسكري - ينبغي استبدالهم بأسرع وقت، بغية أن تحيا "إسرائيل".
خطر ملموس
اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش أن "خطر تأسيس الدولة الفلسطينية بات ملموسا كما لم يكن منذ سنوات". واستعرض خلال اجتماعه يوم الأربعاء 8 مايو 2024 مع رؤساء سلطات المستوطنات في الضفة الغربية "الخطر الملموس الذي يتزايد بتأسيس دولة فلسطينية مع تدخل دولي وموافقة من قبل الجهات اليسارية في النظام السياسي".
وأضاف الوزير سموتريش: "لا يمكن أن يكون السابع من أكتوبر، يوم تأسيس الدولة الفلسطينية..الدولة الفلسطينية تمثل تهديداكبيرا لدولة إسرائيل وعلينا أن نمنعها بكل الوسائل المتاحة لنا.. الآن هو الوقت للعمل ضد الفكرة الخطيرة لإنشاء دولة فلسطينية.. دول العالم تعزز هذا وهو أكثر خطورة منه في أي وقت مضى".
جبهة جديدة
بعد أن أقدمت القوات الإسرائيلية على تخطي ممر صلاح الدين"فيلادلفيا" وخرق الاتفاقات مع القاهرة وسيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، وبعد أن توغلت الدبابات الإسرائيلية في بعض الأحياء الشرقية لرفح تحدثت الكثير من وسائل الإعلام عن التبعات.
يوم الأحد 12 مايو أعلنت مصر الانضمام إلى جنوب أفريقيا في الدعوى التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة "إبادة جماعية".
فيما ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن مصر هددت إسرائيل بشكل صريح بإنهاء اتفاقيات كامب ديفيد للسلام إذا لم تنسحب من منطقة رفح المتاخمة للحدود المصرية.
وأضافت الصحيفة العبرية، أن مسؤولين مصريين نقلوا إلى ويليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، خلال زيارته للقاهرة، مطالبتهم من الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية في رفح الفلسطينية والعودة إلى مفاوضات فعالة، وأنه إذا لم تستجب إسرائيل، فمن الممكن أن تقوم مصر بتجميد أو إنهاء اتفاقيات كامب ديفيد للسلام الموقعة بينهم.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين إسرائيليين تواصلوا مع نظرائهم المصريين للتأكد من جدية المطالب المصرية بإلغاء الاتفاقية، بعد تصاعد الخطاب الإعلامي المصري حول هذا الأمر.
وذكرت معاريف أن مصر أكدت للولايات المتحدة أن التهديد بإلغاء اتفاق السلام هو جزء من استراتيجية للضغط على إسرائيل، مما يشير إلى أن الاتفاق لا يزال ساريا ولن يتأثر بشكل كبير.
وأشارت معاريف إلى أن مصر طلبت من سائقي شاحنات المساعدات، لأول مرة منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر2023، الابتعاد عن منطقة معبر رفح، بسبب استمرار تشديد الإجراءات الأمنية، وهو ما يعكس التخوف من حدوث تصعيد وتدهور الوضع الأمني.
ويرى خبير الشؤون الإسرائيلية المصري، طارق فهمي، أن انضمام مصر للقضية المرفوعة أمام العدل الدولية "خطوة أولى رمزية" ستتبعها خطوات عدى.
لكن محلل الشؤون الأمنية المقيم في إسرائيل، جلال بنا، فيرى أن مصر "غير جادة" في نوايا الانضمام لأنها "على تنسيق أمني تام وكامل مع إسرائيل".
وصرح بنا لموقع الحرة الأمريكي إنه "لو كان هذا القرار سيؤثر على المصالح الأمنية المصرية والإسرائيلية لما كانت القاهرة اتخذته، فالدولة المصرية بإمكانها الضغط على إسرائيل بوسائل أقوى وأكبر من انضمامها للدعوى، خاصة أن التنسيق الأمني والاستراتيجي الإسرائيلي المصري كبير جدا".
ولكن المحلل الأمني المصري، محمد عبد الواحد، فيقول في تصريحات لموقع الحرة إن مصر حرصت خلال الفترة الماضية على لعب دور الوسيط بحيادية والموازنة بين الأطراف، لذلك شعرت بالحرج من جراء العمليات الإسرائيلية التي ترقى إلى "إبادة جماعية"، بينما إسرائيل "مصممة على إحراج القيادة السياسية أمام شعبها والمنطقة العربية والفلسطينيين".
ويضيف أن إسرائيل لم تقتحم رفح فقط، بل اقتحمت مناطق أخرى في الشمال والوسط، كما أن دخول رفح "يساعد في الهجرة القمعية لسكان غزة"، ويهدد الأمن القومي المصري ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وبرتوكولها الذي يقيد عدد وحجم القوات المتواجدة على الحدود بين الجانبين، وهو أمر "لم تلتزم إسرائيل به".
ويشير إلى أن كل هذه الأمور "استفزت القاهرة وغيرت موقفها تماما بعدما تأكد لها أن إسرائيل غير جادة، وأن الوساطة تشكل عبئا عليها وعلى الأمن القومي المصري".
ويقول أستاذ العلوم السياسية المصري، طارق فهمي، لموقع الحرة إن التحرك المصري إزاء محكمة العدل "خطوة أولى ضمن خطوات مصر ترتب لها مصر للرد على الإجراءات الانفرادية التي قامت بها إسرائيل في ممر صلاح الدين (فيلادلفيا)".
ويشير إلى "وجود أزمة واحتقان" دلل عليهما عدم تجاوب مصر مع المطالب الإسرائيلية بما فيها التنسيق الأمني، لأنها "لا تريد شرعنة ما يجري ولأنها إذا نسقت بدخول مساعدات تكون اعترفت بالأمر الواقع".
ويرى أن مصر تسعى إلى "فرض الردع المباشر بمواجهة إسرائيل".
عمر نجيب