الاستقرار الإقليمي بالشرق الأوسط بات في خطر وجودي.... القضية الفلسطينية تعود إلى مركز ترتيبات التوازنات الدولية مجددا

أربعاء, 2024-02-21 10:36

كيف ومتى تنتهي جولة معركة غزة في ملحمتها التي انطلقت يوم 7 أكتوبر 2023" ؟. سؤال يتكرر بوتائر متصاعدة في كل أنحاء العالم خاصة بعد أن مر اليوم 136 من الحرب دون أن تظهر أي مؤشرات على التوصل إلى اتفاق يوقف ولو مؤقتا ولفترة ما قد تطول أو تقصر العملية المنهجية لإبادة ومحاولة تهجير سكان القطاع الفلسطيني، ذلك أن العملية العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي لم تحقق سوى القليل جدا من الأهداف التي حددتها حكومة تل أبيب مما جعل العديد من الخبراء العسكريين خاصة ورغم التعتيم الإعلامي الممارس في وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الغرب، يؤكدون تعثر عملية السيوف الحديدية، وتضخم خسائر إسرائيل وحلفائها الغربيين خاصة على ضوء مسار المواجهات في ما يوصف بمستنقع غزة ونجاح القوات اليمنية في فرض شلل كامل على عملية النقل البحري نحو إسرائيل من البحر الأحمر وتكبيدها الاقتصاد الغربي أساسا خسائر كبيرة وتعرض المؤسسات والقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط لتهديدات متزايدة.

على عكس أسماء عملياتها العسكرية السابقة "الرصاصالمصبوب" في 2008 و" الجرف الصامد" في 2014، يبدوا أن إسرائيل اختارت اسم عمليتها العسكرية الأخيرة "السيوف الحديدية" على عجلة من أمرها وبشكل متسرع بسبب الصدمة العسكرية التي لحقت بها جراء امتلاك حماس عنصر المبادرة خلال عمليتها "طوفان الأقصى".

وفي مقال بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية سخر الكاتب حاييم ليفينسون من إطلاق الجيش الإسرائيلي اسم "عملية السيوف الحديدية" على ما يقوم به حاليا، قائلا إن "هذه العملية هي في واقع أمرها عملية سقوط السراويل"، وفق وصفه.

راهن البعض بشأن نهاية ليست ببعيدة وفي تعاملهم مع معركة غزة على التقدير أن تل أبيب ليست مستعدة لخوض حرب طويلة الأمد اقتصاديا وعسكريا وسياسيا خاصة إذا تعددت الجبهات وجند جزء كبير من القوى العاملة في صفوف المستوطنين وحظرعلى العمالة الفلسطينية مواصلة العمل داخل الأراضي المحتلة منذ سنة 1948، ولكن خطأ هؤلاء كان ربما في جزء منه يعود إلى عدم الأخذ في الحساب حجم الدعم الغربي أساسا الأمريكي والبريطاني والفرنسي والألماني لتل أبيب والذي كانت له دوافع متعددة منها أن تكتل الناتو الغربي قدر أن نكسة إسرائيل في مواجهة حماس تشكل استكمالا لتحولات موازين القوى الدولية غير المواتية للغرب والتي غدت حرب روسيا ضد أوكرانيا أحد عناصرها.

في العام 1999، كتب نعوم شومسكي المؤرخ الامريكي مقالاتحليليا حول حروب واشنطن بعنوان: "الولايات المتحدة، قلق البداية أم خوف النهاية؟"، اعتبر فيه أن الامبراطوريات تعيش مرحلتين تكونان الأكثر عنفاً في تاريخها، مرحلة قلق البداية التي تكون فيها محتاجة إلى الحروب والعنف لترتقي من صفة الدولة العظمى إلى الامبراطورية العظمى. أما مرحلة خوف النهاية، فتحتاج إلى الحروب، من النوع ذاته أو من أنواع جديدة لتلبي مخاوف النهاية وتحول دون خسارتها لمقامها كإمبراطورية مهيمنة على العالم. لكن هذه الحروب وما يرافقها أو يليها من أعمال عنف وتدابير مختلفة، تسرع النهاية نفسها. 

أطراف معركة غزة من خارج الطرف الفلسطيني أمام اختيارات صعبة ومحدودة، اما التوصل إلى تسوية مؤقتة بصيغة تسمح بحماية ماء الوجه لتل أبيب ومن حالفها أو مواصلة الحرب لشهور وربما سنوات أسوة بما حدث في أفغانستان طوال 20 سنة انتهت بنتيجة لم يكن يقدرها أغلب السياسيين والملاحظين. في غزة وبعد أكثر من أربعة أشهر من القتال وحسب الحسابات الإسرائيلية تشكل معاناة المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ نقطة ضعف المقاومة الفلسطينية التي يجري استغلالها إلى أقصى درجة لأن هناك في تل أبيب وواشنطن وغيرهما في الغرب من يقدر أن الفشل في مواجهة حماس في غزة سيعني نهاية المشروع الإسرائيلي في كل الشرق الأوسط. 

تهديد تل أبيب باستخدام السلاح النووي يتكرر ويتصاعد خلف الكواليس كلما تعثرت عمليتها العسكرية وتضخم خطر توسع الحرب خاصة على الجبهتين الشمالية مع حزب الله في لبنان والجيش المصري في سيناء.

 

خسارة الحرب

 

يوم السبت 17 فبراير 2024 شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، على أن حكومته ستواصل الحرب حتى تحقيق كامل أهدافها والقضاء على حماس وأن عدم تنفيذ العملية العسكرية في رفح يعني "خسارة الحرب" ضد الحركة المسؤولة عن هجوم السابع من أكتوبر. وقال نتنياهو إن "ضغطنا العسكري يؤتي ثماره، ووصلنا لمناطق في غزة لم يتخيلها العدو مطلقا".

وأضاف نتنياهو أنه أرسل مفاوضين إلى محادثات الهدنة في القاهرة بناء على طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلا أنهم لم يعودوا لاستكمال محادثات أخرى لأن طلبات حماس ضرب من ضروب "الخيال".

وتابع أن "الاتفاق مع الفلسطينيين لن يتم إلا من خلال مفاوضات مباشرة بين الجانبين دون شروط مسبقة".

وأكد نتنياهو أن إسرائيل ستنفذ عمليتها في رفح، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق في شأن الرهائن، مضيفا أن "من يقول لنا لا تنفذوا عملية في رفح فهو يريد أن نخسر الحرب". وذكر إن مطالب "حماس" بخصوص صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار تمثل هزيمة لإسرائيل.

وأكمل: "لا يمكن الوصول إلى تسوية سياسية حول دولة فلسطينية عن طريق فرض الشروط، وإنما عن طريق المفاوضات المباشرة"، "لن نقبل بدولة فلسطينية بعد السابع من أكتوبر.. دولة فلسطينية ستكون مكافأة عن أحداث السابع من أكتوبر".

وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن أنه أكد في مكالماته الأخيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم 15 فبراير على ضرورة إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة مؤقتا من أجل تحرير الرهائن.

 

أسطورة تأزم العلاقات

 

علقت مجلة "ذي نيشن" الأمريكية في مقال نشرته يوم الثلاثاء 13 فبراير على التقارير التي قالت إن الرئيس الأمريكي بايدن غاضب من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.

حيث تناول كاتب المقال جاك ميركنسون التعليق على تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" يوم الأحد 11 فبراير ذكرت فيه إن العلاقات بين بايدن ونتنياهو رهيبة وتتبع مسارا متدهورا قد يصل إلى حافة القطيعة أكثر من أي وقت مضى، زاعمه أن واشنطن لم تعد تنظر إلى نتنياهو على أنه حليف يمكنهم التأثير عليه.

وقال ميركنسون بهذا الصدد إن استخدام الصحيفة لتعبير "القطيعة" و"أكثر من أي وقت مضى" منذ بداية الحرب في غزة وغيرها من المصطلحات يعطي القارئ انطباعا أن تحولا كبيرا في موقف الإدارة سيحدث قريبا، مشيرا إلى أن القارئ العادي الذي لم يقرأ عن حرب غزة قبل تقرير "واشنطن بوست" قد يفترض أن تحولا كبيرا جار في المدخل الأمريكي لهجوم إسرائيل على غزة.

وتابع: "ولكن القارئ العادي الذي تابع تغطيات غزة خلال الأشهر الماضية يمكنه اكتشاف نوعية التقارير التي تتحدث عن مظاهر الغضب التي ظهرت في مرحلة ما بعد 7 أكتوبر، ونوعية التقارير من قبيل "خلف الكواليس بايدن غاضب جدا على نتنياهو" مشيرا إلى أن مشكلة هذه التقارير أن لا علاقة لها بالمطلق في طريقة إدارة بايدن للحرب".

وأكد الكاتب أن كل التقارير التي تخبرنا أن الإحباط في تصاعد وأن المخاطر زادت وأن التوترات أصبحت أكبر والخرق اتسع بين بايدن ونتنياهو، تعطي صورة عن رئيس نفد صبره وأن التوتر وصل إلى درجة الانفجار، إلّا أن سياسات بايدن على أرض الواقع واستمرار القصف الإسرائيلي على القطاع الذي تسبب بمقتل عشرات الآلاف تفند صحة هذه التقارير.

بل والأنكى من ذلك وفقا للكاتب أن بايدن والمشرعين معه رفعوا من وتيرة تسليح إسرائيل، بل وصوتوا على حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا وإسرائيل بوصفها "مساعدة أمنية".

مضيفا أن بايدن منع أي تحرك في الأمم المتحدة يحث على وقف إطلاق النار ورفض أي ضغوط من شأنها تقويض إسرائيل، كما وأصدر أمرا رئاسيا "يمنح الصلاحية بقطع سريع للمساعدات العسكرية للدول التي تخرق الحماية الدولية للمدنيين"، إلا أن المتحدث باسم البيت الأبيض سارع بالتوضيح أن الأمر لا يشمل الدعم الأمريكي لإسرائيل.

ووفقا للكاتب صدرت تلك القرارات في الوقت الذي رفض فيه بايدن وضع أي شروط على المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل. 

ويشدد الكاتب على أنه ستكون هناك عدة فرص أخرى ليتخلى الصحفيون عن فكرة ممارسة بايدن أي ضغط على إسرائيل، ولو أرادوا محاسبة بايدن، فعليهم البدء من الآن بدلا من مواصلة الترويج للخيال الأجوف حول غضبه والخرق الواسع بينه ونتنياهو، المرة تلو الأخرى.

وخلص الكاتب إلى أنه بهذه المؤشرات لن يكون هناك أي أثر لغضب صديق في السر على حليف يقدم له الأسلحة ويعلم أنها تستخدم لارتكاب العنف، وهذا لا يحدث إلا في السياسة الخارجية.

 

رفض اتخاذ أي إجراء بسيط

 

من جانبها كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن إدارة الرئيس الأمريكي رفضت مقترحات لتفعيل حزمة من الإجراءات الخفيفة على إسرائيل كانت تهدف إلى إرسال رسالة استياء من واشنطن.

وبحسب ما ورد، كانت الحزمة تتضمن عكسا لسياستين من سياسات عهد الرئيس السابق ترامب: واحدة تسمح بوضع علامة على المنتجات المصنوعة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل على أنها "صنعت في إسرائيل"، وأخرى تعترف فيها الولايات المتحدة بأن مستوطنات الضفة الغربية تنتهك القانون الدولي.

وصرح مسؤولون أمريكيون إنهم يدرسون أيضا فرض عقوبات على عضوين مؤثرين في حكومة نتنياهو اليمينية: وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتامار بن غفير.

وذكر مسؤولون أمريكيون إن الحزمة مجتمعة كان من الممكن أن تبعث برسالة قوية من الاستياء. ولكن في النهاية، فرضت إدارة بايدن عقوبات فقط على أربعة مستوطنين إسرائيليين غير معروفين إلى حد كبير، مما خفف مرة أخرى من رد فعل إدارة بايدن على الحرب الإسرائيلية.

 

أزمة في الذخائر..

 

"الحقيقة الأصدق تعبيرا عن موقف الإدارة الأمريكية الحالية بشأن الحرب على غزة هي أنه مهما بلغت جرائم الحرب الإسرائيلية من ضراوة وتطرف، فإن أيا منها لن يدفع الرئيس الأمريكي جو إلى التفكير في إيقاف الحرب على غزة، أو حتى قطع إمدادات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل والدعم المالي المتدفق لمساعدة تل ابيب في حرب الإبادة التي تخوضها، وهذا يبدو واضحاً في موقفه من هجوم رفح المرتقب.

هذا ما خلص إليه تقرير لموقع The Intercept الأمريكي، اتهم بايدن بتنفيذ حيلة دعائية لخداع ناخبيه، لا سيما العرب والمسلمين، الغاضبين من دعمه لإسرائيل، عبر بث تصريحات وتسريبات تفيد بأنه على خلاف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن هجوم رفح المرتقب، بينما هو يساعده في تنفيذه. 

ووافق مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الثلاثاء 13 فبراير على إرسال مزيد من المساعدات العسكرية (تبلغ قيمتها 14 مليار دولار) إلى إسرائيل لكي تواصل احتلال غزة وقصف الفلسطينيين فيها. ولا يزال بايدن عازماً على رفض المطالب العالمية بالدعوة إلى وقف فوري للهجوم العسكري الإسرائيلي على أهل غزة الذين يتضورون جوعا، والذين يفتقر أغلبهم إلى أي وسيلة لحماية النفس.

يذكر أن تقديرات استخباراتية أمريكية صدرت خلال الثلث الأول من شهر فبراير 2024 أشارت إلى أن مخزونات الأسلحة الإسرائيلية الحالية لا تتيح لها الاستمرار في حربها على غزة أكثر من 19 أسبوعا، ما يعني أنها لا تستطيع مواصلة الحرب حينئذ إلا إذا أرسلت واشنطن مزيدا من الذخيرة. 

 

مشكلة انتخابية

 

والسبب الذي جعل الحرب على غزة بما فيها هجوم رفح المرتقب، مشكلة انتخابية داخلية لبايدن هو النشاط الاحتجاجي، خاصة من الأمريكيين ذوي الأصول الفلسطينية. 

ويقول الموقع الأمريكي "The Intercept": "يبدو أن البيت الأبيض يظن أنه يستطيع إنقاذ حصته من أصوات الأمريكيين العرب والسود، ويرجو أن تكون المخاوف من ولاية أخرى لدونالد ترامب دافعاً لهم إلى ترجيح كفة بايدن في الانتخابات، والتغاضي عن مشاركته في الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.

لكن مهما حدث في انتخابات نوفمبر 2024، فلا يجوز لنا أن ننسى أبدا أن بايدن، وليس الأمريكيين الذين يعارضون الحرب الإسرائيلية والدعم الأمريكي لها، هو الذي قوى فرص ترامب في الفوز بالانتخابات المقبلة، وأن هذا الذنب لا يقع إلا على عاتق بايدن ومؤسسة الحزب الديمقراطي.

يوم 11 فبراير 2024 أكد ضابط المخابرات الأمريكي المتقاعد سكوت ريتر، إن الولايات المتحدة تخسر أمام روسيا في أوكرانيا وتتعرض لهزيمة في الشرق الأوسط، وليس لديها خطة بديلة.

وأضاف الخبير في مقابلة مع قناة Dialogue Works على يوتيوب: "روسيا تنتصر وستواصل الانتصار في أوكرانيا. ليس هناك ما يمكن للولايات المتحدة أن تفعله لوقف ذلك. وتتعرض الولايات المتحدة للفشل كذلك في الشرق الأوسط - على سبيل المثال، لم يسفر القصف الأمريكي لمواقع الحوثيين في اليمن عن أي تأثير ملموس".

ووفقا له، بات موقف الولايات المتحدة مهزوزا جدا، "الخطة (أ) لا تعمل، ولا توجد خطة (ب). ولذلك سيشهد العالم قريبا تعرض الولايات المتحدة لهزيمة استراتيجية".

 

استنزاف مخزونات السلاح

 

نهاية شهر يناير 2024 ذكر موقع كلكاليست الإسرائيلي المتخصص في شؤون الاقتصاد إن الحرب على غزة تستنزف مخزونات السلاح الإسرائيلي، وإن طول أمدها قد يدفع الجيش إلى الاقتصاد في الوسائل الحربية، ويزيد اعتماده على الإمدادات العسكرية الأمريكية، ناهيك عن اضطرار صناعات الدفاع الإسرائيلية إلى تأجيل تسليم طلبياتها إلى زبائنها حول العالم لتوجيهها إلى ساحات المعارك.

وفي تحقيق بعنوان "مخزون الذخيرة ينفد والجيش مضطر إلى تنظيم وتيرة القصف"، قال الموقع إن تزامن الحرب في غزة مع الحرب الروسية ضد أوكرانيا أحدث نقصا عالميا غير معهود في كل أنواع الذخيرة، وإن الحكومة الإسرائيلية تتحاشى التطرق إلى الموضوع علنا، لكن رئيس مديرية الإستراتيجية في قيادة الأركان الجنرال أليعازر توليدانو أقر شهر ديسمبر 2023 بأن الجيش قلل هجماته الجوية، وتحدث عن ضرورة تنظيم استخدام الذخيرة، لأن الحرب قد تطول.

ويقول الموقع إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه علّق على المشكلة حين سمع في تسجيل وهو يتحدث عن 3 أشياء تريدها إسرائيل من الولايات المتحدة: "ذخيرة! ذخيرة! ذخيرة!"، ليعلن قبل أسبوعين خططا -يصفها الموقع بغير الواقعية إطلاقا- لإنهاء اعتماد الصناعات العسكرية الإسرائيلية على الخارج، خاصة الولايات المتحدة التي سلّمت إسرائيل حتى الآن 25 ألف طن من السلاح، نقلت على متن 280 طائرة.

وكان موقع كلكاليست قد أوضح كيف أن شركات الصناعات الدفاعية الإسرائيلية رفضت طلبات أسلحة بنحو مليار و500 ألف دولار من زبائنها حول العالم، لتوجه بدل ذلك إلى ساحات القتال، في وقت تلقت فيه هذه الشركات في الأشهر الثلاثة الماضية طلبات بنحو 10 مليارات دولار من وزارة الدفاع الإسرائيلية.

ويعزو كلكاليست الحاجة الهائلة إلى الذخيرة إلى وتيرة القصف غير العادية، التي استهدفت -حسب الجيش الإسرائيلي وإلى غاية أسبوعين مضيا- 30 ألف هدف، باستخدام قوة نارية لا تنافس إسرائيل فيها إلا الولايات المتحدة، حسب ما صرح به للموقع الإسرائيلي مصدر أمني لم يستبعد أن يكون حجم الذخيرة التي استخدمت في غزة، قد تجاوزت تلك التي استهلكتها روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وهو ما قد يضطر الجيش إلى أن يوضح للمستوى السياسي حدود قوته النارية، قبل أن يصل نقص الذخيرة إلى مستوى حاد للغاية.

 

حشد عسكري واتهامات متبادلة

 

تتصاعد اخطار توسع الحرب على غزة لتخلط من جديد توازنات ذات ابعاد دولية وإقليمية، يوم 14 فبراير 2024 جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن:

شهدت الأيام الماضية تصريحات واتهامات متبادلة بين مسؤولين إسرائيليين ونظرائهم المصريين، بالتزامن مع الاستعدادات الإسرائيلية للاجتياح البري لمدينة رفح في قطاع غزة، وتعزيز الجيش المصري لتواجده على الحدود، ويكشف مسؤولون ومختصون تحدث معهم موقع "الحرة" عن أسباب وتداعيات التصعيد "غير المسبوق" بين الجانبين.

الاثنين 12 فبراير، قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن "المصريين يتحملون مسؤولية كبيرة بالنسبة لما حدث في السابع من أكتوبر"، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية بينها صحيفة "جيروزاليم بوست".

وخلال اجتماع مع حزبه اليميني، أكد سموتريتش أن "قسما كبيرا من أسلحة حماس يمر عبر مصر"، التي تتقاسم حدودا مع قطاع غزة بطول 12 كلم، وفق ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية التعليق على التصريحات الصادرة عن وزير المالية، وحول كونها "شخصية أم تحمل وجهة نظر الحكومة".

وردا على سؤال موقع "الحرة" عن ذلك، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، ليور حياة، "ليس لدينا تعليق على هذا الأمر في الوقت الحالي".

ومن جانبه، يرى المحلل الاستراتيجي الإسرائيلي، آفي ميلاميد، أن تصريحات سموتريتش "وصف دقيق للحقيقة".

ويتحدث ميلاميد لموقع "الحرة" عن تهريب أسلحة من الأراضي المصرية إلى غزة بشكل مستمر "فوق الأرض وتحتها".

ويطالب الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي السلطات المصرية بالقيام بعمل إضافي للحيلولة دون "استمرار الظاهرة أو اتساع نطاقها".

وفي سياق متصل، يشير المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، إلى أن تصريحات سموتريتش، جاءت بناء على "معلومات مؤكدة بتهريب الأسلحة والذخائر من مصر إلى قطاع غزة عبر الأنفاق في سيناء".

وتهريب السلاح ليس بجديد ويتم منذ سنوات و"أوتوستراد الأنفاق" يعمل ليل نهار، ولذلك فمصر "مسؤولة لحد كبير عن عمليات التهريب"، وفق حديث كيدار لموقع "الحرة".

في حديثه لموقع "الحرة"، يصف الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، تصريحات سموتريتش بـ"الكاذبة وغير الصحيحة".

ولا تمد مصر الفلسطينيين بالأسلحة، "لكن حماس تحصل على السلاح من خلال القوات الإسرائيلية، وتستخدم الذخائر التي يستعملها الجيش الإسرائيلي ولا تنفجر"، وفق فرج.

ومن جانبه، يربط المحلل السياسي المصري، فادي عيد، تصريحات سموتريتش بالاستعدادات الإسرائيلية لدخول رفح بريا، ويقول إنها "موجهة لليمين المتطرف حتى تضفي طابعا دينيا على التحركات العسكرية المرتقبة".

وعلى الجانب الآخر، تعزز مصر وجودها الأمني على حدودها مع قطاع غزة، خوفا من امتداد الحرب الإسرائيلية على حماس إلى أراضيها إذا بدأ الجيش الإسرائيلي هجومه البري على مدينة رفح، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية.

وقال مسؤولون أمنيون مصريون لـ"سي إن إن"، إن التحصين على الحدود مع غزة هو إجراء "احترازي" قبل العملية البرية الإسرائيلية المتوقعة في رفح. 

وفي إطار تعزيزها الأمني، نشرت مصر المزيد من القوات والآليات في شمال سيناء على الحدود مع غزة، وفق ما نقلته الشبكة عن المسؤولين المصريين. 

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي ميلاميد "لا يجب على القاهرة التدخل فيما يحدث بقطاع غزة لأن الأمر شأن إسرائيلي".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، اللواء أحمد العوضي، إلى أن "لدى مصر أوراق عديدة وكافة أجهزة الدولة جاهزة لمواجهة كافة السيناريوهات، وهي مستعدة منذ السابع من أكتوبر لمواجهة أي سيناريو"، لكنه رفض الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.

ويؤكد أن "مصر ترفض مخطط تهجير الفلسطينيين، والأمن القومي المصري خط أحمر، ولن تسمح مصر بالضغط على سكان غزة ودفعهم نحو (الهجرة القسرية نحو الأراضي المصرية)، وعلى المجتمع الدولي الاضطلاع بدوره في ذلك الشأن".

ويشير رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إلى تفويض الشعب المصري للرئيس، عبد الفتاح السيسي، من أجل الحفاظ على "الأمن القومي المصري والقضية الفلسطينية"، وسوف تتخذ القيادة السياسية "كافة الخطوات لضمان تحقيق ذلك".

ويؤكد العوضي أن "مصر دعمت القضية الفلسطينية منذ 1948 وسوف تستمر في دعمها".

وقد تعلق السلطات المصرية "اتفاقية السلام مع إسرائيل"، وسيكون لذلك "تداعيات خطيرة"، وفق رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري.

كما أن القاهرة لن تكتفي بـ"الشجب والإدانة والتنديد" كما يعتقد البعض، على حد تعبيره.

وإذا هاجم الجيش الإسرائيلي مدينة رفح فيمثل ذلك "اختراقا لاتفاقية السلام"، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي لأن الاتفاقايات بين القاهرة وتل أبيب لا تسمح سوى بوجود قوات شرطة في منطقة رفح على حدود مصر مع غزة.

 

حرب جديدة 

 

خلال الثلث الثاني من شهر فبراير 2024 تساءلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن هدف نقل أسلحة متطورة للجيش المصري إلى الحدود مع إسرائيل بعد انتشار مقاطع فيديو كثيرة خلال الفترة الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي.

وذكر موقع hm-news الإخباري الإسرائيلي، إنه في الأسبوع الأول من فبراير، انتشرت مقاطع فيديو تظهر أن المصريين ينقلون مركبات قتالية متطورة، وبحسب بعض المصادر الاستخباراتية، قام الجيش المصري بنقل صواريخ مضادة للطائرات إلى منطقة رفح.

وأضاف الموقع العبري أن العديد من الدبابات المصرية تمركزت بالقرب من الحدود مع إسرائيل.

ونشر الموقع العبري مقطع فيديو لعمليات نقل هذه الأسلحة المصرية الثقيلة والدبابات والصواريخ تجاه إسرائيل.

وصرح اللواء بالجيش الإسرائيلي يتسحاق باريك، في حديث له براديو 103 FM، إن مصر تبني قوى عسكرية جبارة وأصبح لديها أقوى جيش في المنطقة من أجل محاربة إسرائيل في المستقبل.

وعن القتال على محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) المحاذي للحدود المصرية قال باريك: "نعلم جميعا أن لدينا تهريبا من سيناء تحت هذا المحور، والجيش الإسرائيلي لا يريد الجلوس على هذا المحور خلال السنوات القليلة المقبلة، لأنه لا يملك القوة للقيام بذلك، ولأنه سيكون هناك الكثير من الضحايا، ولذلك يفترض أن المصريين سيفعلون ذلك، لكن اليوم هناك مشكلة كبيرة جدا مع مصر إنهم ليسوا مستعدين للقيام بذلك بدلا منك، كما أنهم ليسوا مستعدين للقيام بذلك من هذا الجانب من المحور، وهم يهددون بأنه إذا بدأنا في القيام بذلك وتحرك سكان غزة إلى سيناء سوف يوقفون السلام معنا".

وأضاف: مصر هي الأقوى في الشرق الأوسط، فاليوم لديها 4000 دبابة، و2000 طائرة حديثة، ومئات من أحدث الطائرات، والقوات البحرية لديها هي واحدة من أفضل الأساطيل الموجودة، ولسنوات عديدة، قاموا ببناء الطرق السريعة المؤدية إلى سيناء".

واستطرد قائلا: "إنهم لا يبنون الجيش في أي مكان آخر بل في سيناء تحديدا، وأعني أن أي قرار واحد بإلغاء السلام، ستصبح مصر دولة معادية وليس لدينا حتى فرقة للوقوف ضدها".

 

7 أكتوبر أعاد هندسة المنطقة

 

"الشرق الأوسط وحده قادر على إصلاح الشرق الأوسط"، هكذا بشكل مباشر يخلص تحليل كتبته كل من سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "تشاتام هاوس"، و داليا داسا كاي، الزميلة الأولى في مركز بيركل للعلاقات الدولية بجامعة كاليفورنيا، ونشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية نهاية شهر يناير 2024.

ويرى التحليل، بوضوح أن شكل ووتيرة ونتائج التدخل الأمريكي الحالي في أزمة حرب غزة، على المستويين العسكري والدبلوماسي، يشير بوضوح إلى استمرار ضعف يد واشنطن في المنطقة وتراجع قدرتها على السيطرة أمنيا وعسكريا على إيران وحلفائها بالمنطقة، وبالتبعية تراجع نفوذها الدبلوماسي، وبالتالي لم يولد نشاطها العسكري والدبلوماسي في المنطقة الثقة المطلوبة.

ومن هنا، تؤكد الكاتبتان أن القوى الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط (السعودية ومصر والإمارات وقطر والأردن وتركيا وإيران)، تظل قادرة وحدها على استعادة توازن المنطقة واستقرارها، بما في ذلك حل الأزمة الحالية في غزة بخطط طموحة، بدليل أن تلك القوى كانت قد شرعت في تقارب مدروس وتجاوز للتوترات السابقة، ونجحت بشكل مبهر في ذلك التقارب، والذي جعلها تتحرك بشكل جماعي منسق وموحد مثير للإعجاب في التعاطي مع أزمة غزة الآن.

لكن التحليل يسوق شرطين لتحقيق هذه المعادلة الصعبة، وهما:

أولا: تخلي تلك القوى تماما عن انتظار عودة النفوذ الأمريكي في المنطقة، لا سيما دول الخليج، التي ترى نفسها لا تزال تعتمد على هذا النفوذ بشكل شبه أساسي.

ثانيا: لتحويل هذا التصميم المشترك إلى مصدر دائم للقيادة الجماعية، يتعين على هذه القوى أن تحتضن مؤسسات وترتيبات إقليمية أكثر ديمومة، مثل منتدى حوار دوري يوفر طريقة فعالة لوضع الترتيبات الإقليمية وتنفيذها.

 

تراجع النفوذ الأمريكي

 

رغم مبادرة إدارة بايدن لإرسال قطع عسكرية كبيرة ووضع أصول كبيرة في المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة، في أكتوبر، فإن الأمر لن يستمر، وفقا للسياسة الأمريكية الاستراتيجية والتي تقضي بتخفيف التواجد في الشرق الأوسط لصالح الاهتمام بصعود الصين وحرب روسيا وأوكرانيا.

ويبدو من غير المرجح أن ينهي المسؤولون الأمريكيون جهودهم لفصل الولايات المتحدة عن صراعات الشرق الأوسط، يقول التحليل.

ويضيف: إذا حدث أي شيء، فإن ديناميكيات الحرب المتزايدة التعقيد قد تؤدي إلى تراجع شهية الولايات المتحدة للمشاركة في المنطقة، كما أن مضاعفة الالتزامات في الشرق الأوسط من غير المرجح أن تكون استراتيجية رابحة لأي من الحزبين السياسيين الأمريكيين في عام انتخابي حاسم.

ويقول التحليل إنه خلال السنوات التي سبقت الهجمات، أظهرت الدول العربية وغير العربية إمكانية ظهور أشكال جديدة من التعاون فيما كان بمثابة إعادة ضبط كبيرة للعلاقات في جميع أنحاء المنطقة. وحتى بعد أشهر من الحرب، ظلت العديد من هذه العلاقات سليمة.

ويحذر التحليل من إمكانية تسبب حرب غزة – إن طال أمدها – أن تتسبب في عكس هذه الجهود الإقليمية لضبط العلاقات بين الشركاء الذين تجاوزوا مرحلة التوتر، وانتقلوا إلى شراكات متميزة، مثل السعودية والإمارات مع قطر والعكس، ومصر مع تركيا والعكس، والسعودية والإمارات مع تركيا والعكس، والسعودية مع إيران والعكس.

وترى الكاتبتان أن الولايات المتحدة ستظل لاعبا رئيسيا في المنطقة بسبب أصولها العسكرية وعلاقتها التي لا مثيل لها مع إسرائيل.

لكن أي توقع بأن واشنطن سوف تكون قادرة على التوصل إلى صفقة كبرى قادرة على إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل نهائي، هو توقع منفصل عن حقائق الشرق الأوسط اليوم.

لذلك، يرى التحليل أنه من الواجب على القوى الإقليمية الآن أن تبادر لدعم أية سياسية ذات معنى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، واتخاذ خطوات حاسمة لمنع تجدد ما حدث في السابع من أكتوبر 2023، عبر ترتيبات أمنية إقليمية جديدة وأقوى يمكنها توفير الاستقرار بقيادة الولايات المتحدة أو بدونها.

 

التطبيع

 

وبعد أن نجحت واشنطن، قبل حرب غزة، في إدماج التطبيع بين إسرائيل ودول خليجية وعربية، كمسار ضمن الحراك الإقليمي لإعادة ضبط الأوضاع بين القوى الكبرى في المنطقة، جاءت تلك الحرب لتبعثر الأوراق مجددا، بعد أن تزايدت مشاعر الغضب ضد تل أبيب في أوساط الرأي العام العربي وتدهور العلاقات التي كانت تعود ببطء بين تركيا وإسرائيل، وكذلك توقف حراك تطبيع السعودية.

وتؤكد الكاتبتان أن السبب الأساسي لهذا الفشل ليس حرب غزة، ولكن تجاهل القضية الفلسطينية ووضعها على الرف، خلال بداية تأسيس حراك التطبيع الجديد، وهو ما أدى لتفجر الأوضاع، ولكن يبدو أن الدول العربية والقوى الإقليمية الأخرى تعلمت من هذا الدرس.

وبالتالي، عملت قوى عربية وخليجية على صياغة خطة لإعادة مسار التطبيع، ولكن بشروط صارمة متعلقة بالقضية الفلسطينية هذه المرة، وأبرزها إقامة دولة فلسطينية، وهو الحراك الذي بات يحظى بدعم واشنطن، لكن حكومة نتنياهو لا تزال تقاومه بإصرار، وهو الأمر الذي قد يسرع من طريقها نحو مصيرها المحتوم، التفكك والانهيار لصالح هيمنة الرؤية الجديدة، التي تحظى بإجماع عربي وموافقة أمريكية.

ويرى التحليل أن إعادة تنظيم المنطقة التي بدأت إقليميا، قبل حرب غزة، كانت في الأساس هشة لكنها مستقرة ومتقدمة، ولن يكون من المتصور أن تسمح القوى الإقليمية الحالية ببعثرة كل شيء من أجل رغبات حكومة نتنياهو بحرب طويلة لا نهاية لها في الأفق القريب.

حتى إيران، التي ينظر إليها كأكثر تلك القوى تشددا وتطرفا ضد إسرائيل، أرسلت عدة رسائل مطمئنة لبقية القوى من العرب، حينما نأت بنفسها بشكل متصاعد عن مسار الحرب والتصعيد، رغم استمرار حلفائها في العمل بوتيرة شبه منضبطة.

وقالت إيران بوضوح إنها لن تمانع أي حراك نحو حل الأزمة الفلسطينية، شريطة أن يتم بواسطة الفلسطينيين أنفسهم وليس بشكل خارجي يستمر في تجاهلهم، وهو ما يعد أمرا مشجعا للمضي قدما نحو استئناف الترتيبات الإقليمية.

أيضا، أعطت طهران أولوية جديدة للأعمال التجارية الإقليمية والعلاقات التجارية ليس فقط مع دول الخليج العربية ولكن أيضا مع العراق وتركيا ودول آسيا الوسطى، فضلا عن الصين وروسيا.

ويسوق التحليل مفارقة مهمة، وهي أن غزة، التي ينظر إليها كنقطة تفجير لكل الترتيبات الإقليمية، قد تكون هي أكبر نقطة للحفاظ على تماسك المنطقة.

ويخلص التحليل، في نهايته، إلى أن الاستقرار الإقليمي بالشرق الأوسط بات في خطر وجودي، وأن تحرك القوى الإقليمية الكبرى بشكل موحد يأتي استشعارا لهذا الخطر، وأن القضية الفلسطينية عادت إلى مركز هذه الترتيبات مجددا، بعد أن جرى تهميشها، والفضل يعود لحرب السابع من أكتوبر التي بدأتها "حماس".

 

عمر نجيب

[email protected]