بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بأشهر عديدة عملت الولايات المتحدة في سنة 1949 على إنشاء حلف الناتو "حلف شمال الاطلسي" وهو تحالف عسكري ضم 12 دولة، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا.
وتم الاتفاق بين الدول الأعضاء على مساعدة بعضهم بعضا في حالة وقوع أي هجوم مسلح. وكان هدف الناتو في الأصل هو مواجهة تهديد التوسع السوفييتي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
الحلف في الأساس فكرة أمريكية أطلقها الرئيس ترومان، لمحاصرة واستئصال الشيوعية وحشد الحلفاء لتحقيق هذا الهدف في أوروبا، ثم في الشرق الأوسط من خلال أحلاف رديفة مثل "حلف بغداد".
وقد رد الاتحاد السوفييتي آنذاك بتأسيس حلف وارسو عام 1955 الذي ضم الدول الاشتراكية الأوروبية الوسطى والشرقية، وذلك في إطار الصراع الدولي أو ما سمي "الحرب الباردة" بين النظامين الرأسمالي والشيوعي.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 ثم حل حلف وارسو، دار نقاش في الدوائر الغربية السياسية والإعلامية والعسكرية حول جدوى وضرورة بقاء حلف الأطلسي، طالما أن الخطر الذي من أجله أقيم الحلف قد زال. لكن الولايات المتحدة كانت لها وجهة نظر ثابتة وواضحة بالإبقاء على الحلف، ولتبرير ذلك عملت على تعديل في عقيدته وطبيعة أهدافه الإستراتيجية من مواجهة الخطر الشيوعي إلى مواجهة تهديدات ومخاطر جديدة تتمثل في فكرة "الأمن المشترك" بدل "الأمن الجماعي"، كالتهديدات النووية وأسلحة الدمار الشامل والإرهاب والجريمة المنظمة، والأزمات الإقليمية والقارية التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
ويؤكد محللون كثيرون أن الهدف الأمريكي من وراء الحديث العلني عن تبديل مهام حلف الأطلسي، كان في الحقيقة عملية لتحويل التكتل العسكري ليصبح عمليا وأكثر من أي وقت مضى الذراع العسكرية الأمريكية الضاربة التي يمكن استخدامها وقت الحاجة ووفق مقتضيات ومتطلبات السياسات الأمريكية، ولذلك لم يكن لدى الولايات المتحدة أي مانع في تحمل حوالي سبعين في المئة من ميزانية الحلف، حيث لجأت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بعد نهاية الحرب الباردة إلى استخدام الحلف في حروبها في أفغانستان ويوغسلافيا وصربيا والعراق وليبيا، وفي أحيان كثيرة خارج إطار ما يسمى بالشرعية الدولية الممثلة بمجلس الأمن، باعتباره الجهة الوحيدة المخولة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وليس الحلف أو أية جهة أخرى.
بهذا المعنى تحول الحلف من العقيدة العسكرية الدفاعية عن أوروبا إلى العقيدة العسكرية الهجومية على اتساع العالم، وذلك بزيادة قدرته العسكرية وتوسيع عملياته باتجاه روسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. وفي نفس الوقت شرعت واشنطن بدعم خاصة من بريطانيا في العمل على إقامة تحالف مشابه في المحيط الهادئ في نطاق محاولتها لحصار الصين.
عملت واشنطن عكس التزاماتها وتعهداتها لموسكو على توسيع الحلف ومده شرقا وجرت عددا من دول حلف وارسو إليه، حتى ارتفع عدد أعضاء الناتو إلى 31 دولة بعد انضمام فنلندا صيف سنة 2023 وربما 32 بعد ضم السويد.
يتفق غالبية المحللين بما فيهم الغربيون أن هدف توسيع حلف الناتو شرقا في أوروبا كان حصار روسيا وتمهيد الأرضية لتقسيمها إلى دويلات في نطاق الصراع على تثبيت النظام العالمي الأحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة.
مخططات ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو أحد أسباب الحرب الدائرة في وسط شرق أوروبا في فصلها الثاني منذ 24 فبراير 2022، بما تحمله في طياتها من خطر التحول إلى حرب عالمية ثالثة.
يقول ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف الناتو أن الحرب الروسية الأوكرانية أعادت الحيوية للحلف وسمحت بتوسيعه بشكل لم يكن متصورا قبل سنة 2022، لكن ستولتنبرغ ربما يدرك وإن لم يصرح بذلك، أن فشل الحلف في المواجهة الحالية مع الكرملين وبالقيادات المتحمسة أكثر من غيرها في واشنطن ولندن وبرلين، سيعني تقلص الناتو إن لم يكن موته السريري.
الموت السريري
واجه حلف الناتو تحديات داخلية كثيرة خاصة بعد تدخله بقيادة وتوجيه واشنطن لتقسيم يوغوسلافيا في سنة 1999، واحتلال أفغانستان سنة 2001 والعراق سنة 2003 وليبيا سنة 2011، وامتداد نشاطه العسكري في أفريقيا، حدث ذلك بعد أن وجدت بعض أطرافه أن واشنطن تأخذ نصيب الأسد من مكاسب التدخلات، وفي نفس الوقت برزت في البيت الأبيض توجهات للعب على ورقة استمرار التحالف بهدف تحميل أطرافه الأوروبية مزيدا من الأعباء الاقتصادية ورفع معدلات مساهمتها في النفقات العسكرية والرضوخ بدون مقاومة لمطالب البيت الأبيض.
منتصف شهر يناير 2017 صرح الرئيس الأمريكي ترمب قبل أيام من توليه رسميا منصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في مقابلة مع صحيفة "بيلد" الألمانية و"تايمز" البريطانية إن حلف شمال الأطلسي عفا عليه الزمن لأنه لا يتصدى للهجمات الإرهابية لكن هذا الحلف العسكري لا يزال مهما بالنسبة له. واستطرد بهذا الشأن "تعرضت لانتقاد شديد عندما قلت إن حلف شمال الأطلسي عفا عليه الزمن... عفا عليه الزمن لأنه لا يتصدى للإرهاب. تعرضت لانتقاد شديد على مدى يومين. وبعدها بدأوا يقولون إن ترمب على حق." وأضاف أن أعضاء كثيرين في حلف الأطلسي لا يدفعون نصيبهم العادل لحماية الولايات المتحدة. "كثير من هذه الدول لا يدفع ما يفترض أن يدفع وهو أمر أعتقد أنه غير عادل بالمرة للولايات المتحدة... ومع ذلك فإن حلف الأطلسي مهم جدا بالنسبة لي".
كما كشف ترمب أيضا أنه سيعرض إنهاء العقوبات المفروضة على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم مقابل اتفاق لخفض الأسلحة النووية مع الرئيس الروسي بوتين.
خلاف على الغنائم
بعد حوالي سنتين من تصريحات الرئيس الأمريكي وصف الرئيس الفرنسي ماكرون، في مقابلة نشرتها مجلة "ذي إيكونوميست"، يوم الخميس 7 نوفمبر 2019، حلف الناتو بأنه في حالة "موت دماغي".على الأثر، انتقدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هذا الحكم "الراديكالي"، وقالت في مؤتمر صحافي مع الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ: "لا أعتقد أن هذا الحكم غير المناسب ضروري، حتى لو كانت لدينا مشاكل، علينا أن نتعافى".
من جهته، قال ستولتنبرغ إن حلف الأطلسي ما زال "قويا"، مؤكداً أن الولايات المتحدة وأوروبا "تتعاونان معا أكثر مما فعلنا منذ عقود".
غير أن ستولتنبرغ اعتبر أن الاتحاد الأوروبي لن يتمكن من حماية القارة الأوروبية عسكريا بمفرده، وأن دور حلف شمال الأطلسي يبقى مهما لهذا الغرض، مشيرا في السياق إلى كل من "النرويج والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وتركيا من الجنوب"، التي "تتولى أدوارا مهمة لتوفير أمن القارة الأوروبية".
وفي تصريحاته، قال ماكرون معلقاً على العملية العسكرية التركية في شمال سوريا: "ليس هناك أي تنسيق لقرار الولايات المتحدة الاستراتيجي مع شركائها في الحلف الأطلسي، ونشهد عدواناً من شريك آخر في الحلف، تركيا، في منطقة مصالحنا فيها على المحك، من دون تنسيق".
وأضاف "ما حصل يطرح مشكلة كبيرة للحلف الأطلسي"، وتابع "يجب أن نوضح الآن ما هي الغايات الإستراتيجية للحلف الأطلسي"، داعياً من جديد إلى "تعزيز قدرة أوروبا الدفاعية".
وتساءل الرئيس الفرنسي بصورة خاصة حول مصير المادة الخامسة من معاهدة الحلف الأطلسي التي تنص على تضامن عسكري بين أعضاء التحالف في حال تعرض أحدهم لهجوم. وقال ماكرون "ماذا سيحل بالمادة 5 غدا؟ إذا قرر الرئيس السوري بشار الأسد الرد على تركيا، هل سنتدخل؟ هذا سؤال حقيقي".
وأضاف مبديا أسفه "التزمنا بمحاربة "داعش". المفارقة هي أن القرار الأمريكي والهجوم التركي في الحالتين لهما النتيجة نفسها: التضحية بشركائنا على الأرض الذين حاربوا داعش، قوات سورية الديمقراطية".
وذكر ماكرون "الحلف الأطلسي كنظام لا يضبط أعضاءه. وانطلاقا من اللحظة التي يشعر فيها أحد الأعضاء أن من حقه المضي في طريقه، فهو يقوم بذلك. وهذا ما حصل".
ولذا، يرى الرئيس الفرنسي أنه "من الجوهري من جهة قيام أوروبا الدفاعية، أوروبا تمنح نفسها استقلالية إستراتيجية وعلى صعيد القدرات في المجال العسكري".
ودعا ماكرون، في حديثه، إلى "إعادة فتح حوار استراتيجي مع روسيا، حوار خال من أي سذاجة"، مقرا بأن ذلك "سيستغرق وقتا".
ورأى ماكرون أن لا خيار لروسيا سوى إقامة "شراكة" مع أوروبا، معتبرا أن الرئيس الروسي بوتين، لا ينوي أن يصبح "تابعا للصين"، وأن النموذج الروسي الحالي "غير مستدام".
ولفت إلى أن روسيا لديها اليوم إجمالي ناتج قومي "مواز لإسبانيا" و"شعب يعاني من الشيخوخة" وهي "تتسلح مسرعة الخطى أكثر من أي بلد أوروبي آخر" معتمدة "نموذجا يقوم على العسكرة المفرطة ومضاعفة النزاعات" كما في أوكرانيا، مضيفا"برأيي، هذا النموذج غير مستدام".
واغتنم ماكرون المقابلة للتحذير من ثلاثة مخاطر كبرى محدقة بأوروبا: أولها أنها "نسيت أنها مجموعة"، والثاني "انفصال" السياسة الأمريكية عن المشروع الأوروبي"، والثالث صعود النفوذ الصيني الذي "يهمش أوروبا بشكل واضح".
وبنظر ماكرون، فإن الولايات المتحدة، التي اعتبر أنها "تبقى شريكنا الكبير"، تتجه بأنظارها إلى مكان آخر"نحو "الصين والقارة الأمريكية"، وهو تحول بدأ برأيه في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. واستطرد قائلا: "للمرة الأولى لدينا رئيس أمريكي "دونالد ترمب" لا يشاطر فكرة المشروع الأوروبي، والسياسة الأمريكية تنفصل عن هذا المشروع".
وأخيرا، يكمن الخطر الثالث في تزامن إعادة تركيب توازن العالم مع صعود الصين منذ 15 عاما، وهو أمر يهدد بقيام عالم ذي قطبين، ما سيهمش أوروبا بشكل واضح. وحذر ماكرون من أنه إذا لم تحدث في أوروبا "يقظة، إدراك لهذا الوضع وقرار بمعالجته، فإن الخطر كبير بأن نختفي عن الخارطة الجيوسياسية مستقبلا، أو أقله ألّا نعود أسياد مصيرنا".
إصرار أمريكي
رفض وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت مايك بومبيو، في مؤتمر صحافي في لايبزيغ بألمانيا، حيث كان يشارك في إحياء الذكرى الثلاثين لسقوط جدار برلين، ما ذهب إليه ماكرون، واعتبر أن حلف الأطلسي الذي تم إنشاؤه عام 1949 ما زال "تاريخيا من أهم الشراكات الإستراتيجية".
وتذكر بومبيو وقت كان يخدم كجندي أمريكي في أواخر الثمانينيات. وأضاف "حلف شمال الأطلسي لا يزال حاسما وربما هو أحد أهم الشراكات الإستراتيجية طوال التاريخ المسجل".
غير أن الوزير الأمريكي انتهز الفرصة للتذكير بطلب الرئيس ترمب من دول الحلف "تقاسم عبء" تمويله، بعدما قال إن حلف شمال الأطلسي "عفا عليه الزمن" في يناير 2017.
موسكو رحبت بتصريحات ماكرون على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، التي كتبت على صفحتها في موقع "فيسبوك"، "إنها كلمات من ذهب. صادقة وتعكس الجوهر. إنه تعريف دقيق للواقع الحالي لحلف شمال الأطلسي".
تركيا حليف مؤقت
الرئيس الفرنسي كان مخلصا مع نفسه في إنتقاد "الناتو" وهو يدافع عما يعتبره مصالح فرنسا خاصة ما يسجله من انحسار نفوذ باريس في القارة الأفريقية، ألمانيا انضمت في انتقاد السياسة التركية التي بدأت تعرف منذ سنة 2019 تطورا قررته أنقرة بعد أن وجدت أن انسياقها وراء مخططات الناتو وواشنطن في بلاد الشام لا يفيد غير الشريك على الجانب الغربي من المحيط الأطلسي ولكنه في نفس الوقت يهدد أمن ووحدة أراضي تركيا، لا تنسى أنقرة أهداف واشنطن لنزع جزء من أراضيها لإقامة دولة كردية. برلين بدورها كانت مخلصة في الدفاع عما تعتبره مصالحها التي تلتقي في كثير من القضايا مع تلك الأمريكية.
جاء في تقرير نشر في العاصمة الألمانية برلين بتاريخ 30 أكتوبر 2019 تحت عنوان هل يتم إقصاء تركيا من حلف الناتو؟:
أثرت العملية العسكرية التركية "نبع السلام" في شمال سوريا على العلاقات مع حلف الناتو. وعلت الدعوات المنادية لإقصاء تركيا من الحلف، فإلى جانب سياسيين من حزب اليسار، شكك أيضا رئيس الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسنيش في عضوية تركيا في الناتو. وحتى أطراف واسعة من المجتمع الألماني تؤيد هذه المبادرة، ففي استطلاع للرأي بتكليف من وكالة الأنباء الألمانية يدعم 58 في المائة استبعاد تركيا من الحلف بسبب التدخل العسكري التركي في شمال سوريا، و 18 في المائة فقط عارضوا ذلك.
بالنسبة إلى أنقرة شكلت العملية العسكرية في شمال سوريا نجاحا كبيرا بحيث تم للوهلة الأولى منع قيام دولة كردية. الميليشيات الكردية، ووحدات حماية الشعب التي تعتبرها أنقرة إرهابية يتم حاليا إبعادها في تعاون مع الشرطة العسكرية الروسية عن الحدود السورية التركية.
وساعدت هذه العملية العسكرية أنقرة على تحقيق أهدافها الأمنية السياسية. وفي ذات الوقت تأتي العملية لتشكل تضاربا في المصالح مع غالبية بلدان الناتو: فالتدخل العسكري لم يعزز فقط من تنظيم "داعش" وسهل هرب مقاتلين تابعين له، كما تقول الدول الأوروبية، بل عملت أيضا هذه العملية العسكرية على تقوية المنافس الأكبر للناتو وهو روسيا. فعملية "نبع السلام" ساعدت موسكو على تقوية موقعها في سوريا وإرساء سوريا "كدولة تابعة للكرملين". وفي الوقت الذي تنتقد فيه غالبية بلدان الناتو العملية التركية ـ كما وصفها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بأنها منافية للقانون الدولي ـ اعتبرت الحكومة التركية التدخل العسكري أنه تدخل لمكافحة الإرهاب. وكانت الكلمات التي رد بها وزير الخارجية التركي على المنتقدين " لا نتوقع اتهامات، بل اعتراف بالتضامن من شركاء الناتو".
تقارب تركي مع الشرق
التوترات بين أنقرة والناتو زادت في الشهور الأخيرة باستمرار، لاسيما الخلاف حول نظام الصواريخ الروسي S-400 حيث كشف عن قلة الثقة الموجودة حاليا بين الحكومة التركية وشركاء الناتو. واتخذت تركيا القرار ضد حماية مجالها الجوي بنظام صواريخ أمريكية لأن البيت الأبيض أراد بيعها صواريخ أقل كفاءة. وانتقت في المقابل منظومة السلاح الجوي الروسية. وهذا لم يرق للغرب لوجود تحفظات أمنية، إذ يخشى الغربيون أن تسمح تقنية نظام الصواريخ الروسية بالوصول إلى معلومات سرية من الناتو. والأمريكيون كانوا غاضبين من تحرك أنقرة المنفرد وأمهلوا الشريك في الناتو مدة وهددوه بفرض عقوبات اقتصادية. وهذا التعامل المتوتر بين شريكين في حلف الناتو كان تطورا جديدا. وحتى في اليوم الذي انطلقت فيه العملية العسكرية التركية، هدد الرئيس الأمريكي شخصيا نظيره التركي أردوغان "بتدمير الاقتصاد التركي". كما يسود القلق بين شركاء الناتو بأن يدفع التعاون العسكري والسياسي مع موسكو أنقرة إلى الابتعاد عن شركائها الغربيين في حلف الناتو. وأنقرة تتجاوب بالتحديد مع إستراتيجية الرئيس الروسي بوتين، إذ يعتبر خبراء أن الرئيس الروسي يحاول بسياسته نحو تركيا تقسيم الناتو.
طرد تركيا سيكون بالنسبة إلى المجتمع الألماني مشهدا جذابا، لكنه مستبعد من الناحية القانونية، بل إنه مستحيل. فاتفاقية الناتو لا تشمل إقصاء بلاد من الحلف الأطلسي. لكن البلد العضو يمكن له بموجب الفصل 13 من اتفاقية الناتو تقديم طلبللانسحاب. وحتى لو كان شركاء الحلف قادرين من الناحية القانونية على القيام بذلك، فإنهم لن يفعلوا ذلك. فوزير الخارجية الألماني السابق، زيغمار غابرييل وصف إقصاء تركيا بأنه أمر "غريب"، إذ سيؤدي إلى نشأة " خطر أمني كبير جديد في الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي". وحتى خلال لقاء الناتومنتصف شهر أكتوبر 2019 لم تكن المؤشرات توحي بالعزلة، بل العكس لأنه تم تأكيد الأهمية الإستراتيجية لتركيا عدة مرات، ولا يمكن لحلف الناتو أن يتخلى عن تركيا ووضعها الجغرافي بين الشرق والغرب. وبدون تركيا ستتقلص قدرة تحرك الناتو من الناحية الجيوسياسية مثلا بالنظر إلى مكافحة الإرهاب أو تجاوز موجات اللاجئين. كما أن أنقرة تملك ثاني أكبر جيش في الناتو، وعملية إقصاء تركيا ستقوض بقوة الإمكانيات العسكرية لحلف الناتو خاصة في مواجهة روسيا.
أيضا فإن انسحاب أنقرة من حلف الناتو هو أمر مستبعد، فهناك حسب وجهة نظر برلين وواشنطن اعتماد دفاعي متبادل بين الطرفين، كما أن تركيا معزولة حسب واشنطن للغاية بسبب سياستها الخارجية، وفي ظل العملية العسكرية التركية الأخيرة فلا يوجد أفضل من تحالف عسكري قوي، خاصة لبلد منعزل مثل تركيا، فهو عامل أمان لن تستغني عنه أنقرة.
750 قاعدة عسكرية
القواعد العسكرية خاصة خارج أراضي دولها المؤسسة أحد مؤشرات توجهها السياسي والعسكري وأهدافها سواء الإقليمية أو الأوسع من ذلك.
جاء في تقرير نشر في واشنطن وعدد من أعضاء الناتو: أحدث القواعد العسكرية الأمريكية في أوروبا هي "ريدزيكوو" Redzikowo، التي جرى تدشينها رسميا في شهر مارس 2023 في بولندا، ولكنها تعمل منذ بداية الحرب في 24 فبراير 2022 بوسط شرق أوروبا، واستضافت قرابة ألفين من جنود مشاة البحرية "مارينز"، الذين تنحصر مهمتهم في تسيير نظام دفاع صاروخي متطور ضد هجمات الصواريخ الباليستية. وهو معروف باسم "آيجيس" Aegis، صمم كنظام للتحكم في الأسلحة "نظام أسلحة شامل، من الاكتشاف إلى القتل". يتتبع نظام الكمبيوتر والرادار الأسلحة ويوجهها لتدمير أهداف العدو.
بدأ بناء القاعدة في عام 2016 لضمان دفاع بولندا والدول الأعضاء في الناتو، وهي تقع في شمال بولندا، على بعد أقل من 200 كيلومتر من كالينينغراد، الجيب الروسي على بحر البلطيق. وإذا جرى حساب المسافة إلى البر الرئيسي الروسي، وتحديداالعاصمة موسكو، فإنها تبلغ 1305 كيلومترات.
تمتلك القوات الأمريكية وجودا في أوروبا الشرقية بمواقع عديدة إلى جانب حلف الناتو، ولديها مجموعات قتالية متعددة الجنسيات في بلغاريا، إستونيا، المجر، لاتفيا، ليتوانيا، بولندا، رومانيا، وسلوفاكيا. في حين أن القواعد الخاصة والحصرية للقوات الأمريكية تتمركز في غرب أوروبا، وأغلبها يعود إلى حقبة الحرب الباردة، وجرى بناؤها لتكون في مواجهة الاتحاد السوفييتي القديم، وما كان يمثله من تهديد لأوروبا الغربية.
يعد عدد القواعد العسكرية الأمريكية في أوروبا كبيرا، إذ تجاوز 50 قاعدة، ولكنه قليل بالمقارنة مع عددها الكبير عبر العالم خارج الولايات المتحدة، والذي يتجاوز 750 قاعدة، موزعة على كافة القارات بهدف عكس القوة والهيمنة.
وبحسب قياس مستوى التحديات الدفاعية والهجومية، ينشر الجنود والأسلحة وتقسم المهام بين القواعد، فهناك قواعد تستضيف أسلحة الطيران والقاذفات الإستراتيجية، وأخرى المشاة والقوات المنقولة والبحرية والبرية، وغيرها متخصصة بالصواريخ والرد على الصواريخ الباليستية، ويمتد توزيع الاختصاصات حتى الأسلحة النووية والحرب الإلكترونية.
يدخل في حساب ذلك موقع البلد الجغرافي وطبيعته بين البر أو البحر، ومدى قربه من روسيا والصين ومناطق التهديد المحتملة، وبالعلاقات التي تربط الدولة المستضيفة بالولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، التي فتحت الباب أمام الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا، وعلى كافة الجبهات.
وساهمت الحرب في وسط شرق أوروبا بتكييف هذه القواعد لتحقيق هدف الغرب في هزيمة روسيا عسكريا، وتلبية حاجات الرد المباشر في حال توسعت الحرب نحو بلدان أخرى، والردع في حال تطور النزاع إلى استخدام أسلحة نووية. ولذلك جرى تحديث العديد منها، وإرسال قوات جديدة، ووقف إجراءات التخفيف العددي، وتسارع بقوة في العقدين الأخيرين، حتى وصل عديد القوات الأمريكية في كل أوروبا إلى حوالي 65 ألفا.
يتوزع الثقل الأساسي للقواعد العسكرية الأمريكية في ثلاث دول، هي ألمانيا التي تضم 21 قاعدة تشمل كافة أنواع الأسلحة والاختصاصات، وبريطانيا التي تستقبل 13 قاعدة أغلبها جوية وتستقبل قاذفات إستراتيجية، وإيطاليا التي تضم عددا مماثلا من القواعد التي هي في أغلبها بحرية. وهناك قاعدتان بحريتان أخريان في إسبانيا وواحدة في البرتغال، وأخرى في جزيرة كريت اليونانية.
وفي الوقت الذي يجرى فيه تعزيز الوجود التقليدي الأمريكي في أوروبا الذي سبق انهيار الاتحاد السوفييتي، يتركز الجهد الأمريكي على نشر قوات واستحداث قواعد في أوروبا الشرقية، ولكنه يجرى حتى الآن في إطار الـ"ناتو"، ويمكن رصد ذلك على نحو خاص في دول البلطيق، التي بات وضعها حساسا جدا بعد الحرب الروسية الأوكرانية، كما أخذت واشنطن تعزز حضورها في دول أخرى مثل رومانيا وبولندا، كونهما تشتركان بحدود مع أوكرانيا من جهة الغرب.
وبالإضافة إلى القواعد الثابتة والحصرية، يوجد 7 آلاف جندي أمريكي إضافي في أوروبا في عمليات نشر دورية أقصر، كجزء من مهمة دعم حلف الأطلسي المسماة "أتلانتيك ريسولف". ويشمل ذلك قسم طيران يضم 85 طائرة هليكوبتر وفرقة مدرعة بمدفعية ودبابات. وتتمركز هذه القوات في بولندا.
الموازنة غير المسبوقة لوزارة الدفاع الأمريكية، وضعت ضمن أولوياتها تطوير الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا. ويشكل ذلك أحد تحديات موازنة عام 2023 التي بلغت 820 مليار دولار، بزيادة تبلغ نسبتها 40 في المائة عن موازنات الأعوام السابقة.
وحضرت روسيا بقوة في حديث كل من وزير الدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، حين عرضا الموازنة أمام الكونغرس في 23 مارس 2023، ووضعا المصاريف الإضافية التي ستشمل القواعد في أوروبا تحت بند "إستراتيجية الردع الاستراتيجي"، التي تركز على "التهديدات الروسية المتنامية".
من ناحية أخرى، يستبعد الخبراء حتى الآن احتمال مشاركة القوات الأمريكية المنتشرة بالقرب من أوكرانيا في النزاع على نحو مباشر، ويرى الخبراء أن هذا الدور سوف يتطور أكثر تبعاللاتجاه الذي تأخذه المعارك.
ويشي النزاع في أوكرانيا بتطورات غير محسوبة، مثل إسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية فوق البحر الأسود، منتصف مارس، من قبل مقاتلة روسية، وهو الحادث الأول من نوعه منذ انتهاء الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
في واشنطن يأمل المحافظون الجدد أن الوقت لن يطول حتى يحقق الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا هدفه المباشر، وهو تطويق روسيا وتكبيلها، لينتهي إلى إنجاز هدف غير مباشر، وهو إنهاء الحلم الأوروبي في بناء الأمن الذاتي.
حلف الناتو وحافة الهاوية
في سهول وسط شرق أوروبا سيرسم الصراع العسكري بين روسيا ومجموعة حلف الناتو جزء من مسار التطورات العالمية، تماما كما حدث في أفغانستان والعراق وبلاد الشام. الانكسار أو النصر له ثمن.
يوم 8 يونيو 2023 صرح الأمين العام السابق لحلف "الناتو"، أندرس فوغ راسموسن، بأن قوات الحلف يمكن أن تشارك بشكل مباشر في النزاع في أوكرانيا.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الحالي للناتو، ينس ستولتنبرغ، إن قضية أمن أوكرانيا ستأتي أولا في القمة في فيلنيوس، لكن الضمانات الكاملة ستقدم فقط للأعضاء الكاملين في الحلف.
وصرح راسموسن إن "مجموعة من دول الناتو قد ترغب في إرسال قوات إلى أوكرانيا إذا لم تزود الدول الأعضاء، بما في ذلك الولايات المتحدة، حكومة كييف بضمانات أمنية حقيقية في قمة الحلف في فيلنيوس". وأضاف أنه إذا لم تحصل أوكرانيا على أي شيء في فيلنيوس، فيمكن لدول البلطيق وبولندا تشكيل "تحالف الراغبين" لإرسال قوات لمساعدة كييف.
وفي سبتمبر من عام 2022، تقدمت كييف بطلب للانضمام إلى الحلف العسكري بطريقة عاجلة. وكما أشار مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان لاحقا، فإن مثل هذا الإجراء ليس في الوقت المناسب.
وفي الوقت نفسه، أشار وزير الخارجية الأوكراني، دميتري كوليبا، إلى أن كييف لن تكون راضية عن أي قرار آخر لقمة الحلف في فيلنيوس، المقرر عقدها في الفترة من 11 إلى 12 يوليو، باستثناء الدعوة للانضمام إليه.
من جانبه، أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن موسكو تراقب الوضع عن كثب وتتذكر أن توجه أوكرانيا المجاورة نحو الانضمام إلى الناتو هو أحد أسباب بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة.
يوم الثلاثاء 11 أكتوبر 2022 اعتبر الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ أن انتصار روسيا في الصراع في أوكرانيا سيكون هزيمة لحلف شمال الأطلسي، "ولا يمكن السماح بذلك". وأعرب ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحفي، عن ثقته في أن روسيا لن تستخدم أسلحة نووية في أوكرانيا، مشددا مع ذلك على أن أعضاء الحلف يبقون "على يقظة".
بيد أن الأمين العام للناتو الذي سينهي ولايته قريبا، استدرك وقال أن " حسم الأمر بشكل موضوعي لن يكون ممكنا إلا بعد انتصار أوكرانيا في الصراع المسلح ضد روسيا". وقال ستولتنبيرغ في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية في ألمانيا: " تتفق جميع دول الحلف على أن مستقبل أوكرانيا في الناتو" مؤكدا أنه سيكون "مستقبلا أفضل وأكثر إشراقا".
حساب طال انتظاره
جاء في تقرير نشرته وكالة "د ب أ" الألمانية يوم 9 يونيو 2023:
يرى تشاندران نير، المؤسس والرئيس التنفيذي للمعهد العالمي من أجل الغد الذي يتخذ من هونك كونغ مقرا له، أن العالم سيشهد قريبا نظاما دوليا متعدد الأقطاب. ومع تعامل العالم مع تداعيات هذا التحول في النظام، تتشكل أسس لحساب كبير. وهذا الحساب سيمثل تحديا للمعتقدات والهياكل السائدة منذ وقت طويل والتي حافظت على الهيمنة الغربية على العالم طوال عشرات العقود الماضية، مما يكشف طابع استحقاق الغرب المتصور لقيادة النظام العالمي. وسوف تكون النتيجة النهائية هي إعادة مهمة لتقييم العلاقات الدولية كما نعرفها.
ويقول نير في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إن هذا الحساب الكبير سيكون على أساس خمسة اتجاهات رئيسية، ترغم الدول الغربية على المواجهة والتكيف مع مستقبل يتعين فيه مشاركة السلطة مع باقي الدول في عالم متعدد الأقطاب. وعدم الاعتراف بهذه الاتجاهات، أو محاولة مقاومتها بشدة، يمكن أن يجعلها تشكل مخاطر جسيمة ليس فقط للغرب نفسه، بل أيضا للاستقرار العالمي.
وعلى أية حال فإنه يمكن تجنب الصراعات المستقبلية إذا أعتبرت هذه الفترة فرصة لبناء عالم أكثر إنصافا، وليست أزمة تهدد الامتيازات المفضلة والراسخة.
وسوف يعتمد تحقيق تحول سلس نحو التعددية القطبية ـ أو حدوث فترة من عدم الاستقرار والصراع المحتمل - إلى حد كبير على كيفية تعامل صانعي السياسات مع الاتجاهات الخمسة التالية:
يتمثل الاتجاه الأول في الكشف عن كيفية رواية التاريخ حتى الآن. فقد مارس الغرب طوال تاريخه الاستعماري التفسير الانتقائي لرواية الأحداث وتصوير نفسه بأنه أساس الحضارة الحديثة وأنه قوة إرشادية خيرة. لقد تغير ذلك الآن، فقد أدت تكنولوجيا المعلومات، مثل الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي إلى كسر احتكار المعلومات والتاريخ الذي كانت تهيمن عليه المؤسسات الغربية من شركات إعلامية وجامعات وخلافها. ونتيجة لذلك، بدأ الناس في جميع العالم يدركون أن التاريخ لم يعد قاصرا على التفسير الغربي.
أما الإتجاه الثاني فهو إعادة تقييم النظام الدولي "القائم على أساس القواعد". وقد لا يروق لصانعي السياسات في واشنطن سماع ذلك، ولكن المفهوم محل قدر كبير من السخرية في أنحاء العالم، ويعتبر على نطاق واسع أداة يستخدمها الغرب للسيطرة على شؤون العالم والحفاظ على الهيمنة، حيث يزداد الاستياء إزاء قيام الدول الغربية بانتهاك متكرر لقواعدها.
والاتجاه الثالث هو كشف الغطاء عن "حفظ السلام" الذي يقوم به الغرب. فعلى الرغم من تصوير الولايات المتحدة نفسها أنها الضامن للأمن العالمي، يرى الكثير من دول العالم الآن أن الولايات المتحدة وأوروبا بدرجة أقل تستفيدان من الحروب أكثر من اهتمامهما بتعزيز سلام حقيقي.
وأدركت باقي دول العالم أنه لا يمكن الثقة بالغرب فقط لقيادة جهود السلام العالمية، خاصة أن قدرا كبير من اقتصادياته تعتمد على تحقيق مكاسب من الصراعات. وفي ضوء ذلك، حدث تغير إيجابي، حيث توسطت الصين مؤخرا لتحقيق اتفاق سلام بين السعودية وإيران على سبيل المثال.
أما الاتجاه الرابع فهو ما يحدث الآن من إنهاء سيطرة المؤسسات المالية الغربية الكبرى. فليس سرا أن الغرب يستغل بشكل كبير قوته المالية لتحقيق مكاسب جيوسياسية وأغراض أخرى- ويتحدث صناع السياسات والخبراء صراحة عن استخدام المال كسلاح وفرض العقوبات على الدول التي لا تنصاع للنوايا الغربية.
وبالمثل فإن قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على تجميد وحتى مصادرة احتياطيات الدول ذات السيادة- مثل أفغانستان وروسيا وفنزويلا والعراق وليبيا - أصابت العالم بصدمة. وتجرى جهود الآن للحد من المزايا الكبيرة التي تتمتع بها الولايات المتحدة عن طريق عملتها.
والاتجاه الخامس والأخير هو أن هناك انهيارا ملحوظا لمصداقية الإعلام الغربي. ويأتي هذا في مرحلة مهمة حيث أدت العيوب الإعلامية المتكررة في السنوات القليلة الماضية إلى زيادة الوعي العالمي بدور الإعلام الغربي في إطالة أمد مظاهر النظام العالمي الحالية التي يفضلها الغرب وعلى حساب الدول الأخرى في الغالب.
وعلى سبيل المثال فإن الهجوم المستمر على الصين في الصحف الغربية تسبب في تصور غير إيجابي لبكين بأنها تمثل تهديدا للغربيين والعالم كله. وبالمثل فإن التغطية الأحادية في الغالب للحرب الأوكرانية تتجاهل دائما التعقيدات الجيوسياسية المحلية والإقليمية في العلاقات الروسية الأوكرانية القائمة منذ وقت طويل وتوسع حلف شمال الأطلسي في أوروبا.
وقال نير في ختام تحليله إنه يتعين على الحكومات الغربية، التي تعمل في غرفة صدى من الأفكار، التواصل مع أصدقائها في أنحاء العالم وإدراك ما هو واضح للجميع ما عدا لها هي فقط، وهو أن العالم لا يشبه ما كان عليه في عهد ما بعد الحرب الباردة. لقد انتهت السبل القديمة، وببساطة لا يمتلك الغرب القوة السياسية والمالية، ناهيك عن الشرعية الدولية التي كان يتمتع بها في الماضي.
كما ينبغي على الدول الغربية التكيف مع هذه الظروف الدولية المتغيرة بدلا من الإصرار بعناد على مواصلة ما كانت عليه. وعدم تحقيق ذلك سيجعل العالم مكانا أكثر خطورة وسيزيد من تقويض مصداقية الغرب ونفوذه.
عمر نجيب