قصة أحلام متسول الحلقة 15 / ذ. إسلمو ولد ماناّ

خميس, 2022-04-28 16:28

تلبسه وتظل مشتملة فيه وتنام ولمدة خمسة ‎أو ستة أشهر متواصلة . ويمكن أن يضاف إليه في  أحسن الظروف ثوبا واحدا داخليا يعرف ( بجب ) وهو خاص  بالنساء يغطي ما بين السرة إلى الركبة ويشبه إلى حدما سراويل اليمنيين ، والبنت هي الأخرى تبدأ بثوب من النيلة أيضا يدعى ( الحولي ) يقتطع لها من عمامة والدها في حدود المتر يعقد طرفاه فوق عاتقها وهو يشبه المجول العربي . 
ولما تقترب الفتات من سن الخامسة فيطور لها ذلك الثوب لليكون ( قشابة ) مطرزا نحرها ومفتوحة الأطراف وإلى حدود العاشرة من عمرها ، فحينها تلبس حوليا آخر نصف ملحفة من عرض واحد من نفس القماش وإلى أن (تبلح ) وتسمن فعندها تلبس ملحفة كاملة من سبعة أمتار ونصف المتر ، وخلال  الفترة قبل العاشرة من العمر فيحلق بعض شعر رأسها ثم يترك منه شبه مثلث يسمى العرف ويكون في مقدمة رأسها ثم ( الگطاية ) في مؤخرة رأسها ، أيضا ، وفي كل فترة سوف يتناقص  مايحلق من شعرها، وفي مرحلة لاحقة لما تكون  في حدود سبعة أو ثمانية سنوات فحينها  يتوقف عنها حلق شعر رأسها ويبدأ لها ( بآزور ) وهو نوع من الجدايل والضفائر الجميلة وكذا بعض الأستدا رات من الشعر التي تتفنن النساء الماهرات في إعدادها للفتيات الصغيرات من شعر هن بعد اعفائه من الحلاقة فيضيف منظر تلك التسريحات على ( العزبة ) مسحة جمالية قل نظيرها وقد تغنى بجمالها شعراؤنا كثيرا.ولديهم ما يبرر ذلك خصوصا من شاهد منهم جمال  ما أضافته تلك التسريحات على نضارة وجوه تلك الفتيات ولما تصل الفتات إلى مرحلة ما يعرف ( باتسوليف ) أي البلوغ الكامل ، فحينها يوضع لها مثلث معقوف القوائم تجاه الخلف فوق مفرق رأسها متوسط الجبهة وقد يكون معكوفا عادة من الوسطه ، ويصنع من القماش ومدور في سمك ثلاثة سانتميترات ويغطى بشعر رأس تلك الشابة البالغة حتى يصير وكأنه جزءا منه تماما ومنسجما كذلك  مع حجم الوجه وكثافة شعر الفتات ، ويدعى ( آدگي  ) . كما أنه في كل مراحل عمر الفتات عندنا فلا بد لها من قدر لا بأس به من الحلي تتفاوت عيناته ودرجات أصالته وجودته على حسب قدرات عائلتها المالية وذويها وكذا المحيط . وإذا ما انتعلت المرأة نادرا أو الفتات فسيكون بشبشب من خشب شجر البشام  (آدرس) والبعض يزين ذلك الحذاء الخشبي بزخارف وخطوط ملونة يتولى صناعنا  التقليديون المنافسة في إتقانها ! 
‎أما الطفل فسيبقى بلا ثياب تقريبا حتى يبدأ القراءة في بداية السنة السادسة من عمره تقريبا فإنه عندها يلبس قشابة مفتوحة الأكمام من قماش ( الشگه )  إلى حدود سن المراهقة ، ويكون عادة شعر رأسه من حدود جبهته إلى قذال رأسه من الخلف ممتد على كامل طوله ما يعرف ( بالتبيب ) ومقداره سانت متر ونصف عرضا من الشعر المعفى من الحلاقة ، وأحيانا يضيف عليه بعض الأسر قرنين من الشعر على طرفيه ، ومن يضيف كذلك عرفا في مقدمة الرأس فوق الجبهة ومنهم من يضعه  في مؤخرة الرأس وعندها تسمى العتاگة ، وفيه من الناس من يسمي  تلك البقايا من الشعر المعفية من الحلاقة ب ( الطيب والطاهر والقاسم وابراهيم ) تيمنا ربما بأبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
‎ومن الأطفال ميسوري الحال أيضا من تكون لديه سيادة من جلود خلج الخراف البيض أو السود طرية الملمس مخاطة على طريقة صناعة الفرو وكذا مفصلة على شكل ( البرنوس ) ولديها نفس ( القب ) أو ( القفارة ) لليلبسها ذلك الطفل شتاء وهو ذاهب إلى لوحه. 
‎ولما يبلغ الطفل سن الشباب فإنه يحلق كامل شعر رأسه حينئذ و يلبس ثوب الدراعة و السر وال ثم العما مة . كما ينتعل الطفل والرجل أيضا من جلد البقر . وفيه من علية القوم من ينتعل بحذاء خاص من جلد ( أجمل )، وهو نوع من بقر الوحش الجميل الذي قد كان كثيرا في البلد وقد كان الرجل الكبير الناضج يعلق أيضا في رقبته كثيرا من ( آمجاديل ) وهي عبارة عما يسمى عندنا (بلصراع ) تحضر من جلو د صغار الماعز ، ويعلق في أحد تلك لصراع بعض الأدوات الضرورية لاستخدام الرجال مثل (اجوه الموس) المطوى والثاني لاجو ه  المساويك ثم الثا لث  ( لآمنگاش ) وهو آلة لنزع الشوك من القدم ، ولها رأسان فأحدهما  حاد كالإبرة تخرج به الشوكة من مخبئها داخل القدم ، والرأس الثاني له فكين صغيرين  وكأنهما ظفرين يقفلان بقوة على ما يبرز من الشوكة ويسحبا نها خارجا عن القدم ، وهو عادة خاص بالرجال الكبار في السن والبعض يضيف إلى كل ذلك قدرا لا بأس به من التعاويذ المتفنن في جودة صناعتها من طرف صناعاتنا التقليديات الماهرات !
‎فهذه بعض مستلزمات الشباب لما يبلغون مبلغ الرجال الذين كان عليم العناية بها وكأنها موضة ذلك العصر الذهبي للبظان يوم كانوا لا يزالون شيوخ أنفهم أنقياء من دنس العولمة ! 
‎إن كل هذه العلومات أوغيرها من المعطيات التي قدمت لك موجودة في معجم الذاكرة الجمعوية الوطنية ولها علاقة وثيقة بما قد قدمت لك من صرد عن حياتنا وبعض عاداتنا التقليدية فضلت التذكير بها قصد للأعتناء بهذه الجوانب من ثقافتنا الوطنية ليلا يلعب عليها ( أرگاش ) النسيان ويطمس آثرها في  متاهات الأبدية اللانهائة . وهي أيضا نبذة تقريبيةعن حياتنا الإجتماعية قبل أن نتأثر بحضارة الغير الذي غزت حضارته مدننا بعاداته وتقاليده ! 
الجديدة . ولعلك لم تعش تفاصيل حياتنا تلك مثلي كما عشتها أنا تماما. 
‎إذن فهذه الأمور كلها مجتمعة قد تمت بمشيئة الله عز وجل في بلادنا كتراكمات تاريخية  ثقافية وحضارية ، وقد كان دوري فيها جد محدودا  للغا ية ويكاد يقتصر على ذكر البعض منها  أو التعليق على البعض الآخر، بما أعرف عنه ، شخصيا أو تأكدلي من مصا در تعد محل ثقة بالنسبة لي.

(يتبع)