في نقاش مع طلبتي يوم الاثنين 07-03-2022 على خلفية بحث كلفتهم به مباشرة بعد تفجر النزاع الروسي-الأوكراني، تبين لي أن هناك فريقين أحدهما يتجه نحو “شيطنة روسيا” و الفريق الأخر يرى أن مصالح روسيا و أمنها الحيوي فرض عليها التدخل، خاصة و أن جذور الأزمة تعود إلى رفض الغرب-الأطلسي تنفيذ تعهداته تجاه روسيا و خاصة معاهدة مينسك 1 و 2 .. وهذا النقاش قادنا بالتبعية إلى مواضيع مختلفة كالتغطية الإعلامية للنزاع والتعامل مع اللاجئين من أصول أوكرانية.. في مقابل عنصرية مقيتة في التعامل مع نفس الهاربين من مواقع المعارك، لكن لأن بشرتهم ليست بيضاء وعيونهم ليست زرق، يلقون معاملة غير إنسانية أو على الأقل معاملة مغايرة لمعاملة اللاجئين من أصول أوكرانية..و التصويت الذي تم مؤخرا في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، هذا التصويت الذي يشير إلى وجود أربع كتل دولية الكتلة الأولى بقيادة أمريكا و تتشكل من الدول التي صوتت لصالح إدانة روسيا(141 دولة ) و الكتلة الثانية بقيادة روسيا و تتشكل من الدول التي صوتت ضد قرار الإدانة ( 5 دول) و الكتلة الثالثة بقيادة الصين و تضم الدول الممتنعة( 35 دولة)… لكن هناك كتلة رابعة ضمت دول : كالمغرب و لبنان و غينيا الاستوائية و بعض الدول الأخرى التي ليس لها وزن يذكر على الساحة الدولية..و الغريب أن موقف المغرب تم الترويج له في وسائل إعلام محلية على أنه فتح دبلوماسي و حكمة و حنكة سياسية، إلى درجة أن الرئيس الروسي “بوتين” أشاد بالموقف المغربي ، و الواقع أن هذا الخبر لم أجد له أي سند يدعمه في وسائل الإعلام الروسية أو غيرها اللهم بعض المنابر الإعلامية المغربية… و خلافا للرأي الرسمي و الإعلامي المغربي ،فإن الموقف الدبلوماسي المغربي إتصف بالسلبية و التردد و عدم القدرة على إتخاد القرار المناسب، خاصة و أن هذا الموقف السلبي جعل المغرب في نفس خانة الدول التي لا وزن لها في الساحة الدولية، فلا يعقل أن تكون الدبلوماسية المغربية التي دخلت في صراعات حادة مع دول أوربية و غامرت بعقد إتفاق تطبيع مع الكيان الصهيوني، و إنخرطت بشكل غير مدروس في خدمة أجندات صهيو-أمريكية، ينتهي بها الأمر في الأزمة الأوكرانية -الروسية إلى الهروب من المواجهة…كنا سنحترم موقف الحياد لو أن الدبلوماسية المغربية مارست هذا السلوك بشكل عام تجاه القوى الدولية المتنافسة على السيادة و الريادة الدولية…
لكن رغم ملاحظاتنا على الموقف الدبلوماسي المغربي، إلا أننا نؤكد على ضرورة التحلي بنوع من البرغماتية الذكية، والقراءة الموضوعية والرصينة للصراع والمتغيرات الدولية..و الموقف المغربي رغم أنه موقف “إرتجالي” لكن ربما سيكون في القادم من الشهور هو الحل للخروج من دورة أزمات دولية مدمرة، فالمغرب و معه باقي البلاد العربية و الإسلامية ملزمة بالابتعاد عن بؤر النزاع، و عدم الانخراط في أزمات لا تخدم مصالح هذه البلدان.. بل و استغلال حالة الصراع لتحقيق مكاسب تفاوضية و مكاسب تجارية و إقتصادية و جيواستراجية، و ربما موقف الرئيس الباكستاني الذي زار روسيا قبل أسابيع و حصل على مجموعة من الامتيازات من القيادة الروسية في شكل أطنان من القمح و سلع طاقية بأثمنة تفضيلية نموذج لهذه البرغماتية و القدرة على تحويل هذه الأزمات إلى مكاسب ، و قد أعلن ذلك لشعبه في خطاب نقله التلفزيون الرسمي.. و قرر أن يقف موقف محايد من أطراف النزاع، و قد رأينا كيف إستقبله الرئيس الروسي في مقابل الاستقبال الذي حظي به الرئيس الفرنسي و غيره، وفي ذلك رسالة لأهمية الدور الباكستاني و معه الدور الذي يلعبه مسلموا وسط أسيا عموما في ترجيح كفة هذا الطرف أو ذاك..و روسيا تدرك تماما أن هذه الشعوب المقاتلة بالفطرة قادرة على ترجيح كفة هذا الطرف أو ذاك ..و لعنا نذكر الدور الذي لعبته أفغانستان و من خلفها باكستان في إنهاء مجد الإتحاد السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي ، و نفس الأمر تكرر في أرض أفغانستان عند تم إلحاق هزيمة مذلة بالولايات المتحدة الأمريكية…
ينبغي أن ندرك أن المنطقة العربية و الإسلامية سيكون لها دور بالغ الأهمية في ترجيح كفة هذا الطرف أو ذاك، فشعوب هذه المنطقة هي من أسقطت الإمبراطورية المغولية و أوقفت زحف التتار بإتجاه أروبا، نفس الأمر تكرر مع توسعات الغرب المسيحي و تحديدا الإمبراطورية البرتغالية و الإسبانية، و كيف لعب المسلمون دورا بالغ الأهمية في وقف زحفها باتجاه إفريقيا و أسيا، كما تم إسقاط الإمبراطورية الفرنسية بعد فشل حملة نابليون على مصر، و في القرن 20 بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر و فشل بريطانيا في وقف قرار تأميم قناة السويس تراجع نفود بريطانيا و صعدت أمريكا و الاتحاد السوفياتي كقوتين متنافستين على إقتسام مناطق النفوذ..
وكما قلت فإن الغزو السوفياتي لأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي كان السبب المباشر في تفككه و انهياره، و مهد الطريق لصعود الولايات المتحدة و إنفرادها بقيادة العالم.. وتبعا لذلك، قامت بغزو العراق في 1991 ودخلت في سلسلة من الغزوات والتدخلات بالمنطقة العربية و الإسلامية، و كان أخرها غزو أفغانستان و العراق بعد تفجيرات 11 سبتمبر..و كان للمقاومة في كلا البلدين دور بالغ الأهمية في الحد من إندفاع القوة الأمريكية و إفشال استراتيجياتها للسيطرة، و قد عانت شعوب المنطقة من لعبة الشطرنج الدولية و دفعت ثمنها من دماءها و أموالها …
لكن من المؤكد أن تضحيات شعوب المنطقة طيلة عقود، كان لها بالغ الأثر في تغيير قواعد اللعبة الدولية، وصعود أقطاب جديدة، فثمة إقرار أمريكي، بتراجع الدور القيادي الذي تلعبه الولايات المتحدة على مستوى العالم.. فقد مثل سقوط الرئيس العراقي الأسبق “صدام حسين”، وكذا سقوط حائط “برلين” و انهيار الاتحاد السوفياتي، وسيادة الأحادية القطبية، من أبرز تداعيات حرب الخليج الثانية سنة 1992.. وفي تلك الفترة كان هناك إستراتيجية أمريكية كتب عنها السفير ومساعد وزير الخارجية الأمريكية، Martin S. Indyk، في مقالته: ” عودة إلى لعبة الشرق الأوسط – 17/2/2015″، قال فيها :”كان للولايات المتحدة إستراتيجية للشرق الأوسط عرفت باستراتيجية الأعمدة، وأساسها العمل مع القوى الإقليمية الملتزمة بالحفاظ على الوضع القائم – إيران والسعودية وإسرائيل وتركيا». لكن «بعد عام 1992، حين أصبحت الولايات المتحدة القوة المسيطرة … تبنّى “بوش” و”كلينتون” إستراتيجية واضحة ومتوسعة للحفاظ على الاستقرار، تضمنت ثلاثة مكونات:
- السلام الأمريكي – حل شامل تدعمه أمريكا للصراع العربي الإسرائيلي؛
- الاحتواء الثنائي لاثنتين من قوى المراجعة – العراق تحت حكم صدام حسين وإيران تحت حكم آيات الله؛
- الاستثنائية العربية – تم إعطاء المستبدين العرب، شركاء أمريكا في الحفاظ على نظام الشرق الأوسط، إشارة خضراء عندما يتعلق الأمر بمعاملة مواطنيهم”…
و هذه الاستراتيجية بنظر السفير Indyk عملت بشكل جيد لمدة عقد ، لكنها بعد أحداث 11 سبتمبر لم تعد ذات جدوى و يقول : ” في سياق الحفاظ على النظام فإن الإستراتيجية عملت بشكل جيد لمدة عقد، لكن كل شيء تساقط في أعقاب 11 سبتمبر، حيث هجرت الولايات المتحدة الاحتواء في سياق تغيير الأنظمة، مسقطة صدام حسين، بتهور فتح الأبواب من بغداد إلى إيران، كما توقفت عملية السلام العربية الإسرائيلية، وقاومت بعناد المحاولات المتعددة لإعادتها للعمل … وخلال تلك العملية انهار النظام القائم، وتم استبداله بأنظمة فاشلة، ومناطق غير محكومة، وصعود القاعدة وداعش.. لا يجب أن يشعر المرء بحنين للنظام القديم: لقد كان استقراره كثيرًا ما يؤدي إلى صراعات وانقلابات، كما كان ثمنه هو القمع. وقد جلب انهيار النظام القديم ثلاثة صراعات إلى الصدارة، يغذي بعضها بعضًا، وتخلق الاضطراب الحاد في جميع أنحاء المنطقة”.
وفقا لشهادة Indyk، فقد بدت الولايات المتحدة آنذاك أشد عدوانية وغطرسة من أي وقت مضى. لكن بعد مضي أقل من عام على هجمات 11 سبتمبر، وأمام تجمع مناهض للحرب في ولاية شيكاغو في أكتوبر سنة 2002، وخلال الإعداد لغزو العراق واحتلاله، حدد الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بعبارته الشهيرة موقفه من الحرب قائلا: «I don’t oppose all wars. What I am opposed to is a dumb war. What I am opposed to is a rash war. = أنا لا أعارض الحروب لكني أعارض الحرب الغبية والمتهورة”.
ومنذ صعود “براك أوباما” للسلطة إستخدم هذه العبارة، فأصبحت الحروب الأمريكية “ذكية ومدروسة”، وهو ذات النهج الذي تبناه خلفه “ترامب” و ” بايدن”…
والأزمة الروسية – الأوكرانية نموذج لنوعية التدخل الأمريكي” الذكي والمدروس” ومما يمكن استخلاصه من هذه الأزمة، أن تدخل روسيا في أوكرانيا اتسم بقدر كبير من الدقة، وإلى حدود كتابة هذا المقال الخسائر البشرية وفي البنية التحتية محدودة نسبيا مقارنة بالتدخل الروسي في سوريا. ومقارنة بالتدخل الأمريكي في العراق وأفغانستان وسوريا، فقد تم تدمير الإنسان والحجر، بل أعادت هذه البلدان إلى العصر الحجري.. لكن هذه الفظاعات الأمريكية أو الروسية التي تم ارتكبها ضد الشعوب العربية والإسلامية لا يتم تغطيتها بالقدر الكافي خاصة من قبل الإعلام الغربي الذي يدعي المصداقية و الموضوعية و الدفاع عن حقوق الإنسان، و لم تتدخل المنظمات الدولية و الحكومات بشكل فعال لوقف العدوان ضد هذه الشعوب ، بالرغم أن العدوان و فق مبادئ القانون الدولي و اضح في حالة هذه الشعوب ، مقابل غموض في حالة الأزمة الأوكرانية…و قد قلت في السابق أن التكييف القانوني للتدخل الروسي في أوكراني محل نقاش هل هو عدوان أو غزو، و لابد من الإشارة إلى أن هناك خلاف من زاوية من أطلق الشرارة الأولى للنزاع هل روسيا أم أوكرانيا، و بحسب وسائل إعلام روسية فإن تدخل روسيا جاء لحماية “الانفصاليين” ، من هجمات الجيش الأوكراني..و تدخل روسيا كان بموجب اتفاقيات دفاع مشترك..
و قد أثارت الأزمة الأوكرانية ردود فعل كثيرة تنتقد ازدواجية المعايير لدى كثير من الدول حاليا..وتداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات للسياسي الإيرلندي ريتشارد باريت، تحدث فيها عن فلسطين، قائلا “إنه خلال 5 أيام من الحرب فرضت دول حول العالم أشد العقوبات على روسيا، مقابل 70 عاما لم تفرض فيها دول كثيرة أي عقوبات على إسرائيل، نتيجة اعتداءاتها على الفلسطينيين.”..كما نددت البرلمانية البريطانية “جولي إليوت” بالازدواجية في تعامل الغرب مع فلسطين وأوكرانيا، وقالت في تصريحات لها إن “العالم يعاقب روسيا لاحتلال أوكرانيا، لكن الفلسطينيين يسألون لماذا لا نفعل شيئا لإنهاء الاحتلال”.
إن ما يطلبه الفلسطينيون منذ خمسين سنة نفذه الغرب بسرعة في أوكرانيا: الوقوف أمام دولة عدوانية واحتلالية، وفرض عقوبات اقتصادية، وإغلاق المجال الجوي أمام رحلات الطيران، وخطوات مقاطعة فورية في مجال الرياضة والثقافة… خطوات اتخذت وطبقت في أيام.. حتى السلاح والذخيرة وصل إلى الأوكرانيين في أيام..
والواقع أن الغرب “يكيل بمكيالين” و يتعامل مع الشعوب الغير منتمية لحضارة الرجل الأبيض بنوع من الاستعلاء و الأستاذية، فهو يفرض وصاية على إختيارات هذه الشعوب، و حتى عندما يدعو إلى الاحتكام لصناديق الاقتراع فهو يحدد سلفا نوعية النتائج التي يؤيدها و يقبل بها، فإذا جاء الإسلاميين أو الوطنيين على غرار “محمد مصدق” الذي لم يكن محسوبا على تيار الإسلام السياسي، فهؤلاء غير مرحب بهم .. و لا حرج حينئذ من الانقلاب على نتائج صناديق الاقتراع ، و هذا المنهج رأيناه يتكرر في ثورات الربيع العربي، فنجاح الثورات المضادة في إفشال ثورات الشعوب، ما كان ليتحقق لولا دعم الغرب ووسائل إعلامه المتمرسة في شيطنة الأعداء .. في مقابل ذلك، رأينا كيف أنها في 24 ساعة إنقلبت على “ترامب” و حظرته و منعته من حقه في التعبير عقابا له على محاولة الانقلاب على إرادة الشعب الأمريكي المعبر عنها في صناديق الاقتراع التي أعطت الأغلبية ل”بايدن”، و على المؤسسات الدستورية و الديموقراطية الأمريكية…فلماذا لم تتعامل الحكومات ومنصات التواصل ووسائل الإعلام الغربية، بنفس المنطق عندما تم الانقلاب عن نتائج الانتخابات الحرة و النزيهة في معظم البلدان العربية بعد 2011..؟ وما ذنب الشعب العراقي و السوري و اليمني و الليبي الذي شرد و دمرت بنيته التحتية و قتل أبناءه، لماذا أصبحت بلداننا مسرحا لتصفية حسابات دولية و إقليمية؟ لماذا لم ننتبه إلا أن الغرب والشرق يتفق على ذبحنا و نهب ثرواتنا و لكن يختلفون و يتقاتلون عندما يتعلق الأمر بالرجل الأبيض…من دون شك، أن ما يحدث في العالم العربي هو مأساة و تراجيديا مؤلمة.. و هو بنظرنا، نتاج لنوعية الحكام الذين حكموا العالم العربي، وكَأَنَ دورهم الأساسي إضعاف شعوبهم و تعريض بلدان المنطقة للإحتلال و التدخل الأجنبي السافر، و نسف كل عناصر القوة و أوراق الضغط التي تملكا شعوب الاقليم، فالبلدان العربية و الإسلامية مفتاح أساسي في السياسة الدولية لمعظم القوى العظمى، و ذلك بفعل العوامل التالية :
العامل الجيوستراتيجي : المنطقة العربية و الإسلامية توجد في مركز العالم، و التحكم في هذا المركز يمكن القوة العظمى المتحكمة من فرض شروطها على باقي القوى الدولية ..
العامل اقتصادي: المنطقة غنية بالموارد الطبيعية الضرورية لحركة الاقتصاد العالمي ، العامل الثقافي
العامل الثقافي :المنطقة حامل لحضارة مغايرة للحضارة الغربية ذات التوجه الليبرالي فبعد فشل الأطروحة الشيوعية واكتساح القيم الليبرالية لأغلب أقاليم العالم، فإن المنطقة العربية والإسلامية لم تستسلم للوافد الجديد بل لازال هناك تيار قوي بداخل هذه المجتمعات يرى في المنظومة الثقافية البديل للمنظومة الثقافية الغربية .. فهذه العوامل التي من المفروض أنها نقاط قوة بيد أهل المنطقة، أصبحت بفعل غياب إدارة إقليمية رشيدة لمكونات القوة، منطقة هشة و شبه فارغة مفتوحة لكل ابتزاز أجنبي..
من دون شك، أن الوضع الحالي للإقليم العربي و الإسلامي جد معقد وأن حجم التهديدات يتسع، لكن مع ذلك هناك بدائل تدعو إلى التفاؤل، إن قوة المنطقة اليوم ليس فيما تملكه من أسلحة.. فمهما يكن حجم هذه الأسلحة فهو لن يضاهي ما تتوفر عليه القوى العظمى. لكن قوتها – المنطقة العربية و الإسلامية – تكمن في إرادة الشعوب و ثباتها العقائدي، فشعوب المنطقة رغم حالة التجهيل و التفقير الممارس عليها من قبل أنظمة غاشمة تحظى بغطاء أجنبي .. إلا أن هذه الشعوب لازالت تؤمن بأحقيتها في تقرير مصيرها ، فالجميع يتذكر ما فعله الشعب الصومالي و اللبناني بالجيش الأمريكي ، و ما فعلته الفلوجة و المقاومة العرقية في جيش الاحتلال الأمريكي و حلفاءه، و كيف انتفض الشعب المصري و التونسي و السوداني و الجزائري و اليمني و العراقي..من أجل التغيير و الخروج من دائرة التخلف و التهميش و التبعية المذلة للأجنبي ..صحيح أن التغيير المنشود لم يكتمل بعد بفعل تكالب قوى محلية ودولية رافضة للدمقرطة، إلا أن حركة التغيير ستنجح في تحقيق أهدافها، لأن نقطة ضعف المنطقة في أنظمتها الحاكمة المتهالكة، العاجزة عن بناء أي قوة ذاتية باستقلال عن الوصاية الأمريكية أو الأجنبية عامة..و الظرفية الدولية الحالية الحكومة بصراع شديد بين الغرب و الشرق، صراع رحل مؤقتا عن أراضينا باتجاه شرق أروربا و شرق أسيا ، هذه الظرفية ينبغي استغلالها ببرغماتية …
لكن من المؤكد، أن شعوب المنطقة في حاجة إلى نخب حاكمة تعبر عن إرادة شعوبها و تخدم مصالح أوطانها، و تحقيق ذلك يرجعنا إلى مربع التغيير و الدمقرطة و التكامل العربي- العربي و العربي -الإسلامي…ونوجه عناية شعوب المنطقة إلى ضرورة الاستفادة من الدرس الكوري الجنوبي و الياباني الذي فضل منطق التقارب مع الجار الكوري الشمالي، بدل الخضوع للنزعة العسكرية الأمريكية..وكيف تمكنت بلدان جنوب شرق أسيا من تجاوز أحقاد الماضي و التحالف و التعاون من أجل بناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة .. و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..
د. طارق ليساوي إعلامي و أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية و السياسات العامة..