إن الثقافة الاجتماعية في المواقع الافتراضية، توجهها الكتابات الواعية للكتاب، والأكاديميين الذين سعوا، ويسعون لتشكيل الوعي التربوي، والثقافي، والسياسي لاتجاهات الرأي العام الوطني، الأمر الذي استدعى مني تتبع هذه الكتابات بحثا عما يمكن أن يشكل فرعا من فروع الخطاب الثقافي الاجتماعي الذي يؤرخ أصحابه بكتاباتهم الى هذا المستوى من الكتابة الحرة التي يراوح اصحابها بين الاهتمام بالهم العام، والاهتمام بهموم الكتاب، وعلاقاتهم مع النظام السياسي، وتفاعلهم، وفقا لهذا المعطى المؤول من طرف البعض على أساس الالتزام المشترك بين المثقف، ونظامه السياسي العام، بينما يراه آخرون على العكس من ذلك خيانة لرسالة المثقف في الخطاب السياسي للناشط الاجتماعي، وكذلك الكاتب الأكاديمي الذي يشارك في تنويع الثقافة بكتاباته الراقية خارج حقل التعليم..
ولعل خلفية البحث في علم الاجتماع التاريخي ـ كما ذكرت في مقال سابق ـ هي التي وجهت، وتوجه الى الاهتمام بهذه الكتابات الحرة، لأنها ستكون يوما ما، مادة للمؤرخ، لأنها أكثر موضوعية من الكتابات التاريخية للأحداث السياسية للمؤرخ الذي، كان في السابق، يتفرد بالكتابة عن الحوادث..
وبعد التوجه نحو الثقافة باعتبارها مصدرا للمعلومات الاجتماعية، والثقافية، ومن أجل التنقيب في الخطابات من حيث موضوعيتها، أو تحيزها لاشباع الدوافع الذاتية، أو لتقصير في رؤى بعض الكتاب،، وسيكون التناول بحول الله تعالى متميزا بالموضوعية، سواء أكان ذلك على مستوى المادة المعروضة في المقال، أم في المنهج التحليلي.
أما من جهة الموضوع، فهو يتعلق بمظاهر الحياة اليومية، والميول السياسية في الكتابة،، بينما المنهج، فهو خاضع للقراءة الداخلية، ومقارنتها بما يوازيها في المجال المبحوث، وذلك لتحري وجهة النظر للكاتب في اقتباس واحد، أو اكثر في المقال، حتى يتم تجنب الانتقاء الناقص في تقديم رؤية الكاتب في الاقتباس الواحد..
وقد جاء في مقال الكاتب/ الولي سيدي هيبة/ تحت عنوان" أدب الطفل، وثقافة ‘التبتيب‘ " في موقع " موريتانيا الآن" تقييما استهله بمقارنة، قياس مفارق لغياب ثقافة الطفل في مجتمعنا، واهمالها، خلافا لما هو قائم في المجتمعات العربية الأخرى التي اعطت اهتماما واسع النطاق لثقافة الطفل في بداية الألفية الثالثة، وهو اهتمام عالمي، وقومي عربي، كما عبر عن ذلك الكاتب في حديثه عن معرض الكتاب في جمهورية مصر العربية، الأمر الذي دفع بالكاتب الى التنديد بمحدودية الانتاج التربوي، و الفكري في موريتانيا، كما في الاقتباس التالي: " وهو الأدب الغائب في بلاد" التناقضات الكبرى" ـ وهذا التعريف الجديد، لم يتداول من قبل، ولعله من الأسماء المخترعة من طرف الكاتب، شأن التعريفات المتداولة لبعض الكتاب السابقين، وربما أن الكاتب استهواه ابتكاره للتعريف، ومشروعيته على غرار سهولة تسمية الرجل لابنائه في ثقافتنا العامة ـ ، بل وينظر إليه على أنه مضيعة للوقت، وتصابي من لدن البالغين، ولكن أنى لأدب طفل أن يرى النور، ويشجع، وينشر في بلد لا منتج " أدبيا" فيه لكباره: (1) ـ يرفع من كبوة.و(2) ـ أو ينافس في "معرض" بحضور مشرف، ولو قل كما، وتوجد نوعا.و(3) ـ أو يصحح مسارا غلبت عليه الأدعائية، وإعادة تكرير منتج الأولين، بلا تردد، أو استحياء، في ضعيف المناسبات التي تقام بعناوين كبيرة مثيرة على خلفية من المجاملات المكشوفة، وتعمد " ستر" وجه العجز الانتاجي غياب المبدع، تصرف فيها" الاموال وتغيب عنه الاعمال؟".
وهذا نقد موجه لجهات عديدة منها الكتاب، وتواضعهم على مثلبة اجترار فكر الآخر ما يعني الاشارة الى السرقات الفكرية، وهي اعتداء سافر على اصحاب الفكر التربوي الحديث، والمعاصر من طرف الذين نسبوا الفكر لغير اصحابه، ولقوا التشجيع الآثم من المؤسسات التربوية بالتغافل عن جريمة السرقات الفكرية..
ورأى الكاتب أن البيئة الثقافية، تمثل تيارا مناهضا لثقافة الطفل في بلادنا، ومن هنا كان الاستنكارفي تساؤله دالا على استحالة الحقل الفكري لتنمية، وانتاج الابداع التربوي للنشء، وتكتمل الرؤية العامة لدى الكاتب في الاقتباس التالي:" وأنى لأدب طفل ـ إن رأى النور ـ أن يهذب طفلا في بلد " قاموس" التعامل اللفظي فيه مشحون بمفردات تقتل الاستقامة، وتعري الإباء، وتعيب الأمانة، ونبذ الصدق، والوطنية، وتشجع روح الاستعلائية، والإدعائية، والكراهية، والمراوغة، والاحتيال، والنفاق، قاموس لا تغيب عنه كذلك خيانة الوطن، ومهارات التنصل على حين غرة من مساطير الاخلاق، والقيم، والمبادئ".
وهذا النقد التتبعي، كان موجها أولا لندرة المادة المعرفية الخاصة بثقافة الطفل، بما عبر عنه بالاهمال للطفولة في موريتانيا، وثانيا للسرقات التربوية، وثالثا للمكون الثقافي، وكنا نتمنى أن يكون النقد موجها لانتاج ما، ومحاولة تقييمه بعوارض النقص الحاصلة فيه، بينما المفارقة في التناقض بين القيم الاخلاقية المذكورة مع السلوك التداولي في الحقل الاجتماعي..
فحبذا لو كان النقد مقتصرا على مادة معرفية لكاتب ما، أو منهجه، أو في حدود ملاءمة النتوج للثقافة العامة، أو للنمو العقلي، والنفسي، والجسمي لمراحل الطفولة، وهو ما يسمى احيانا بضرورة التكيف الثقافي والاجتماعي بما يتيح التفاعل العام مع ثقافة الاجيال الناشئة التي تواجه تداعيات الصراع بين الاجيال، الابناء، والآباء..
وهذا التوجيه من الكاتب، اكثر منه انتقادا سلبيا، غير أن الكاتب استنطق الواقع بما هو مأسوف عليه في مجال الوعي التربوي الغائب عن تفكير الكتاب، ومن ضمنهم بعض الأكاديميين المهوسين بالكتابة الانشائية في الرواية الأدبية، والقصة .
والكاتب يوجه النقد ليؤسس لتصويب الاتجاه التربوي في سبيل إصلاح عام، يواكب تربية النشء في رياض الاطفال، وفي مراحل التعليم الأولي، كأنما اصحاب الفكر التربوي، يلقون بالمسؤولية على أسرة الطفل، والمدرسة التي تقدم المادة التربوية ضمن المناهج التربوية العامة دون اهتمام بثقافة الطفولة، والمشاركة في بناء الكيان النفسي، والعقلي للطفل قبل تقييم الجانب المعرفي، الأمر يتطلب تعمقا في الفكر التربوي، والاطلاع على كتابات علماء الاجتماع التربويين في كتابات "جان جاك روسو"، و"جان بياجه"، و"جون ديوي"، والمدرسة السلوكية التي تدرب المربين على تقنيات التعليم الشرطي، التحفيزي في تعليم الطفولة خلال مراحل النمو العقلي في طرق التدريس، كالحوار، واستخدام الصورة، والمشاركة العملية التي تجعل كلا من المتلقين، والاستاذة في دائرة التفاعل المشترك سعيا لاستيعاب المطلوب نفسيا، ووجدانيا، ومعرفيا..