إن هذه الانقلابات الثورية المباركة تأتي في الوقت المناسب، ولو أنها تأخرت، لكن اهداف القائمين بها، تؤكد المشروعية الثورية والقانونية لها، وهي تحرير اقطار افريقيا، ووضع حد للنهب الامبريالي لخيراتها،، الأمر الذي يسجعل فرنسا عما قريب واحدة من دول العالم الثالث، كما قال "جاك شيراك"، الرئيس الفرنسي الذي هزم الاشتركيين في فرنسا في تسعينيات القرن الماضي،، حيث أصر على طرفي المعادلة السياسي التحرري الافريقي، ومقابله الاقتصادي المدمر لفرنسا حين تخرج من افريقيا، وترجع الى واحدة من دول العالم الثالث نظرا لمحدودية مواردها ، بينما هي الآن، تملك رابع احتياط عالمي من الذهب، على الرغم من أنها لاتملك معادن ذهب في بلادها، لكنها تنهب بشركاتها، وسفرائها، وجنودها، ووكلائها من حكام افريقيا القائمين على تصدير مصادر الثروة اليها من اخشاب، وقهوة، وموز، فضلا عن المعادن الكريمة من الذهب، والأرانيوم، والحديد والاسماك، والبترول من جمهورية مالي ، والكامرون، ثم من وسط افريقيا، وانغولا، والغابون والنجير، ونيجيريا، وليبيا، وغيرها، ومن هنا، فلا نستغرب أن يحصل هذا التجاوب في توالي الانقلابات التي تأتي بعد المظاهرات المعبرة عن الرفض والسخط الوطني على ما عليه البلاد من تخلف، وتبعية دمرت الاقتصادات الوطنية،، ولم يبق لابناء هذه الشعوب الحية والمناضلة، الا النزول الى الشوارع، وبالتالي على الوطنيين الاستجابة ،، في هذا التفاعل الرائع في تحطيم الاوثان الفرنسية، ودماها المسنودة على الاخشاب في القصور التي يتلقى من فيها طيلة الستين عاما الماضية ، الأوامر من سفراء فرنسا،،
إن المتتبعين لتاريخ النضال الوطني والقومي في قارتنا الافريقية، يعرفون أكثر من غيرهم تراث افريقيا الناضلي حيث طردت الاحتلال الغربي في خمسينيات، وستينيات القرن الماضي بالمناضلين الثوريين ابتداء من ثورة يوليو 1952 بقيادة عبد الناصر، ونكروما ، ولومومبا، وسيكوتورى،، والثورة الجزائرية العظيمة، وثورة الفاتح الليبية،، وكل هذا التراث النضالي لم تنطئ شعلته، وإنما كان ينتظر التيار الذي يبدد الغطاء الرمادي لتلتهب شعلة الثورات، ويخرج الثوار من ثكناتهم ملبين نداء افريقيا،، من ابنائها الأحرار لتلتف عليهم شعوبهم، بالتأييد،، الأمر الذي يؤكد على أن ليس للوكلاء من وطن غير فرنسا اليمينية المتطرفة التي تمارس العنصرية على الافارقة في فرنسا على اساس ان فرنسا للعنصر الابيض، وليس للملونين،،
واليوم يأتي الرد الذي تستحقه فرنسا، وقد تأخر للاسف، وهو ان افريقيا للافارقة، ولن يحكمها الوكلاء في العشرية التي بدأت بالانقلابات الشجاعة التي تعبر عن رفض الثوار، وعزيمتهم، وإصرارهم على استرجاع الحقوق الى اهلها،،،
وليخسأ المتواطئون الذين، سيلقون مصير نظرائهم، ذلك ان لا شرعية لنظام حكم في أفريقيا قائم على المؤسسات الصورية التي جلبت المجاعات، واعتاشت على النعرات الفئوية، والعرقية، والتفكك الاجتماعي، والمحسوبية، والجهوية، والطرقية المتخلفة،،واستجلاب القوات الاحتلالية أقطارنا الافريقية..
فالجاهل، هو الحاكم الذي يعتبر أن عنده شرعية سياسية ما لم يحقق العدالة الاجتماعية، ويسترجع السيادة الوطنية، والاستقلال السياسي ،والاقتصادي، والثقافي...