بعد صفقة القرنين ( ترامب ونتانياهو ) . دقّت قلوب جنرالات الأمن في كل المنطقة خشية من مفاجآت قادمة , لأن الشلل السياسي هو المسبب الأول لكل الازمات , وأن فشل السياسيين في أية دولة يؤدي الى أزمات إقتصادية ولإنحراف البوصلة وإنجراف الشباب نحو العنف والقتال لاصلاح الخراب الذي خلفته حكوماتهم .
الجمهور الفلسطيني لا يصدّق ان التنسيق الامني قد توقف مع اسرائيل ، ولكنه يعرف ان التنسيق الامني قد تضرر جدا من صفقة القرنين ، لدرجة لا يمكن اصلاح الضرر , ولحساسية الامر أقول ان التنسيق الأمني مع الاحتلال في حالة تراجع مستمر ومرّ بعدة مراحل :
- عام 1996 وبسبب نتانياهو وحفره لنفق تحت الأقصى وقعت إشتباكات مسلحة بين الأمن الفلسطيني وبين الاحتلال . وكان هذا أول كسر في العلاقة الزجاجية الهشة .
- عام 2000 إنتقل التنسيق إلى قتال في معظم المناطق وتوقفت الدوريات المشتركة التي كانت تجوب المدن الفلسطينية كل يوم 3 مرات وأكثر .
- عام 2001 إنخلع التنسيق الامني من الكتف وتحوّل التشكيك بالنوايا الى مطاردات .
- عام 2002 عند إجتياح الضفة الغربية إنقطع التنسيق الامني بالكامل وإنتقلنا الى مرحلة العمليات بكل معنى الكلمة ولا يزال خيرة أبناء الاجهزة الامنية في سجون الاحتلال حتى اليوم .
- عام 2003 تم اختراع قضية غرفة التنسيق المشتركة بين الجنرال الامريكي دايتون وبين الزعيم ياسر عرفات ، وصارت مخابرات السي اي ايه هي حلقة الوصل بين أجهزة أمن السلطة وبين الاحتلال .
- عام 2004 فشل دايتون وجاءت القوات الاوروبية لتلعب دورا " خسيسا " . فتم تشكيل فريق المراقبين الأجانب في محور رفح وفي سجن أريحا ، ولكنهم هربوا بالتنسيق مع اسرائيل وتركوا محور فيلاديلفيا شاغرا عام 2005 وهربوا من سجن أريحا وقاموا بتسليم الأمين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات ورفاقه ومعهم اللواء فؤاد الشوبكي للاحتلال.
- عام 2006 عاد التنسيق الامني خجولا في الضفة الغربية ,, وبقيت القدس تحت سيطرة الاحتلال وظلّت غزة على طريق الانسحاب أحادي الجانب حتى سيطرة حماس على السلطة في العام 2007 .
- في العام 2007 وبعدما حدث بين السلطة وبين حماس ، عادت اسرائيل الى التنسيق الامني من أوسع الأبواب وبشكل علني , وقطعت حماس علاقتها بالسلطة ، ولكن المخابرات المصرية صارت هي حلقة الوصل بينها وبين الاحتلال في كل الحروب وفي كل الاحداث .
وبعدها مرّ التنسيق الامني بفترات مد وجزر حتى وصلنا الى يومنا هذا . تنسيق أمني في الضفة ، رفض الاحتلال للتنسيق الامني في العاصمة المحتلة ، وتنسيق عن طريق المخابرات المصرية في قطاع غزة .
في حال ذهبت السلطة الى قرار وقف التنسيق الامني وهذا جيّد للجمهور الفلسطيني ولقواتنا ، لن يقبل الفلسطينيون أن تلعب مخابرات السي اي ايه دورا كالذي لعبته أيام الرئيس بوش وكولن باول وجورج تينيت عند حصار عرفات في المقاطعة , وسيدخل طرف ثالث كوسيط . والأوفر حظا لهذا الدور هو المخابرات المصرية ، أو الاوروبية وبالذات البريطانية , وريما تتدخل دولة عربية ثالثة .
بقي شهر على الإنتخابات الاسرائيلية ، وبعدها نحو شهرين لتشكيل الحكومة ,, وحتى الصيف ستعيش المنطقة شللا سياسيا كاملا ، وترتفع حدة الأزمات الأمنية والاقتصادية .. وتستمر المقاومة الشعبية .
وفي حال نفّذ الاحتلال عقوبات إقتصادية جماعية وأعاد الحواجز على طرقات الضفة الغربية ، فلن تستطيع اي جهة أمن في العالم منع عودة العمليات.
د. ناصر اللحام