إن مشكل التعليم في بلادنا هو مشكل قديم وإن كان هذا المشكل قد تطور وتعقد عبر المراحل الإصلاحية للمنظومة التعليمية والتربوية.
فقد شهد تعليمنا عدة إصلاحات متتالية، وقد عرف بداية إنحطاطه مع الإصلاح التربوي اواخر السبعينات وبداية الثمانينات هذا الإصلاح التربوي ادى إلى وجود جبلين متنافرين وغير قادرين على التواصل وتبادل المعلومات، فجيل قاعدته عريضة ناطقا باللغة العربية وقليل الحضور والتمثيل في الإدارة، وجيل آخر ناطق باللغة الفرنسية واحسن حضورا في الإدارة وهو الوريث الفعلي للإدارة الفرنسية حينها.
وكان لهذا الإصلاح دوره السلبي في تخرج جيل كامل في مجال او مجالين من المجالات الأدبية وأحيانا الاقتصادية من جامعة انواكشوط، وبعض التخصصات الأخرى والتي لا تتلاءم وسوق العمل مما ادى إلى تفاقم ظاهرة البطالة بين صفوف آلاف الشباب.
ثم تواصلت عمليات الإصلاح التعليمي، فكان آخرها إصلاح 1999 المتعلق بمقاربة الكفايات، وبالرغم من اهمية هذا الإصلاح وما يقدم من حلول وأهداف واضحة المعالم إلا انه ربما لم يأخذ في الحسبان وضعبة التعليم الصعبة في بلادنا وخصوصياتنا وما هو متاح لنا من إمكانات ووسائل قد لا تفي بالحاجات.
ومن المعروف ان تطبيق مثل هذه المقاربة يتطلب وسائل وموارد وبنى تحتية وظروف تعليمية قد لاتكون متاحة لنا خاصة في الظروف الحالية.
هذا بالإضافة طبعا إلى إكتتاب العديد من الكوادر البشرية من أساتذة ومعلمين خلال فترات زمنية متتالية حيث يعاني بعضهم من ضعف في المستويات مما كان له الأثر السلبي على الأداء ، ومع ذلك لم تعمل الجهات المعنية على الأقل على تحسين مستوياتهم من خلال التأطير والتكوين المستمر للتغلب على الظاهرة او التخفيف من حدتها.
ينضاف إلى ذلك وهو الأهم تخلي الدولة عن مسؤولياتها إتجاه المدرسة الجمهورية والتي يدرس فيها الجميع من ابناء الميسورين الأحوال او الأغنياء بجانب إخوانهم من ابناء الفقراء، كما يدرس فيها ابناء المسؤولين الكبار إلى جانب أبناء المزارعين او المنمين او وغيرهم من أبناء الشعب.
هذا طبعا مع وجود التعليم الخصوصي بمحاسنه ومساوئه، وكذلك مع تخلي الأسر ووكلاء التلاميذ عن أدوارهم الأساسية في العملية التربوية والتعليمية برمتها.
وإذا ما اضفنا لما سبق العوامل الخارجية والتطور التكنلوجي الحاصل في عالم اليوم ووجود الوسائط المتعددة ووسائل التواصل الاجتماعي من اتوبتر والفيسبوك والواتساب وغيرها...عندها تكتمل الصورة وتتحدد العوامل المجتمعة المساهمة في عملية فشل التعليم وانحطاطه.
ويبقى ان نخلص إلى ان مشكل التعليم ساعدت فيه وتساعد عدة عوامل منها ما ذكرنا آنفا ومنها ما لم نذكره.
ولكن هل يعقل ونحن في هذا الزمان ان نرضى لأنفسنا ولوطننا بهذا الواقع المأساوي والمزري؟
لا شك ان الفترات القادمة كفيلة بالجواب على مثل هذا السؤال وغيره مع الأسئلة الأخرى.
نتمنى ان يكون إصلاح تعليمنا من أولى أولويات الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني وحكومته القادمة.
الكاتب/ مولاي إدريس ولد العربي