طالعت، برغم وضعي الصحي،نماذج معبرة عن المقاربات التي أثارتها قضية تغيير اسم أشهر شارع في البلاد مند قيام الاستقلال .
وقد راعني مستوى النفخ والنفير العام الذي بدا مُسبق التسخين والتسمين لتظل العامة على شفير الحافة طبقا لنظرية عمرها من عمر الانسان .
وعلى طريقة سياسيي المنكب في المناكفات فإن الآراء المعبر عنها في المقروء في وسائط التواصل الاجتماعي، راوحت ، بين"شخصنة" الموضوع و"أدلجته" باستثناءات قليلة لكنها وازنة لأنها موضوعية ولأنها صدرت عن عناوين سياسية وفكرية وطنية مسؤولة ستذكرها البلاد عندما تفيق من صدمات متكررة أريد لها بها أن تفقد الذاكرة.
والتزاما بمسلك ألزمت به نفسي منذ "كمشة" من الزمن،ليس المجال موصوفا للبسط فيها، فقد كنت أفضل أن لا أقرب هذا الرقص العاري ذا الإيقاع "الحرائقي"، لكن كثافة الوكز والنكز من مختلف الأوساط دفعتني إلى تبيان رأيي الذي لا يلزم سواي مكثفا في النقاط التالية:
1. إن الزعيم المسلم العربي الإفريقي الإنسان(طبقا لإقراره المحفوظ بالصوت والصورة والخط ) المسمى جمال عبد الناصر حسين المتوفى سنة 1970 ليس طرفا ، بطبيعة الأشياء، في الجدل الدائر بين أفرقاء موريتانيين يخصِّمون كلما عنّت لهم "أداة"خلاف مهما قلّت أو جلّت مند أن تهاوت أغلب حركات الرؤى الفكرية العابرة للعناصروالإثنيات والقبائل والشرائح ،من هنا يكون من اللياقة استبعاد هذا الرمز مهما اختلفنا أو اتفقنا مع فكره أوعمله لأنه لا خصام مع فقيد.
2. إن تسمية جادة أو نهج أو شارع أو زقاق أو ممر باسم علم تخليدا أو تمجيدا أو ترويجا مما عرفته الحضارة البشرية في بدائيها و حضريها، وقد نكون آخر من عرفها ولم ينزلها على واقعِه فما اهتدى بها على جار ولا عنون بها رسالة بريد.
3. ولعل تسمية شارع الكثيب باسم جمال عبد الناصرسنة وفاته، شكل استثناء في شوارع مدينة نواكشوط ،كما شكل استثناء بانتشاره الخارق في أسماء المواليد ووروده في الشعر الفصيح واللهجي الذي شكل ،بدوره، ظاهرة أدبية غير مسبوقة لمَّا تدرس بعد .
فمن منا يعرف شوارع مثل أبي بكربن عمر والامين ساخو وبورقيبة ، بل من منا يعرف شارع العلامة محمد سالم بن عدود.
ولولا ظرافة الإداري الأشهر المرحوم المرابط بن برو لما عرف الكثيرون شارع الاستقلال .فقد كان يمتحن محدثيه عن أكثر أهل نواكشوط استقامة (أسكم) ؟؟ ويجيب عندما يعجز مخاطبه: إنه شارع الاستقلال (من المصرف المركزي إلى قيادة أركان الحرس).
4. إن الذاكرة الشعبية بطيئة الاجترار مسكونة بالسوابق عصية على
التنميط فما زالت الفسطاط قائمة رغم قاهرة المعز،و مازالت امراير حمدون حية رغم الطريق الأسفلتي الدي يتكرر اسمه على ناصيته
كل 5كلم ولا أحد يعرفه.
نختير على ذي النويقه’’’ مروح ل كمون،،
عن لحفيره وازويقه’’’’ وامرايرحمدون
4.الوحدة الوطنية غاية الغايات وهدف الأهداف وتستأهل في كل مدينة شارعا و ساحة ونصبا وغير ذلك من وسائل التأبيد،وأولها خلق القناعة وزرعها في روع الناشئة بالمنظومة التربوية والمدرسة الجمهورية الموحدة التي تحفظ مظهر المساواة في الزي الموحد و جوهر المآخاة في المقر والمقرر.وتلك ـ لعمري ـ ورشة القرن وقرن شمس المجد.
ويظل الرموز من الأعلام مرجعية للأجيال تشرئب أعناقها للاقتداء بهم وتتمثل مواقفهم حيثما امتازوا.
5. إن تغيير أسماء الأماكن و مترتباتها من أخطر ما تقدم عليه الدول
لأن أماكن الذاكرة من أسس الوطنية والانتماء للأمة فإن زالت أو أزيلت حُرمَتُها بخفة التغيير والتبديل زالت هيبتها من مكنون الاحترام.
وقصة الزعيم كوامي نيكروما مع اسم امبراطورية غانا و ما جرى حولها من مذاكرة بينه وبين الرئيس المؤسس المرحوم المختار ولد داداه تستأهل التأمل...
6.أما بعد،،
فإننا معنيون مثقفين (مثلكم) وأشباه مثقفين (مثلي) وساسة أو سياسيين أن نرحم أنفسنا وشعبنا وتاريخنا بقليل من قبول الآخر الشريك في الوطن واحترام رأيه وموقفه و موقعه واستحضار حقيقة أننا لو لم نختلف لتطابقنا ولو تطابقنا لاختل نظام الكون الموجود بالاختلاف.وتلك سنة الله في خلقه.
ثم ان الانصاف يقتضي مَحمدةً فُضلى ألا وهي حمد الساعي على منجزه من مسعاه إن أصاب وإجمال العذر له إن أخطأ ما لم يتقصد؛
ومن ذلك الإقدام على تغيير اسم الشارع الأعرق ذكرا الأجمل اسما الأبهى وسما من تلك الخطايا التي لا مبرر لها ولن تقِر كما استقرعنوانها الأصلي زمنا طويلا.
ولكنها إن صدرت عن جهة مختصة صاحبة قرار تداولي فستكون ملزمة قانونا ولن يحول ظل جدارعن مستظله. وتفاديا لمثل هذه الخضات نرى أنه من الرشد وضع مثل هذا القرار في عهدة جهة سيادية تقدرقبل أن تقرر،وتعدل قبل أن تعدل.
وختاما فإنني أرى من المهم أن يفهم الشركاء في الوطن أن الناصريين ـ لله الحمد ـ تيار في غاية الاتساع والتشتت ينشطون في أغلب الأحزاب السياسية الوطنية والمجتمع المدني ، فضلا عن الشخصيات المستقلة ولا يستطيع أحد أن يدعي النطق باسمهم استياء أو استحسانا ،وليس هناك مغمز للتشفي فيهم لأن مجلسا بلديا غير تسمية جادة من "إقليم تفلي" لا "قليس" لهم فيها ولا نصب ولا نادي لأنهم قوم مؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ولأنه لم يعتنق أحد منهم الفكر الناصري بسبب الشارع ولم يتملك عليه ناصري، فيما أعلم،عقارا بل على العكس طورد عليه واعتُقل في معسكراته وعذب في مستودعاته ،فهم أقل الناس تأثرا بما تصفون.
حمى الله موريتانيا حرة عادلة موحدة ومستقلة
من صفحة الدكتور والشاعر ناجي محمد الإمام